
نظرت حولها فـ وجدته منتصبًا مرتديًا نظارتُه يبحث بكل لهفةٍ عليها، إنطلقت منها ضحكة إختلطت ببكاءٍ عارم و هي تفتح باب السيارة و تركض نحوه، نزع نظارتُه عندما وجدها تركض لكي تصل له بـ بيچامة بيتية جعلت الدماء تغلي بعروقها، شعرها مُشعث و هيئتها شاحبة، ركضت هي بكُل ما تملك من قوة لتسقط بأحضانه بوهنٍ فـ تلقاها هو بذراعيه يسندها ثم يحتضنها، يضمها بكل ما أوتي لصدرُه و قلبُه ينفطر على شهقاتها الباكية، يمسد فوق خصلاتها بلهفةٍ فأعاد ترتيبُه، ظلّا هكذا مُدة حتى أبعدها و هو لايستطيع التحكم في خيالاته السوداوية يقول محاوطًا وجنتيها:
– أذاكِ؟ .. لمسك؟!!
حاولت التحدُث وسط شهقاتها، فـ كان هو يهز رأسه يحثها على تجمعة حروفٍ مُشتتة كحالها بالضبط، يضغط بأنامله فوق وجنتيها، فـ قالت بحروفٍ تقطّعت:
– لـ .. لاء لاء .. لاء معملش حاجه ملحقش يعمل .. أنا .. أنا ضربتُه بـ فازة، لو .. لو مكُنتش عملتكدا أنا كان زماني ..!!!
لم تستطع إيجاد كلمة مناسبة .. لربما كانت الآن ميتة .. أو كانت مجرد جسد دنّسُه هو بدنائتُه، ضم رأسها لصدرُه يمسح على ظهرها صعودًا و هبوطًا يهمهم:
– ششش .. بس .. بس يا حبيبتي خلاص!!
أغمضت عيناها تتشبث في قميصُه الله وحدُه يعلم حجم الألم الذي قد إختلج قلبُه، أبعدها عنه بعد قليل، ينزع عنه چاكت بذلته ثم يحاوطها به، يدفعها برفق إلى السيارة فـ إستقلتها تقول برجاء:
– البنت اللي واقفة بالعربية الحمرا دي هي اللي كلمتك من عندها، عايزه أشكرها يا فريد!!
نظر حيث تشير ليومأ لها بهدوء:
– كل اللي إنت عايزاه هعملهولك .. إرتاحي يا حبيبي!!
أسندت رأسها للخلف و دمعاتها تهطل بصمت، إستقل جوارها و ذهب إلى تلك السيارة فوجد صاحبتها بها، إبتسم لها و قال:
– متشكر على اللي عملتيه مع مراتي!!
إبتسمت دُنيا بهظوء و قالت:
– أنا معملتش حاجه .. أي حد مكاني كان هيعمل كدا! أهم حاجه إنها بخير دلوقتي!!
نظرت لها نور بإمتنان حقيقي، و أشارت لها فـ أرسلت لها الأخيرة قبلة في الهواء و غادرت، أغمصت نور عيناها بتعبٍ، و سار هو بالسيارة يحاول جاهدًا أن ينظم أنفاسه التي تبعثرت، طالعها ثم ضم رأسها له، و همس لها بـ كل هدوء:
– نور ..
– نـ .. نعم!!
قالت تتشبث بقميصُه دافنة رأسها بـ عنقه، فـ هتف بنفس النبرة:
– عايزك تركزي أوي معايا و تحاولي توصفيلي المكان اللي كُنتِ فيه!! قوليلي مشيتي إزاي!!
رفعت رأسها تنظر حولها، و بصعوبة إستجمعت نفسها و أشارت له على أحد الطرقات حتى وصلا إلى ذاك البيت، إنتفضت فورما رأته و صرخت بوجعٍ تغلغل قلبُه هو قبلها:
– ده .. هو ده يا فريد!!!
– طيب يا روح قلب فريد!!
هتف محاولًا تهدأتها، ثم قبّل كفها الذي يرتجف و هو يهمس برفقٍ:
– عايزك تهدي .. و أنا هنزل إشوف الو** ده و راجعلك!!!
شهقت و تشبثت بـ تلابيبه تقول مصدومة:
– إيه!!! لاء إوعى .. و حياتي يا فريد لاء متسيبنيش، أنا عايزاك مش عايزه أخسرك .. بلاش توسخ إيدك بدمُه!! البوليس لو خدك أن هيجرالي حاجه يا فـ..!
قاطع حديثها عندما أنهال على وجهها بالقُبلات و بين كل قبلة و الأخرى يهمس لها بحنوٍ:
– وَلا تخافي .. أنا عُمري ما هسيبك!
فتح كفها يُقبل باطنُه هامسًا:
– متتحركيش من العربية يا حبيبتي .. و أنا مش هتأخر صدقيني!!
أومأت له بإستسلام، فهي على يقين أنه لن يترُك الأمر يذهب سُدى، و بالفعل ترجّل ليدلف لذلك البيت!! دلف و قد إستوحشت ملامحه تختلف كليًا عن محياه و هو معها، الدماء تغلي بعروقُه و قدميه تطوي الإرض أسفلهما، إبتيم و الشرر يتصاعد من عيناه عندما وجدُه يحاول أن يستفيق ممسكًا برأسه يتآوه بألم، و بحركةٍ لم تكُن متوقعه ضربَه فريد بـ قدمه في معدته فـ ثرخ الأخير و سط أرضًا يبصق الدماء و الرؤية مشوشة أمامه لا يعلم ممن يُضرب، و قبل أن يتدارك الضربة الأولى و جد الضربات تتابع فوق معدته و جزءُه السفلي، حتى أغشي عليه، مال عليه فريد يتفحص نبضُه فوجده ضعيف لكن موجود، زمجر بضيق ليأخذ مسدسه و يسحب زنادُه بجمودٍ فتنطلق طلقة رصاصية إستقرت بصدر الأخير، وضع المسدس بـ جيب بنطاله الخلفي مجددًا و غادر يشعر بالقليل من الإرتياح في قلبُه سـ يكتمل فورما يعلم من نصب هذا الفخ لـ أغلى شخص بحياته، عاد لها فوجدها ترتجف من شدة خوفها، بالتأكيد وصل لأذنيها صوت تلك الطلقة، صعد جوارها فـ إلتفتت له تقول ببكاء رهيب:
– ليه .. ليه عملت كدا!! أنا مش هقدر أعيش من غيرك!!
ضرب على المقود بعنف و صرخ بها من شدة غضبُه من الأمر برمته:
– لـيـه عـمـلت كــدا!!! مستنية مني إيه و أنا لاقيت مراتي كانت في بيت مع راجل ابن **** لوحدهم و لولا ستر ربنا كان زمانُه ضيّعك و ضيّعني؟! أعمل إيه بعد ما لقتك جاية بتجري عليا بـ بيچامة بـيـت!!! و طبعًا إنتِ كان مُغمى عليكِ .. يعني ال***** ده قدر يلمس جسمك و إنتِ مش واعية!!! عندك فـكـرة باللي حاصل جوايا دلوقتي؟!!! عُمرك ما هتحسي بالنار اللي جوايا فـ متقوليليش عملت كدا ليه!!
إندفست في المقعد و إزدادت و تيرة بُكائها، أغمضت عيناها تستمع لكلماته التي تذبح روحها، تستمع لـ صوت أنفاسه العالية، تفتح عيناها لترى أنامله التي ترتعش و ملامحه التي باتت مُخيفة و لـ نفور عروقه من جبينه فـ تُغمضها مُجددًا خائفة من منظرُه، تسمع مجددًا يستطرد بقسوةٍ:
– حــالًا .. تحكيلي اللي حصل بعد ما مشيت!!
حاولت إستجماع شتاتها، تفرك بـ طرف مئزر بذلتُه بعنفٍ تجمع الحروف لترتبها مكونة جملتين بسيطتين:
– مش .. قادرة أتكلم .. في حاجه دلوقتي!!!
إنتفض جسدها و إرتعش بدنها عندما وجدته يصيح بصوتٍ مُخيف:
– مـــش إيـــه؟!!!! لاء م أنا مش هـسـتـنـى لـمـا سيادتك تِـروقـي عشان تـتـكلـمي!! مـتسـيبينيش لـدماغـي أنـا مـش ناقص!!
أغمضت عيناها و مالت برأسها للأمام تحاوط رإسها تحاول تهدئة خفقات قلبها التي صمّت أذنيها من خوفها منه و من الموقف برمتُه، تحاول أخذ أنفاسها بصعوبة، حتى شعرت بـ كل شيء حولها يطبق على أنفاسها، أسندت كفها فوق الزجاج تغمغم بصعوبةٍ:
– نزلني .. نزلني حاسة إني هتخنق!!!
نظر لها و كأنه قد عُمي عن وضعها، فـ لم يلقي بالًا لما تقول، و واصل سيرُه دون الإلتفات لها، وضعت هي كفها فوق صدرها تغمض عيناها و أنفاسها بالفعل لا تدلف رئتيها مهما حاولت إلتقاطها، أغمضت عيناها و إزرقّت شفتيها فـ همست بخفوت سمعه:
– فريد!!
♥
الفصل الثامن
نزلني .. نزلني حاسة إني هتخنق!!!
نظر لها و كأنه قد عُمي عن وضعها، فـ لم يلقي بالًا لما تقول، و واصل سيرُه دون الإلتفات لها، وضعت هي كفها فوق صدرها تغمض عيناها و أنفاسها بالفعل لا تدلف رئتيها مهما حاولت إلتقاطها، أغمضت عيناها و إزرقّت شفتيها فـ همست بخفوت سمعه:
– فريد!!
نظر لها و هم بالعدول عنها محدقًا أمامه، لكنه أوقف السيارة بعنفٍ ضاغطًا على المكابح بقوة عندما وجدها على تلك الحالة، أسرع يصف السيارة جانبًا فـ فتحت الباب على الفور دون أن تنتظر، ترجلت من السيارة تستند عليها تميل برأسها و خصلاتها تتساقط جوارها تحاول أخذ أنفاسها و بالكاد تفعل، ترجل هو خلفها فورًا يركض ناحيتها، الخوف ملأ قلبه عليها، وقف جوارها يرفع وجهها له يقول و عيناه تسير على شحوب وجهها:
– نور .. حاسة بإيه يا حبيبتي؟!!