
نفت برأسها تقول بحنان:
– ماليس دعوة إزاي يا فريد، و الله ماينفع الدكتور مانع أي مجهود عليك!! عشان خاطري إسمع كلامي و يومين تلاتة لما تتحسن ساعتها هنبقى نتكلم!!
إنفلتت أعصابُه فـ أبعدها برفق عنه يقول بحدة:
– متحسسينيش إني عاجز يا نور!!!
تلك النقطة التي لم تكُن تريد الوصول لها من البداية، فـ قررت التعامل معه بحذر شديد تثول بضيق:
– ليه بتقول كدا يا فريد بعد الشر عليك من العجَز، يا حبيبي و الله أنا كمان عايزة أكون معاك بس أنا خايفة تتعب!، ليه على طول بتفهمني غلط؟ أنا هقوم!!
همّت بالنهوض لولا يدُه التي ثبتتها يتنهد قائلًا مزيحًا خصلاتها عن وجهها:
– لاء متقوميش، حقك عليا يا حبيبتي بس أنا بجد مش طايق نفسي!!
قالت بهدوء:
– حصل خير .. يلا عشان ننام!
ثم إبتعدت عنه تغلق الأنوار و تعود لتستلقى جواره، أعطاها ظهره من شدة ضيقُه فهجمت عليه من الخلف تحاوط خصره تُداعب قدميه بقدميها قائلة بطفولية:
– لولا بس إنك تعبان كان زماني عاقبتك على حركة زي دي!!
تنهد و إلتفت لها، ليأخذها بأحضانه فتغمر وجهها بصدرُه، يتحسس خصلاتها الناعمة و يمسد فوقها حتى شعر بها نامت، فـ نام هو الآخر يحاول كتم تلك الأصوات المزعجة من عقلُه!
• • • • • •
مرّ شهرٌ كامل، شهر كانت معه في كل شيء، لم تذهب لعملها فقط كي تكُن جواره و تخدمه بعيناها، حتى تعافى إلى حدٍ كبير و أصبح يسير بمُفرده دون مساعدتها مع العلاج الطبيعي الذي ساعده كثيرًا، حتى أن ذراعه المجبور بات يحركه بحرية، و في أحد الأيام، كانت نائمة بأحضانُه تحاول إقناعه بأنها لن تستطيع ترك العمل، تقول برجاء:
– يا فريد .. والله ما هقدر أقعد من غير شغل خلاص أدمنتُه!!!
قال بحدةٍ:
– أبو الشغل في الأرض، مافيش شغل خلاص ده كان زمان!!
– طب ليه!! قول سبب مقنع!
قالت بحدةٍ أكبر فـ هدر بها:
– مش عايز حد يؤمر مراتي و يقولها تعمل إيه و متعملش إيه!! شايفاني قُرني قدامك!!!
– طب والحل؟!!
قالت بضيق تكتف ذراعيها، فـ هتف و عيناه تسير على عبوس محياها:
– عايزة تشتغلي يبقى عندي و تحت عنيا، الشركة مليانة موظفين هشغلك فيها!!
– طيب!
قالت زامة شفتيها، فـ قال و هو يميل مُقبلًا جوار ثغرها:
– بقولك إيه بقى .. أنا بقالي شهرين .. 60 يوم مجيتش جنبك، مش كفاية كدا؟
إبتسمت قائلة:
– بصراحة إنت أنجزت!، بس بردو لسه!!
قالت آخر جملتها بجدية فـ صرخ بوجهها:
– إنسي ياما الكلام ده! أنا حاسس إني مش متجوز!
– أنا الغلطانة إني خايفة عليك يا فريد فرودة؟!!
قال ببراءة زائفة فـ هتف بحدةٍ:
– بلا فرودة بلا زفت، أنا مش بهزر دلوقتي أنا بجد عايزك!
حاوطت عنقه تقول بدلعٍ:
– م أنا معاك و في حضنك أهو!!
– متستعبطيش يا نور!!
قال بغضبٍ فـ إمتصتُه مسرعة تقول بهدوء:
– طيب خلاص، أنا معنديش مشكلة!
إبتسم فجأة فـ ضحكت على تحول تعابير وجهه المفاجئة و قالت:
– إيه الفرحة دي!!
قال و عيناه ثُبتت على شفتيها:
– طبعًا لازم أبقى فرحان، مش هتبقى في حُضني ألذ و أطعم بني آدمة في الدنيا!!
إبتسمت تحاوط وجنتُه تهمس بـ حُب:
– و أنا هبقى في حضن أحسن .. و أحلى و أحن راجل في الدُنيا!
إنهال على شفتيها يستنشق رحيقهما كـ بتلات وردٍ تفتّحت على يدُه، بجوعٍ له مبرر ينهل من كُل إنشٍ منها دون أن يشبع، و دون أن تعارضه هي!!
• • • • • •
وضعت كفها فوق شفتيها و هي تنظر لذلك الإختبار ابمنزلي للحمل، تمسكه بكفٍ يرتعش لتضمه بين كفيها و عيناها تلمع بالدمعات، تخرج من الغرفة فوجدته نائم على معدته عاري الصدر، إتجهت ناحيته و الصدمة ملئت قلبها، جلس جواره، ثم مدّت كفها تضعه على ظهره تقول بصوتٍ يرتجف:
– فريد .. فريد قوم!!
همهم بنعاسٍ و أدار وجهه لها ينام على ظهره قائلًا بصوته الناعس:
– في إيه؟ إنتِ كويسة!!
إنهمرت دمعاتها تنفجر في البكاء دون أن تتحدث، إنتفض ينهض جالسًا يحاوط وجنتها قائلًا بصوتٍ قلق:
– ششش في إيه!! مالك يا حبيبي إهدي؟!!
رفعت أمام وجهه الإختبار الطبي، نظر لها و لم يفهم، يقول و هو يلتقطه بكفه:
– ده إيه؟
– إختـ .. ـبار حـ .. حمل!!!
قال ببكاء، فـ توسعت عيناه يقول مبتسمًا:
– طلعتي حامل؟!
أومأت برأسها فـ إلتقطها بأحضانه من فرحته يصرخ بسعادة:
– و بتعيطي!!! بتعيطي يا هبلة!!!
حاوطت عنقه تبكي أكثر فـ أبعدها عنه يقول بفرحة:
– بس كفاية!! ليه العياط ده كله!!
غمغمت ببراءة وسط بكائها:
– أنا فرحانة أوي .. أوي والله متفهمنيش .. غلط أنا بعيط من كُتر م أنا مبسوطة و مش متخيل بجد إني هبقى أم!!
ضم رأسها لصدرها يقول بسعادة إن ووُزعت على العالم بأكمله ستفيض، ثم أبعدها يحاوط وجهها ساندًا برأسه فوق رأسها قائلًا بعشق:
– الحمدلله! هيبقى عندي نُسخة مُصغرة من أكتر بني آدمة بعشقها!!!
ضحكت و عانقتُه بقوة من شدة فرحتها، تريح رأسها على كتفه، لتُكتب نهاية قصة الزيات .. و هواه الذي جعل منهُ شخصًا آخر لا يهمه سوى من هواها و لا يعنيه سوى فرحها و حزنها، تلك من هواها بجوارحه بأكملها، و جعلها تتربع على عرش قلبُه دون غيرها، لتُخرج منه هواه .. هوى الزيات””
تمت للكاتبه ساره الحلفاوي