منوعات

رواية فريد ونور الفصل الأول للكاتبة ساره الحلفاوي

– إهدي .. إنتِ معايا!
قال بهدوء فـ إلتفتت له تنظر لملامحه بأعين ضاقت و هي موقِنة أنها رأت هذا الوجه من قبل، إعتـ,ـصرت ذهـ,ـنها فضربها الصداع أكثر فـ أنَّت لتغمغم و هي تعود برأسها للخلف-
– عايزة أمشي .. القسم .. عايزة أروح القسم!!!

قال بجدية:
– و تروحي ليه .. القسم كلُه ييجي لحد عندك!!!

لم تستوعب كلماته تحـ,ــ,ـيط برأسها بألم رهيب، فـ تابعها بعيـ,ـناه يقول بقـ,ـلقٍ:
– راسك واجعـ,ـاكِ؟

أومأت بأعين زائغة فـ ضـ,ـغط على زر جوارها لتأتي المُمرضة فـ قال لها:
– هاتي حباية مُسكن، و فرخة مسلوقة بـ شُربتها بسُرعة!

– حاضر يا فريد باشا!
ثم غادرت، نهض فريد يجري إتصالاته جوارها التي ظلت تنظر أمامها بحسرةٍ تتذكر ما حدث فيتألم قلبها أكثر إنتهى من حديثه على هاتفه و نظر لها فوجدها على تلك الحالة ليجلس على المقعد يناظرها بهدوء مستندًا بظهره على ظهر الكرسيّ، لا يود أن يفتح معها ذات الموضوع رغم إحتراقُه لمعرفة ما حدث، طالعتُه هي و عندما تذكرت أين قابلتُه صُدمت، لتردف بصوت إهتز:
– إنت .. إنت مين؟ و إزاي وصلتلي و ليه جيبتني هنا؟

لم يجيبها بل ظل ينظر لها نظرات أربكتها، فـ أشاحت بعيناها عنه بضيق و قد علمت أنه لا يجيب، و بحركةٍ خاطئة نهضت بها نصف جلسة فجأة وفاجأت جـ,ـسـ,ـدها فـ شعرت و كأن ماء نارية سقطت على جروح ظهرها لتتآوه بصوتٍ عالٍ مغمضة عيناها:
– آآآآآه

إنتفض من فوق مقعدُه يجأر بها بغضب و هو يضع خلف ظهرها وساداتان:
– غـبـيـة!!!!

حاوط كتفيها و أراح ظهرها برفقٍ على الوسادات، فـ أسندت ظهرها تعود برأسها للوراء متمتمة بحدة و عي مغمضة عيناها:
– إنت اللي غبي .. و معندكش دم آآه!!

إبتسم يجلس مجددًا و هو يقول ببرود:
– لولا القطر اللي داس عليكي ده .. أنا كان زماني كملت عليكِ!!

كم كاذب هو، يُكمل على من؟ أيستطيع أذيتها! أيستطيع أن يمسها بسوء أو يُعنـ,ـف جـ,ـسدها الذي يتمنَّى أن يضـ,ـمُه لجسدها و يمسح عليه بحنوٍ!!!

بللت شفـ,ـيتها و تغـ,ـاضت عما قال لتردف بـ ظمأ رهيب:
– عطـ,ـشانة .. أوي!!

صب لها من الماء الموضوع على الكومود جوارها و نهض يقترب منها ليضع كف خلف رأسها و الآخر ممسك بالكوب يضعُه بين شفتيها لتشرب منه .. و كم حسد ذلك الكوب الذي إستطاع لمس شفتيها و إستشعار نعومتهما، إنتهت من الكوب فـ أبعده عنها ليرى قطرة تنـ,ـزلق من شفتيها تركض مسرعة على ذقنها فـ أسرع يزيل تلك المتطفلة بإبهامة فوق جوار شفتيها، شهقت و نفـ,ـضت يدُه بعـ,ــ,ـنف فـ تبسّم بإستمتاع من نظراتها الشرسة التي عادت تنظر له بها، لتقول بصوتٍ حاد:
– إياك تلمسني، إنت مين عشان تجيبني هنا و تفضل قاعدة معايا و الأوضة مافيهاش غيرك و نقفول علينا باب، رد عليا مين إنت عشان تعمل كل ده!!

جلس واضعًا قدم فوق الأخرى و قال بمنتهى الجدية:
– جوزك .. المُستقبلي!!!

شهقت مصدومة من جرأة ما يتلفظ به، لتصـ,ـرخ به بقوة:
– ده بُــــعــــدَك!!!

– هنشوف!
قالها بتحدٍ فـ إشتعلت عيناها أكثر و نظرت أمامها، راقبها هو عن كثب حتى أغمضت عيناها بتعبٍ لكن فُزعت عندما طرق الباب بعنفٍ و إنتفض جسدها كـ طفلة أوشكت على النوم فأتى طارقٌ مزعجٌ أقلق راحتها، إبتسم و همس دون أن تسمعُه:
– اسم الله عليكِ!!

نهض ليفتح الباب فوجد ضابط يجاورُه أكثر من أمين شرطى، رحب به الضابط بحراره فجلعه فريد يدلف، أسرعت هي تناظر الضابط بلهفةٍ تقول مُسرعة:
– بعد إذنك أنا عايزة أحرر محضر!!

– بإسم مين يا هانم!
قالها الضابط بإحترام فإستغربت اللقب الذي أطلقه عليها و لكن تغاضت عنه لتكمل:
– نور .. نور الراوي!!!

– طيب قوليلنا اللي حصل!

نظرت له بتوتر ثم نظرت إلى ذلك الغامض لتجده مستند بـ ذلك المنكب العريض فوق إطار الباب يُكتف ذراعيه بهدوء ينظر بترقب لما ستقول، همهمت نور إلى الظابط تُردف بضيق:
– ممكن يطلع برا؟

لم يسمع فريد ما قالت فـ إعتدل بـ وقفتِه ليلاحظ إرتباك الظابط يهمس لها مقربًا وجهه من وجهها فـ إشتعل قلب فريد ليضـ,ـرب على إطار الباب صائحًا بهما:
– إنتوا هتفضلوا تتوشوشوا كدا كتير!!!! محاضر إيه دي اللي بتتعمل بالوشـ,ـوشة!!

أسرعت نور هاتفه بإضطراب و عنف:
– لو سمحت تطلع برا، أنا مش حابة أحكي حاجه و إنت موجود!!!

طالعها بهدوء للحظات، ليقول بعدها بحدة:
– مش هطلع و أسيبكوا مع بعض، هقـ,ـف بعيد!!

قالها بضيقٍ ثم وقف في شرفة الغرفة ينظر لهما و هي تتحدث لذلك الضابط عما حدث، يود أن يسمـ,ـع و لكن صوتها خافت، أعطاهما ظهره يضرب بكفُه فوق سور الشُرفة، حتى مرت نصف ساعة، لينتهي الضـ,ـابط ينظر لـ فريد قائلًا برسمية:
– المحضر إتسجل يا فريد باشا، ادو الإجراءات اللازمة هتتاخد!!
نظر فريد إلى الممرضة التي إنشغلت بها نور، ليخرج مع الضابط قائلًا بهدوء:
– هات المحضر يا رياض!!

نظر له الضابط بتردد ليغمغم:
– بس آآآ

صمت و شعر بلسانه قد تكبّل عندما وجد نظرة من فريد جعلتُه يمد له المحضر، فهو يعلم فريد الزيات و يعلم أن أقل فِعل لا يروق له سوف يكلفه حياتُه، هو أخطر بكثير مما يتخيل أي أحد!

قرأ فريد كلماتها ليُغمض عيناه و قد تأكد ظنُه، هو من فعل ذلك، تعرّض لها، و ضـ.ـربها حتى أدمـ.ـى جـ,ـسدها، لم تستطع الدفاع عن نفسها لأنه قام بربط كفيها ليستطيع ضـ.ـربها! و لولا صراخها و فرُه هاربًا لكان تطاول عليها أكثر!!

و بجمودٍ ظاهريّ، مزق ورقة المحضر أمام نظرات الضابط الذي صُدم من ردة فعله و وقف أمامه مشـ,ـدوهًا، ليقول الأخير بهدوء محتفظًا بـ بقايا الورق في جيب بنطالُه:
– آسفين على الإزعاج يا رياض، إعتبر إن المحضر ده متكتبش و اللي إتقالك ده .. إنت مسمعتوش!!

– لـيـه!!
هتف رياض و هو بات موقنًا من أن ردود أفعال فريد الزيات ليست أبدًا متوقعة، لم يُجيبُه فريد بل ضرب على جانب كتفُه بهدوء ثم قال:
– متهيألي إنت سمعت اللي قولتُه .. و متهيألي بردو إنك عارف إن فريد الزيات مبيكررش كلامُه!

انت في الصفحة 4 من 5 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل