
لم ترُد نور التي شعرت بلسانها قد إلتف حول نفسُه، لتسمع صوته من خلفها يجأر:
– شوفي جوزك عمل فيها إيه خلاها تهرب يا .. يا حجَّة!!!
لطـ.ـمـت نادية فوق وجهها و على صدرها تصـ,ـرخ بهم:
– عـمـل إيـه!!! عمل إيه يا بـت ردي!!!!
تلملمت المارة حولها تتهامس و تتراشـ,ـق كلماتٍ وقحـ,ـة لتقول إحداهن بـ نبرةٍ شامتة:
– جوزيها يا نادية للراجل .. ده شكلُه أٌبَّهة و زغلل عين بنتك!!!
أسرعت نادية صـ,ـارخة بها:
– بس يا ولية إنتِ و إتجري على بيتك!!!
هتفت الأخرى بعنف:
– روحي ياختي لمي بنتك اللي دايرة مع الرجالة هنا و هناك، إشحال ما إحنا شوفناه بعينينا و هو طالع الشقة فوق و شايلها قدام الحارة كلها!!
جحظت نور التي باتت لا تعلم أهذا صحيحٌ أم خطأ!، فهي لا تتذكر بالضبط ما حدث و كيف ذهبت معه للمشفى، إلتفتت له فوجدته يطالعها بأعين جامدة لا روح فيها، لتسأله بصوت يرتجف:
– الكلام ده .. حصل؟
أسرعت ذات السيدة تقول:
– إستعبطي أوي ياختي إستعبطي!! ده إنتِ كُنتِ مرمية في حـ,ـضـ,ـنُه!!!
لم تتحمل نور كلماتها و لم تشعر بنفسها سوى و هي تركـ,ـض عليها تجذبها من حجاب رأسها صارخة بها بجنون:
– والله لأنـتـ.ـفـلك شعــ,ــرك يا ولــيــة يا زبـالة!!!
صـ,ـدحت صرخـ,ـات السيدة و هي تحاول النيل منها و ضـ.ـربها فـ أسرع فريد نحوها و قبض فوق خـ,ـصـ,ـرها و حملها بذراعٍ واحد بعيد عن تلك السيدة التي أخذت تسُبها و تسُب شرفها، فـ مدت نور ذراعيها تحاول الوصول لها صـ,ـارخة بـ فريد:
– ســيــبـني!!!! سيبني عـلـيـها!!!!
تحرّكت نادية التي كانت واقفة متسمرة في مكانها و كأنهم دقوا في قدميها مسـ,ـامير، ثم جذبتها من خصـ,ـلاتها تصـ,ـرخ بها:
– بــس!!! بــس بلاش فـ,ـضـ,ـايح إخـرسـي!!!
– أنا معـ,ـملتش حاجه يا أمي والله العظيم و رحمة أبويا معملتش حاجه!!!
هدرت نور بها و الدموع قد ملئت عيناها، فـ شعر بذات الغـ,ـصة في حلقها تملأ جـ,ـوفُه، أمـ,ـسـ,ـك هو بـ كف نادية يبعـ,ـدها عن خصلات نور يقول بحدة:
– سيبيها!!!
دفعتها نادية ثم وجَّهت الكلمات له قائلة بحزم:
– إبعت هات مأذون، و شوية و جوزي جاي و هيتوكلها عشان تتجوزها، بس أنا ليا طلب!!!
طالعتها نور مصـ,ـدومة و قد بُهت وجهها، و تصاعدت صدمتها عندما قالت بقسوة:
– الدُخلة تبقى في الشقة التانية فوق، و دليل براءتها و شرفها ينزل هنا للناس كلها .. قولت إيه؟!!!!
– المأذون دقايق و يبقى هنا!!!
قالها ببساطةٍ غافلًا عن تلك التي وقفت أمام أمها لا ذرة حياة بوجهها و قد هربت الدمـ,ـاء بأكملها من لون بشرتها، شعرت بالدوار فـ أمـ,ـسكت بها نادية تهزها بعنـ,ـرف:
– مدام إنتِ بريئـ,ـة زي ما بتقولي .. يبقى الحارة كلها تعرف إنك بريئة!!!
– ده لو طلعت بريئة فعلًا!!!
هتفت بها تلك السيدة و هي تضبط حجابها بعدما تبعثر بين يدي نور، ناظرتها نادية بعنف ثم أخذت إبنتها و صعدت لشقتهم، بينما وقف هو يحادث مأذون في الهاتف لكي يأتي!!!
• • • • • •
– يعني إيه هتتجـ,ـوز يا نادية!! يعني أنا أغـ,ـيـ,ـب سـ,ـاعتين آجي ألاقي بنتك هتتجوز!!!
– اللي حصل بقى يا مُنذر!! البت لو متجوزتش الجدع ده محدش هيقبل يبُص حتى في وشها!!!
قالتها نادية بضيق و هي تضرب على فخذيها بحسرة، و نور جالسة لا تسمع سوى تهشيم قلبها لـ فُتاتٍ، لينظر منذر لها بإرتباكٍ فـ هدوئها ذلك يشعر بأن هنالك رياح سوف تأتي لتعصف به، إنتفضت نور عندما سمعت طرقات فوق الشقة، ليفتح منذر فوجدتُه هو و خلفه المأذون، طالع فريد ذلك الرجُل بأعين أخرجت حمائم نيرانية و هو يود لو أن يفـ.ـصل رأسه عن جسدُه، أغمض عيناه و حاول التحلي بالهدوء إلى حين يتزوجها، و بعدها سيُحاسب كل من تسبب لها في أذى و لن يرحم أحدًا!!
أفسح المجال للمأذون الذي ألقى تحية السلام، و خلفه رجلان ليكونا شاهدين على تلك الزيجة، ثم دلف فريد، طاـ,ـلعتُه نور تنفي برأسها بهيسـ,ـتيرية تردد بـ صوتٍ خافت جعل قلبُه يعتصر:
– لاء مش .. مش عايزه أتجوزُه! مش عايزه!!
تآوهت عندما قبضت نادية فوق ذراعها تهمس لها:
– و رحمة أبوكي لو ما إتجوزتي الراجل ده لكون دافناكِ حيَّة النهاردة يا بنت بطني!!!
هتف المأذون بريبة:
– هي العروسة مش موافقة؟
أسرعت نادية تقول بإبتسامة صفراء:
– مين قال كدا يا شيخنا، ده بس كسوف بنات مش أكتر!
هتفت نور بإهتزاز نبرةٍ:
– أنا مش .. موافقة!!!
قال المأذون بضيق:
– باين عليها مش موافقة .. و لو كتبنا و العروسة مش موافقة يبقى جوازهم باطل!!
– عايز أتكلم معاها شوية لوحدنا!!
قالها فريد بحدة، فـ أسرعت نادية تدفعها لكي تنهض علُه يقنعها تقول:
– قومي .. قومي يا نور!!
نهضت نور لتخرج من الشقة يقفا في مدخلها، وقف أمامها يتأمل مظهرها الرث و عيناها التائهة و تلك الشفاه التي ترتعش .. و التي ستكون بعد دقائق بأحضان شفتيه، تنهد ثم هتف بهدوء:
– الجوازة دي في مصلحتك من كُل الجهات، أولهم إن كرامتك اللي إتبعترت تحت هتتردلك .. شرفك اللي شككوا فيه هيتأكدوا منُه، و كون إنك حرم فريد الزيات يبقى محدش يقدر يقرب منك و لا يمسِك بس بأذى، هتترحمي من جوز أمك اللي طمعان فيكِ لإنه لو بس بصلك بصة معجبتنيش بعد جوازنا .. هحـ,ـسّر أمك عليه!!
أغمـ,ـضت عيناها و كلماته تتردد في أذنها، لتنظر له بعيناها الامعة بدموعٍ مقهورة، ثم لم يصدر منها سوى إيماءة صغيرة جعلتُه يزفر براحة، دلفت للشقة ثم قال بجسدٍ يرتجف:
– أنا .. موافقة!!!
كُتب الكتاب، و كُتبت على إسمهُ، و أصبحت زوجته و الآن يحق له كل شيء، يحق له أن يضمها لصدرُه، يمتلك جسدها و يصكُه بإسمه هو فقط! طالعُه مُنذر بحقدٍ مُتقع، ثم قال بإبتسامة صفراء:
– ألف مبروك .. تتهنوا ببعض!!!
هتفت نادية بهدوء توجه حديثها لـ فريد:
– الشقة فوق متوضبة يا بني وكل حاجة فيها جاهزة، خد مراتك و إطلع .. و متنساش إتفاقنا!!!! المفتاح أهو .ظ
لم يرد عليها و أخذ منها المفتاح ثم قبض فوق ذراع نور و أخذها و صعدا و هي خلفه كالدمية المتحركة، كانت تصـ,ـعد معه الدرجات بشرود تام حتى تعثَّرت فكادت أن تقع لولا ذراعه الذي أحاط بـ خصرها فـ رغمًا عنها تمسّكت بـ تلابيب قمـ,ـيصُه تشعر بدوارٍ غريب، نظر لها ليهمس أمام شفتيها:
– إنتِ كويسة؟
لم تُجيبه، فـ حملها بدون مقدماتٍ بين ذراعيه، لتركل الهواء بقدميها تنهره بصوتٍ بالكاد يخرج:
– لاء .. نزلني .. نزلني!!!!
صعد بها للشقة و لم يلتفت لحديثها و حاول فتح الشقة و هو يحملها ونجح، ليدلف للشقة التي كانت رغم تواضعها نظيفة، أغلق الباب بقدمه فـ إنتابتها حالة هيستيرية تصرُخ به تضرب كتفيه:
– نـزلني … بقولك نزلني!!!!
دلف بها لغرفة النوم، ثم أنزلها على الأرض يحاوط كتفيها فتتلوى بين ذراعيه ليهزها بحدة صائحًا بها:
– إهــدي!!!
صرخت به تنفي برأسها بجنون:
– مش ههدى .. مش هتلمـ,ـسني مش هسيبك تقرّبلي!!!
– نـــور!!!
صرخ بإسمها لأول مرة يُناديها محاوطًا وجهها و خصلاتها يرفع وجهها لعيناه الحادة، فـ صمتت تطالعُه و هي تنظر داخل عيناه التي باتت تخيف قلبها، إنحدر بمقلتيه لشفتيها، سيُضمهما، و لكن ليحاول تهدأتها أولًا .. حاول إزاحة رغبته المتفاقمة جانبًا لينظر لعيناها يقترب بوجهه من وجهها يهمس و قد لان قلبُه لحالتها الهلِعة:
– إهدي .. جسمك بيترعش!!!