
إبتسم و لم يُعلق، لكن إختفت إبتسامتُه عندما غمغمت:
– كُنت .. يعني عايزة أقولك حاجة!!!
نظر لها بقلق ثم قال:
– قولي أربعة .. في إيه؟
– عايزة أشتغل!!
هتفت بهدوء زيّفته و هي تنظر داخل عيناه، رفع حاجبيه مشدوهًا من طلبها، ثم صمت لدقيقة .. دقيقتان حتى وصلا لـ خمس دقائق من الصمت التام، لا هي أضافت شيئًا و لا هو إستجاب لطلبها و لو بإيماءة!
– نور .. إنتِ عارفة أنا مين صح؟
هتفت بضيق:
– عارفة! و عارفة إن شغلي هيأثر على برستيچ سيادتك، و عارفة إن مينفعش مرات فريد الزيات تبقى بتشتغل!!!
– قبل كُل ده! أنا راجل دمُه حر، مقبلش يبقى مراتي فوقيها مُدير بيديها أوامر و هي بتقوله سمعًا و طاعًا، الفكرة بالنسبالي مش مُتاحة أصلًا، و بعدين إنتِ عايزة تشتغلي ليه! أنا هعملك حساب في البنك و هحطلك فيه المبلغ اللي تطلبيه .. فلوسي كلها تحت رجلك يبقى ليه الشغل يا نور؟
قال بمُنتهى المنطق، فـ نظرت له بدهشة، و سألته بنفس الدهشة:
– إنت ليه بتعمل معايا كل ده؟
ثم تابعت بحيرة:
– يعني أنا بنت عادية أوي، حتى شكلًا أنا مش ملكة جمال .. بنت عادية ملامحي مقبولة! ليه واحد زيك يتجوزني ؟
– إنتِ جميلة!!
قالها بتلقائية ليسترسل:
– شكلًا و موضوعًا، و بالنسبالك شايفة نفسك بنت عادية، بس أنا شايف فيكِ البنت اللي فيها كل صفات الست التي تصلُح تبقى مراتي!
جذبها من ذراعها برفق، و دفع رأسها تجاه صدرُه بحنو فـ أراحت رأسها عليه دون أن تبتعد عنهُ، أغمضت عيناها تشعر براحةٍ غريبة بين ذراعيه، ذلك العناق يذكرها بعناق أبيها، لا تعلم كيف حاوطت خصره و دفعت برأسها في أحضانُه تستنشق تلك الرائحة النابعة من ملابسه تُنعش بها رئتيها، و لا يستطيع هو وصف سعادتُه من ذلك العناق، فهو لأول مرة يشعر بها تبادلُه عناقه، مسح فوق خصلاتها مُقبلًا جبينها بهدوء، ليسمعها تغمفم بـ براءة تلمّسها في نبرتها:
– إنت كمان جميل!!!
إبتسم على براءة جملتها، ثم هتف:
– تعالي نخرج نتعشى برا!!!
قفزت من حضنه و صرخت بحماس:
– يلا بينا!!! هروح ألبس!!!
– ماشي!!!
قال و الإبتسامة مرسومة على ثغره يتابع ركضها لغرفة تبديل الملابس، تنهد و نهض لكي يستحم ثم يرتدي هو الآخر عاهدًا أن يجعلها في مُنتهى السعادة و لو كلّفُه ذلك عُمرهُ!!
• • • • •
جالسًا فوق الأريكة الوثيرة ينتظر خروجها، حتى خرجت و أخيرًا بـ ثوبٍ باللون الروز الباهت إنعكس على بشرتها فـ أظهر جمالها، كان بأكمام مُختشم إلا أنه تهدّل فوق جسدها فـ رسم تفاصيلُه بحرفية، مُظهرًا خصرها الإعوجاجي، و تناسق جسدها المميت لـ رزانتُه و هدوءُه، خصلاتها الناعمة إنهمرت فوق كتفيها و ظهرها مع لونهم البني الذي لاق لبشرتها وللون الثوب، و بعض من مساحيق التجميل برزت مِحياها، نهض و كان هو الآخر يرتدي بذلة مئزرها فوق معصمُه، وقف أمامها بعد أن تأملها، لينظر لها عندما أخذت خكوات بعيدة عنه تقول بفرحةٍ:
– بُص كدا .. حلوة؟
– زيادة عن اللزوم!!
إبتسم و هو يُصرح بحُب ظهر في عيناه! لم إمتعضت محياه عندما تذكر أن أُناس سيروها، و بالتأكيد ستتشبث عيناهم بـها، فـ قال بضيق ظهر في صوته:
– بس مينفعكيش!
طالعتُه بصدمة و ظنت أنه يقصد أن ذلك الثوب الذي يوحي بـ غلاء ثمنه و قيمته لا يليق بفتاة مثلها .. فـ رددت الكلمة على لسانها تشعر بوَقعها كـ وقع دلوٍ بارد فوق رأسها:
– مينفعنيش؟
هتف بحدة:
– أبدًا!!! ضيق و راسم جسمك! مينفعش!
زفرت براحة عندما فهمت مقصدُه، إبتسمت لتقترب منه تتشبث في قميصُه المفتوح أولهُ قائلة برجاء:
– لاء ده جميل أوي والله!!
– م أنا عارف إنه زفت جميل!
هتف بنفس الضيق، ثم أمسك بكفها ليوقفها أمام المرآه و هو خلفها كفُه مُثبت على خصرها:
– شايفة أد إيه ضيق؟ إنتِ فاكرة إني هسمحلك تنزلي كدا؟
نظرت لنفسها تتأمل الثوب على جسدها، لتلتفت له قائلة بلُطف:
– بس أحنا هننزل نركب العربية و ننزل من العربية للمطعم، محدش هيشوفني!!
أخذ كفها و سار بها لغرفة تبديل الملابس يقول بحدة:
– على أساس إن اللي قاعدين في المطعم دول فضائيين!!
ضحكت و سارت معُه حتى توقفا عِند خزانتها، أخرج لها مئزر جوخ طويل، وضعه على كتفها يقيس طول عليها وسط صدمتها و هي تردف:
– إنت بتعمل إيه!! إحنا في الصيف و ده بالطو!!!
– مش مهم!!!
هتف و هو يلقي بـ چاكيته لكي يجعلها ترتديه يُلبسها هو إياه، و بالفعل أغلقُه جيدًا و هي تتذمر بين يداه، صعدت عيناه لخصلاتها يهتف بحدة:
– و مسيِّبة شعرك!!!
ثم إلتقط مشبك شعر على شكل فراشة، و لفّها يلملم خصلاتها حتى عقصهم بقوة يثبتهم بذلك المشبك، إلتفتت له و قد إحمرّ وجهها غضبّا:
– حرام عليك يا فريد، شكلي بقى عرّه!!! حاسة إني صبي صنايعي!!!
ضحك حتى عاد برأسه للوراء، ثم نظر لها يقول بخبث:
– هو في صبي صنايعي بالحلاوة دي! ده أنا هاين عليا أقلّعك الفستان خالص و نقعد بلا عشا بلا بتاع!!!
شهقت بصدمة لتقول بغضب:
– آه أومال إيه .. م هو ده اللي ناقص!!
أمسكت كفُه تقول بضيق:
– يلا بقى قبل ما تعمل كدا بجد!!!
إلتقطت چاكيت بذلتُه و سار معها، لا يُصدق أن فريد الزيات ينساق خلف امرأة بمزاجه كُليًا!
• • • • • •
سحب لها المقعد لتجلس و الغضب يأكل ملامحه، فقد لاحظ نظرات النادل لها و لولا نظرتُه لها لكان الآن بين عداد الموتى بين يداه!! جلس أمامها يعود بظهره للخلف و لم يتحمل أن يجلس دون أن يشعل لُفافة التبغ، و فعل فـ طالعتُه بإستغراب، تأملت ضيقُه لتقترب بجزعها العلوي منه، جاذبة تلك السيجارة من بين شفتيه، وضعتها في المطفأة تقول بهدوء:
– إيه اللي مدايقك؟
– إيه اللي عملتيه ده؟
قال و عيناه إشتعلت كإشتعال تلك السيجارة قبل أن تُطفأ، لم تجيبه ليسترسل بعنف:
– مين سمحلك؟!
– أنا اللي سمحت لنفسي!!!
هتفت بجُرأة تستند برأسها للخلف هاتفة بثقة:
– أنا مبطِقش ريحة الدُخان!
أغمض عيناه يتحكم في غضبُه، ليردف بحدة:
– تتعودي يا نور!
– إنت اللي تتعود متشربهاش قُدامي!
هتفت بنفس الضيق، ثم لفّت وجهها تشيح به بعيدًا عنه من ضيقها، طرق فوق الطاولة بحواف أناملُه، ينظر لملامحها الجميلة التي بُهتت بضيق، كاد أن ينطق لولا أنه لمح ذلك النادل يقترب منهم لكي يأخذ طلبهم، زفر الأخير بضيق ثم أملى عليه طلبه لكي يُغادر و لم يسألها عما تُريد، عندما إبتعد النادل ناظرته بصدمة قائلة:
– إنت مسألتنيش هاكُل إيه!!
– عشان عارف ذوقك!!
قال بجمودٍ فـ إنفعلت و إحتدت نبرتها و هي تقول:
– عارف ذوقي منين!! أنا أصلًا مبحبش الجمبري!
– وطي صوتك!!!
قال بهدوء إستفزها أكثر، لتدفع بظهرها للمقعد تضم ذراعيها لصدرها تنظر أمامها بحُزن ظهر على عيناها، تنهد و نهض ليجلس جوارها، إلتقط ذقنها يلف وجهها له يقول بحنوٍ:
– عايزة تاكلي إيه و أنا أروح بنفسي أطلبهولك؟
– مش عايزه شكرًا!!
قالت دون أن تنظر له، تبعد كفه من على ذقنها، لكن فجأة وجدته يسحب مقعدها لمقعدُه واضعًا كفُه على خصرها، نظرت له بصدمةٍ فـ إبتسم و مال مُلتقطًا قبلة سريعة من شفتيها المنفرجة، شهقت و أسرعت تبعد وجهها عنه تقول بصعوق:
– إيه اللي عملتُه ده!!! في ناس حوالينا!!!
ثم أخذت تنظر لمن حولها و لكن لم تجد أحد ملتفتًا لهما فـ حمدت ربها، طالعته بغضب شديد ثم هتفت:
– إنت .. اللي عملته ده ميصحش قدام الناس!
– أنا أعمل اللي أنا عايزُه في أي وقت!!
قال بخبث، ثم هتف بمكرٍ:
– و والله لو ما قولتي دلوقتي أطلبلك إيه هبوسك بوسة بجد مش الزغزغة اللي عملتها من شوية دي!!!
لم تتحمل و ضربت فوق صدرُه من شدة خجلها، ثم قال بإرتباك رهيب:
– لاء لاء خلاص .. أنا عايزه رز و فراخ!!