منوعات

رواية فريد ونور الفصل الخامس والاخير للكاتبة ساره الحلفاوي

ثم فكرت قليلًا لتردف مسرعة:
– و عايزه محشي ورق عنب!!!

إبتسم و قال و هو ينظر لشفتيها:
– أطلبي حاجه تانية ..

لم تلاحظ نظراته فـ قالت:
– شوية ملوخية!

– عنيا!!
قال و قبّل جبينها ثم نهض، جلست ترتب خصلاتها بتوتر و حيرة، ثم همست بإبتسامة:
– والله مجنون .. بس قمر يخربيت جمال أمه!!!

ثم ضحكت تخفي فمها الذي نطق بالذي لو سمعه لكان #!، تنحنحت تعيد ذاتها الوقورة إليها، و شردت .. تحدث نفسها:
– ليه حاسة جنبُه بإحساس غريب أول مرة أحسُه مع حد؟ ليه حاسة إني في أمان طول ما هو قريب مني؟! ليه قلبي بيدُق بالشكل ده لما بكون في حضنه أو معاه .. بس أنا مش فاهماه! ساعات بيبقى حنين و ساعات قاسي، ساعات بيبقى عصبي و ساعات هدوءه بيستفزني، حاسة إنه بيحبني و في نفس الوقت مش طايقني! أقل حاجه مني بتعصبُه!

حاوط مقدمة رأسها تشعر بصداعٍ من كثرة الأفكار المتضاربة بـ ذهنها، حتى وجدته أتى و جلس جوارها، يقول و هو يميل برأسها لأسفل لكي يرر وجهها الذي تخفّى أسفل كفيها:
– مالك في إيه؟

همست بهدوء:
– مافيش .. دماغي واجعاني شوية!!!

مسح على خصلاتها و قال بقلقٍ:
– نروح لدكتور؟

نظرت له بإستغرابٍ، مجرد ألم رأسها جعله يقلق و يطلب منها الذهاب إلى الطبيب؟ و هي التي كانت تموت أمام أعين أمها من ألم معدتها عندما أتتها الدورة الشهرية لأول مرة و ترجوها أن تذهب بها لطبيبة لكن لم تفعل متحججة بأن ذلك الألم سينتهي و لن يطول! إبتسمت و نظرت لذلك القلق المرتسم في مقلتيه و لم تجيبُه، فـ قال بنفس الرهبة:
– مبترُديش ليه؟

قالت بهدوء و إبتسامة:
– شوية صداع يا فريد .. هيروحوا على طول!

قال برفق:
– طيب .. بعد م ناكل .. لو لسه الصداع موجود هنروح لدكتور!!

أومأت له و لم تجيبُه، فأتى الطعام على يد نادل آخر و وضع الطعام أمامهم فـ بدأت نور تأكل يـ جوعٍ، ثم نظرت إلى فريد الذي جلس يراقبها، لتلتقط إصبع من أصابع المحشي الملفوفة تلك و قال بلُطف:
– إفتح بؤك!

فتح فمه قليلّا و ذراعه مسنود على ظهر مقعده، أطعمته و قبل أن تبعد إصبعها عن مرمى شفتيها كان مُمسكًا بـ كفها يُقبل ذلك الإصبع قبلة تلي الأخرى أخجلتها، إبتسم ثم قال يحرر إنملها من بين أصابعه:
– عايز تاني!!

هتفت بلهفةٍ:
– حاضر!!

ثم جلست تُطعمة مُتناسية تمامًا جوعها، حتى نظر لها و لم يتحمل براءتها و نقاء قلبها، ليحاوط وجهها يُقبل وجنتها اليُمنى يتنفس رائحة بشرتها، إبتسمت لتنظر له عندما رفع وجهه يقول بحنان:
– يلا يا نور كملي أكلك!!

إلتفتت تكمل طعامها بالفعل حتى أكلت الكثير لتستند بظهرها للخلف تقول تشعر بالإمتلاء:
– حاسة إني إتنفخت!!

– لسه مصدعة؟
سألها بإهتملم فـ قالت:
– لاء الحمدلله راح!

جلسا معًا يتبادلا أطراف الحديث حول اللاشيء، ليتمر ساعتان فـ حاسب النادل و نهضا، خرجا من المطعم لتشهق عندما وجدت أمكار غزيرة تنهمر فوق رأسها، ضحكت ضحكات طفولية و هي تمد كفيها للأمام لتتلقى تلك القطرات التي تسقط على باطني كفيها كالورود المنثورة، ضحكت من قلبها فهي لأول مرة تمر بتلك التجربة، حاول فريد سحبها بضيق قائلًا:
– يلا يا نور نركب العربية!!

أسرعت تبعد كفها عن مرمى يدُه قائلة بسعادةٍ غامرة .. تشبه تلك الأمطار التي غمرت جسدها:
– لاء لاء عربية إيه ده أنا هفضل هنا لحد ما المطرة تخلص!!!

لتجذبه هي من ذراعه تجعله يقف أمامها قائلة بغبطةٍ:
– غمض عينيك كدا و حس بالميا و هي بتنزل على جسمك!!

هتف بهدوء:
– مبحبش المطر أصلًا!!!

صدمت صارخة بسعادة:
– مبتحبش المطر!! في إنسان طبيعي ميحبش المطر!!!

وجدها تفرد ذراعيها على جانبيها ترفع وجهها للسماء مغمضة عبناها، فـ صرخ بها بحدة:
– نـور!!! يلا عشان متبرديش!!!

– لاء لاء!!
قالت مسرعة تبتعد عنه خطوات عدة فـ إنفلتت أعصابه لاسيما عندما ترجته قائلة:
– و حياتي إستنى شوية!!!

أمسكت بكفه تصرخ بـ براءة:
– يلا نجري!!!

– إنتِ كدا لسعتي بجد!! إحنا هنجري فعلًا على للمستشفى بعد ما يجيلك إلتهاب رئوي و يطلعلك زور في إحتقانك مش إحتقان في زورك!!!

ضحكت من قلبها لتذهب معه عنوةً بعد أن تبللت ملابسها و خصلاتها لتدلف للسيارة تجلس جواره، إحتفظ بـ كفها بـين يدُه و القلق ينهش قلبه عليها، خائفًا من تبعات ما فعلت أو أن تمرض، و مجرد فكرة فقدانها #و تجعلُه يود أن يموت في الحال، عندما وصلا .. ترجل هو أولًا بينما هي تثاقلت جفنيها بنعاسٍ، ليفتح الباب و يميل و في ثوانٍ كان يحملها بين يداه، تشبثت بـ عنقه بنعاسٍ تدفن أنفها في رقبت فـ تُدغدغ رجولتُه، سار بها للڤيلا و قبل أن يفتح كان الباب يُفتح ليجد عمتهُ تبتسم له بإصفرارٍ، دُهش من وجودها ليقول بإستغراب:
– عمتي!! إيه الزيارة المُفاجأة دي؟

رفعت نور عيناها لتنظر لتلك الواقفة بحرجٍ من وضعيتها بين ذراعيّ زوجها، لكنها طالعت هيئتها تلاحظ الغل قد تشكّل بعيناها قائلة بضيق حاولت إخفاءه:
– يارب بس تمون عجبتك يا فريد!

دلف فريد قائلًا بإبتسامة زائفة و هو يتجه للدرج ليصعد به:
– طبعًا يا عمتي، هطلّع مراتي و آجي نقعد مع بعض شوية!!!

تمسّكت نور بـ عنقه تنظر لتلك الواقفة و لم تجيبه بـ توجسٍ، فنظراتها التي كالرصاص نحوها جعلتها تهابها و تنكمش أكثر بين أحضان مأمنها الوحيد، دلف لغرفتهم ثم إلى غرفة تبديل الملابس ينزع عن جسدها ذلك المئزر، ثم لفّها و بخفة كان يفتح زمام ثوبها بينما هي مُنشغلة في التفكير في تلك السيدة، أبعد طرفي الثوي عن ظهرها ليُغمض عيناه يشعر بتلك الندوب على قلبُه هو، يُميل ليُقبلهما بلُطفٍ فـ إقشعّر جسدها و أغمضت عيناها تردف بإرتباكٍ:
– فريد!

حاولت الإبتعاد لكنه كان قابض فوق خصرها، ليقترب من أذنها هامسًا بها:
– مش لازم تخافي و ترتجفي كدا .. أنا مش هعملك حاجة، لإني عارف إنك تعبانة و مُرهقة النهاردة!

إلتفتت له و قبض فوق تلابيب قميُصه بينما هو تاركًا الحرية لأناملُه بالعبث فوق ظهرها يسير بطوله بأصابعه عليه، فـ تمتمت بحرجٍ:
– هي اللي تحت دي عمتك؟

غمغم بهدوءٍ:
– مممم

تابعت بحرجٍ:
– طب و هو يعني كان ينفع تشوفك شايلني كدا زي العيال الصغيرة، كان المفروض تنزلني أسلم عليها!! بس أنا الغلطانة .. لساني إتلجم لما لقيتها واقفة و بصراحة بصاتها مريحتنيش!!

تنهد ثم قال بإبتسامة:
– مش شايف فيها عيب لحد جاي من برا شايل مراته، و بالنسبة لبصاتها فـ أنا مش عايزك تخافي من حاجه و أنا معاكِ!

ثم حاوط وجنتيها المغطان بخصلاتها يقول بحنان:
– يلا أنا هطلع .. و إنتِ غيّري هدومك و نامي!!

ثم همّ بالذهاب فـ تشبثت بقميصه كـ طفلة لا تريد أبيها أن يبتعد عنها، تسألُه بـ براءة:
– هتغيب تحت يعني؟

مال طابعًا قبلة جوار شفتيها بالضبط فإبتسمت و لأول مرة لا تخجل قربُه، بل باتت تعشق وجوده بالقرب منها هكذا، إبتعد عنها ثم قال ينظر لعيناها اللامعة:
– كُنت هغيب، بس بعد الجملة دي رُبع ساعة بالظبط و هطلعلك!!!

إبتسمت ملء ثغرها ثم قالت:
– ماشي!!!

قبّل مقدمة رأسها و ذهب، فـ ضربتها برودة غريبة فور إبتعادُه عنها، زمت شفتيها بحزن عندما أدركت تأثير وجوده عليها، نزعت ذلك الثوب و إرتدت منامية نوم مريحة تتكون من قميص بلون الروز أيضًا قصير معه المئزر الذي إمتلأ بريشٍ رقيق، إبتسمت لنفسها و جففت خصلاتها ثم خرجت، تسطّحت فوق الفراش البارد و إنتظرت دخوله في أيّة لحظة، لن تنام سوى عندما يأتي و يضمها لأحضانه فـ تدفن وجهها بصدرُه و هُنا فقط تستطيع النوم بـ سلام! بعد دقائق وجدته قد دلف و الضيق يحتل ملامحه، إعتدلت في جلستها تنظر له بترقب لتجده ينزع عنه قميصه و يلقي به أرضًا فـ ظل عاري الصدر، ذهب نحوها لتتفاجأ به ينام على معدتُه جوارها لكنه أسند رأسه فوق صدرها محاوطًا خصرها، إبتلعت شهقاتها الخجولة و لم تقُل شيئًا، بل وجدت نفسها تحيط رأسه و تغلغل أنامله داخل خصلاته الناعمة الكثيفة و يدها الأخرى تمسح فوق ظهره، ثم همست بحنو ينبع منها لأول مرة:
– مالك طيب؟ قالتلك حاجه دايقتك!!!

أغمض عيناها يتذكر حديثها الذي أشعل نيرانٍ بقلبه عن ماهية الفتاة التي تزوج منها، و كيف أنها بحثت عن عائلتها فلم تجد لها إسمٍ ولا أصلٍ و لا فصلٍ، و وبّختُه لأنه تزوج منها و ءسماها على إسمه، تذكر كيف حاول ضبط أعصابُه لكي لا ينفعل على من هي بعمر أمهِ، أغمض عيناه و أسند أذنيه فوق موقع قلبها يقول بهدوء لا يضاهي إنفعاله:
– لاء يا نور مقالتليش حاجه!

ثم تابع:
– أنا بس حاسس إني مُرهق شوية، و عايز أنام هنا .. في حُضنك!!

رُغم خجلها من ذلك الوضع إلا إنها حاوطت رأسُه تناديه بهدوء:
– فريد!

– نعم!
قالها متلذذًا بسماع صوتها من ثغرها، فـ غمفمت بحيرة:
– هو إنت ممكن تندم إنك إتجوزتني؟

– ليه بتقولي كدا؟
قال و هو يُفاجأها بـ أن قبض على خصرها يُزيحها لأسفل لتكُن في مواجهته، شهقت و وضعت كفيها على صدرُه، فـ ثبّت كفّها فوق صدره و قال و هو يتفرس ملامحها بعيناه:
– اللي بتقوليه ده هبل! أنا متجوزك بإرادتي .. و أنا مُستحيل أندم على حاجه عملتها بإرادتي و مزاجي!!

أسرعت تبعد وجهها عنها لتعطس تفرك أنفها تحمد ربها على عدم توقف قلبها في تلك العطسة، فـ إبتسم ولكنه ناظرها بقلق و مسح فوق خصلاتها وجبينها يقول:
– أكيد خدتي برد

نفت برأسها تقول بـ هدوء:
– خلينا بس في اللي كُنا بنقولُه!

تابعت و أناملها تعبث بـ زر قميصُه بإرتباكٍ:
– إنت .. إنت إتجوزتني ليه يا فريد!

– كُنت عايزك!
قالها ببساطة، فـ توقفت عن العبث بـ زر قميصُه و نظرت لعيناه بصدمة:
– عايزني!! بس؟

فكر في سؤالها لثوانٍ، ليثبت لها و لنفسه حتمية ذلك الأمر بقوله:
– آه بس!!

انت في الصفحة 3 من 4 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل