منوعات

وتكابلت عليها الذئاب بقلم ميمى عوالى الاول

4
#وتكالبت عليهما الذئاب
الفصل الرابع
عندما وجدوا الفريق المختص بالتعقيم ينقر على باب الغرفة الخارجى ، سمحوا لهم بالدخول الي الجد ليقوموا بتجهيزه للجراحة
ليجدوا مفاجأة مذهلة بانتظارهم جميعا
فقد وجدوا الجد مكوما على الارض فوق سجادة صلاته دون حراك ، و عندما اسرع اليه المسعفون وجدوا انه قد فارق الحياة بالفعل اثناء الصلاة
بعد مرور عدة ايام و انقضاء ايام العزاء .. كانت رنيم قلما تفارق غرفة جدها الا سويعات قليله كل صباح ، ثم تعود اليها و لا تخرج منها الا اليوم التالى ، فكانت مقيمة بداخلها منذ واروه الثرى .. ترافقها رغدة و ببعض الاوقات ايضا ترافقهما يقين ، حتى انها لم تتلقى العزاء مع باقى افراد الاسرة و لم تحضر ايا من الطقوس الخاصة بالعزاء
و لكنها كانت صباحا تذهب الى قبر جدها بمفردها دون علم احد و بعد ان تقوم برى الزهور .. تجلس الى جوار قبره فى سكون تام لا يتحرك منها سوى عبراتها المنسالة فوق وجنتيها و عينيها و شفتيها التى تتحرك مع كلمات القرآن الكريم التى كانت تقرأه بهمس يكاد يكون مسموعا
و كانت عودتها تحت انظار داوود الملتاعة من اجلها ، و الذى كلما سألها عن سبب خروجها رغم تخمينه ..الا انها كانت تنظر اليه دون اجابة و تعود مرة اخرى الى صومعتها

حتى كان صباح اليوم ، و الذى قرر فيه داوود ان يعلم اين تذهب ، فانتظرها و قام بتتبع خط سيرها ، و كان قد توقع من هيئتها ماتفعل ، و عند دخولها الى المقبرة .. انتظر دقائق قليلة قم لحق بها بالداخل ، فوجدها قد جلست كعادتها الى جوار القبر و بيدها المصحف الشريف و هى تستعد لقراءة القرآن الكريم .. فحمحم بصوته حتى لا يفزعها لترفع عيناها اليه بوهن ثم اعادتهم مرة اخرى دون اى حديث و بدأت فى تلاوتها و كأن شيئا لم يكن
فلم يجد داوود بدا من الجلوس هو الاخر فى انتظارها بعد ان قام بالدعاء لجده
و اثناء انتظاره .. ظل يحدق برنيم التى نقص وزنها و شحب وجهها ، فقد شعر بشحوب وجهها و يديها ، و لولا احمرار جفونها و انفها بسبب البكاء لقاربت شحوب المو*تى
و فى خضم افكاره وجدها اغلقت المصحف الشريف و ظلت تتمتم بهمس ظنه دعاءا لجده ، فأخذ يدعو له هو الاخر مرة اخرى حتى نهضت من جلستها و عدلت من وضع عصاتها و اتكأت عليها و اتجهت الى الخارج
فخرج ورائها على الفور و اكرم الحارس امتنانا لتواجده إلى جوارها طوال تواجدها ، ثم لحق بها قبل ان تدير سيارتها قائلا : ثوانى يا رنيم من فضلك
فنظرت له دون حديث فى انتظار ما سيقول ، فاستطرد قائلا : محتاج اتكلم معاكى شوية لو ممكن
رنيم : سمعاك
داوود و هو يتلفت حوله : اكيد مش هتكلم معاكى هنا وسط المقابر ، ايه رايك ، تعالى نفطر سوا و نتكلم شوية
رنيم بخفوت : ماعنديش نفس
داوود : طب بلاش اكل ، تعالى نقعد فى اى حتة و نتكلم
رنيم بضيق : انا تعبانة يا داوود و مش قادرة حاليا انى ..
داوود مقاطعا : انا اللى هتكلم مش انتى ، انتى اللى مطلوب منك انك تسمعينى ، ثم دار حول سيارتها و قام بفتح الباب المجاور لها و قال : هركب معاكى و بعدين ابقى ابعت اى حد يجيبلى العربية ، ياللا بينا
رنيم ببعض الامتعاض : على فين
داوود : اطلعى ناحية المينا .. فيه قاعدة هناك حلوة
ادارت رنيم السيارة و هى تقول : طب و اللى انت عاوز تقوله ده .. ماينفعش يتقال و انا سايقة
داوود باختصار : لا ما ينفعش
ظل السكون يخيم عليهما حتى وصلا الى مكان بعينه .. فاشار لها داوود على نقطة لصف سيارتها و ترجلا منها .. ليصطحبها الى داخل احد الكافيهات و يجلسها امامه و يطلب من النادل ان يحضر لهما مشروبا ، ثم ينظر الى رنيم قائلا : قبل ما اتكلم فى اى خاجة .. انا عاوز اعتذر لك
رنيم بدهشة : تعتذر لى انا .. ليه
داوود : يعنى .. عشان جيت وراكى الصبح من غير ما اقول لك .. بس عذرى انك مش مديانى فرصة ابدا انى اتكلم معاكى من وقت وفاة جدى الله يرحمه ، و الايام بتعدى و مابقاش فى وقت
رنيم بذهول للمرة الثانية : وقت لايه .. وضح كلامك انا مش فاهمة حاجة
داوود : المحامى جى النهاردة بعد الضهر عشان يفتح وصية جدى
رنيم برجفة بعضلات وجهها : بسرعة كده
داوود : دى كانت وصية جدى ، هو اللى كان محدد الوصية تتفتح بعد كام يوم من وفاته
لتغمض رنيم عينيها فى محاولة لكبت عبراتها ، ثم قالت بصوت مرتعش : و انا مطلوب منى ايه
داوود : مطلوب منك تستعدى للى جاى
رنيم : مش فاهمة
داوود و هو يشير للكأس الذى احضره لها النادل : اشربى العصير .. انا متاكد انك ما اكلتيش و لا شربتيش اى حاجة من امبارح
رنيم : ماليش نفس
داوود محفزا اياها : تفتكرى جدى لو عايش كان هيبقى مبسوط منك و انتى بتعملى كده .. اشربى العصير يا رنيم من فضلك
لتخونها عبراتها و هى تتسارع فى السقوط من بين جفنيها ، لتتفاجئ بداوود يبدل مقعده ليحلس بالقرب منها مناولا اياها محرمة ورقية و هو يقول : بشويش على نفسك يا رونى ، جدى قطع بينا كلنا ، لكن افتكرى انه كان تعبان و بيتألم ، و افتكرى كمان ان فى كل الاحوال كلنا هنمو*ت ، و ان المسالة مش اكتر من معاد بيختلف من واحد للتانى
ثم ربت على كفها قائلا : اشربى العصير .. ياللا عشان جدى ما يزعلش منك
لتمتد يدها المرتعشة الى كأس العصير و هى تقربه من شفتيها لترتسف رشفة صغيرة ثم تعيد الكأس مرة اخرى الى موضعه و تقول : انا سامعاك .. كمل كلامك
داوود : انتى طبعا عارفة ان لحد دلوقتى ماحدش يعرف بجوازنا غير انا و انتى و الشهود
رنيم بتقطيبة و كأنها كانت نسيت تماما تلك القصة : جوازنا
داوود : ايوة جوازنا
رنيم : يعنى ايه
داوود : يعنى النهاردة كلهم هيعرفوا و لاول مرة بالحكاية دى ، و لازم احنا الاتنين نبقى مستعدين لده كويس جدا
رنيم : نستعد ازاى يعنى .. مش فاهمة
داوود و هو يحدق بعينا رنيم : ندعم بعض يا رنيم ، نسند بعض ، مهما حصل .. ماحدش فينا يتخلى عن التانى ابدا
رنيم : بس انت عارف انى …
داوود : انك وافقتى على الجواز عشان خاطر جدى الله يرحمه
رنيم : ايوة ، يعنى دلوقتى .. اعتقد ان الجوازة دى ما بقيتش …
ليقاطعها داوود بحزم قائلا : الجوازة دى لا يمكن تنتهى ابدا
رنيم برهبة : تقصد ايه .. انى هفضل طول عمرى على ذمتك
داوود : او طول عمرى انا
رنيم : مش فاهمة
داوود بتنهيدة : اسمعى يا رنيم ، انا عاوزك تفهمى و تتاكدى ان ماحدش فى الدنيا دى كلها هيخاف عليكى و على مصالحك زيى
و لا حد فى الدنيا دى كلها برضة يقدر يحميكى زيى
رنيم : يحميني من ايه .. هو انا مهد.دة من حد و انا ما اعرفش
داوود بامتعاض : للاسف مش كل حاجة هقدر احكيهالك دلوفتى
ىنيم ببعض الحدة : لا بقى .. انا لما جدو قاللى زيك كده قبل كده سكتت ، بس لان اللى قالى كده كان جدو ، لكن لما انت تيجى تقوللى نفس الكلام اوعى تفكر انى هسمع و اقول حاضر من غير ما افهم
كانت عينا داوود تتنقل بين مقلتا رنيم طوال حديثها حتى انتهت من الحديث و هو مازال يتنقل بين عينيها و كأنه يفاضل بين امرين لا يعلم أيهما افضل ، و ظل على حاله حتى قالت رنيم و هى على نفس وتيرة حد.تها : هتتكلم و تفهمنى و اللا اقوم امشى و اللا ايه
ليدلك داوود وجهه ببعض القسو.ة ، ثم نظر إليها و قال : والدك جاى النهاردة .. السواق هيروح يجيبه من المطار الساعة تلاتة او اربعة تقريبا ، يعنى احتمال كبير انه هيبقى فى البيت قبل خمسة
رنيم بدهشة : بابا .. ماقاليش ، و كمان .. انا مابلغتوش بمو*ت جدو ، هو عرف ؟
داوود : ايوة
رنيم : طب و انت عرفت ازاى انه جاى
داوود : المحامى كلمنى و بلغنى ان والدك اتصل بيه و ساله عن معاد فتح الوصية لانه عاوز يحضرها معاكى
لتنظر له رنيم و على وجهها علامات التخبط الشديدة ، فاسترسل داوود قائلا : انا عارف ان جدى وصاكى باللى انا بطلبه منك ده ، ارجوكى يا رنيم ، ماتسمحيش لحد ابدا انه يفرق بينا على الاقل الفترة دى مهما ان كان وضعه او صفته حتى لو كان والدك
انا متاكد انك لو قلتى لوالدك انك مغصوبة على جوازك منى ماهيصدق انه يحاول يطلقك منى و يمكن كمان ياخدك معاه
رنيم برفض : بابا ياخدنى معاه ، لا يمكن ابدا
داوود ببادرة امل : يعنى هتفضلى معايا و هتساندينى حتى لو والدك طلب ده
رنيم : بابا عمره ما هيطلب منى حاجة زى كده اصلا ، اللى خلاه ماعملهاش العمر ده كله .. هيعملها دلوقتى ، ده لا يمكن يحصل
داوود ببعض الاحباط : تقصدى انك مش هتساقرى معاه لانه مش هيطلب ده
رنيم بتاكيد : ايوة طبعا
داوود : طب لو حصل و طلب ده .. هتوافقى تسافرى معاه
و عندما ارتسمت علامات الحيرة على وجهها قال : جدى اخر حاجة طلبها مننا اننا مانتفرقش ابدا عن بعض يارنيم
رنيم بفضول : وجودى من عدمه يهمك فى ايه يا داوود
داوود بحمحمة : اكيد يهمنى ، على الاقل ابقى متطمن عليكى و كمان اقدر انفذ وصية جدى ، و جدى موصينى انك ماتسافريش لباباكى
رنيم : و انا لازم افهم السبب
داوود : اوعدك انى قريب خالص ان شاء الله هفهمك كل اللى انتى عاوزة تفهميه ، بس بلاش سفر ارجوكى
رنيم : بس انا اكيد مش هفضل عمرى كله مربوطة جنبك
داوود : ماتنسيش انك مراتى
رنيم : و ماتنساش انى مغصوبة

انت في الصفحة 7 من 18 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل