
الصغيرة : ده مش تاع ماما
داوود و هو ينظر الى رتيم بجانب عينيه : بتاعها ، بس سابته مع اللى اتساب و استغنت عنه و جابت واحد بداله ، و الله اعلم استغنت عن ايه تانى ، لتعود رنيم الى الغرفة و تنظر له بجمود فيقول لها : ماغيرتيش هدومك ليه
رنيم بعناد : مش عاوزة اغير
داوود بغير اهتمام : براحتك ، ثم جلس على الفراش و قال لخديجة : جوعتى
لتنظر الصغيرة الى امها و تقول بانتباه و كأنها لم تنتبه قبل الان : ماما .. خوخة جعانة
داوود : زمان هاجر هتجيبلنا الاكل دلوقتى .. و تاكلى و ننامى فى حضن بابا
الصغيرة : انام مع ماما
داوود : كلنا هننام هنا مع بعض ، انا و انتى و .. و ماما .. ايه رايك
الصغيرة : ماشى
ليسمع دقا على الباب ، ليخرج المفتاح من جيب بنطاله و يفتح الباب و يسمح لهاجر بالدخول ، لتضع الطعام على مائدة صغيرة و تقول : اى خدمة تانية يا بية
داوود : شكرا .. روحى انتى نامى
ليغلق الباب من خلفها مرة اخرى بالمفتاح و يعيد دس المفتاح بجيبه و هو ينظر لرنيم بسخرية
ليجد خديجة تحاول التقاط بعض الطعام ليحملها الى جانبه و هو يقدم لها بعض الشطائر و يقول : ياللا كلى كويس عشان كمان تشربى اللبن اللى هاجر جابتهولك
ثم نظر الى رنيم و قال بحزم : اعتقد انك جعانة زينا ، فاقعدى كلى على طول ، مانتيش محتاجة عزومة
لتنظر له رنيم بغيظ ، و لكنها كانت بالفعل تشعر بالجوع الشديد فهى لم تأكل شيئا منذ الصباح الباكر ، فاقتربت من مكان الصغيرة و جلست الى جوارها ، و اثناء جلوسها ركنت عصاتها بجوار الاريكة لتسقط ارضا .. و قبل ان تحاول التقاطها .. وجدت داوود يسرع بالتقاطها و وضعها الى جوارها مثلما كان يفعل دائما ، و عندما التقت نظراتهما ، هرب داوود من عينيها و جعل كل اهتمامه بالصغيرة ، فكان اهتمامه الاول و الاخير ان يكتسب ثقة و حب ابنته كى يعوض ما فاتهما باسرع وقت ممكن
فظل يتحدث اليها واعدا اياها باشياء كثيرة علم بخبرته مع ابناء يقين و رأفت انها تثير اعجاب الاطفال ، فوعدها بزيارة مدينة الالعاب بعد ان قال لها انه سينشئ لها بالمنزل غرفة خاصة بلعبها ، و سيملأها لها بكل ما تحب من العاب تختارها بنفسها
لينجح فى اثارة فضولها و شغفها حتى نامت بين احضانه و هما يتحدثان معا ، ليربت داوود على شعر صغيرته و هو يقول بجمود : لو سامحتك على كل حاجة .. الا انى عمرى ما هسامحك ابدا انك حرمتينى منها طول الوقت ده
رنيم بتهكم : بلاش تتقمص دور الضحية اوى كده يا داوود ، انت عارف كويس اوى انت عملت ايه و كنت ناوى كمان على ايه
داوود : و مش هنكر ، بس لازم كل واحد يعترف بغلطه و يكفر عنه
رنيم بسخرية : و يا ترى بقى انت هتعرف تكفر عن اللى عملته
داوود : انا كفرت من زمان
رنيم : مش شايفة انك عملت اى حاجة تكفر بيها عن اللى عملته ، ده لو اللى انت عملته ممكن يتكفر عنه من اساسه
داوود : انتى ما كنتيش موجودة اصلا عشان تعرفى حاجة
رنيم : انت خيالك عمره هيوصل ابدا للى انا عارفاه ، فبلاش تحاول تنكر و لا تلبس توب الحمل الوديع
داوود : و مين قال لك انى انكرت حاجة ، و بعدين هنكر ازاى و كل حاجة كانت على ايديكى و قدامك
لتنظر رنيم الى الصغيرة التى تقلبت بضيق فى الفراش فقالت : ياريت ناجل اى كلام دلوقتى
داوود باذعان : ماشى .. اتفضلى نامى
لتدس رنيم نفسها بالفراش الى جانب الصغيرة ، و كادت ان تحتضنها و لكن عيتيها التقت بعينا داوود الذى كان يحتضن الصغيرة بتملك ، لتبعد نظرها عنه و تغمض عينيها بغضب كامن بداخلها و هى تتذكر كلمات عابد و هو يقص عليها خطط داوود تجاه سهام و ابيها مصطفى درويش
و لكنها سرعان ما غاصت فى نوم عميق ، فلم تظن ابدا انها ستستطيع النوم فى تلك الليلة ، و لكن على ما يبدو ان ارهاق يومها و احداثه السريعة المتلاحقة قد اثرت على قوتها و صمودها
و عندما استمع داوود لصوت انفاسها المنتظمة و علم انها غر.قت فى النوم .. اقترب بوجهه منها و هو يشبع عينيه من طلتها التى كاد يجن لها اشتياقا ، فكان ينظر اليها تارة ، و للصغيرة تارة و كأنه يقارن بينهما فى الشبه ، و برغم ان اصدقائه اجمعوا على ان الصغيرة نسخة مصغرة منه ، الا انه كان يعلم ان الصغيرة ماهى الا نسخة مصغرة من امها فى الصغر ، فكيف لا يعرفها او يتذكرها و قد شبت على يديه
لينهض من الفراش و يتجه الى الحمام ليتوضئ و يعود و يقف بين يدى الله ناويا صلاة شكر على جمعه بزوجته و صغيرته مرة اخرى
ثم يعود مرة اخرى الى الفراش لينام و هو قرير العين لاول مرة منذ افترق عن محبوبته ليمد ذراعه محتضنا الصغيرة ، لتعبث اصابعه بملابس رنيم ، ليقبض عليها و كأنه يخاف هروبها مرة اخرى
و ما ان حل الصباح .. كانت رنيم تحاول التقلب فى نومها عندما شعرت انها كالم/قيدة , لتفتح عينيها بعدم تركيز ، لتجد داوود يحيط خصرها بكفه و الصغيرة ما زالت نائمة بينهما ، لتمد يدها فى محاولة منها لفك اصابعه المتشبثة بملابسها ، لتجده هب من نومه فجأة و هو يقول بقلق حاد : رايحة فين
رنيم بذهول : مش رايحة فى حتة ، بس عاوزة اتعدل
لتجرى عينا داوود تجاه اصابعه ليعلم انه ما زال ممسكا بملابسها منذ ان غلبه النوم ، فيتركها و يربت على صغيرته و يقبلها و يغمض عينيه مرة اخرى و لكنه يشعر بان النوم قد جافاه ، و لكنه يظل على وضعيته ، ليشعر بها قد تركت الفراش ليراقبها من تحت اهدابه و هى تأخذ بعض الثياب و تدخل الى الحمام
ليعتدل هو الاخر و هو يفكر عن كيفية عودة حياتهما معا كما كانت من قبل ، كيف يحصلان معا على سلامهما الداخلى ، كيف يغفران ما مضى ، و كيف يقر كل منهما بخطأه تجاه الاخر
فقبل ان يلقاها كان يتمنى لو يجدها ليطلب منها الغفران و العفو ، و لكن .. بمجرد ان وجدها امامه لم يتذكر سوى قسوتها عليه ، و القائها لحبهما وراء ظهرها ، و كلما تبادر الى ذهنه انها ربما كانت تنتوى الاختفاء الى الابد ، كلما استعرت نير.ان الغضب بداخله