منوعات

وتكابلت الذئاب عليها الرابع والاخير

و فى خضم المعر.كة الدائرة بداخله انتبه على عينين صغيرتين تراقبه بحيرة واجمة ، ليجد الصغيرة قد فاقت من نعاسها و نظرت اليه باستغراب و كأنها لا تعرفه ، لتقوس شفتيها الى الاسفل بعبوس شديد و كأنها تنوى البكاء ، فقال داوود بسرعة : ايه يا خوخة .. ماما فى الحمام .. تروحيلها
لتومئ الصغيرة برأسها و هى ما زالت معتلة المزاج .. فاشار لها داوود على باب الحمام و قال : لما ماما تخرج من الحمام و انتى كمان تغسلى وشك و نفطر سوا .. نروح تشترى اللعب انا و انتى بالعربية .. ايه رأيك
و كأن الذاكرة قد بدأت فى العودة للصغيرة ، فتخلت عن عبوسها و قالت : و ماما هتيجى معانا
داوود : انتى هتروحى مع بابا ، و لو عاوزة تاخدى ماما معاكى ماشى .. المهم اننا نفطر الاول .. ايه رأيك
الصغيرة : فين هاجر
داوود : تلاقيها بتعمل لنا الفطار ، اما نغسل وشنا و نلبس .. نروح عندها .. ماشى
ليسمعا باب الحمام و قد قتحته رنيم و خرجت منه و هى تنظر الى الصغيرة قائلة بحب : صباح الخير يا خوخة
الصغيرة : خوخة صحيت مش لقتك
رنيم و هى تقترب منها و تحملها بحنان مقبلة اياها : كنت بغير هدومى ، تعالى ياللا نغسل وشنا و نسرح شعرنا الحلو ده
الصغيرة بحماس : و نفطر و نروح مع بابا باى عشان نشترى لعب
ليبتسم داوود عند سماعه لكلمة بابا من شفتى الصغيرة و يظل بمكانه و هو يراقبهما باستمتاع شديد اثناء تحركهما من حوله
و عند هبوطهم الى الاسفل يجدوا ان الافطار قد اعد بالفعل و فى انتظارهم ، ليتناولوا الافطار بين تساؤلات الصغيرة التى لا تنتهى عن المنزل و عن الالعاب و كان داوود يجاوب جميع تساؤلاتها بكل صبر و حب و سعادة ايضا

و ما ان انتهوا من الطعام .. الا و اصطحب داوود الصغيرة الى حديقة الفيلا تحت مراقبة رنيم من الشرفة ، لتجده تقدم بها نحو ارجوحتها و سحب من فوقها الاغطية السميكة و الحبال ، و ما ان انكشفت معالمها حتى صفقت الصغيرة بسعادة ، ليجلسها داوود فوقها و هو يحركها بمرح و هدوء مراقبا سعادتها ، ثم وجدته ينادى الحارس ، و يأمره بتنظيف حوض النافورة و اعداده مرة اخرى لاستقبال الاسماك الجديدة ، و امره بان يجلب من يستطيع اصلاح الحديقة المهملة و رعايتها لتعود للحياة مرة اخرى
ثم عاد بالصغيرة الى الداخل و قال لهاجر بأمر : انا عاوز الفيلا ترجع زى ما كانت تمام ، و شوفى هتحتاجى ايه و اطلبيها من عم محمد و هو هيجيبلك اللى انتى محتاجاه ، و لو عاوزة حد يساعدك خليه يشوفلك حد كويس .. هو هيعرف يتصرف ، بس اهم حاجة .. عاوز الاوضة اللى جنب مكتبى تفضى تماما و تتنضف كويس اول حاجة خالص
هاجر : حاضر
ثم التفت الى رنيم قائلا : انا هخرج مع خديجة اشتريلها شوية حاجات … تحبى تيجى معانا
رنيم : ايوة طبعا .. مش هتعرف تتعامل معاها لوحدك
داوود : بلاش الثقة الزايدة دى ، لانى اقدر اتعامل معاها كويس اوى .. و اديكى شايفة اهو
رنيم بتحدى : طب لو طلبت منك الحمام .. هتعمل ايه ، هتدخل بيها حمام السيدات ، و اللا هتدخلها حمام الرجالة
داوود بامتعاض : يمكن عندك حق فى دى ، رغم انى كان ممكن اتصرف برضة
ليتجهوا الى الخارج معا .. ليقضوا يوما ممتعا جدا للصغيرة و هى تنتقى العابها ، بل الكثير و الكثير من الالعاب و المفروشات التى لم تظن يوما ان تمتلكها
اما داوود فكان يشعر بمتعة خاصة و هو يراقب فرحة الصغيرة و فضولها و بعض عنادها الذى لمسه ايضا بسرعة ، ليعلم انها قد ورثت قوة عناد امها
اما رنيم .. فكانت ترافقهما و تراقب تصرفاتهما معا و شغف ابنتها بداوود الذى لم تتخيل ابدا ان تراه يوما ، و كانت تراقب ذلك الشغف بذهول و هى تتسائل متى حدث ذلك ، و كيف نمى بتلك السرعة و البساطة
و كان ذهولها الاكبر عندما وجدت الصغيرة تتحامى باحضان والدها من احد الكلا.ب الضخمة الذى كان بصحبة مالكه اثناء تجولهما ، و احست الصغيرة بالخوف منه
و ما ان استغاثت الصغيرة بابيها و استكانت باحضانه و هو يطمأنها ، حتى تسائلت رنيم ايضا .. من اين اتت تلك الثقة بهذه السرعة
لتعود و تسال نفسها سؤالا ادق .. هل اجر.مت بحق الصغيرة عندما ابعدتها عن أبيها كل هذه المدة ، ام ان الجر.م كان بحق الصغيرة و بحق ابيها ايضا
و فى وسط تجوالهم .. دعاهم داوود للغداء بمطعمه المفضل و كأنه يدغدغ ذكريات رنيم و يستجلب حنينها الى الماضى ، و لكن غالبا ما تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ، فقد تفاجئ داوود عندما سمع صوت سهام من خلفه و هى تقول بذهول : ايه ده .. معقولة .. رنيم .. و كمان داوود و مع بعض ، امتى ده حصل و رجعتى ازاى ، ده كان لسه عابد بية مع بابا من يومين بس و ما قاللهوش اى حاجة عن رجوعك

اللهم عالم الغيب و الشهادة ، فاطر السماوات و الأرض ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اللهم اجعل لي من كل ضيق فرجاً ، و من كل هم مخرجاً ، وارزقني اللهم بالخيرات من حيث لا أحتسب
25
#وتكالبت عليهما الذئاب
الفصل الخامس و العشرون
تفاجئ داوود اثناء جلوسهم لتناول الغداء .. عندما سمع صوت سهام من خلفه و هى تقول بذهول : ايه ده .. معقولة .. رنيم .. و كمان داوود و مع بعض ، امتى ده حصل و رجعتى ازاى ، ده كان لسه عابد بية مع بابا من يومين بس و ما قاللهوش اى حاجة عن رجوعك
لتنظر رنيم الى داوود بتحدى و استنكار و هى تنتظر رده على سهام ، و لكنه قبل ان يحاول الرد .. كانت سهام اقتربت من مائدتهم وسمحت لنفسها بالجلوس معهم و هى تنظر الى الصغيرة بجمود ثم قالت : و يا ترى يا رنيم رجعتى من نفسك و اللا رجعتى ازاى
رنيم بجمود : و ياترى يفرق معاكى
سهام بوقاحة : الحقيقة رجوعك من الاساس مايفرقش معايا ، بس مجرد فضول ، اصل الحقيقة بالصدقة البحتة معتز كمان كان مختفى من دمياط كلها من فترة كبيرة و يا دوب بادئ يظهر من تانى النهاردة .. يا ترى صدقة فعلا و اللا انتو متفقين
رنيم : لو يهمك قوى تعرفى هو كان مختفى فين .. تقدرى تساليه ، اما لو بتسالى عنى انا .. فما اعتقدش ان الموضوع يخصك باى شكل من الاشكال
سهام و هى تنظر لداوود و كأنها تفكر بشئ ما : ابدا .. كل الحكاية ان الناس ممكن تربط مابين ظهوركم المفاجئ فى نفس التوقيت و يوصلوا لانكم كنتم سوا طول الوقت ده
كان داوود يجلس بصمت بارد و هو يراقب الحديث الدائر من حوله دون ان يتدخل ، حتى سمع الجملة الاخيرة من حديث سهام ، و قبل ان ترد رنيم التى بدا الانفعال على تعبيرات وجهها .. اعتدل بجلسته و اتكئ بجذعه على المائدة و قال : اتجرأتى بزيادة يا سهام هانم ، قعدتى وسطنا من غير دعوة و قلت ماشى ، احنا اهل كرم ، ابتديتى تتدخلى فى اللى مالكيش فيه ، و قلت منك لمراتى انتو ستات زى بعض ، لكن هتتخطى حدودك .. ردى مش هيعجبك
سهام باستخفاف : رد ايه ده بقى ، المفروض ردك ده كان يبقى على مراتك اللى اختفت طول الوقت ده و انت ماتعرفش عنها حاجة و اللى الله اعلم كانت فين و مع مين و بتعمل ايه
و ما ان انتهت من اخر كلمة حتى فوجئت برنيم تقذف بوجهها كوبا من الماء اغرقها بالكامل
لتشهق سهام بصدمة و هى تنظر لرنيم بحدة ، و التى قالت لها ببعض الإنفعال : الكلام اللى انتى بتلمحيله ده انتى و امثالك اللى تعرفوه مش انا
لتنظر سهام لداوود بتحدى قائلة : الكلام ده لو وصل لبابا و عرف انك ما اخدتليش حقى .. هتزعل اوى
داوود بسخرية : الحقيقة انتى اللى هتزعلى لو ما قمتيش قورا و مشيتى من قدامى ، و احمدى ربنا انك واحدة ست ، لانك لو كنتى راجل .. كان ردى على كلامك هيغيرلك معالم وشك ده
لتنهض من مكانها غاضبة و هى تقول هنشوف مين فينا اللى هيزعل يا اولاد المنشاوى ، لتلتفت منصرفة ، ليناديها داوود قائلا : من اكتر من تلت سنين منعتك من دخول المصنع ، دلوقتى بمنعك من الظهور فى حياتى باى شكل من الاشكال .. مفهوم

انت في الصفحة 4 من 26 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل