منوعات

بقلم احمد محمود الشرقاوي

أبويا كان كل ما يدبح العِجل كان لازم يطلع عضمة معينة من الجسم ويكسرها خالص لدرجة إنها بتكون لا تصلح لأي شيء بعد كدا, ولما كنت بسأله بتعجب هو ليه بيعمل كدا كان دايما بيبتسم ويقولي:

“بكرة لما تكبر هتعرف, بس لازم توعدني بوعد”
“وعد ايه يابا”
“انك لما تورث مني الشغلانة لازم تورث مني حاجتين معاهم”
“إيه هما الحاجتين دول”
“تطلع من أي دبيحة ولو 2 كيلو لحمة للناس الفقراء ودول مش هتلاقي أكتر منهم, وانك تكسر عضمة الكتف دي وحتى بعد ما تكسرها ماتبيعهاش لحد خالص مهما كان”

وفضل ابويا لسنين طويلة يوصيني بالنقطتين دول وانا معرفش ليه هما مهمين أوي كدا, أما بخصوص شغلانة الجزار فانا شوفت فيها العَجب العُجاب, شغلانة قادرة انها تجبلك كمية مشاكل مالهاش أول من آخر, غير كمية الفُقرا اللي كانوا بيجوا يوميا قدام #لعل وعسى يطلعلهم حاجة منها..

وابويا كان غريب أوي وبيعمل حاجات غير مفهومة, كان بيقطع جزء من اللحمة, ويفرم جزء, ويشيل العضم اللي يتعمل عليه شوربة, ويقسمهم على عشر أكياس, وكل اللي كان بيجي يقف بس كان ابويا يفهمه من نظرة عنيه, ويديله كيس فيه حتة لحمة وكورة لحم مفروم وعضمتين للشوربة, وكان يتعمد يعلي صوته ويقول للشخص ده
“طيب حاسبني لما ترجع تاني عشان مش معايا فكة”

ولما كبرت شوية وكنت بستنكر العادة دي لأنها بتخسرنا فلوس كان بيرد ويقول:

“يابني احنا بنشتري الستر اللي من غيره هنضيع, ولو محستش بقيمته دلوقتي هتحس بقيمته لما يضيع منك”

وكبرت وانا بصراحة مش مقتنع بحاجات كتيرة كان ابويا بيعملها, بس مكنتش بقدر أعترض على أي حاجة لأن أبويا رغم حنيته على الفقراء وقلبه الكبير إلا انه كانت له هيبة ومش أي حد كان يقدر يعترض على كلامه من معلمين السوق فما بالك بيا انا ابنه, وأول ما دخلت في سن العشرينات أبويا بدأ يكلم ناس هنا وهناك عشان يشوفوا واحدة محترمة وكويسة أقدر اتجوزها, ولما كنت بستفهم بس منه هو عاوز يجوزني بدري ليه كان بيقولي جملة غريبة أوي

“الراجل اللي ميجوزش ابنه أو بنته وهو قادر على كدا بيتحاسب عليهم يوم القيامة”

وفعلا اتجوزت وربنا رزقني بأول فرحتي وكان اسمها وعد, البنت اللي كان روحها في جدها, وكانت أيام طويلة بتقعد معاه في المحل ومترضاش ترجع البيت أبدا, بل وأيام كنت أقعد بينها وبين جدها الاقيهم بيغمزوا لبعض وكأن بينهم أسرار هما بس اللي يعرفوها..

لدرجة إني كنت بغير على بنتي أوقات, خاصة انها حفظت كل تفصيلة بتحصل في المحل من يوم ما نفتح لحد آخر اليوم, كانت بتعبي أكياس الصدقة, وحافظة وشوش الناس اللي بياخدوها اسبوعيا, بل وكانت بتمسك #عشان تتعلم التقطيع, كل ده وهي عندها ست سنين بس..

السابقانت في الصفحة 1 من 5 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
8

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل