
تلك اللحظه حين تضع قبله أخيرة فوق جبين ميت كان يعني لك الحياة و أكثر ، حين تشعر برجفه قويه تضرب أنحاء جسدك ما أن تُلامس برودة و سكون ذلك الكف الذي لاطالما كان يعج بالدفء و الحياة . نظرتك الأخيرة حين تشاهد جزءًا كبيرًا من روحك ينشق عنك ليتواري معه تحت الثري . تلك اللحظات لا تُنسي ابدًا بل تظل عالقه في ذاكرة القلب و كأنها نُحتت من رحم النار التي تبقي مشتعله إلي أن يحين اللقاء بهم في العالم الآخر…
(اللهم إنا نعوذ بك من فواجع الأقدار و فقد الأهل و الاحبه)
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كان في طريقه للمشفي لإستلام جثمان أخيه حتي يتم دفنه ليذهب إلي مثواه الأخير و كم كان ذلك الأمر شاقً علي قلبه الذي للآن لم يستوعب تلك المصيبه التي حلت بهم . لم يدرك ماذا يحدث حوله أصوات النحيب و البكاء تحيط به في كل مكان، النساء متشحات بالسواد الرجال ملامحهم جامده مكفهرة، أعينهم تمتلئ بالقطرات التي تأبى الهطول . حزن عميق يسيطر علي الهواء حولهم لأول مرة لا يسمع زقزقة العصافير عند الصباح حتي أن الشمس مختبئه خلف السحاب تأبي الظهور. السماء تُرعِد و المطر ينهمر بغزارة و كأن الطبيعه تشاطرهم حزنهم الغائر و مصابهم الكبير .
ما أن أوقف سيارته أمام باب المشفي حتي وجد سيارة سليم التي كان جانبها الأيمن مهشم و كأن جدارًا سقط فوقها أو أن أحدهم كان يحاول إنهاء ألمه و شحنات غضبه في قطعه جماد لا ذنب لها .
ترجل سليم الوزان من السيارة الخاصه به و قد كانت بعض قطرات الدماء تنساب فوق جبهته و يبدو أن هناك جرحًا غائر لا يأبه له صاحبه الذي كان يحمل بقلبه جرحًا أكبر مما يستطيع تحمله .
أقترب منه سالم و عيناه تحمل من القلق ما تعجز الشفاه عن التعبير عنه و قد إمتدت يداه لملامسه الدماء المنسابه من جبهه أخاه و هو يقول بخشونه
” حصل ايه ؟”
تراجع سليم خطوة للخلف و هو يقول بلهجه جافه
” متقلقش حادثه بسيطه .”
ضيق سالم عيناه و أشتد به الغضب حتي أرتجف جفنه الأيمن و قال بلهجه قاسيه
” سلييم . ”
سليم بلهجه حادة
” مش إلي في بالك يا سالم . دي كانت حادثه زي ما قولتلك .”
أطلق سالم زفرة حادة قبل أن يقول بنبرة قاطعه
” هخلي الدكتور يشوفك قبل ما ناخد حازم و نمشي .”
عند ذكره لاسم أخاه الراحل إرتجفت شفتيه و أختنق الحديث بجوفه و كان سليم لا يقل تأثرًا عنه و لكنه دون أن يشعر أفرجت عيناه عن دمعه حبيسه تحكي مقدار الوجع بصدره فأخذ عدة أنفاس حادة قبل أن يقول بصوت متحشرج
” عايز أشوفه يا سالم . عايز أطلب منه يسامحني ”
لم يتحدث فلم تسعفه الكلمات جل ما أستطاع فعله هو أن تمتد يداه تمسك بكتف أخيه و أبتلع غصه مريرة قبل أن يقول بلهجه جافه
” متحملش نفسك ذنوب معملتهاش . إلي حصل دا قدر و مكتوب .”
لم يستطع سليم الحديث و أشتبكت عيناه مع عين شقيقه في حديث صامت دام للحظات و كان سالم أول من قطعه حين أستعاد هدوءه الظاهري و قال بصرامه
” يالا بينا عشان الدكتور يشوف جرحك . مينفعش ماما تشوفك كدا . كفايه اللي هي فيه ”
و بالفعل إنصاع سليم لأوامره دون جدال و توجها معًا لإستلام الجثمان و لكن أستوقفهم الطبيب الذي ما أن رآهم حتي تحدث قائًلا بعمليه
” سالم بيه . كان في موضوع مهم عايز أتكلم مع حضرتك فيه ”
سالم بجمود
” موضوع إيه ؟”
الطبيب بتوتر
” ممكن تتفضل معايا علي مكتبي عشان نقدر نتكلم براحتنا ”
دون التفوه بأي حرف توجه الأخوان الي مكتب الطبيب لمعرفة ماذا يريد ..
************
علي الجانب الآخر كانت جنة ترقد علي مخدعها بهدوء يتنافي تمامًا مع ضجيج قلبها الذي كان ينتحب ألمًا و شعور الخوف الذي أخذ يتسلل الي صدرها الذي لا تعلم لما انقبض فجأة فشعرت بأن التنفس بات ثقيلًا عليها فأخذت تحاول تنظيم أنفاسها بصعوبه و لسوء الحظ فالممرضه التي عينها الطبيب لترافقها حالما تأتي شقيقتها قد أستأذنت لبعض الوقت و لا تعلم لما تأخرت فأخذت تحاول التحرك فآلمها ذلك أكثر و قامت بإسناد رأسها للخلف مُغمِضه عيناها و أخذ صدرها يعلو و يهبط بسرعه كبيرة إلي أن سمعت باب الغرفه الذي فتح بعنف مما جعلها تشهق بصدمه تحولت لذعر كبير و هي تري ذلك الرجل الضخم الذي كان يناظرها بعينان تشبهان الجمر في إحمرارهما و ملامح قاسيه مع فم مشدود بقوة و كأن أحدهم يجاهد حتي لا يطلق وحوشه لتفترسها فأخذت ترتجف رغمًا عنها من فرط الخوف خاصةً حين أخذ يتقدم بخطً سُلحفيه و عيناه لا تحيد عنها و كأنها مذنبه و هو جلادها فأخذت تتراجع في جلستها الي أن التصقت بظهر السرير خلفها و هي تقول بهمس خافت
” أنت مين ؟”
أظلمت عيناه و قست ملامحه أكثر و هو يقترب منها حتي أصبح أمامها مباشرة و قام بالإنحناء لتصبح عيناه المستعره بجحيم الغضب أمام عيناها التي ترتجف من فرط الخوف و قال بوحشيه و لهجه تحمل الكثير من الوعيد بين طياتها
“أنا عزرائيل إلي هياخد روحك بعد ما يخليكي تشوفي جهنم علي الأرض . ”
إزدادت رجفتها و أخذت أنفسها تتخبط بصدرها الخافق بعنف و هي تقول بشفاه مرتعشه
” أنت عايز مني إيه ؟”
إزدادت وحشيه ملامحه و هو يقول بقسوة
” عايز أدمرك و أخليكي تلعني اليوم إلي خرجتي فيه من الحادثه دي و أنتي لسه فيكي الروح ”
إزداد رعبها و هطلت العبرات كالفيضان من بين عيونها وقد كانت كل عضله في جسدها ترتجف بعنف من ذلك المجنون الذي يقف أمامها يلقي علي مسامعها تلك التهديدات البشعه التي لم تستطع تحملها فقالت من بين دموعها
” حرام عليك أنا عملتلك إيه ؟”
إمتدت يداه تقبض علي خصلات شعرها تكاد تقتلعه من جذوره فخرجت منها صرخه قويه لم تؤثر به بل تابع حديثه و هو يزمجر بقوة و كأن كلمتها كان جرمًا كبيًرا قد أقترفته
” أخرسي . ليكي عين تتكلمي . بسببك هدفن أخويا الصغير تحت التراب . أخويا مات و هو زعلان مني و أنتي السبب . هو مات و واحده رخصيه زيك لسه عايشه . بس وحياة غلاوته عندي لهخليكي تدفعي التمن غالي أوي. و تعرفي أن ولاد الوزان لحمهم مسموم إلي يفكر يقرب منهم مصيره الموت .”
قال جملته الأخيرة صارخًا بوعيد و لكن للحظه توقف جسدها عن الإهتزاز بين يديه و جحظت عيناها و بهتت ملامحها و شحب لونها فمن يراها يظن أنها علي مشارف الموت بينما عقلها أضاء بحقيقه مرة كالعلقم و هو أن المقصود بذلك الحديث ليس سوى حازم !
و كأن شفتيها ترجمت ما يدور بعقلها حين قالت بخفوت
” حازم مات ؟”
لم تكن تعلم هل كان جوابًا أن سؤالًا و لكنها بكل الأحوال حقيقه ترفضها بشدة و أخذت رأسها تتحرك يمينًا و يسارًا و شفتاها تطلقان عبارات الرفض و قد كان كل ذلك يحدث أمام عيناه الصقريه التي كانت تتابع إنهيارها بزهول سرعان ما تحول لغضب عندما ظن بأنها تحاول خداعه فقام بالصراخ في وجهها الذي كان قريب منه بدرجه كبيره
” بطلي الحركات دي. لو مفكره أنك ممكن تضحكي عليا بيها تبقي غلطانه ”
لم يتوقع أبدًا انهيارها بهذا الشكل بل صُدِم بشدة حين وجدها تضرب صدره بقوة بقبضتيها و أخذت تصرخ بحرقه قائله من بين صرخاتها
” أخرس . حازم ممتش. حازم مسابنيش . حااااااازم ”
و كأنها كانت تقول مايريد قوله ، كان هذا الانهيار الذي يشتهيه تمامًا ، كانت تلك الكلمات تتردد بصدره هو الآخر ، هذه الدموع يتمني لو يستطع إخراجها . كانت حالتها تلك هي ما يتمني أن يعيشه و لو للحظات حتي يفرغ غضبه و ألمه الذي يكاد يقضي عليه . فجأة شعر بشئ يبلل صدره فاخفض بصره فوجدها تلقي برأسها فوق موضع قلبه مباشرة و يدها تقبض بشدة علي قميصه و صوت بكائها يخترق سمعه و لدهشته وجد يداه تحيط بها في غفلةً منه و حينها لم يستطع السيطرة علي دموعه التي سقطت لتغرق خصلات شعرها . و كأنه يشكو لها ألمه و ذنبه و ضعفه
كانت لحظه عجزت حواسه بها عن الاستجابة لإشارات عقله .ففجأة توقف الزمن من حولهم و كأنهم تشاركا الألم سويًا . لحظه قطعها هرولة فرح التي سمعت صراخ شقيقتها فانتابها الفزع و سقط كل ما بيدها و هرولت إلي غرفتها لتتفاجئ بذلك المشهد جنة تبكي و تنوح و رأسها ملقي على رأس ذلك الرجل الغريب عنها و الذي ما أن سمع ارتضام باب الغرفه بالحائط حتي استفاق من تلك الغيبوبه التي غرق بها للحظات و قام بدفعها و الإرتداد للخلف ليصعق من مظهرها المبعثر و دموعها المناسبه من عيناها لتختلط بدماء سالت من أنفها و أخذت تتساقط علي وجهها فمن يراها الآن يجزم بأن تلك الفتاة علي وشك الموت حزنًا و ألمًا
قاطع نظراتهم صراخ فرح التي اندفعت تجاه شقيقتها و هي تقول بعنف و قسوة
” أبعد عن أختي ؟ أنت عملت فيها إيه ؟”
خرجت الكلمات من فمه كأسهم نيران حارقه
” كان في كلمتين بيني و بينها و خلاص قولتهم . ”
وجه أنظاره لجنة و هو يقذف الكلمات من فمه بينما عيناه ترسلان إشارات التهديد الصريحه
” خليكي فاكرة اسم سليم الوزان دا كويس عشان نهايتك هتكون علي إيده ”
إندفعت فرح نحو شقيقتها و قد تملكها الغضب الشديد و تولدت بداخلها غريزة الحمايه لشقيقتها و طفلتها فقالت بقوة توازي قوته
” أنت أتجننت يا جدع انت . جاي تهددنا بكل بجاحه ”
إزداد غضبه أكثر و قال بشراسه
” البجاحه دي أختك واخدة دكتوراه فيها. بس أنا بقي هعرف أربيها و أربيكي كويس أوي ”
ما أن أنهي جملته حتي أتاه صوت سمره بمكانه و الذي لم يكن سوي لشقيقه الأكبر الذي قال بلهجه قاسيه
” سليم !”
التفت سليم إلي أخاه الذي كان يقف بشموخ أمام باب الغرفه و الغضب يلون تقاسيمه و قد تجلي ذلك بنبرته حين قال بخشونه
” بتعمل إيه هنا ؟”
سحب سليم أكبر قدر من الأكسجين بداخله قبل أن يقول بنبرة جافه
” كان في رساله كنت جاي أوصلها و خلاص وصلتها ”
قال كلمته الأخيرة و هو ينظر لجنه التي كانت ترتجف بين أحضان شقيقتها و لا تبالي بشئ شوي تلك الحقيقه السوداء التي تجاهد حني تستطيع الهرب منها بشتي الطرق لذا تجاهلت تهديداته و كأنها لم تكن موجهه إليها و قالت برجاء
” حازم جراله إيه يا فرح ؟ قوليلي أنه كويس و بخير . أرجوكي ”
توقف سليم أمام باب الغرفه يستمع إلي استفهامها المتألم و لكنه كان غضبه اقوي من أي شعور آخر فتجاوز أخاه و إندفع إلي الخارج بينما بالداخل لم تجد فرح ما تخبرها به فقط شاطرتها البكاء و علي وجهها إمارات الأسف و لكن عيناها كانت تقتنص ذلك الذي مازال واقفًا أمام باب الغرفه و عيناه كالصقر تتلقف كل حركه تصدر منهم . دام تفحصه للحظات ثم أعطاهم ظهره دون التفوه بأي حرف فنظرت إلي شقيقتها و قالت بلهفه
” جنه دقيقة و رجعالك ”
هرولت إلي الخارج فاصطدمت بظهره حين وجدته ينتظرها و كأنه كان علي يقين من قدومها فخرجت شهقه خافته من جوفها و أنتشر الخجل علي ملامحها و تراجعت خطوتان للخلف و هي تناظره بكبرياء قابله هو بسخريه ظهرت بصورة خاطفه في نظراته التي سرعان ما عادت لجمودها و قد اختفي ذلك البريق الآخاذ الخاص بهما و الذي كان يضيئها في اللقاء الأول لهما و كأن مصباحها انطفئ.
دون أي مقدمات خرج الكلام من فمه بخشونه تليق بملامحه كثيرًا
” مش عايز أي حاجه تتسرب للصحافه . ”
قطبت جبينها و قد أدهشها حديثه فقالت بعدم فهم
” و إيه دخل الصحافه في إلي حصل ؟”
ناظرها بإستخفاف قبل أن يقول بقسوة
” إلي مات دا يبقي حازم منصور الوزان !”
شعرت بأن حديثه يحمل إعصارًا من الألم و الغضب فوجدت نفسها تقول بشفقه تسللت بغته إلي داخل قلبها
” البقاء و الدوام لله ”
هز رأسه دون أن يجيبها و قال بلهجه جافه و كأنه يلقي أوامره و عليها السمع و الطاعه
” هسيبلك حراسه علي باب الاوضه عشان لو حد من الصحافه حاول يوصلكوا ”
خرجت الكلمات منها حادة غضبًا من لهجته الآمره
” إحنا مش محتاجين حراسه إحنا نعرف نحمي نفسنا كويس ”
زفر بحدة قبل أن يقول بنبرة فولاذيه و عينان ترسلان سهام التحذير
” كلامي يتنفذ من غير نقاش .”
فرح بسخريه و قد نست كل شئ يحدث حولها فقط ذلك الرجل المتعجرف المغرور الذي ينجح في إثارة غضبها كلما التقت به
” أوامرك دي تمشي عالناس كلها إلا عليا. و بعدين لو هتحمينا يبقي أحمينا منكوا إلي اخوك عمله دا غلط كبير اوي . أيًا كان وجعه مالوش حق أبدًا يعمل إلي عمله و يدخل يهدد جنه بالشكل دا ”
كانت تناطحه و كأنهما متساويان و كان هذا يزيد من وقود غضبه الذي يحاول أن يقمعه بداخله خوفًا من عواقب وخيمة لا تحمد عقباها و قد تجلي غضبه بنبرته حين قال بقسوة من بين انفاسه
” أدعي ربنا انه ميكونش لينا حق عندكوا عشان هيكون تمنه غالي أوي. أشك أنك تقدري تدفعيه .”
جفلت من نبرته القاسيه و كلماته الحادة كنصل السكين و لكنها كالعادة تظاهرت بالثبات و حمدت ربها بأن نظارتها الطبيه حجبت عنه إهتزاز حدقتيها . و قالت بصوت يملؤه التحدي
“و لو إحنا إلي لينا حق عندكوا ؟”
تغيرت نظراته كليًا و طافت فوق ملامح وجهها قبل أن يقول بخشونه
” أتأكدي أنك هتاخديه مني أنا شخصيًا ”
كانت تلك آخر كلماته التي ألقي بها و إستدار بهيبته الطاغيه التي كانت تبعث علي نفسها الرهبه فزفرت بحدة قبل أن تستند علي الحائط خلفها و هي علي يقين من أن شقيقتها قد أقحمتهم بالجحيم الذي ستظل شياطينه تلاحقهم لوقتً طويل ..
عِند حلول المساء كانت جنة غارقه في نومًا عميق بفعل المهدئ القوي الذي أعطاه الطبيب لها بعد انهيارها الشديد أثناء النهار غافله عن أقدام الشر التي أخذت تتقدم من مخدعها تنوي الفتك بها دون رحمه و ما أن وصلت اليها حتي أطلقت سهام نظراتها الحارقه علي تلك التي تنام لا حول لها و لا قوة و قذفت سمومها بجانب أذنها بصوت كفحيح الأفاعي
” نومتك الأخيرة هتكون علي أيدي و زي ما دفنته هدفنك أنتي كمان ..”
يتبع …….
#القبضة_الثالثة ✊♥️
#نورهان_آل_عشري
تجاوز الحزن موهبه لم أتمتع بها يومًا ..
رأيت الكثير ممن إستطاعوا تجاوز أحزانهم ببراعه. منهم من كان يسكُب حزنه فوق أوراقه علي هيئه حروف أمتزج حبرها بالدموع، و منهم من كان يراوغ حزنه بين طيات الكُتب دافنًا إياه بين صفحاتها، و آخرون ألقوا بآلا،،مهم بعمق الليل بين السجود و الركوع. بينما أنا كنت أعيش حزني كاملاً للحد الذي جعل شفائي منه أقرب إلي المستحيل …
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
الشر حولنا دائماً و لكنه لن يستطيع أذيتنا أو المساس بنا إلا أذا أعطيناه الفرصه لذلك . إحتماليه هذا الإعتقاد كبيرة و لكن في كثير من الأحيان يكمُن الخير في جوف الشر أو ما كنا نعتقده شرًا و لكنه لم يكن سوي إبتلاء لا يتطلب منا سوي الصبر عليا و الرضا بالقضاء و القدر .
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
تململت جنة في نومتها و كأنها شعرت بشعاع حاد مُسلط عليها ينفّذ إلي داخل أعماقها مصدره عينان تجوبان ملامحها بسخط و حـ,,ــقد كبير تتمني لو أن لها الخيار لكانت الآن مدهـ,,ــوسه تحت أقدام شاحنه ضخمه تمزقها لأشلاء حتي تتأكد من عدم نجاتها . هكذا كانت تنظر إلي جنه التي التفتت لرؤيه ذلك الشخص الماثل علي الجهه الآخري لمخدعها و لكنها تفاجئت حتي جحظت عيناها حين رأت ساندي أكثر الناس كرهًا لها و ذلك لعلاقتها السابقه بحازم و التي أنتهت ما أن وقع بحب جنة هكذا أخبرها ذات يوم و هنا تفهمت جنة السبب وراء نظرات السخط و الكره الشديد التي كانت تناظرها بها تلك الفتاة.
في البدايه كانت تغضب و لكن بعد ذلك أصبحت تتجاهلها و لا تهتم بها و لكن السؤال لماذا هي هنا الآن ؟
و كأن سؤالها إرتسم علي ملامحها لذا ظهرت إبتسامه ساخرة علي شفاه ساندي و لكن لم تصل أبدًا لعينيها التي كان الحقد يغلفها و قد تجلي ذلك في نبرتها المسمومة حين قالت
” أخيرًا السندريلا صحيت !”
كان التهكم يغلف حديثها و لكن نبرتها كانت مرعبه خاصةً لجنة التي كانت في وضع لا تُحسد عليه و لكنها حاولت التماسك قليلًا و هي تقول مستفهمه
” أنتي هنا بتعملي إيه ؟”
زادت إبتسامه ساندي أكثر و إزدادات قتامه عيناها الخضراء و هي تقول ساخرة
” جايه أطمن عليكي و أتأكد أنك لسه عايشه .. عشان بصراحه كنت هزعل أوي لو موتك مكنش علي أيدي ..”
جفلت جنة من حديث تلك المجنونه التي لا تدري لما ألقت بها الأقدار في طريقها و لكنها حاولت الصمود و أن لا تظهر خوفها الكبير منها لذا قالت بقوة واهيه
” أنتي مجنونه إيه إلي أنتي بتقوليه دا . أنتي فاكرة أنك كدا بتخـ,,ــوفنيني ؟؟”
ساندي بلهجه ساخرة
” لا بخوفك إيه لا سمح الله.. أنا بس بعرفك إن نهايتك دي هتكون علي أيدي .”
قالت جملتها الأخيرة بقسوة شديدة و هي تشير بيدها مغلقه قبضتها بقوة بدون أن تشعر إرتدت جنة للخلف بذعر لم تستطع إخفاءه فابتسمت ساندي بسخريه قبل أن تقول بنبرة خافته مهددة
” متخافيش أوي كدا مش هموتك دلوقتي. لسه بينا حساب طويل لازم يتصفي. ”
كانت ترتجف رغمًا عنها فما مرت به في الساعات الماضيه لم يكن سهلًا حتي تأتي تلك المجنونه لتزيد من معاناتها أكثر و قد تجلي ضعفها في نبرتها المستنكرة حين قالت
” حساب إيه انا مفيش بيني و بينك حاجه . و بعدين أنا إرتبطت بحازم بعد ما سبتوا بعض . يعني لو فاكرة إني خدته منك تبقي غلطانه”
لا تعلم لما كانت تقول هذا الكلام تحديدًا في ذلك الوقت و لكنها كانت تريد الإفلات من بين براثن تلك المقيته التي طالعت خوفها بتسليه قبل أن تقول و هي تشدد علي كل حرف تتفوه به
” أنا و حازم عمرنا ما سبنا بعض ”
قطبت جنة جبينها و قد بدا الرفض علي ملامحها لتناظرها ساندي بتشفي قبل أن تقول بنبرة كشفرات حادة مزقت قلبها
” أقولك دليل صغير . بأمارة شقه المعادي و إلي حصل ! ياتري فاكرة و لا نسيتي . عموما لو نسيتي أنا هفكرك و هعرف كل الناس حقيقتك الزباله .”
إزداد إرتجاف جسدها حتي أصبح انتفاضًا تزامنًا مع هطول العبرات من مقلتيها و ظهر الرعب جليًا علي ملامحها التي شحبت فجأة و قد أرضي مظهرها هذا غريمتها كثيرًا فنصبت عودها و رسمت ابتسامه سعيدة شامته تتنافي تمامًا مع الحزن الدامي الذي يسكن قلبها و لكنها كانت تتجاهله بقوة إرتسمت بصوتها حين قالت
” فضيحتك هتبقي علي كل لسان . هخلي الناس كلها تعرف قذارتك . هتتمني الموت و مش هتطوليه غير لما أقرر أنا . ”
عند إنتهاء جملتها سمعت قفل الباب يدور و أطلت فرح عليهما لتصدمها حالة جنة التي كان الموت مرتسم فوق ملامحها فهرولت فرح إليها و قد تفرقت نظراتها بين شقيقتها و تلك الغريبه التي تتشح بالسواد في لباسها و علي ملامحها فلم ترتح أبدًا لها لذا قالت بصوت قوي و هي تحتضن جنه بين ذراعيها
” مالك يا جنة في إيه ؟ و مين دي ؟”
ألقت إستفهامها الأخير و عينان يرتسم بهم التحدي و هي تنظر إلي تلك الغريبه و التي قالت ساخرة
” أنا صاحبة جنه الأنتيم . ”
أجابتها فرح بفظاظه
” بس أنا أعرف أصحاب جنة كلهم و أنتي مش منهم ”
ساندي بتهكم
” واضح ! واضح أنك تعرفي أصحابها كلهم . عموما أنا هسيب جنة تقولك أنا مين . أبقي عرفيها يا جنة و أوعي تخبي عنها حاجه أبدًا . دي بردو أختك الكبيرة !”
أطلقت جملتها الأخيرة في تحدي واضح لعينان جنة التي كانت ترتجف داخل أحضان شقيقتها تتابع إنسحاب ساندي التي تلونت ملامحها بالغضب الشديد الممزوج بحزن دامي و هي تتوجه إلي باب الغرفه مغلقه إياه بقوة إنتفض لها جسد جنة التي أدارتها فرح لتواجهها و هي تقول بترقب
” مين البنت دي يا جنه ؟”
شعرت فرح بأن تلك الفتاة تبتز شقيقتها بطريقه ما و قد صح ظنها حين سمعت صوت جنة الخالي تمامًا من الحياة و هي تقول
” دي أكتر واحدة بتكرهني في الدنيا ”
***************
كانت تجلس خلف مقود سيارتها و هي تنظر أمامها بضياع و عيناها يتساقط منها الدمع كالمطر و قلبها الملتاع يتمني لو يتوقف عن الخفقان حتي يريحها من ذلك الألم الدامي فقد شهدت اليوم علي فراق حبيبها الذي أختار قتلها بسكين الغدر و هو علي قيد الحياة بتفضيله آخري عليها و لكنها كانت تمني نفسها كذبًا بأنه حتمًا سيعود إليها بعد أن يمل من تلك الفتاة التي لم تكره أحد مثلها أبدًا . و لكن ما حدث لم يكن في الحسبان فمنذ أن علمت خبر موته و قد شعرت بأنها علي وشك الجنون فأخذت تصرخ بهستيريا حتي إرتعب من حولها و حاولوا تهدئتها بشتي الطرق و لكن هيهات لم يستطع أي شئ ايقاف جنونها سوي معرفتها بأن تلك الفتاة كانت معه . فهو فضلها عليها بحياته و حتي عندما أختار الموت اختار أن يموت بجانبها .
حينها أنتابها هدوء قاتل دام لساعات قبل أن تتوجه إلي مشفي والدها و الذي كان يرقد به معذب فؤادها الراحل و غريمتها التي تنوي جعلها تدفع ثمن كل هذا العذاب الذي عاشته و سيظل يحيط بها طوال حياتها .
تذكرت حديث الطبيب المسؤول عن حالة حازم الذي وصل إلي المشفي بحالة خطرة للغايه و قد أخبرها الطبيب بأن حازم كان مخمورًا و متعاطيًا لنسبه كبيرة من المخدرات و فورًا إستغلت هذا لصالحها
عودة لوقت سابق
خرجت من المرحاض بعد أن قذفت كل ما في جوفها و قد كان هذا تعبير جسدها عن الحزن الذي أغتاله دون رحمه فتفاجئت بسالم و سليم أشقاء حازم يخرجون من غرفة الطبيب المسؤول عن حالة حازم و قد كانت إمارات الدهشه و الصدمه تغلف وجوههم فأخذ الأخوان ينظران إلي بعضهم البعض بعدم تصديق و طال صمتهم إلي أن قطعه سليم الذي قال بإستنكار
” بقي معقول إلي سمعناه دا . حازم أخويا كان مدمن !”
ظل سالم علي صمته لثوان قبل أن يعيد سليم الحديث قائلًا بنبرة أعلي و أكثر خشونه
” إزاي ؟ أنا مش قادر أصدق . أكيد الكلام دا في حاجه غلط !”
قطع سالم صمته و قال بلهجه جافه مريرة
” لا صح . و الدليل أننا رايحين ندفنه دلوقتي ”
أهتزت نبرته حين أختتم حديثه لتخرج صرخه غاضبه من فم سليم الذي قال بغضب
” ليه يا حازم كدا ؟ ليه تعمل في نفسك و فينا كدا ؟”
سالم بلهجه متألمه
” دي آخرة الصحبه السيئه.”
التمعت الوحشيه بعينان سليم الذي زمجر بغضب
” لازم أعرف مين إبن الحرام إلي وصل أخويا للحاله دي .”
حينها تدخلت هي قائله بلهجه ثابته لا يشوبها أي تأنيب ضمير فهي فرصتها الذهبيه للنيل من غريمتها و الأخذ بثأرها
” أنا عارفه مين وصله لكدا ”
إلتفتت الرؤوس تناظرها بنظرات متفحصه سرعان ما تحولت لمستفهمه. فتقدمت إليهم بأقدام تكاد تلتف حول بعضها من شدة الضغط و لكنها وصلت بسلام و هي تناظرهم بعينان ثابته يغزوها خطوط حمراء تحكي عن مدي الأنهار التي ذرفتها و لكن سالم تجاهل هيئتها المبعثرة و ملامحها الشاحبه قائلًا بخشونه
” أنتي مين ؟”
أجاب سليم بدلًا عنها
” دي زميله حازم في الجامعه . أنا مش فاكر اسمك بش شفتك معاه قبل كدا ”
هزت ساندي رأسها بموافقه قبل أن تقول بصوت متحشرج
” أسمي ساندي كنت صاحبه حازم و زميلته في الجامعه ”
عند ذكرها لاسمه فرت دمعه هاربه من طرف عيناها تخبرهما بأن القصه لم تكن مجرد صداقه أو زماله
تحدث سالم قائلًا بفظاظه
” هاتي إلي عندك !”
جفلت من لهجته الفظه و لكنها حاولت الثبات قدر الإمكان و هي تجيبه قائله بقوة
” جنة .. جنة هي السبب في إدمان حازم .”
لم تهتز ملامح سالم بل ظل يناظرها بغموض بينما خرج إستفهام غاضب من جانب سليم الذي قال
” جنه دي إلي كانت معاه في الحادثه ؟”
ساندي بتأكيد
” أيوا هي ”
سليم بحنق
” قولي إلي عندك كله مرة واحده .”
كان غضبه مخيف و قتامه عيناه تبعث الرهبه بداخلها و لكنها أبدًا لن تتراجع لذا قالت بثبات
” حازم اتعرف علي جنة دي من حوالي أربع شهور وقتها رسمت عليه دور البنت البريئه الخجوله لحد ما قدرت تجذب أنتباهه و وقعته في حبها و بعدها حازم أتغير من ناحيتنا و مبقناش نشوفه زي الأول . كان بيقضي وقته كله معاها و خلته يقطع علاقته بينا و بالصدفه أكتشفنا أنها تعرف وليد الجلاد و دا أكتر واحد بيكره حازم . و لما قولتله مصدقنيش و فكر إني بكرهها و من مدة قريبه بدأ يبان أنه مش على طبيعته لحد ما أكتشفت أنها جرته لسكه الأدمان .”
أنهت قصتها الوهميه و التي بها أحداث يشوبها بعض الصدق و هي تناظرهم بثبات أهتز قليلًا أمام نظرات سالم الغامضه و لكن أتت زمجرة سليم لتجعل الاطمئنان يغزو قلبها بأن خطتها سارت بشكل صحيح
أنتفضت كل خليه به غاضبه تلعن تلك الشيطانه التي تسببت في هلاك أخاه و هدر بقسوة
” الحقيرة .. نهايتها هتكون علي إيدي ”
أنهي جملته و إندفع كالثور لا يري أمامه بينما ناظرها سالم مطولًا قبل أن يقول بنبرة جافه بها تهديد مبطن
” متأكدة من كلامك دا !”
أبتلعت ريقها بصعوبه قبل أن تقول بنبرة حاولت جعلها ثابته قدر الإمكان
” و أنا هكذب في حاجه زي كدا ليه ؟ ”
إحتدت عيناه قبل أن يقول بلهجه فظه متوعدة
” انتي أدري . ”
اهتزت نظراتها و كذلك نبرتها حين قالت بإرتباك
” تقصد إيه ؟”
سالم بلهجة قاسيه تشبه قساوة عيناه حين قال
” أدعي ربنا يكون كلامك صح عشان لو طلعتي بتكذبي.. !!!”
لم يكمل جملته بل ترك المهمه لعيناه التي أجادت بث الذعر بقلبها الذي إنتفض الآن عائدًا بها إلي الوقت الحالي و هي ترتعب من بطش ذلك الرجل الذي أعطت كل الحق لحازم في أن يخاف منه فهو يبعث الرهبه في النفوس و لكن لا يهمها فهي ستنفذ خطتها و ستأخذ بثأرها مهما كلفها الأمر …
*****************
لم يُخلق الكمال أبدًا علي الأرض فهي دار فناء خُلقنا بها لنشقي و نمر بإختبارات عديدة حتي نستحق الفوز بالجنه و بالرغم من أن قلوبنا لم تشتهي العذاب أبدًا إلا أنه كُتب علي أولئك الذين ا
إتخذوا من العشق مذهبًا فظنوا بأنه طريقهم إلي الجنة و قد تناسوا بأن العذاب و العشق وجهان لعمله واحده فما العشق الا عذاب لذيذ يستقر في أعماق القلب الذي يضخه إلي سائر أنحاء الجسد فتشعُر بالنشوة التي تمنحك شعور عارمًا بالسعادة كالأدمان تمامًا تعلم أنه هلاكك و لكنك ترفض التعافي منه ..
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
صباحًا كان الوضع هادئا خصوصًا من جانب جنة التي أتخذت الصمت منهجًا منذ البارحه و أن حاولت فرح الحديث معها تصطنع النوم حتي تهرب لا تعرف إلي أين قد يوصلها ذلك الهروب و لكن لم تكن تملك خيار آخر فما تواجهه أكبر بكثير من قدرتها علي التحمل.
أمتثلت بهدوء إلي أوامر الطبيب بضرورة تناولها الطعام و الأدوية بإنتظام حتي يشفي جسدها فودت لو تسأله فهل يوجد دواء للروح المعذبه حتي تشفي أم ستظل جريحه متألمه لبقيه حياتها !
كانت فرح تشعر بالإختناق من هذا الصمت المحيط بهما و الذي يتنافي مع كل ذلك الضجيج برأسها فبلحظه إنقلبت حياتهما رأسًا علي عقب و لا تعلم ماذا عليها أن تفعل و شقيقتها بقدر ما تشفق عليها فهي غاضبه منها و بشدة و لكن لا تستطع الحديث فحالتها لا تحتمل شيئًا آخر .
كان الهدوء من أهم الصفات التي تميزها و الآن هي تمقته تريد الشجار الصياح تريد أن تجلس وسط ضوضاء كبيرة حتي تلتهي و لو قليلًا عن الضوضاء التي تكاد تنخر عقلها
زفرت بقوة قبل أن تلتفت إلي شقيقتها قائله بنبرة هادئه نسبيًا
” أنا هروح أجيب حاجه سخنه أشربها من الكافيتريا . أجبلك معايا ؟”
هزت جنة رأسها بالرفض و هي تقول بنبرة مبحوحه
” لا شكرًا مش عايزة أنا هحاول أنام شويه .”
أومأت برأسها و توجهت إلي الخارج و هي تحاول أن تتنفس بشكل منتظم و تهدء من توترها قليلًا حتي تستطيع التفكير برويه .
****************
كان سليم يطالع الجياد بنظرات ضائعه و ملامح باهته كبهوت كل شئ حوله . فرائحه الموت تحيط به في كل مكان و الحزن ينخر أنحاء جسده و لا طاقه له برؤيه أحد و لا الحديث مع أحد و لكنه مجبر علي الوقوف بين الجموع ليأخذ واجب العزاء الذي كان ثقيلًا عليه كثقل شاحنه ضخمه تمر فوق قلبه فللآن عقله لا يستوعب ما حدث و فقدانه أخاه . و لكن مشهد الناس من حوله يذكره بفجيعته الكبري التي يحاول تناسيها بشتي الطرق حتي يستطيع التنفس بسهوله و لو لثوانً .
شعر بيد قويه تسقط فوق كتفه فعرف صاحبها علي الفور فقد كانوا ثلاث اضلع لمثلث العائله التي تعتمد عليهم كليًا و الآن فقد المثلث أحد اضلعه فإختل توازن الضالعين الآخرين و لم يتبقي لهم سوي الإستناد علي بعضهم البعض حتي لا يسقطا و يسقط معهم الجميع .
تحدث سالم بهدوء لا يشعر أبدًا به
” الهروب عمره ما كان حل يا سليم ”
فطن سليم إلي ماذا يرمي أخاه فأخذ نفسًا طويلًا قبل أن يقول بنبرة متحشرجه
” مش هروب يا سالم أنا بس بحاول افهم . أنا واقف وسط الناس مستنيه يطلع من أي مكان ييجي يقف جمبنا زي ما أتعودنا نكون جمب بعض إحنا التلاته ”
أطبق سالم جفنيه يحارب دموعًا تقاتله بضراوه حتي تظهر للعلن فقلبه لم يعد يتحمل ذلك الألم الرهيب الذي يعصف به و لكنه مجبرًا علي التماسك في حين إنهيار الجميع من حوله لذا أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يقول بتأثر
” دا قضاء ربنا و قدره و إحنا مؤمنين بالله ”
سليم بقله حيله
” لا إله إلا الله . أنا مش معترض والله بس مش قادر أصدق . عقلي مش مستوعب . ”
سالم بفظاظه
” عشان كدا بتغلط يا سليم !”
ازداد عبوس ملامحه و هو يقول بإستفهام
” تقصد إيه ؟”
سالم بتقريع خفي
” إلي حصل في المستشفي غلط و مينفعش يتكرر تاني !”
زفر سليم بحدة قبل أن يقول بعنف مكتوم
” غلط ! و إلي حصل لحازم علي أيدها كان صح !”
سالم بخشونه و قد إسودت عيناه من الغضب
” مفيش حاجه من إلي حصلت كانت صح ! بس مينفعش نعالج غلط بغلط اكبر .”
سليم بحنق
” يعني أخويا يموت بسببها و أسيب الهانم تعيش حياتها عادي ”
سالم بنفاذ صبر
” إيه عرفك أنها السبب في إلي حصله ؟”
سليم باندفاع
” البنت إلي قالت…”