منوعات

قيد ابدى

تأملها إليها بنظرة يملؤها التفاهم والحب ، وصوتُه أصبح أكثر دفئًا ، ليمسح عن قلبها ما قد يُشعرها بالقلق : يا عيون وعمر خالد .. قوليلي كل اللي بتفكري فيه .. وأنا تحت أمرك في كل اللي تطلبيه عشان تنوري بيتك في أقرب وقت

أومأت لميس برأسها بخفة ، وتوردت وجنتاها كفجر يشرق بلطف ، وابتسامة خجولة تزين شفتيها ، كأنها تعترف في صمت بأن مشاعرها تجاهه تتعاظم يومًا بعد يوم ، وقلبها ينبض بشغفٍ خاص ، يتردد صداه في أعماقها.

☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼

فى جهة أخرى من الحفل

وسط هذا الصخب البهي ، كانت ساحة الرقص تُضيء بلمعان خاص ، كأنها مسرح يجمع بين الفرح والسر المخبأ في زوايا القلوب بصمت بين هالة وفريد ، يرقصان في زاوية هادئة ، رقصة تموج فيها الترددات وتخفي الصراعات من نوعٍ مختلف ، تحت أضواء خافتة تكاد تخفي ما يعتمل بداخل كل منهما.

حيث بهدوء ورقي قدّم لها طلبه بأن تمنحه هذه الرقصة ، ورغم ارتباكها الواضح وخجلها المتوهج كوهج وردة في شتاء قارص ، لم تستطع أن ترفض ، لكن ترددها كان نابعاً من مشاعر لم ترغب في مواجهتها ، فقد كانت تفضّل أن يغيب عن الحفل ، أن يبقى على مسافة بعيدة ، فقد كانت تأمل في قرارة نفسها ألا يلبّي دعوتها التى أطلقتها باندفاع ، عندما دعت زملاءها من الأطباء والطبيبات ، ولم يكن بوسعها أن تتجاهله وحده ، فدعوته بلباقة، متمنية أن يأتي برفقة هدير ، إلا أن فاجئها بخبر سفرها إلى لندن لاستكمال أوراق الماجستير ، وقضاء إجازتها هناك ، ففكرة أنه سيأتي بمفرده كانت كافية لتقلب موازينها ، وتجعلها تشعر بارتباك غامر ، والآن ، ها هو أمامها بطلةٍ هادئة وساحرة ، حضوره الواثق يسلب أنفاسها ، ويثير ارتعاشات نبضاتها.

بينما فريد كان قريباً بما يكفي ليشعر بإرتباكها ، بتلك اللمعة القلقة في عينيها ، لكنها كانت تعاند ، تلتزم بواجهة من القوة الهادئة ، ثم بصوتٍ خافت كأنما أراد أن يتسلل عبر جدران صمتها متسائلاً بلهجة مملوءة بحيرةٍ غامضة : مش كان المفروض الدكتور خطيبك يبقى هنا معاكي الليلة؟!

بابتسامة تراقصت فيها مشاعر الاضطراب فأجابته بإختصار : مسافر

لمعت عينا فريد ببصيصٍ من الشك ، نظرة عميقة تنم عن خبرة في قراءة الوجوه ، وقد لاحظ تغير تعابيرها في تلك اللحظة العابرة ، حيث كان يعلم أنها لم تخبره الحقيقة ، فقد التقاه والدها عند دخوله القاعة ، وأخبره صدفةً بأن خطوبتها قد فُسخت منذ أشهر قليلة.

تركها تتمايل بين ذراعيه للحظات ، صامتًا وهو يعيد ترتيب الأفكار في عقله ، محاولاً فكّ شفرة كذبتها.

في تلك اللحظة ، التقت عيناه بعينيها ، أمال رأسه قليلاً ، يتفحص ملامحها المرتبكة بدقة ، وكأن كل حركة وكل نظرة منها تُقدّم له المزيد من الأجوبة دون أن تلاحظ.

ابتسم ابتسامة صغيرة ، نصفها هادئ ، والنصف الآخر كأنما يدرك شيئًا لا يُقال ، ثم أضاف بلهجة مُبطنة ببرودٍ خفيّ : وهو السفر بيخلّي الواحد ينسى .. الدبلة!!

أنهى فريد عبارته مشيراً بإيماءة مبهمة من عسليتيه نحو يدها الرقيقة التي يأسَرها بين أصابعه خلال رقصتهم ، فنظرت فورًا إلى يدها ، وكأنها تذكرت فجأة هذا الغياب ، وحاولت أن تتظاهر باللامبالاة ، وهي تضحك بنعومة ، لتقول بارتباك واضح : آه .. لا .. شكلي مخدتش بالي اني نسيتها في دوشة اليوم

خرجت الحروف مبعثرة من ثغرها ، عكس حركاته التى تتسم بالهدوء والاتزان ، كأن الوقت كله بين يديه ، بينما يوميء برأسه ، وملامحه لم تتغير ، بل نظراته عميقة تخترق حصونها تدريجياً بغموض.

☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼

فى نفس ساحة الرقص

كانت إبريل ترقص برشاقة تنبض بالحياة ، فرحة رغم محاولاتها لكبت مشاعرها ، كل حركة تنم عن تناغم شغوف مع باسم ، وكأنهما يعزفان لحنًا خفيًا في ساحة الرقص ، مما جعل أنفاسهما ونبضات قلوبهما تتسابق في رقصة مفعمة بالمشاعر العميقة.

_مش كفاية بقا .. خلينا نقعد و ترتاحي شوية يا إبريل

همس باسم إليها بتحذير ، وهو يراقب أنفاسها المتقطعة من فرط الحركة ، حيث لا تزال آثار اجهادها واضحة بعد رقصها مع صديقاتها على أنغام الموسيقى الشعبية ، لترفع حاجبيها بإنزعاج طفولى وبنبرة معترضة ردت : بس أنا لسه ما تعبتش .. وعاوزة أرقص شوية

نظر باسم إليها بمزيج من الدهشة والإعجاب ، وكأنه يحاول فهم لغزها المستمر ، ليقول بتهكم خبيث : لدرجة دي فرحانة؟

إلتفت ابريل حول نفسها بخفة ، لتنظر إليه وتقول بصوت يفيض بالأنوثة والعناد : الرقص مالوش أي علاقة بالفرحة .. أنا برقص وأنا زعلانة عادي

انت في الصفحة 2 من 19 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل