روايات

رواية بقلم رحمه السيد

كان ” مُهاب ” يحادث ” حمزة ” صديقه منذ الجامعـة ..
في الهاتـف وهو يتجه بسيارتـه لمنزل ” سيلين ” ليأخذها تـشاهد منزلهم المستقبلي كما تحايل عليه والده …
سمع صوت حمزة يقول :
-ماتظلمهاش معاك يا مُهاب، أنت ملكش فـ جو الستات ده اصلا خلاص ارفض
-للأسف شغلنا متوقف على الجوازة دي يا حمزة
-اللي يريحك يا مهاب .. بس رأي إنك على الاقل ماتظلمش البت
-هحاول يا حمزة، المهم أنت خلص الشغل اللي فـ امريكا ده وانجز كدة
-منا ناوي بأذن الله .. مصر وحشتني
-هأ مصر بردو .. يلا سلام يا حمزاوي
ضحك بخشونة يرد :
-سلام يا مهاب
وصل مهاب امام باب منزل ” سيلين ” فترجل من سيارتـه متجهًا نحو الداخل .. ليجدهـا تهبط على درجات السلم بهدوء، هـدوء مُشوه بالرفض الذي يتلألأ بين مجاحر عيناها !!!
أشار لها دون كلمة نحو السيارة .. وغادروا سويًا في طريقهم للقاهرة …
لم تتحدث ولو للحظة .. وكأنها تخشى مجرى الحديث الذي سينتهـي بزمجـرة تُميت أمل جديد داخلها !
إلتفت لها يهمس بصوت ساخر :
-إية مانطقتيش يعني تتحسدي ؟!
لم تنظر له، وخرجـت حروفها مُبهمـة جامدة تمامًا كملامحها تلك التي كانت كالبحر الميت !!
” عادي .. زي ما تقول كدة حرمت ! ”
تنحنح بشيئ من الذنب وهو يعاود النظر امامه …
وبعد وقت طويل كانوا يصلوا لمنزلهم المستقبلي في القاهرة ..
هبطوا سويًا نحو الشقة .. وما إن دلفوا حتى سمعت مهاب يقول بجدية جامدة :
-اتفرجي إنتِ على الشقة عقبال ما اروح مشوار واجي
صرخت فيه مصدومة :
-نعم أنت هتسبني هنا !!!!
اومأ مؤكدًا يتابع متهكمًا :
-اه يا طفلتي العزيزة، قصدي يا زوجتي العزيزة !
لم يعطيها تلك الفرصة للأعتراض فكان يغلق الباب بعنف .. وبعدها سمعت صوت المفتاح فعلمت أنه اغلقه عليها !!
سقطت على الأرض تبكي بعنف .. زهور حياتها تذبل مع الوقت حتى باتت مجرد صحراء قاحلة … !
تذكـرت كلمات والدتها قبل أن تأتي معه
” سيلين يا حبيبتي .. إنتِ عارفة إن محدش يقدر يعارض عمك للأسف ولا يقف في وشه، وعارفه إن خالك لو لجئنا له مش هناخد الا الضغط الزايد .. حاولي تتأقلمي مع مهاب يا سولي، مهاب واضح من كلامه إنه من جواه مش وحش ! ”
مر الوقت عليها وهي تنوح ظلمات قدرها !!
تناجـي الرحمة من الضغوطات النفسية التي تقتحم حياتها من الان .. !
وفجأة قطعت الانـوار .. وهي لديها – فوبيا من الظلام –
نهضت مسرعة تصرخ بصوت عالي وقد ازداد نحيب بكاؤوها :
-لاااا حد يلحقني والنبي انا بخاف
ظلت تطرق الباب بعنف مكملة بصوت عالي جدًا :
-حد يفتح لي والنبي يااااااارب
وفجأة إنفتح الباب ليدلف مهاب وهو يحاول ان يمسكها بهدوء :
-هششش فضحتينا اهدي
وما أن لامست يده حتى أسرعت تلتصق به حتى أصبحت بين أحضانه حرفيًا !!
كانت تبكي وهي تردد بهيسترية من بين إنهيارها :
-حرام عليك أنت بتعمل فيا كدة لية منك لله
ظلت تضربه بقبضتها على صدره وهي تكمل بضعف :
-انا بكرهك طلقني انا مش عايزاك .. ابعد عني
كاد يبتعد ببطئ ولكنها تشبثت به متمتمة ببكاء طفولي :
-لا والنبي ماتبعدش عني انا بخاف من الضلمة
ظهرت ابتسامة طفيفة على التغييرات السريعة لتلك الطفلة التي تدعى زوجته !!!!
كلاهما لم يلاحظا إنهم يحتضنا بعضهم بقوة وكأن عشقًا ما يربطهم دون إطراب لظروف مُجبرة إياهم … !
وعاد النور مرة اخرى نظر مهاب لتلك التي كانت مستكينة على صدره بين احضانه وهو يحيط خصرها دون شعور !!
فابتعدت هي فجأة لتنهض وهي تشير له بأنفها الاحمر من كثرة البكاء :
-لو سمحت رجعني بيتنا تاني !
حاول تهدأتها :
-سيلين إنت ..
ولكنها قاطعته بصلابة لا تليق بطفلة مثلها :
-ارجووك.. رجعني بس بيتي تاني ومش عايزة اشوفك .. مش عايزاك اصـلاً !!
شعـر بغيظ كان كالسيلان يتفجر بين عروقه، فلم يشعر بنفسه سوى وهو يقربها منه بالقوة حتى إلتصقت به ..
فهمس وهو ينظر لعيناها البنية امام شفتاها مباشرةً :
-مش انا اللي عيلة على اخر الزمن تقولي مش عايزاك !!
كادت تعترض ولكنه كتم اعتراضها بشفتـاه الغليظة !!
يُقبلها بنهـم لا ينتمي لـ كاره مُجبر على الزواج بزاوية او بأخرى رغم محاولاتها في التملص منه …
لا يدري سر رغبته في تقبيلها دومًا، ولكن وكأن بشفتاها سحرًا غريب !!؟

**********

كانت ” حنين ” تركب السيارة لجـوار ” شريف ” صديق حمزة الذي رأته عدة مرات مسبقًا بالصدفة !!
صامتة تمامًا تفكر في عواقب فعلتها بالركوب معه .. فقطع هو الصمت يسألها بمرح :
-إية يا حنين مالك واكلة سد الحنك كدة لية ؟
حاولت الابتسام وهي تخبره بلطافة :
-لا عادي، بس كنت عايزة اشكرك على مجيك للعميد مخصوص
هـز رأسه نافيًا، وراح يخبرها بلكنة خاصة لم تلحظها :
-لو اطول اعملك المستحيل هعمل يا حنين !
وهي كانت شبه منجذبة له .. لهيئته الرجولية ووسامته الملحوظة !!
كان يتعدى جمال حمزة .. ولكن بالنسبة للناس فـ حمزة يتعداه بمراحل ؟!
وتقريبًا كان هذا عائق بين شريف وبين ابن عمه ” حمزة ” رغم حبه الصادق له !!!!
وصلا امام منزل حنين .. ففتحت حنين الباب وكادت تنزل وهي تهتف :
-شكرًا على كل حاجة يا شريف !
هـز رأسه نافيًا :
-لا منا طالع معاكِ لوالدتك عاوزها في حاجة كدة
اومأت متعجبة وبالفعل صعدوا سويًا للأعلى .. طرقت حنين الباب ودلفت وهي تخبرها والدتها بصوت منخفض :
-شريف ابن عم حمزة جاي وعاوزك معرفش لية !
اومأت وهي تنظر لـ شريف مرحبة :
-اهلاً يا شريف اتفضل اتفضل
دلف بابتسامة هادئة مرتسمة على ثغره الابيض .. جلسوا جميعهم بهدوء مترقبين لذاك الامر …
حتى قال شريف بجدية :
-مدام كاميليا انا كنت عايز أطلب ايد الانسة حنين منك !
حدقت حنين فيه مصدومـة !!
كأن الامر مُمثل لها كالفاجعـة التي أسقطتها فجأة ..
تمامًا كوالدتها التي قالت بابتسامة مضطربة :
-أنت فاجئتنـا يا شريف .. بس اللي فيه الخير يقدمه ربنا .. أنا حأقول لـ حمزة ونشوف
وجدته يهتف مسرعًا كأن ثعبان لدغه :
-لا .. حمزة لا !!
نظر كلاً منهما له دون تعبير جيد .. كرسمة مشاعر مختلطة ومشعثة !!!
بينما سارع هو مبررًا :
-قصدي يعني حمزة مشغول جدا، احنا هنقوله بس بعد موافقتك وموافقة صاحبة الشأن طبعا
صمت كاميليا حوالي دقيقتين لتخبره بعدها بتردد :
-أنا مش معترضة طبعا يا شريف، أنت انسان محترم وماشوفناش منك حاجة وحشة وكفاية إنك صاحب وقريب حمزة يعني !!
ثم نظرت لحنين وكأنها تسألها، وبحكم العادة في اي امر كادت حنين تتطق
” زي ما حمزة عايز ”
ولكن اصطدمت جملتها الداخلية بتذكرها لصدمتها في حمزة في الصباح عندما اخبرها
” انا مش فاضي للدلع ده !! ”
وكان انجذابها وانبهارها بشخصية شريف ووسامته كـ سهمًا اخر صُوب لصالحه ..
فقالت بنبرة حاسمة :
-زي ما تشوفي يا ماما .. انا موافقة !

انت في الصفحة 6 من 42 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
18

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل