روايات

رواية بقلم منى الكاشوري كاملة

عاصفة رفض توقعها من والد جنة، ولكن لن يتأثر مهما لطمته رياحها القاسية..أو يبرح مكانه قبل أن يأخذ موافقته على إتمام زيجتهما، الوقت ليس بصالحهم بعد الآن!

_ كلام إيه اللي بتقوله ده يا سي ناصر.. دُخلة ايه اللي عاوزها اخر الاسبوع؟

الأخير بثبات: معترض ليه ياعمي؟ هو حرام ابقى عايز مراتي في بيتي، انا بصريح العبارة كده مبقيتش قادر على العزوبية.. وانا لسه موالي طويل، مش هخلص الشقة حتى بعد سنة.. وعشان كده عملت اللي قدرت عليه عشان نعيش فيها، واما اخد جنة لبيتي هاكمل على راحتي!

هدر به ” رحيم” : وأنت عشان ترتاح تقلب الدنيا فوق دماغي وتتعس بنتي معاك وتاخدها لشقة. لسه خرابة؟ يا سيدي بعد سنة لو مخلصتش ابقي اتجوز، ع الأقل هتكون خليت للمطرح منظر وينفع يعيش فيه بني آدمين.. واكون انا جبت للبت شوية حاجات تسترها في جهازها زي كل البنات.. انما دلوقت مستحيل أوافق.. محدش فينا جاهز لقصة الدُخلة دي! وده كان شرطي عليك، هنكتب كتاب بدون دُخلة وأنت وابوك وافقتوا.. ولا ده كان كلام عيال؟

يعلم أن كل حديثه منطقي وصحيح وهو الملام لأنه لم يلتزم بهذا العهد وأخل به.. وان الضغط المادي ينال من الجميع ولكن لا حيلة له سوى الإصرار على رغبته مهما حدث، وإلا سينكشف الأمر.. ولو عليه لا ضرر.. ولكن هي من سينالها افتراءت المحيطين.. هي محقة حين قالت انها هي الطرف الخاسر والمُلامة وحدها بعيون اللذين سيكذبونهم ويرجموهم بذنب الخطيئة، حتى وإن كانت جنة في الأساس حلاله وحقه!

أقترب من العم وعيناه تشع إصرار أكثر من سابقه مردفًا على مسامعه:
_ جنة من حقها الدنيا ومافيها ياعمي.. وتستاهل تتجوز في قصر ولا الأميرات مش بس شقة.. بس انا إيدي مربوطة بضيق الحال وخلاص مضغوط من كل ناحية.. وحاسس اني مش هرتاح غير وهي في بيتي.. واقسملك برب العزة ما هقصر معاها ولا هنسى التزاماتي.. كل حاجة اتفقت فيها معاك هعملها.. هكمل التوضيب والعفش وربنا يقدرني اسد ديوني، بس وهي معايا هتهون عليا كل حاجة.. وانت كمان هتكمل جهازها وانا واثق انك هتلتزم باتفاقنا.. ارجوك توافق لأن صدقني مش همشي من هنا إلا بقرار نهائي منك.. وإلا ماتلومنيش على حاجة بعد كده!

حدجه بنظرة ثاقبة وطرح تساؤله:
يعني إيه الكلام ده! طب ابوك عنده علم بجنانك ده؟
_ أبويا مالوش دعوة.. ولا حتى امي، انا راجل وأدرى بمصلحتي!

_وإذا قولت مش موافق هتعمل أيه يا ناصر؟

التزم الأخير برهة من الصمت وأردف:
بيني وبينك جنة! خلينا ناخد رأيها..!

رحيم: ولو رفضت هي كمان؟
_ مش هرد عليك غير بعد ما نسمعها..!

” بت ياجنة.. تعالي عايزك! وهاتي امك معاكي”
سمعت صياح والدها وهو ينادي بغضب، فارتجفت، وذهبت وهي تحاول الثبات! تتبع والدتها التي لبت استدعاء زوجها وهي ترتجف خوفًا من القادم..!

_ نعم “يابا”..!
اقترب وسألها مباشرًا:
ناصر عايز يتمم جوازكم ويعمل دُخلة أخر الاسبوع.. إيه رأيك على الكلام ده؟

ظلت صامتة مطرقة الرأس، فلكز أبيها كتفها بعنف أوجعها صائحا:
ماتردي يابت ولا القطة كلت لسانك..ردي وقولي لأ خليه يروح يشوف حاله و احنا نشوف حالنا..!

استاء ناصر لتعامله وهو يرى وجعها المحفور بوجهها الذابل، فتمتم: براحة ياعمي الكلام مش كده بردو..سيبها تاخد قرار براحتها

ثم وجه حديثه لجنة: قولي رأيك ياجنة ومتخافيش من حاجة، فتمتمت بصوت واهن: موافقة يابا..! ولو ع الشقة انا راضية وواثقة إن ناصر هيوضبها واحنا سوا..!
صُدم رحيم من جوابها، وراح يُحلل الأمر بعين أخرى، وللمرة الأولى يلاحظ شحوب ابنته وهزلان جسدها..! فتمتم لزوجته بريبة:

_ خدي بنتك واخرجي وسيبيني مع ناصر..!
همت أم جنة بقول شيئا ما، فأوقفها زوجها بأشارة صارمة من عينه، فابتلعت باقي حروفها، وأخذت ابنتها وأغلقت الباب خلفهما..!

صفعة قوية نزلت على وجه ناصر فور إنغلاق الباب، فبرزت عروق الأخير غضبًا وللحظة وقف أمامه يناطحه النظرات القاسية، وعين رحيم تكشف كل شيء وتجرد نواياه.. ما عاد للإنكار والمواراه مكان..لقد فطن الأب لما حدث! ابن أخيه لم يفي بالوعد.. وأتم زواجه فعليًا على ابنته! شعر بالغضب وراح يصفعه ثانيا هادرا:

_ بقى ٱأمنك على بنتي تخون ثقتي؟ وتخون العهد اللي بنا واتفاقي معاك أنت وابوك؟ اخص عليك اخص!.. ( ماكانش في نيتي اخون، وغلطت غصب عني وماتنساش انها مراتي)

لم تهدأ ثورته بتبريرات ناصر ودفاعه فجادله بحدة:
_ صحيح البت بالشرع والقانون مراتك..لكن مش من حقك تخالف اتفاقنا، وزي ما بيقولوا العقد شريعة المتعاقدين، و بعُرف الرجالة انا اتفقت معاك على كتب كتاب وبس، الدُخلة دي ماكنتش في الحسبان، والناس كلها عارفة انه كتب كتاب وبس، يعني شرط الأشهار انت ماعملتوش، وطلعت مش قد كلمتك.. وأنا غلطان إني وافقت تعقد عليها قبل ما اجهزها واسترها قصاد الناس..! ليه تجبرني اجوزهالك بحالتك دي وتعيشها في ضنك.. ليه ما صبرتش

_ غصب عني! ماكنتش ناوي اخلف وعدي ولا اتفاقي بس اعمل إيه، ده اللي حصل.. ومادام كله بقى على المكشوف، يبقي خلاص نتمم كل حاجة قصاد الناس عشانها هي مش عشاني.. لأن محدش هيصدق ان اللي حصل، حصل وهي مراتي.. وانا مش هتحمل حد يجيب سيرتها بكلمة!

_ إنت مكتف إيدي وبتقولي اختار؟ ياخسارة يا ناصر كان نفسي تطلع راجل!

ناصر وهو يبتلع إهانته احترمًا له: ياعمي أنت عارف كويس اوي أني راجل وارجل من أي حد..وانا مش هفضل اقول واعيد انها مراتي على سنة الله ورسوله! وانا بشر وضعفت لأني بحبها وعايزها.. وانا اهو جاي اقولك خلينا نتلم في بيت واحد.. واقسم بالله هلتزم بكل حرف قولته وكل حقوقها هعملها في بيتي معززة مكرمة..!

لم يجد والد حنة ما يقوله بالتزم الصمت، فتمتم ناصر: أنا هروح احضر لفرحنا يوم الخميس يا عمي.. وحقك عليا وسامحيني أنا غلطت، بس محدش فينا معصوم، وانا بردو شاب وانت عارف وفاهم!
وواصل باستجداء: وعارف إنك في يوم هترضى عننا ومش هنهون عليك! وغادر وتركه لأفكاره التي صاحبها لوم شديد لذاته، فهو من ترك له الحرية ليحدث ما حدث ومنحه الثقة الكاملة، لما يلومه وحده؟ هو أيضًا مُلام بهذا الأمر..!
ويجب أن يرضخ ويُسرع بزيجتهما.. حتى يتجنب الأقاويل.. فإن كان ظنه صحيح.. فلا مجال للتباطؤ..!

انت في الصفحة 8 من 18 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
8

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل