روايات

رواية بقلم منى الكاشوري كاملة

_ أرتاحتي دلوقت في اللي احنا فيه بسببك؟

بكت جنة وهي تتألم من كل شيء.. كل شيء أصبح يؤذيها، وتمتمت بخزي لوالدتها الثائرة: غصب عني يامه.. والله غصب عني، محسبتهاش، سبت نفسي لشيطاني، وقلت يابت ما انتي مراته وعاقد عليكي، يعني مش حرام!

هتفت الأم: بس حقوقك ضاعت دي حتى قايمة عفش لسه ما اتكتبتش، وكرامتك اتهانت من كلام امه ونظرتها ليكي، ومش هتسلمي من لسانها السو بعد كده، وهتنغص عليكي عيشتك بالكلام، وهتقلب ابنها عليكي! ومتأكدة انها مش هتحضر الفرح أصلا. قوليلي هيكون شكلنا إيه وقتها قصاد الناس؟

وواصلت تأنيبها: استغفلتينا وصغرتينا وانتي عارفة البير وغطاه ولسه مجبناش حاجة تسترك وترفع راسك قصاد جوزك وأهله، وبعدين سيبك من كل ده، افرضي المحروس خلي بيكي وقال محصلش مني وشوفوا من مين؟ حد يقدر يكدبه؟

_ مستحيل.. ناصر مايعملش كده.. وبعدين احنا في زمن فيه ميت طريقة تثبت إن هو اللي عمل كده!

واصلت الأم جدالها بافتراضات قاسية:
بس تمن الإثبات ده.. سمعتك هتتلوث وتبقى على كل لسان.. وكله هيألف حكايات عنك براحته ويقولوا دي كانت وكانت.. نسيتي إنك في حتة شعبية بتنتشر فيها الوحشة قبل الحلوة؟
وواصلت بنفس الغضب: طب بلاش، افرضي خبطته عربية وراح فيها..!

أسرعت تدعو له بانزعاج: بعد الشر عليه يامه!

فاستأنفت الأولى حديثها: وحتى لو قولتي بعدها ده حصل بينا جواز حقيقي.. كانوا هيصدقوا بسهولة.؟
الناس دايما بتميل للوحشة وتكبرها وتعمل قصص من الهوا.. ليه تحطي نفسك في الموقف ده!

ثم اقتربت تلك المرة واردفت بنبرة موجعة:

ليه تضيعي فرحتك زي أي بنت خارجة من بيت ابوها بتتباهى باللي جابه وهي بتفرج اصحابها وأهل حتتها على جهازها؟ ليه تتجوزي وانتي مكسورة وبتداري مصيبة وتعبانة وحزينة، بدال ماتتجوزي وانتي فرحانة .ليه تتجوزي في شقة مايسكنش فيها بشر.. شقة هتتكسفي حد يجيلك فيها.. لأنها لسه عريانة حيطانها مالهاش لون ولا ساترها ستارة ولا حتى كرسي تقعدي ضيفك عليه؟ ليه ماتفرحيش بكل حاجة هتعيشيها لأول مرة معاه وانتي مرتاحة من غير هموم..

وواصلت بصوت أكثر بؤسًا: انا كنت عمالة اقول هجيب وهجيب عشان اشرفك قصاده هو وأهله.. ليه يابنتي ماصبرتيش على الحلال بس بالأصول!. اسمعي يابنتي اخر نصيحة من امك اللي شافت وسمعت كتير.. البنت في الحسبة دي هي لوحدها اللي بتطلع خسرانة حاجات كتيييير أوي..ضحكتك اللي من القلب.. ذكرياتك الحلوة اللي هتفضل معاكي سنين وسنين هتحكيها لولادك بعد كده بزهو.. قوليلي دلوقت.. هتحبي تفتكري الفترة دي في حياتك؟ هتحكيها لولادك ولا هتتكسفي وتتوجعي كل اما تيجي في بالك؟

نفذت طاقتها.. ليتها ظلت تصفعها وتجلدها بدلًا مما قالته وألمها أكثر بكثير من صفعاتها الدامية.. الآن فقط أدركت جنة ماذا فقدت وفيما أخطأت!
________________________
استقبلت غضب زوجها العاصف بصبر وهو يهدر:

ازاي تعرفي حاجة زي دي واتخبي عني؟ بتقرطسيني انتي كمان يافاتن؟ أنا مش سألتك البت حالها غريب طمنتيني؟ كنتي بتضحكي عليا؟

_ يمين بالله ابدا.. وقتها ماكنتش اعرف حاجة، واما عرفت ماكنتش قادرة احكي وخوفت تأذي البت.. وناصر كان مختفي واستنيت اشوف هيعمل ايه
ثم اقتربت بحذر تستجديه:
_ المصيبة خلاص حصلت هنعمل إيه يا رحيم.. البت طلعت “حبلة”..لو عاندنا ورفضنا نعمل دخلتهم، بطنها هتبان والناس مابترحمش، مش هيظنوا فيها غير السوء وهتبقى سيرتنا لبانة يتسلوا بيها..!

اشتعلت الدماء بعروقه وتأججت رغبته بسحقها و
نهض بقسمات مخيفة تنبيء بشر قاصدًا غرفتها ليفرغ بها كل طاقة غضبه مما فعلته به وبنفسها، فاعترضت طريقه وهي تتوسله:

_ أحب على إيدك يا رحيم.. لو ضربتها هتروح فيها دي مافيهاش حيل الله يسترك وكفاية اللي خدته مني
هاج بها: ماتموت ولا تغور في داهية على الأقل تريحنا.. هي بعد ما استغفلني وركبتني قرون هخاف عليها؟!

بكت ومازالت تستجديه: غبية وماعرفتش انها أذت نفسها باللي حصل.. بس خلاص مامنوش فايدة الكلام يا اخويا.. الحل دلوقت نزفها على ناصر ونخلص، ومسير النفوس تهدى.. انما أي عنف دلوقت هنخسرها ودي بردو جنة يا رُحيم!

صامتًا يحاول التحكم بما يجتاحه، ويحتله الضيق واللوم بآنٍ واحد.. كيف غفل عنهما وترك الأمور تفلت من يده.. ومن أين له الآن بمال كافي لجهازها حتى يسترها أمام الناس ويفي حقها عليه دون ضغط..!وكيف سيستقبل الناس تلك العجلة بزواجها، مؤكد لن يسلم من همساتهم..!

_ مابدهاش يا رحيم.. انا هدبر قرشين بمعرفتي ونجبلها شوية حاجات قد مانقدر ونجوزها اخر الأسبوع.. ونخلص من هما وتبقى مع جوزها..كده كده كان هياخدها..!

_ بس ياخدها بالأصول ونكون مش مضغوطين بالشكل ده! ولا خافين من كلام الناس.. ده غير أن هو نفسه مش مستعد ماديًا، ولا جهز حاجة، كان صبر بدال الكروتة دي!
_ اللي حصل حصل خلاص.. شوف هتعمل أيه وابتدي بلغ المعارف واعزمهم ع الفرح..!
صمت دون رد.. فليس هناك ما يقال.. وصار إتمام زواجهما حتمي لتفادي أي شيء يضر بابنته وسمعتها..!
_ _____________________

_ يعني إيه؟! هتتجوز من غير رضايا يا واد ياناصر؟

_ بقولك إيه يامه.. أنا مش واد انا راجل.. وانتي ناسية اني عاقد على جنة يعني جوازنا تحصيل حاصل.. مش فاضل بس غير اتمم جوازي قصاد الخلق.. وانا مش فاهم انتي عايزة ايه، ماتسيبيني اعمل اللي على مزاجي، دي حياتي في الأخر، وسواء اتجوزت مديون ولا لأ.. أنا اللي هشيل الليلة، محدش خسران حاجة فيكم.. ليه بقى وقف الحال ده، بدال ماتدعيلي دعوة حلوة؟

_ دعوة حلوة بعد ما…..
قاطعها بحزم شديد: لو قولتي كلمة واحدة في حق جنة مش هسامحك ولا هنسهالك طول عمري.. ولو عايزة تكسري خاطر ابنك يوم فرحه.. ماتحضريش..!
مات الكلام!
وتركها تأخذ قرارها بمفردها وذهب ليحضر لزفافه!

انت في الصفحة 9 من 18 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
8

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل