
استمعت بتمعن لحديث أيوب، لتشهق بعنف حين اخترقت أذنها وظيفه أيوب، وببكاء تابعت..
“جوز اختك دكتور يا هبه.”.
قالت هبة بعتاب..
“شوفتى يا ماما ايوب الفقرى اللى مكنتيش راضيه بيه عريس لبنتك..مش بس بقى دكتور..”
ربتت على كتفها..
“وظابط فى الجيش كمان..”
نظرت لها نجوى بابتسامة متألمة، وبعتاب تحدثت..
“معقوله مش فاهمه امك حتى بعد ما بقيتى ام يا هبه؟؟..
هو ايوب صانيعى ولا دكتور ولا حتى ظابط انا هاخد منه حاجه؟؟..
ولا حتى سيف انا عمرى قبلت منه اى هديه جبهالى؟؟..”
حركت هبة رأسها بالنفى، فتابعت نجوى بابتسامة حنونة..
“يا بنتى اللى بعمله دا من خوفى عليكم..عايزه اشوفكم فى احسن حال..”
هربت الدموع من عينيها..
“..مش عايزه اكون قلقانه عليكم..
عايزه اسمع عنكم دايما كل خير..انتى مش عارفه انا اتقهرت اد ايه لما عرفت ان اختك بتبيع بيض وتعمل فطير وتبيعه..
خت بعضى وروحتلها علشان اجيبها معايا غصب عن عين التخين..”
تنهدت مكملة..
“بس لما روحتلها وشوفت الراحه اللى ظاهره على وشها سبتها ومشيت..بس اتعمدت ارمى كلمتين لجوزها يوجعوه علشان يحافظ عليها اكتر..”
قالت هبة بأسف..
“يا ماما يا حبيبتى انتى لما توجعى ايوب هتوجعى حبيبه اكتر منه..”
قالت نجوى بفرحه..
“وجعى ليهم جاب نتيجه واهو ايوب نطق وقال اللى مخبيه..”
أشارت بعينيها على غرفة الضيوف..
“وسيف كمان جاى يبوس الايادى علشان ترجعيلو..”
تحولت ملامح هبة للغضب الشديد، وباصرار تحدثت..
“مش هرجعله يا ماما..”
انتبهت على صوت سيف الراجى..
“ولا حتى علشان خاطر سفيان يا هبه؟؟..”
أغمضت هبه عينيها، وتحدثت دون النظر له..
“فين سفيان؟؟..”
أطلق زفرة قوية
“مع ماما فى البيت..”
اقترب منها ووقف أمامها، فابتعدت نجوى نحو زوجها، وسحبته لداخل إحدى الغرف تاركة لهما بعض الخصوصية.
نظر لها سيف بعشق، وبتوسل تابع..
“هبه علشان خاطر ربنا، وابننا ادينى فرصه تانيه..
بغضب حارق نظرت له هبة، وبصوت خفيض تحدثت من أسفل أسنانها..
“يا سيف افهم..انت واحد الخيانه طبع بيجرى فى دمه..
انا لو رجعتلك هتخونى تالت وعاشر ومليون..وانا مش هتحمل قذرتك دى..”
أخذت نفساً عميقاً، واكملت بأصرار..
“انا مش هرجعلك..ودا اخر كلام عندى..
يعلم انها على صواب، ويحق لها أن تفعل اكثر من ذلك،
ولكن كلماتها آلمته بشدة، فصك على أسنانه، وبتهديد مصطنع تحدث..
“كده هتخلينى اخد ابنى واسافر بيه يا هبه…”
نظرت له هبة بصدمة، فتابع هو بأسف..
“مش هقدر اعيش فى البلد دى وانتى مش معايا..”
ضخكت هبة بسخرية..
“تقوم تاخد ابنى وتسافر بيه وتحرمنى منه؟؟!!..”
التمعت عيناها بالدموع..
“عايز تسافر سافر براحتك..”
تنهدت بألم حاد..
“بس سبلى ابنى..”
حرك سيف رأسه بالنفى، وأخرج من جيب بنطاله مفتاح منزلهما، ووضعه أمامها على الطاولة، وبابتسامة تحدث..
“دا مفتاح شقتنا الجديدة فى عمارة أهلى..”
تحولت نظرته لأخرى محذرة
“طيارتنا بكره يا هبه…
ارجعلنا لو فعلا يهمك ابنك..انتى الوحيده اللى تقدرى تمنعينا من السفر برجعوك لينا..ولو ميهمكيش ابنك ومش فارق معاكى يبقى هتسبينى اسافر بيه ويعالم هنرجع امتى..”
نظرت له هبه باحتقار، وبكثير من الاشمئزاز تحدثت..
“بتهددنى تحرمنى من ابنى علشان تجبرنى ارجعلك؟؟!!..
انت فعلا احقر واحد عرفته فى حياتى يا سيف..”
اقتربت منه خطوه ونظرت لعينيه بعمق، وبأصرار تابعت..
“مش هرجعلك..”
ابتسمت بلامبالاة “سافر وخد سفيان معاك..”
كانت كلماتها صادمة لسيف.
“لدرجاتى مش همك ابنك يا هبه..”
أجابت بجمود..
“انت متهمنيش..لكن ابنى طبعا يهمنى..”
همس لها بتوسل..
“طيب ارجعيلى علشان خاطره..”
أجابته هبه ببكاء..
“انا اصلا سبتك علشان خاطره يا سيف..افهم..
ابنى مينفعش يكبر ويشوف امه عايشه مع ابوه بالاجبار علشانه..
هيكره نفسه والساعه اللى اتولد فيها..”
بصوت باكى قال سيف..
“بس انا هتغير يا هبه واوعدك انى عمرى ما هزعلك تانى..”
ابتسمت هبة بحزن..
“انت مزعلتنيش يا سيف..انت خونتنى..
والخيانه قولتلك طبع فيك ومش هتبطل تخونى..”
اتجهت نحو باب الشقة، وفتحته وبابتسامه زائفة تابعت..
“اتفضل مع السلامه علشان تلحق تحضر شنطه سفرك..”
نظر لها سيف بعيون راجية، متوسلة..
“ابتعدت هى بنظرها عنه، وبحنق اكملت..
“ولو سمحت ابقى هاتلى ابنى اشوفه قبل ما تسافر بيه..”
بخطوات غاضبة، مسرعة اتجه سيف نحو الخارج،
أغلقت هبة باب الشقه خلفه بعنف، واستندت عليه بظهرها، وبدأت تبكى بنحيب بصوت مرتفع،
ركضت نجوى تجاهها و زوجها، واقتربت منها واحتضنتها، وبدات تبكى لبكائها وبتساؤل تحدثت..
“ايه اللى حصل يا هبه؟؟..”
وجهت هبه نظرها للمفتاح الذى تركه لها سيف، وبانهيار تحدثت..
“هرجع لسيف يا ماما..”
قال محمد بغضب..
“يا بنتى طيب ليه كل عياطك دا..انتى هترجعى بالغصب يا بنتى..”
اقترب منها، وربت على ظهرها بحنان..
“يا بنتى انا فى ضهرك ومتخفيش من اى حاجه..قوليلى اللى انتى عيزاه وانا هعملهولك..ولو على ابنك انا هجبهولك من عين ابوه..”
هدأت هبه قليلاً، وبابتسامة زائفة تحدثت..
“انا هرجع برضايا يا بابا”..
“””””””””””””””’
بغضب شديد،
يقود سيف سيارته،
مستعيداً بذهنه كلمات هبة الجارحة له، فيضرب على المقود بعنف، وبغيظ يحدث نفسه..
“انا احقر واحد عرفتيه يا هبه؟؟..”
زاد من سرعته حتى وصل امام منزله،
بخطوات سريعة، خطا للداخل صافقاً الباب خلفه بعنف،
فأسرعت والدته، وتحدثت بقلق..
“طمنى يا سيف يا ابنى..عملت ايه مع هبه؟..”
بدأ سيف يخلع ثيابه واتجه نحو الحمام، وبرجاء تحدث..
“ماما من فضلك سبينى لوحدى دلوقتى..”
قالت منال بقلق..
“يا ابنى فهمنى؟؟..”
قطع حديثها سيف بغضب..
“ارجوكى سبينى لوحدى..”
“..طيب يا حبيبى..انا هاخد سفيان معايا و هنزل شقتى..ولما تهدى ابقى تعالى..”
قال والغضب يسيطر عليه..
“..لا يا ماما سيبى سفيان انا عايزه معايا..”
هزت منال رأسها متفهمة..
“امممم..خايف اوديه لامه مش كده؟؟..”
احتدت نبرة سيف قائلاً..
“امى من فضلك سبينى دلوقتى..”
حركت راسها بالايجاب، وسارت للخارج دون أن انطق بكلمه اخرى..
خلع هو المتبقى من ثيابه، ووقف أسفل المياه الباردة، لعلها تطفئ نيران غضبه قليلاً،
ظل طويلاً أسفل المياه، يعاد بذاكرته حديث هبة اللازع بالنسبة له دون توقف،
مجرد كلمات ألقتها على سمعه، وقت غضبها ازعجته كثيراً، كيف مكترث ببشاعة ما أصابها منه، قد رأته بأبشع الاوضاع،
نفخ بضيق، وأغلق المياه بعنف، وسحب منشفة حول خصره، واتجه للخارج،
لينصدم بمربية صغيره حامله الرضيع على يدها ومتوجهه به نحو غرفته بعدما غفى،
نظرت له بعيون منبهرة، تفهم هو نظرتها، فابتسم بثقة وبغرور تحدث..
“عاجبك انا؟..”غمز لها..
“صح؟..”
قالت بميوعة..
“عاجبنى وجدا يا سيف بيه..”
مال سيف على الصغير، وقبله بحب وبأمر تابع..
“طيب نيمى سفيان فى اوضته وحصلينى على جوه قوليلى عجبك ازاى..”
بفرحه أسرعت الفتاة نحو غرفة الصغير، ووضعته بأهمال على أقرب فراش، ليس حتى بفراشه الخشبى المغلق من جميع الجوانب بأحكام حتى لا يسقط، وركضت سريعاً نحو الخارج،
يقف سيف يمشط شعره الغزير أمام المرآة،
ليشعر بيد باردة، تسير على ظهره العارى،
نظر لأنعكاس صورته بالمرآة، وبفخر همس لنفسه..
“حقير بس لذيذ..”
أنهى جملته، والتفت للواقفه خلفه، وجذبها لداخل صدره غارقاً معها بما حرمه الله..
“”””””””””””””””
بحب شديد أمسكت حبيبة بيد ايوب،
تربت عليها تارة، تقبلها تارة، وتضمها لحضنها تارة أخرى..
وبرجاء وتوسل تتحدث..
“علشان خاطرى يا ايوب مش عايزه اشوفك زعلان كده وبأذن الله ايوب الصغير هيخف ويبقى كويس..”
نظر لها أيوب قليلاً، وبلحظة كان قد جذبها على ساقيه، وقبل وجنتيها بعشق وبتنهيده همس بأذنها..
“انتى عارفه انا بحبك اد ايه؟؟..”
تعلقت حبيبة برقبته، ونظرت لعينيه بهيام وبابتسامة هائمة همست..
“تؤ مش عارفة..”
وضعت جبهتها على جبهته..
“قولى انت يا ايوب..”
زاد أيوب من ضمها وبعشق شديد تحدث..
“بحبك يا حبيبه بعدد كل دعوة، دعتها ليا امى من قلبها فى كل وقت وكل صلاه..”
ضمته حبيبة داخل صدرها، بلهفة وبعشق شديد تحدثت..
“وانا بعشقك وبموت فيك يا حبيب حبيبه..”
تعالت انفاس ايوب من قربها المهلك لقلبه، والعاصف بمشاعره،
وبرحاء تحدث..
“بيبه..حبيبتى..عبد الرحمن جايلى فى الطريق علشان ياخدنى..”
دفن وجهه بعنقها، وتابع بأنفاس لاهثة..
“كده مش هعرف اسيبك وانزل وحضره اللوا والده قالى انه عيزنى ضرورى..”
رفع وجهه ونظر لها وتابع بمزاح..
“وتأخيرى عليه فيها حبس وش..”
قالت بلهفة..
“بعد الشر عنك يا حبيبى..”
رمقته بغيظ، وتابعت بعبث..
“مع انى كنت عايزه ابيض بقى وافرح ماما زينب..”
تعالت ضحكات أيوب، وبصعوبة من بين ضحكاته تحدث..
“تبيضى يا حبيبه؟..”
نظر لها بذهول..
“هى امى عيزاكى تبيضى”
بابتسامة تحدثت حبيبه..
“اه ابيض يا بيبو..”
وضعت يدها بخصرها..
“وهى الفراخ احسن منى ولا ايه؟؟؟..”
توقف أيوب عن الضحك ناظراً لها بحنان..
“حبيبه قلبى انتى انا بحلم باليوم اللى تبضيلى فيه”
وعاد يضحك بقوة،
لكمته حبيبة بكتفه برفق، فتابع هو بجدية..
“والله يا حبيبه انا اتمنى يكونلى منك دستة عيال..”
دار بعيناه بارجاء الشقة.
بس خلينا نأمن لهم مكان كويس يعيشو فيه الأول..”
تنفست حبيبة بعمق “انا عارفه يا حبيبى ان عندك حق..”
داعبت مقدمة أنفه بانفها، واكملت بشقاوة..
“بس بحب اناغشك..”
بنظرة عشق قال أيوب..
“ملكك انا يا حبيبة ايوب..”
قبل وجنتها برقة..
“نغشينى برحتك.”.
هبت حبيبة واقفة وتحدثت بسرعة..
“طيب يلا خلينى اساعدك تلبس هدومك علشان تبقى جاهز ومتتاخرش على صاحبك..”
سحبته من يده تحثه على النهوض،
بتكاسل نهض ايوب وبابتسامه تحدث..
“فعلا يا بيبه عبد الرحمن صاحبى الجدع اللى واقف فى ضهرى رغم المده الصغيره اللى عرفنا بعض فيها..”
وقفت حبيبه على أطراف أصابعها، وامسكت وجهه بين يديها، وبحب تحدثت..
“رضا ماما زينب عليك يا حبيبى بيوقفلك ولاد الحلال وبينورلك طريقك..”
تنفس أيوب بارتياح “هانت وهترجعلنا يا حبيبه..”
تحولت ملامحه لأخرى متألمة، وبتأكيد، تابع..
“..ولو حاله أيوب الصغير مسمحتش انه يجى معاهم..”
نظر لعينيها بعيون تلتمع بالدمع من شدة تأثره..
“هروحله انا يا حبيبه..”
تفرست حبيبة بملامحه الحنونة قائلة
“امتى حبيته كده يا ايوب؟؟..”
رد ايوب بتسأل..
“قوليلى انتى امتى حبيتى سفيان ابن هبه؟..”
“من قبل ما اشوفه..انت عارف ان سفيان دا روح وقلب خالته..”
ابتسم أيوب قائلاً..
“وخالته حبيبه قلبى انا..”
“”””””””””””””””””
أخذت هبة المفتاح الذى تركه لها سيف،
واستعدت للذهاب وبابتسامة، تخفى بها دموعها تحدثت..
“انا رايحه بيت جوزى يا بابا..وخليك يا حبيبى انت مرتاح انا هروح لوحدى مش عايزه اتعبك معايا اكتر من كده..”
نظرت لها نجوى بفرحة، وتشجيع تحدثت..
“هو دا عين العقل يا بنتى..”
نظرت لها هبه بعيون زائغة، ممتلئة بالدموع، وبابتسامة باهتة، تحدثت..
“أنا أعمل اى حاجه واستحمل كل حاجه بس ابنى ميبعدش عن حضنى اكتر من كده يا ماما..”
تنهدت بألم، ودمعة حارقة هبطت على وجنتيها مسحتها سريعاً..
“وعلشانه بس.. هادى سيف فرصة تانية وارجعله..”
ربتت نجوى على ظهرها بحنان، وبفرحة تحدثت..
“والله يا بنتى انا مش عايزه حاجه من الدنيا غير انى اشوفك انتى واختك دايما بخير ومستورين فى بيتكم..”
حركت هبة رأسها بالايجاب، وقبلت جبهة والدتها وبرجاء، وبكاء همست..
“ادعيلى يا ماما..”
احتضنتها نجوى بلهفة، وببكاء ايضاً تحدثت..
“ربنا يهدى سرك وينور بصرتك انتى واختك قادر يا كريم..”
ابتعدت عنها هبة، والتفت لوالدها الجالس على احدى الأرائك يبكى بصمت،
اقتربت منه، وربتت على كتفه، وبابتسامه من بين دموعها تحدثت..
“ابو هبه..”
نظر لها بحب..فمالت هى وقبلت جبهته..
“اشوفكم على خير يا حبيبى..”
هب محمد واقفاً، وتحدث بأصرار..
“انا هوصلك يا هبه ومتقوليش كلمه هتعبك معايا تانى دى..”
جذبها داخل حضنه..
“لو مش هتعب علشانكم هتعب علشان خاطر مين يا حبيبتى..”
أمسكت هبة يده، وقبلتها بعمق..
“ربنا ميحرمناش منك ابدا يا بابا..”
سارت برفقة والدها للخارج، ليوقفهم صوت نجوى بأمر..
“استنو..”
نظرا إليها..أسرعت هى نحو غرفتها، واكملت..
“هلبس واجى معاكم..”
بكت بنحيب..
“الواد سفيان قلب ستو واحشنى..”
“”””””””””””””
على جانب أخر..
بشقة سيف،
غارق هو بما حرمه الله مع من أحضرها لتعتنى بصغيره،
غافلاً عن طفله الرضيع، الذى وضعته هذه المربية..عفواً هذه المهملة،
على حافة الفراش دون حاجز، يحميه من السقوط..
ليبدأ الصغير بالركل والتقلب أثناء نومه..
وفجأة سقط أرضاً، مرتطماً برأسه بالأرض الصلبة بقوة،
صوت ارتطامه وصل لسمع جدته الجالسة بشقتها،
ضربت على صدرها بكف يدها، وركضت نحو الخارج، وبفزع تحدثت..
“يا لهوى الواد سفيان وقع ولا ايه..استر يارب..”
فتحت باب شقتها لتتفاجئ بهبة ووالدها ووالدتها أمامها..
نظرت لهم برعب بادى على وجهها، وهمت بالترحاب بهم،
لكن هبة انقبض قلبها بعنف، فجأه جعلها تشهق بقوة كمن أوشكت على الموت خنقا، وبلحظه كانت ركضت نحو الأعلى وبصوت انقطع من شدة فزعها همست..
“ابنى..”
ركضوا جميعاً خلفها، والديها ووالدة سيف أيضاً،
حتى وصلت امام باب الشقه،
بجسد ينتفض بعنف، ويد مرتجفة، وضعت المفتاح، الذى بحوذتها بالباب وفتحته،
واندفعت للداخل خلفها والدتها وووالدة سيف ووالدها لم يكن وصل بعد،
ليخترق سمعهم صوت ضحكات وقحة، كلمات قذرة مشينة، يتلفظ بها زوجها، ومن معه،
شهقت نجوى بعنف، ونظرت لمنال بعيون متسعه من شده ذهولها..
ببكاء أخفضت منال وجهها بارتباك،
بغضب، اندفعت نجوى نحو الداخل، وفتحت عليهما الباب، لينتفض سيف بفزع ساحباً فوقهم الغطاء، يخفى به جسديهما العاريين،
صرخت نجوى، حينما لمحت تلك المربيه..
“مع مربيه ابنك يا سيييييف؟؟؟..”
أسرع محمد ومنال خلف نجوى ليشخصوا جميعاً من منظر سيف والفتاة المشين،
بينما هبه بعالم اخر..
لم تستمع لما يحدث حولها، فقد تجوب بأنظارها فى كل شئ أمامها تبحث عن طفلها بعيون زائغة،
أستندت على الجدار، وسارت بخطى بطيئة متثاقله نحو غرفته، والكثير من الذكريات تجمعت بعقلها لا تعلم سبب لها،
تتذكر اول مره علمت بها أنها حامل،
أول حركة من جنينها بداخل أحشائها،
دموعها حين أخبرها الطبيب أنها حامل بصبي،
لحظة الولادة، وهى بغرفة العمليات،
صوت بكاء صغيرها لأول مرة، أول لحظة رأته بها،
حينما حملته، وقبلته وضمته لحضنها للمره الاولى،
خطواتها الان تذكرها بأول مرة وقفت محاولة الحركة، حينما زال مفعول التخدير، وأجبروها على السير، بعدما خضعت لعملية ولادة قيصرية،
وقتها شعرت بألم حاد ناتج عن جرحها،
بينما الأن الأمر أشبه بسكين حاد قطع نياط قلبها على حين غرة،
وبعد معاناة، وصلت لباب غرفة الصغير،
أستندت عليه بجسدها كله، ولم تعد تحملها قدميها، فجثت على ركبتيها، وبجسد يرتجف بعنف، مدت يدها، وفتحت الباب،
لتنقطع أنفاسها حين وقعت عيونها على صغيرها الملقى أرضاً بوجه شاحب يدل على فقدانه للحياة،
دون وعي منها هبطت دموعها بانهيار، وتشوشت الرؤية أمامها وبصعوبة بالغة، زحفت على يديها وقدميها حتى وصلت اليه، وانتشلته داخل حضنها، وبهستريه تردد..
“ابنى يااارب..”
وضعت أذنها على موضع قلبه، فلم تسمع لصوت نبض، تحاول افاقته بشتى الطرق، وبتوسل شديد تردد..
“قوم يا ابنى..علشان خاطر ربنا قوم يا حبيبى..”
تقبله بجنون..
“سفيان انا راجعه علشانك يا ضنايا..
قوم يا ضنايا متحرقش قلبى..”
ضمته داخل حضنها بكل قوتها ورفعت عينيها للسماء وبدون توقف رددت..
“ابنى ياااااااااارب..”
أنتهى البارت..
وأستغفرو لعلها ساعة استجابة..البارت ال12..
تزوجته فقيراً فأغنانى الله به..
✍نسمه مالك✍..
”أمّا عن لُطف الله، فلن تجد له بديلاً ما حيَيْت”..
“فاللهم لا تدع لنا حزناً في قلوبنا إلا بدلتَه فرحاً”..
تصرخ هبة بمرارة وهلع، تردد جملة واحدة دون توقف..
“ابنى ياااااااارب”..
هرول والدها مسرعاً خلفه والدتها، وقد ارتعد قلبيهما من صرخاتها الحادة، التى تدل على وجود كارثة،
لتصعقه هيئة ابنته الجالسة أرضاً، وقد تبدلت ملامحها لأخرى باهتة، شاحبة كمن فقدت روحها،
محتضنة صغيرها بتملك ورجاء،
تنظر له بعيون زائغة،فقد جفت دموعها، وأصبح قلبها هو الباكى، بل النازف، ينزف بغزارة حتى أنها استشعرت طعم الدماء بفمها،
ولكن تلك النيران، التى تتأجج داخل صدرها، اندلعت لقلبها فأحرقته تماماً، وقضت على نزيف قلبها فتبدل طعم الدماء بالرماد، الذى أوشك على قتلها خنقاً،
بخطوات بطيئة متثاقلة، اتجهت منال خلفهما، بعدما رمقت ابنها بنظرة خذلان واحتقار،
وقف كلا من محمد وزوجته ووالدة سيف أمام هبة، كأنهم فقدوا القدرة على الحركة، والحديث من هول الصدمة،
الصدمة أصابت الجميع بالشلل والوجوم،
ركضت نجوى نحو ابنتها، محاولة أن تأخذ الصغير، لم تستوعب فقدان حفيدها الوحيد وفرحتها، وعزيزها، كأن قلبها سقط أرضاً، وقدمها لا تحملها، ودموعها لا سيطرة عليها، صوت شهقاتها مقبضة،..
محمد استند إلى الحائط تجمد تماماً،
كان الأمر صادم كليا، فعلة سيف واكتمل الأمر بهذه الفاجعة، كيف له أن يحتمل؟؟!!، جسده كان ينتفض، شحب وجهه كشحوب وجوه الموتى،..
استغل سيف خروجهم، وأسرع بأرتداء ثيابه هو وتلك المربية على عجل،واندفع للخارج بفزع حين اخترق عويل نجوى أذنيه،
بنحيب يقطع نياط القلوب تصرخ نجوى..
“سفياااااان يا قلب امك ياحبيبى انا السبب يا ابنى”..
أرتمت أرضاً بجانب ابنتها تلطم على وجنتيها، بعدما فشلت جميع محاولاتها لأخذه منها،فهبة تمسكت به داخل حضنها بأحكام،
نظرت لابنتها بعيون يغرقها الدمع، تبكى بحرقة، تبكى ندماً وأسفاً على ما فعلته بحق ابنتها وحفيدها،
ضربت على صدرها بعنف وبانهيار حاد تابعت..
“جوزك كان بيقولى خدى سفيان اديه لهبه وانا مرضتش اخده…”
تأوهت بصراخ..
“وانا اللى قولتله يقولك انه مسافر علشان ترجعيله يا هبه..اااااااااه يا سفيان يا قلب ستك انا السبب يا ضنايا..”
لم تبدى هبة لحديث والدتها أدنى اهتمام، فهي لم تستمع لما يدور حولها من الأساس،مكتفية باحتضان صغيرها،عيونها معلقة بعيون سيف الواقف أمامها بوجه كساه اللون الأسود من شدة صدمته،
تنظر له نظرة جامدة،باردة خالية من المشاعر، فقد وصلت أفعاله القذرة حدها الأقصى، حتى أصبح لا يستحق مجرد نظرة،
بهلع يتنقل هو بنظره بين جميع الحضور،
يحاول استجواب أحدهم، الأسئلة تدور برأسه..
أيعقل؟!..مات ولده؟؟..
كيف؟؟..ومتى؟؟..
لقد كان بخير حال،لم يشكو من أى شئ.. وقبله هو بنفسه، ورأى ابتسامته البريئة تزين وجهه الملائكى قبل قليل،
اتجه بنظره لوجه صغيره، لينشق قلبه حين رأى علامات الموت ظاهرة على ملامحه،
دون سابق انزار انفجر ببكاء مرير،جعل عيونه تزرف عبرات حارقة بغزارة،تهبط على وجنتيه تحرق قلبه وروحه بلا رحمه،
بكاؤه هذا جعل هبه تعود لوعيها، وتستجمع شتات نفسها أخيراً، وهبت واقفة،وركضت نحو الخارج بخطوات مرتعشة،وبصوت يكاد يكون مسموع همست..
“هوديه المستشفى.”
أنهت جملتها، وأسرعت خطواتها اكثر متجهه لأقرب مستشفى لعل الله يرأف بحالها، وتتمكن من انقاذ صغيرها،
أسرع الجميع بالركض خلفها، وقلوبهم تدعو بالحاح أن لا يفجعهم القدر بموت حفيدهم..
“””””””””””””””’
يأكل القلق قلب حبيبة دون سبب،
تسير بتوتر ذهاباً وإياباً ممسكة بهاتفها، وتعيد اتصالها بوالدها وشقيقتها، وحتى والدتها للمرة التى لا تعلم عددها،
تأففت بضيق حين لم يأتيها رد من أحداً منهم،
مسحت بكف يدها على وجهها وشعرها وببوادر بكاء تحدثت..
“وبعدين بقى فى القلق دا..”
رفعت عينيها للسماء وبرجاء تابعت..
“استرها ياارب اول مره بابا وهبه ميردوش عليا..وحتى ماما كمان..”
ضغطت اتصال مرة أخرى، ولكن هذه المره أتاها الرد سريعاً..
كان أيوب بصوته الجنون
“حبيبة أيوب، وحشتينى”..
أجابته بلهفه قائله..
“انت اكتر يا قلب حبيبه..طمنى انت وصلت عند سيادة اللوا؟؟..”
“لسه فى الطريق بس عبد الرحمن نزل يشترى حاجه..”
همست بحب..
“توصل بسلامه يارب..”
وضعت أحدى أصبعها بفمها وبطفولية تابعت..
“بيبو بستأذنك اروح أطمن على بابا وماما واختى..”
اندهش أيوب من طلبها هذا،فهى منذ زواجهما، ولم تذهب لمنزل والديها بأمر من والدتها،زحف القلق لقلبه هو الأخر وبلهفة تحدثت..
“حاجه حصلت يا حبيبه؟؟..”
اختنق صوتها بالبكاء وبصعوبة تحدثت..
“قلقانه اوى يا ايوب..حاسه فى حاجه..وعماله اطلب بابا وهبه وحتى ماما..مافيش حد بيرد عليا..”
جاءه صوتها الباكى ليفقده صوابه، وآلم قلبه بشدة، جعله ينظر لعبد الرحمن، الذى أتى، وجلس بمقعد السائق، وهم بالقيادة وبرجاء تحدث..
“عبد الرحمن لف ورجعنى البيت..”
قال عبد الرحمن بذهول..
“انت بتهزر يا أيوب؟!..انت عارف اننا مينفعش نتأخر على سيادة اللوا..”
نظر له بتحذير..
“دا يعتبر أستدعاء عسكرى..”
أستمعت حبيبة لحديثهما فتحدثت بلهفة..
“ايوب حبيبى اطمن انا كويسه..روح انت مشوارك وانا هلبس واروح البيت عند بابا وهبقى معاك بالتليفون..”
ضحكت مجبرة حتى تطمئن قلبه وتابعت بمزاح..
“انت عارف هرموناتى دا معادها وطالبه معايا عياط..”
أتسعت عينا أيوب حينما استمع لجملتها هذه،
ودون إرادته ظهرت فرحة غامرة على ملامح وجهه حينما تذكر أن هناك احتمال لأن تكن حبيبته حامل بطفلهما، فهو
يحفظ أدق تفصيلها،
حاول السيطرة على توتره، وانتفاض جسده،واخذ نفساً عميقاً، وبرجاء تحدث..
“حبييه خليكى فى البيت متنزليش لحد ما اجى اخدك..”
لم تناقشه وردت.. “حاضر..وهفضل اتصل عليهم برضو يمكن حد فيهم يرد..”
“وانا كمان هتصل على عم محمد يمكن يرد عليا، واول ما اخلص هجيلك على طول بأذن الله..”
“”””””””””””””””
..بأمريكا..
بكوخ صغير داخل إحدى الغابات،
يجلس أيمن أرضاً ممسكاً ببعض الصور القديمة برفقة شقيقيه وهم أطفال،كان يحتفظ بهم داخل هذا الكوخ بعيداً عن أعين زوجته،
أمسك إحدى الصور وتأملها بابتسامة من بين دموعه،
صورة له هو وايوب بعامهما السابع محتضنين بعضهما بحب شديد،
يرتديا نفس الثياب،بنفس الألوان،
من يراهما يقسم أنهما شخص واحد يقف أمام صورة انعكاسه بالمرأة،
وصورة أخرى حاملين بها شقيقهما الأصغر بينهما، ويقبلاه بسعادة نابعة من صميم قلبيهما،
أزدادت حدة شهقاته، وبدأ يبكى بنحيب على ما فعله بحق شقيقه، الذى فضله على نفسه وأصر أن يتخلى هو عن تعليمه، وسعى للعمل، وجلب المال حتى يحقق له حلمه، ويصبح مهندس كما كان دوماً يتمنى،
وحينما حقق هدفه، تبدل لشخص أخر، انتهازى ووصولى،
وتعمد اختيار زوجة من طبقة مرموقة، لتنقله من حياة الفقر، التى سئم منها إلى حياة الأغنياء،
ازدات حدة بكائه أكثر،وبانهيار بدأ يحطم كل شيئ تقع عيناه عليه مردداً بصراخ…
“غبى..غبى يا أيمن..”
ظل لفتره بحالة من الانهيار التام، حتى أنه حطم الكوخ تماماً، لينفس عن غضبه الشديد من أفعاله المشينة،
بوهن أرتمى أرضاً محتضن صورة برفقة شقيقيه،
لينتبه على صوت بكاء شقيقه أحمد، الذى خطا لداخل الكوخ منذ فترة، وهو لم يشعر بوجوده،
اقترب منه أحمد وأرتمى جواره أرضاً وبغيظ تحدث،
“انت كسرت كل حاجه يا عم انت..”
ركل الأرض بقدميه وتابع بغضب طفولى..
“مسبتليش حاجه أكسرها ليييييه..”
نظر له أيمن قليلاً، ومن ثم انفجرا بالضحك سوياً، ودموعهما تهبط بغزارة على وجنتيهما،..وبقلق تحدث أيمن..
“خطيبتك عرفت؟..”
ابتلع احمد غصة وبابتسامة زائفة تحدث..
“امممم..عرفت..”
نظر له بعيون مليئة بالعبرات، وتابع بأسف..
“وسبتنى..”
أخفض رأسه بخزى..
“قالتلى اللى ملوش خير فى أهله ملوش غير فى حد..”
تنهد أيمن بألم، تحدث..
رد أيمن بأسف..
“ليان هتعمل زيها وهتسبنى..”
نظر له بتحذير وتابع بتعقل..
“اوعى ترمى الحمل على ايوب..”
حرك رأسه بالنفى..
“اخوك عمره ما كان سبب أذى لينا..”
بكى بحرقة..
“احنا اللى دايما كنا سبب المشاكل وهو اللى بينجدنا ويحلها..”
قال أحمد بتأكيد..
“عارف..علشان كده كنت بهرب من مواجهته..”
نظر له بغيظ..
“يارتنى ما مشيت وراك ولا سمعت كلامك يا ايمن..”
لكمه أيمن ببعض العنف، وبحدة تحدث..
“جاى دلوقتى تقول يارتنى يله..مش انت اللى كنت بتتمنى تعيش فى مستوى كويس وتفتح معمل تحاليل فى منطقه عليها القيمه بدل الحاره اللى كنا عايشين فيها علشان يليق بالدكتور احمد زيدان..”
رد أحمد بندم..
“كنت غلطان يا ايمن..نظر له بشرار..وانت اخويا الكبير كنت فطمنى يا جدع..مش تطاوعنى وتشجعنى على الغلط كمان..”
قال أيمن بندم..
“عندك حق..انا اللى غلطان..”
صمت لوهلة..
“وهعمل اى حاجه علشان اصلح غلطى دا..”
رد عليه احمد بلهفه..
“تفتكر ايوب هيسامحنا بسهوله..”
أجابه ايمن بثقه..
“ايوب مسامحنا اصلا يا احمد..وظهوره فى الفيديو بعد ما وقف على رجله وبقى ظابط دكتور بيقولنا بيه..أرجعوا لحضنى انا اتعلمت وشرفتكم..
مش هتستعرو منى ولا تنكرو وجودى تانى..”
أنهى جملته وانغرطا كلاهما فى البكاء ..ندماً على ما اقترفاه..
“”””””””””””””’
..بالمستشفى،
خارج غرفة الكشف،
يقف الجميع بحالة لا يرثى لها من الرعب، بعدما أصر الطبيب على عدم وجود أحد معه أثناء الكشف بسبب بكائهم العنيف،
..هبه،سيف،نجوى،محمد،منال،
ينتظرون خروج الطبيب،
مستندة هبة على أحد الحوائط لا تبكى، ملامحها هادئة،راضية، عكس حرقة قلبها؛
لينقبض قلبها بعنف وأوشكت على فقدان وعيها حينما استمعت لصوت باب الغرفة يُفتح، وخرج الطبيب بوجه يظهر عليه الأسف، وبتأثر نطق بكلمة جعلتها بعالم أخر..
“البقاء لله..”
أيستمع أحد لصوت انشقاق قلبها،ولروحها التى غادرت جسدها الآن،
بعويل ومرارة شديدة صرخت نجوى ومنال صرخات يتقطع لها نياط القلب،
بينما سقط محمد جالساً أرضاً، فلم تعد تحمله قدميه،
أما سيف ارتجف جسده بوضوح، وبدأ يهزى بالحديث كمن فقد عقله..
“قتلتيه يا هبه؟..”
سقط أرضاً على ركبتيه، وتابع بأنفاس أوشكت على الانقطاع..
“قتلتى سفيان علشان تخلصى منى يا هبه؟..”
ضيقت هبة عيناها، ونظرت له بذهول تخبره بنظرتها..
“يا لوقحتك اتلقى علي اللوم وتهمة قتل صغيرى بعد فعلتك الشنعاء..”
صرخ هو بها بغضب عارم..
“قتلتى ابننا يا هبه علشان مش عايزه ترجعيلى ولا حاجه تربطك بيا؟؟..”
بشرار نظر له والدها وبصعوبة، تحدث من بين شهقاته الحادة..
“انت ليك عين تنطق وترمى بلاك واهمالك على بنتى يا فاجر..”
هب سيف واقفاً، واقترب منه وخبط بقبضة يده بعنف على الحائط خلفه وبصراخ تحدث..
“بنتك قتلت ابنى يا عمى..خنقته علشان تخلص منى للأبد..”
قطع الطبيب حديثه بجدية..
“الطفل اتعرض لخبطه قويه فى دماغه أدت للوفاه..وفى الحاله دى لازم نبلغ..لان دا اهمال..او شروع فى قتل لطفل مكملش 5شهور يتعرض لخبطه عنيفه زى دى تتسبب فى موته..”
أشار سيف على هبة بأحد أنامله وبهستريا تحدث..
“هى اللى خبطته..هى اللى موتت ابنى..”
نظر لطبيب..
“بلغ البوليس خليهم ييجو يقبضوا عليها..”
اقتربت منه والدته، وصفعته على وجهه بعنف وبانهيار تحدثت..
“اخررررس بقى..ليك عين تتهمها بموت ابنها اللى انت قتلته بأهمالك وقذارتك..”
قال سيف بانهيار..
“..هى اللى موتت ابنى يا ماما..ابنى كان زى الفل و نايم فى أوضته..و هى اللى دخلت عليه و موتته..”
قالت منال بحسرة ومرارة..
“ابنك انا سمعت صوت وقعته على الارض وانا قاعده فى شقتى قبل ما هبه تطلع الشقه عندك..”
رد هو بصراخ..
“يبقى هى اللى وقعته من على السرير..”
نظر لها وتابع بوعيد..
“هخلى البوليس يراجع كاميرات البيت كله وهثبتلك انها هى اللى موتته..”
صرخ بانهيار..
“وهسجنك يا هبه ، ورحمه ابنى لسجنك..”
غافلاً أنه ألقى بنفسه بأعماق شر أعماله المشينة،
وسينفضح أمره وما كان يفعله حين سقط صغيره،
بثبات تقف هبه أمامه،و شبه أبتسامة ظهرت على ملامحها، ابتسامة رضى بقضاء الله، وبلا توقف بدأت تردد…
“قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ مَاذَا قَالَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ فَيَقُولُ اللَّهُ : ” ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ “..
هبطت دموعها بغزارة، وبصعوبة أكملت من بين شهقاتها..
“فاللهم لك الحمد حتى ترضى،ولك الحمد اذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضى..”
حديثها هذا جعل جميع الحاضرين يبكون بأنهيار أكبر،
وبلحظة كانت سقطت نجوى أرضاً فاقدة وعيها..
“”””””””””””””
..بمديرية أمن القاهره..
..أيوب..
يسير برفقة الظابط عبد الرحمن شكرى،نجل اللواء هانى شكرى،
حتى وصلا لأحدى المكاتب الفخمة،طرق عبد الرحمن الباب، واندفع مباشرة نحو الداخل،
نظر له أيوب بدهشة، وتوقف خارج المكتب، ينتظر الأذن بالدخول،
بالداخل يجلس اللوء هانى على مكتبه، يراجع بعد الملفات أمامه،
وقف عبد الرحمن أمام مكتبه، وبمزاح تحدث..
“ليك واحشه يا سياده اللوا..”
تنهد بارتياح..
“أخيراً رضيت عنى..”
بغضب رفع هانى رأسه، ونظر لنجله وبأمر تحدث..
“اطلع بره”..
نظر له عبد الرحمن بحاجبين مرفوعين،
فأشار هانى بعينيه على باب المكتب، وتابع بصرامة،
تطلع بره حالاً، وتستأذن من العسكرى اللى واقف على الباب يبلغنى بوجودك، وانا هشوف وقتى يسمح اقبلك ولا لاء..”
قال عبد الرحمن بابتسامة..
“بابا حضرتك اللى بعتلى انا وأيوب”..
التفت حول نفسه يبحث عن أيوب فلم يجد له أثر،
عبس بملامحه وبأحراج تابع..
“اححححم هو فين ايوب؟؟..”
خبط هانى بكف يده بعنف على المكتب أمامه وبغضب تحدث..
“انا هنا مش بابا يا بيه”..
هب واقفاً..
“انا هنا سيادة اللوا ولما تقف قدامى تقف انتباه يا حضرة الظابط..”
أسرع عبد الرحمن بالاعتدال بوقفته، وبأحترام ألقى عليه التحية العسكرية مردداً..
“تمام يا فندم..”
أمره هانى قائلاً..
“اتفضل بره حالا،نفذ الأمر..”
صك عبد الرحمن على أسنانه بغيظ، وسار نحو الخارج مغلقاً الباب خلفه، وبغيظ شديد همس لأيوب..
“لو كنت دخلت معايا مكنش هزقنى كده..”
قال أيوب بتعقل..
“هدخل ازاى من غير ما حضرة اللوا يسمحلى..”
ربت على كتفه..
“وممكن لو كنت دخلت معاك كان هزقك اكتر،انت المفروض قدوه ليا،ولما اشوفك داخل زى المدفع كده على رؤسائك بدون استئذان دا عيب فى حقك يا حضرة الظابط..”
تمتم عبد الرحمن بأرتباك..
“..امممم.انت صح يا عم ايوب..”
نظر للعسكرى، وتحدث بصرامة، يخفى بها أحراجه..
“انت يا ابنى مش سمعت معالى الباشا بيطردنى علشان انت تدخل تقوله انى متزفت واقف بره عايز اقبله؟؟..”
انفجر أيوب والعسكرى أيضاً بالضحك على طريقة عبد الرحمن بالحديث، التى جعلته بغاية اللطافة،
وأسرع العسكرى بالتوجه للداخل، وعاد لهما مرة اخرى وبعملية تحدث..
“اتفضلو يا بشوات..”
تقدما نحو الداخل ليفاجئهما هانى بأستقباله لهما،
أسرع هو بالاقتراب منهما، واحتضن أيوب بحب،بعدما علم عنه كل شئ،و تمنى لو أن يصبح نجله بأخلاق أيوب وكفاحه.، نظر له بفخر، وتحدث بابتسامة قليلاً ظهورها..
“يا مرحب بأبنى التانى..”
ابتسم له أيوب وبأمتنان تحدث..
“شرف ليا يا سياده اللوا،ان حضرتك تختارنى أكون ظابط من فريقك..”
نظر هانى لعبد الرحمن بغضب مزيف، وتحدث بغيظ..
“هو دا اللى مش هقوله حاجه علشان مبوظش المفاجأه؟؟..”
قال عبد الرحمن بابتسامة مستفزة..
“مبسوط منى سيادتك..؟؟!!”
غمز بعبث لأيوب..
“وبعدين عم أيوب ترند أول على السوشيال ميديا بسبب الفيديو الجامد اللى بيغنى فيه وكل البرامج هتجرى وراه قريب علشان تعمل معاه لقاء..فلازم احنا ناخده تحت جناحنا ويبقى من رجلتنا..”
بغضب مصطنع نظر هانى لأيوب، وبصرامة تحدث،
“بغض النظر عن الترند.. انا عرفت انك متفق على شغل جديد هتبنى بيت تقريبا يا أيوب صح؟؟..”
“فعلا سيادتك..بما انى لسه قدامى شهرين على ما أستلم سلاحى ووظفتى فى المستشفى فقولت اكمل شغلى اللى متفق عليه وواخد منه عربون..”
قال هانى بأمر..
“وعبد الرحمن هيطلع معاك اى شغل..”
نظر لعبد الرحمن، الذى فتح فمه على اخره بصدمة، وتابع بتشفى..
“تعلمه صنعة تخشن ايده الناعمه دى شويه..”ضحك بسخرية..
“الباشا ايده ناعمه اوى ودى حاجه مش عجبانى الصراحه..”
كتم أيوب ضحكاته، وبابتسامة تحدث..
“امر سيادتك..”
نظر لعبد الرحمن..
“من بكره الفجر بأذن الله هنبدأ الشغل..”
هم عبد الرحمن بالرد لكن رنين هاتف أيوب قطع حديثهم،
نظر للواء بأحراج وبأسف تابع..،
“بعتذر لمعاليك بس لازم ارد..”
حرك هانى رأسه بالايجاب، فأسرع ايوب بضغط زر الفتح، وبلهفة تحدث..
“عمى محمد حضرتك فين؟؟..انا وحبيبه رنينا عليك كتير؟؟!..”
قطع حديثه بفزع حين وصل لسمعه صوت بكاء محمد الحاد..
وبهلع تابع..
“عمى مالك؟..فى ايه؟؟..”
رد عليه بوهن وانهيار..
“الحقنا يا ايوب يا ابنى..سفيان حفيدى..”
بكى بنحيب أكبر..
“..مات،وسيف جوز هبه اتهمها انها قتلته وبلغ عنها وقبضوا عليها..”
الخبر كان مفجع، وصادم لأقصى حد..،
جعل وجه ايوب ينسحب منه الدماء، وأصبح شاحب للغاية.
أيعقل سفيان قلب زوجته كما تلقبه لقى حتفه؟؟!..
امتلأت عينه بالعبرات سريعاً، حينما تخيل صدمة زوجته عندما تعلم هذا الخبر المؤلم،
أغمض عينه محاولاً التحكم بدموعه، وبصعوبة تحدث،
“انتو فين يا عمى.”
أجابه محمد بضعف..
“انا فى المستشفى مع نجوى مستحملتش الخبر ووقعت مننا..”
صمت لوهلة يلتقط أنفاسه، وتابع ببكاء..
“وخدوا هبه على القسم يا أيوب علشان يحققوا معها..”
سأل أيوب بهلع..
“حضرتك قولت لحبيبه؟؟..”
محمد ببكاء قال..
“هى عماله ترن عليا بس انا مردتش عليها..”
قال أيوب برجاء..”عمى متردش عليها، انا هكلمها واقولها ان مامتها تعبت شويه وانتوا معاها..وهجيبها واجى لحضرتك المستشفى دقايق وهكون عندك..اطمن..”
أغلق معه، ونظر لهانى الناظر له بقلق لملامحه، التى تبدلت لأخرى مذعورة من شدة خوفه على زوجته، وتأثره بما حدث للصغير ووالدته..
فقال هانى بأهتمام “خير يا أيوب..شكل التليفون اللى جالك جبلك خبر مزعج؟..”
قال أيوب بأسف..
“ابن اخت مراتى توفى..وجوزها اتهمها انها قتلته وبلغ عنها وقبضوا عليها..”
تأثر هانى بحديثه فقال..
“لا حول ولا قوه الا بالله..”
نظر لعبدالرحمن وتابع بأمر..
“مع أيوب يا عبد الرحمن متسبهوش وانا هبقى معاكم بالتليفون..”
حرك عبد الرحمن رأسه بالايجاب، وأسرع بالركض هو وأيوب نحو الخارج؛
ليتحدث أيوب برجاء لعبد الرحمن..
“عبد الرحمن اعمل اتصالاتك، واعرف هبة محمد طالبة بكلية الهندسة خدوها قسم ايه، وروحلها وانا هروح اجيب مراتى اوديها لولدتها المستشفى لانها للاسف مستحملتش اللى حصل ووقعت من طولها..”
ربت عبد الرحمن على كتفه، وبتفهم تحدث..
“روح انت لمراتك وانا هروح للمهندسه هبه وهفضل معها لحد ما انت تيجى..”
رن هاتف أيوب هذه المره برقم زوجته، مسح أيوب على وجهه بكف يده، وأسرع بالرد عليها بصوت جاهد لاخراجه طبيعياً،
لكن فور ضغطه على زر الفتح صوت صرخات حبيبه العنيفة اخترقت قلبه قبل أذنه، جعلته أوشك على السقوط ارضاً من شدة فزعه عليها..حينما تقول بصراخ..
“ايووووووب الحقنى..”
أنتهى البارت..
واستغفرو لعلها ساعة استجابة..
الفصل ال13..
تزوجته فقيراً فأغنانى الله به..
✍نسمه مالك✍..
قال الله تعالى ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) ….
تقف حبيبة داخل مطبخها، تجهز طعام الغداء لزوجها، ممسكة بهاتفها،
تعاود الأتصال على والديها، وشقيقتها مراراً وتكراراً بلا توقف،
تأففت بضيق بسبب عدم ردهم عليها، وبيقين تمتمت..
“لا كده فى حاجه حصلت”..
ترقرت عبراتها وتابعت بتوسل..
“ياااااارب طمنى عليهم..”
وضعت هاتفها بجيب منامتها القطنية وبتنهيدة همست..
“تعالى بقى يا أيوب…
انا خايفه وقلقانه..”
شعرت ببوادر دوار يداهمها،وبدأ جسدها يرتجف قليلاً، وألم حاد هاجم معدتها فجأه، جعلها تشعر أنها على وشك التقيئ، فأسرعت نحو المرحاض بخطوات واهنة، حتى وصلت إليه،ارتمت أرضاً على ركبتيها،وبدأت تتقيئ بعنف،ومن بين آهاتها تردد اسم زوجها ببكاء..
“اااااه يا أيوب تعالى”..
ظلت فترة ليست بقليلة داخل الحمام، حتى توقفت عن التقيئ بعدما أصبح وجهها شاحب، ومتعرق للغاية دليل على شدة تعبها، تلتقط أنفاسها بصعوبة،دموعها أغرقت وجهها،لا تعلم سبباً لكثرة بكائها اليوم، تبكى بحرقة،
تحاملت على نفسها وبصعوبة هبت واقفة، مستندة على الحائط بجسدها، وسارت لخارج الحمام..
همت بالتوجه للمطبخ مرة أخرى، لكنها استمعت لصوت أتِ من سقف الصالة الخشبى، صوت شيئ يتحطم،
ضيقت عينيها بدهشة، وبخطوات بطيئة،حذرة سارت نحو الخارج، رفعت رأسها تنظر للسقف بتفحص،
لتتسع عيناها بصدمة، وانقطعت أنفاسها حين رأت السقف بدأ بالسقوط فوقها، حالة من الهلع انتابت قلبها جعلتها تيبست بمكانها، لم تسعفها قدميها للركض حتى تنجى بحياتها، ظنت أنها ستلقى حتفها الآن لا محالة، أغمضت عينيها باستسلام، ورضا تام بقضاء الله، لتنهمر دموعها بغزارة على وجنتيها، حينما تخيلت حالة زوجها، وألمه على فراقها، ارتخاء جسدها جعلها، تتراجع للخلف قليلاً، وسقطت أرضاً أمام الحمام بلحظة سقوط السقف، الذى صدر عنه صوت ارتطدام قوى للغاية والكثير من الغبار، الذى يعيق الرؤية،ويسبب اختناق لمن يستنشقه،
صرخت بألم حاد حين سقطت على إحدى قدميها أعمدة خشبية، بل أصبحت قدمها عالقة أسفل حطام السقف، بكت بأنهيار من شدة ألمها، ومن بين شهقاتها الحادة تردد اسم زوجها بتقطع..
“أيوووووووب..”
بوهن وضعف شديد أعتدلت جالسة،وحاولت سحب قدميها، ولكنها تأوهت لأن الألم كان مبرحاً،
حاولت استجماع قوتها، ورفع الأعمدة من على قدمها، ولو قليلاً حتى تستطيع اخراج قدمها،
ولكنها لم تقدر على رفعها أنشاً واحداً حتى،
لتشعر فجأه ببرودة شديدة بكامل جسدها،وتدفق سائل دافئ من قدمها العالقة، فيبدو أن قدميها أصيبت بجرح نافذ، وشدة هلعها جعل الدماء تسيل بغزارة،
ارتجف جسدها مرة أخرى بعنف اكبر، وبدأت تسعل بسبب أختناقها من الأتربة، الناتجة عن الحطام الذى حوالها،
مدت جسدها أرضاً هذه المرة، وبدأت تفقد وعيها رويداً روايداً،
لتتذكر هاتفها الذى بحوزتها داخل جيب منامتها،
بيد مرتعشة مدت يدها، وأمسكته، وضغطت طلب احد الأرقام دون أن ترى بمن تتصل،
ليرأف الله بحالها حين استمعت، لصوت زوجها، الذى أعاد لها روحها قليلاً، جعلها تصرخ بصوت عالِ..
“أيوووووووب الحقنى..”
أنهت جملتها وأغمضت عيونها فاقدة وعيها أخيراً باطمئنان، بعدما تأكدت أن زوجها سيأتى لأجلها قبل حتى أن تسترد وعيها مرة أخرى،
صوتها الصارخ، الذى اخترق قلبه قبل أذنه،والذى أظهر مدى تألمها،جعل زوجها يركض بسرعة البرق، يود لو يسبق الرياح حتى يصل إليها،
ليستمع لصوت بوق متكرر بألحاح لسيارة، تسير بجوراه،وعبد الرحمن ينادى عليه برجاء، وقلق بادى على وجهه..
“أيوب…أوقف يا ابنى وأركب..انا هوصلك أسرع..”
بحرفية ذهلت عبد الرحمن، قفز أيوب داخل السيارة من شباكها المفتوح،أصبح جالساً بجانبه،
لينظر له بدهشة وعيون متسعة وبأعجاب تابع..
“واااااو عملتها ازاى الحركه الجامده دى؟؟!..”
نظر له أيوب نظرة حارقة،وضرب بيده على المقود بعنف وبأمر تحدث..
“اتحرررررررك يا بنى أدم..”
بخوف مصطنع أسرع عبد الرحمن بالقيادة بأقصى سرعة،
بأنفاس متقطعة وضع أيوب الهاتف على أذنه، وببوادر بكاء صرخ..
“حبيباااااه انا جايلك يا حبيبتى”..
ظن هو أنها قد علمت بموت أبن شقيقتها،لا يعلم بأن هناك،
فاجعة تنتظره،
بدأ الهلع يتملك من قلبه أكثر كلما اقترب من المنزل، لينظر لعبد الرحمن وبرجاء تحدث..
“بسرررررررعه..”
زاد عبد الرحمن السرعة أكثر، وصلا أمام منزل أيوب،
لتنقطع أنفاسه حينما وجد تجمع عدد من جيرانه أمام باب المنزل،
قفز خارج السيارة خلفه عبد الرحمن؛
ليسقط قلبه أرضاً حين استمع أحد الواقفين يتحدث بفزع..
“السقف بتاع شقه الخاله ام ايوب وقع..”
ركض لداخل المنزل،يصعد الدرج كل ثلاث درجات معا،وبانهيار يردد..
“مرااااااااتى فووووووق يا عبد الرحمن”
فاجعة كادت أن تجعله، يفقد الحياة من شدة فزعه وهلعه،
تجمدت الدماء بعروقه،تعرق جبينه فجأة بكثرة،أصبح جسده بارداً كالثلج،..
هيئته تدل على أنه أصبح جسد،د بلا روح، حينما لمح سقف منزله ساقطاً رأساً على عقب،وزوجته حبيبة، قلبه، أسفل حطام
هذا السقف،
انقطعت أنفاسه النابعه من أنفاسها هى،
نبضات قلبه،أمانه،فرحة عمره تتلخص بزوجته”حبيبه”..
سالت الدموع من عينه، وصراخه كاد يحطم الحوائط من هول فزعه،يردد من بين صرخاته..
“حبيباااااااه”..
حاول فتح الباب لكن أغلقته الأعمدة الخشبية من الداخل بأحكام؛
ليفقد أعصابه وبدأ يكسر الباب بكل قوته وببكاء حاد يصرخ..
“حبيباااااه ردى عليااااااا…”
أسرع عبد الرحمن بأيقافه،وتحدث بتأثر لهيئة أيوب التى تدمى القلوب..
“ايووووب اهدى،اللى انت بتعمله دا مش هيفتح الباب..”
أسرع أيوب بفتح باب أخر خاص بطيور والدته،
وخطى لداخل وبلحظة، كان تسلق الجدار المؤدى لداخل شقته،
ليساعده عبد الرحمن، وأسند قدميه بكتفيه، حتى يستطيع الوصول أعلى السور،قفز أيوب نحو الداخل بحرص شديد خوفاً، من أن تكون زوجته أسفل السقف،
كم الأتربه الناتجة عن الحطام لم تكن هينة،جعلته غير قادر على رؤية زوجته الملقاة أمام الحمام،
بجسد يرتجف بعنف من شدة فزعه، وببكاء،وتوسل يردد..”حبيبه…ردى عليا يا حياة أيوب..”
أسرع بالتوجه نحو غرفة النوم يبحث عنها بأرجائها،صرخ بقوة يستنجد بخالقه عندما لم يجدها داخل الغرفه..
“يااااااااااارب”..
وضع يده على جبهته،ودار حول نفسه كمن فقط عقله من هول صدمته،
أبتلع لعابه بصعوبة وبيقين ردد..
“حبيبه فى الوقت دا بتعملى الغدا”..
بلهفة سار خارج الغرفة، وأسرع بحمل الاعمدة الخشبية واحداً تلو الأخر، ليستطيع الوصول إلى المطبخ والحمام،
عينه تسيل منها الدموع لا أرادياً،
حمل الكثير من الأعمدة حتى انه حمل العمود الذى كان فوق قدم زوجته،وهم بالتوجه لداخل المطبخ،
لترتطم قدمه بقدم زوجته المصابة، جعلتها تتأوه بأسمه بين الوعى واللاوعى، وبضعف شديد همست حبيبه متأوه بأسم زوجها كعادتها..
“أيوب”..
همسها هذا استمعه هو بقلبه، أعاد له أنفاسه المسلوبة،
بل أعاد له روحه، التى غادرت جسده بغيابها عنه..
جثى على ركبتيه، ورفعها بين يديه بلهفة،يضمها بكل قوته، ويهمس بأذنها بصعوبة من بين شهقاته الحادة،
“يا قلب وحياة أيوب..يقبل كل انش بوجهها..انا هنا ياروحى..”
يتفحص جسدها بعناية، يتأكد أنها لم تصب بأذى،
حتى وصل لقدمها النازفة، فانشطر قلبه حينما لمح جرحها الغائر، لم يجد سوى قميصه، الذى أسرع بخلعه، وشق قطعه منه، وربط بها قدمها بمهارة حتى يمنع النزيف قليلاً،
وضعها برفق أرضاً، وركض نحو غرفتهما أحضر لها اسدال صلاتها ،وعاد اليها وألبسه لها على عجل،واتجه نحو الأعمده الخشبية، التى تعيق فتح باب الشقة،حملها بعيداً عنه ليستطيع فتحه،ليندفع عبد الرحمن، والكثير من رجال منطقته للداخل، يودون مساعدته،
أسرع أيوب نحو زوجته حملها بين يديه بحرص، وركض بها نحو أقرب مستشفى..
“”””””””””””’
..بأحد أقسام الشرطة،
تجلس هبة بمكتب رئيس المباحث،تنتظر تفريغ محتوى الكاميرات بمنزل زوجها لاستكمال التحقيق معها،بعدما أصر زوجها باتهامها أنها هى من قامت بقتل صغيرها عن عمد،
جالسة بثبات شديد، جعل من يحققون معها يظنون أنها فقدت عقلها، وأصبحت بحالة من اللاوعى لما يحدث حولها،
فنظرتها الزائغة،وملامحها الشاحبة لا يبشران بالخير أبداً،
بينما هى صابرة،راضية بقضاء الله وقدره،وتردد بلا توقف..
“الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ”..
قوة إيمانها ضاعفت صبرها،وقوة تحملها على شدة بلائها،
تحاول جاهدة كبح عبراتها بمقلتيها،
تأبى تحريرهم،ليس لعدم تألمها،ولكنها تفكر بوالديها وشقيقتها أكثر من نفسها،
تريد أن تكون بخير لأجلهم،لن تحتمل أصابه احدهم بأذى، لن يحتمل قلبها أكثر من هذا،يكفى أن فقدان صغيرها جعل والدتها تسقط بجلطة بقلبها فى الحال،وحالتها لا يرثى لها،ستخضع لعملية بالقلب فور أفاقتها،
أغمضت عينيها، والماً اجتاح قلبها أكثر حينما تخيلت رد فعل شقيقتها فور علمها بوفاة عزيزها،بل قلبها كما تلقبه حبيبة دائماً، لم تحتمل أكثر،فباغتتها عبراتها، وسقطت بغزارة على وجنتيها،بكائها هذا جعل رئيس المباحث، الذى يحقق معها يتنهد براحة،وبابتسامة متأثرة تحدث..
“مدام بكيتى يبقى حالتك مطمئنه،ونقدر نكمل تحقيق..”
نظرت له هبة برجاء،وهمست من بين شهقاتها بصعوبة..
“من فضلك عايزه اطمن على والدتى ووالدى واختى..”
هم بالرد عليها،ولكن طرقات على باب المكتب يليها دخول عبد الرحمن مندفعاً كعادته قطع حديثهما،
هب رئيس المباحث واقفاً،واقترب منه ألقى عليه السلام بحرارة، وتحدث بترحاب..
“يا مرحب بالغالى..”
احتضنه وربت على ظهره، وتابع بمزاح..
“مش هتبطل دخلتك اللى زى دخلة المخبرين دى يا ابنى؟..”
ابتعد عنه عبد الرحمن، وربت على كتفه وبابتسامة تحدث..
“ليك وحشه يا شهاب”..
تحولت ابتسامته لأخرى عابثة، وبحاجب مرفوع تابع بتأكيد.
“ولا مش هبطل”..
اتجه بنظره لهبة الخافضة رأسها تبكى بصمت،
“ها طمنى وصلتوا لفين؟؟..”
قال شهاب بجدية..
“انا مرضتش انزلها الحبس زى ما طلبت يا عبد الرحمن..”
نظر له عبد الرحمن بأمتنان، فتابع شهاب بأسف..
“الزوج صمم اننا نراجع كاميرات شقته،علشان نشوف سبب وفاة الطفل..”
ارتفعت شهقات هبه أكثر،بكائها يقطع نياط القلوب،تبكى بمرارة،
اقترب عبد الرحمن وجلس أمامها مباشرة،يتأملها بتفحص هيئتها بتمعن،وبصوت صارم،رزين نطق باسمها
“هبه”..
رفعت وجهها، ونظرت له بعينيها الباكية،تلك الأعين السوداء، التى برغم شدة حزنها إلا أنها تمتلك سحر خاص،
وجهها الملائكي الذى يكسوه الحزن،
أنفها الصغير المنمق،وجنتان بارزتان،شفاه مكتنزة،
جمالها البرئ جعله يبتسم لها أبتسامه مطمئنة وبهدوء تابع..
“اطمنى يا هبه انا صاحب أيوب جوز أختك”..
قالت هبة بلهفة..
“هو فين أيوب؟..
“مسحت دموعها بظهر يدها..
“ممكن تكلمه من فضلك عايزه اطمن على حبيبه..”
بكت بنحيب..
“وبابا وماما كمان لو سمحت..”
اندهش عبد الرحمن من جملتها هذه،فمن يطمئن على من؟!
هى من توفى صغيرها، ومتهمة بقتله،تحمل هم أسرتها بأكملها، رفع يده ومسح على جبهته، وشعره الغزير،..فكم الصدمات المتتالية، التى سقطت على هذه العائلة تفجع القلوب..
…..موت الصغير،اتهام والدته بموته،مرض الجدة،واكتملت بما حدث لحبيبه…..
لم يستطع اخبارها بما حدث لشقيقتها،وتحولت نظرته المندهشة لأخرى معجبة،وبتأكيد تحدث..
“أيوب مع والدك فى المستشفى هيطمن على والدتك،ويجى ورايا”..
بكت هبة بانهيار أكثر،نظر عبد الرحمن لشهاب وبرجاء تحدث..
“سبنا شويه يا شهاب وابعتلنا ميه وعصير لو سمحت..”
انسحب شهاب للخارج دون النطق بكلمة من شدة تأثره ببكاء هبة، الذى يبكى لأجلها للحجر،
أخذ عبد الرحمن نفساً عميقاً، وبتنهيدة تحدث..
“هبه من فضلك اهدى،واحكيلى اللى حصل علشان اقدر اساعدك”..
رفعت هبة يدها وضعتها على موضع قلبها،وبتيه،وضعف بدأت تتحدث بصعوبة من بين شهقاتها الحادة..
“مش هنكر واقول انى مموتش ابنى”..
نظر لها عبد الرحمن بصدمة،فتعالت شهقاتها وتأوهت بعنف وتابعت بأسف..
“مكنش المفروض اسيبه لأبوه الخاين ابدا”..
ارتجف جسدها بشكل ملحوظ، وبدأت تفقد السيطرة على انهيارها..
“كنت لازم اخده معايا ويفضل فى حضنى”..
أسرع عبد الرحمن بقطع حديثها وهب واقفاً،حتى لا تفقد أعصابها أكثر من ذلك،وبأمر تحدث..
“هبه هنأجل كلمنا دلوقتى،وتعالى معايا لو حابه تطمنى على والدتك..”
حركت هبة رأسها بالايجاب،وبضعف ووهن شديد، همت بالوقوف، فأشار لها عبد الرحمن أن تظل جالسة، وتابع بأمر..
“مش هنمشى الا لما تشربى العصير كله..”
اتجه نحو الباب وفتحه، وبغضب مصطنع تحدث للعسكرى الواقف أمامه..
“روح يا ابنى هات عصير بدل اللى شهاب باشا شربه”..
نظر له العسكرى بدهشة،يسأله بنظرته كيف علم؟..
فحرك عبد الرحمن رأسه بالايجاب،وبثقة تابع..
“صاحبى وحفظه”..
“””””””””””””
..بالمشفى..
حبيبة تبكى بنحيب داخل حضن زوجها، الذى محتضنها بحماية،ويقبل جبهتها بعمق مرات ومرات،
فبعدما اطمئن عليها وقام بتضميم جرحها بنفسه،أخذ منها عينة دماء،وقام بتحليلها،لتتأكد ظنونه بحمل زوجته،
فبرغم شدة حرصه معها،واتخاذه كافة الاحتياطات لتأجل الحمل وقتاً،الا أن إراده الله فوق كل شئ،وأراد أن تحمل زوجته بطفلهم الأول فى هذا التوقيت العصيب،
شعر هو بدموعها التى أغرقت ثيابه،
فرفع وجهها جعلها تنظر له،وبدأ يزيل دموعها بشفتيه،ويده تربت على ظهرها بحنان بالغ،وبرجاء شديد يهمس بأذنها..
“كفايه عياط يا حبيبه بالله عليكى”..
تمسكت به حبيبة بكل قوتها،ملتفة بكلتا يدها حول خصره،دافنة وجهها بحنايا صدره،وبصعوبة من بين شهقاتها تحدثت..
“كنت واثقه انك هتلحقنى”
..بكت بكاءً شديد..
“كنت مرعوبه أموت من غير ما أشوفك يا أيوب”..
أسرع أيوب بحملها بحذر،واجلسها على ساقيه،وضمها داخل صدره، وبلهفة تحدث..
“ربنا يحفظك ليا يا حياة وعمر ايوب”
أمسك وجهها بين كفيه..
“ربنا يحفظك ليا ويجعل يومى قبل يو؟..”
قاطعته حبيبة بشفتيها،تقبله بحب شديد، ودموعها تتساقط على وجنتيها بغزارة،
أبتعدت عنه، ونظرت لعينيه وبابتسامة من بين دموعها همست..
“ربنا ميحرمنيش منك ابدا يا حبيب حبيبة…”
رفع أيوب يد حبيبة على فمه،وقبل كفها بحب شديد،وابتسم لها ابتسامته، التى تذيب قلبها،ولكن ابتسامته هذه المرة باهتة،
ضيقت حبيبة عينيها،ونظرت له بتمعن،وبقلق همست..
“أيوب”..
نظر لها نظره تحمل الكثير من الحزن، وبين تعثره فى ملامح حزنه،هناك نظرة تلتمع ببريق أمل،
وفرحة قريبة، ستكون هى وصغيرها القادم سببها،
تفهمت حبيبة نظرته هذه،تحفظه هى عن ظهر قلب،
شهقت بقوة، وأسرعت بوضع كف يدها على فمها تكتم شهقاتها الناتجة عن بكائها الشديد، ودموعها التى تنهمر بلا إرادة، وبصعوبة همست من بين شهقاتها..
“قولى مين اللى مات يا أيوب؟؟”..
نظر هو لها بدهشة،وأسرع بجذبها داخل حضنه،
فتابعت هى بثقة، “نظرتك بتقول ان فى حد مات وانت مش عارف تجبهالى أزاى..”
صك أيوب على أسنانه بعنف، واختنق صوته بالبكاء، وبغصة مريرة تحدث..
“حبيبه فى خبر حلو عارف انه هيفرحك أوى”..
رفعت رأسها ونظرت له بعيون غارقة بالدمع، وهمست برجاء..
“قولى الوحش الأول”..
هم أيوب بالرد عليها،ولكن طرقات على باب الغرفة كانت ملجأه للهروب مؤقتاً من سؤالها،أسرع نحو الباب وفتحه،
ليجد صديقه عبد الرحمن برفقته هبة الباكية محتضنها والدها بحنان،ويبكى لبكائها أيضاً،
أشار لهم أيوب أن يبقوا مكانهم، والتفت لحبيبة التى تنظر بفضول،تود ان ترى من بالخارج،وبابتسامة تحدث..
“حبيبه هشوف حالة فى الطوارئ وأجيلك”..
جال بعينيه بأرجاء الغرفة الفخمة،وغمز لها بشقاوة وتابع بفخر..
“دى المستشفى العسكرى اللى جوزك اتعين فيها ظابط دكتور”
أبتسمت حبيبة بفرحة،ولكن عيونها لم تتوقف عن البكاء،
أرسل لها قبلة بالهواء قائلاً
“مش هتأخر عليكى”..
أنهى جملته، وأسرع نحو الخارج مغلقاً الباب خلفه،
اقتربت منه هبة، وتحدثت بصعوبة من بين شهقاتها..
“طمنى على حبيبه يا أيوب”..
نظر لها أيوب بتأثر وبأسف تحدث..
“البقاء والدوام لله يا هبه”..
قالت هبة والبكاء يختال حروفها ..
“ونعمه بالله..”
رفعت عينيها للسماء..
“لله ما أعطى ولله ما أخذ،ولا نقول الا ما يرضى ربنا إنا لله وإنا اليه راجعون..”
تنهدت بألم..
“طمنى على أختى..”
بكت بنحيب أكبر..وأمى..
قوة إيمانها،وصبرها على أمر الله جعلت أيوب وعبد الرحمن،وحتى والدها ينظرون لها باندهاش،
تنقلت بنظرها بينهم،وقررت دفن وجعها بين ثنايا روحها،فهناك من هم بحاجة إليها،مسحت دموعها،ورسمت ابتسامة زائفة على شفتيها وتابعت..
“بتبصولى كده ليه؟
أطمنوا انا لسه متجننتش..”
ربت والدها على ظهرها وببكاء تحدث..
“من يومك وانتى ست العاقلين يا هبه”..
قبل جبهتها..
“ربنا يكملك بعقلك ويصبر قلبك يا حبيبتى،وقلبنا على الغالى..”
نظرت هبة لأيوب وسألته برجاء “طمنى يا أيوب إيه الأخبار؟؟”
..ابتلعت لعابها بتوتر..
“حبيبه عرفت؟..”
حرك أيوب رأسه بالنفى، وبأسف تحدث..
“مش عارف اقولها”..
صمت قليلاً وتابع بتنهيدة..
“حبيبه حامل”..
تهللت أسارير هبة ووالدها،
وتحول بكائهما لبكاء فرحة،وببكاء تحدثت هبه..
“سبونى معاها لوحدنا شويه وانا هقولها”..
نظر لها والدها بقلق، فبتسمت له، وبتأكيد، تابعت..
“اطمن يا بابا..”
بكت بنحيب..
“خبر حمل حبيبه رد فيا الروح..وحسيت ان ربنا بيطبطب على قلبى..”
نظرت لأيوب..
“بس طمنى على ماما يا أيوب علشان ادخل لحبيبه..”
“أطمنى يا هبه..مامتك انا هعملها عمليه القسطره والدعامه بنفسى وبأذن الله هتبقى زى الفل..”
حركت هبة رأسها بالايجاب،ومسحت دموعها سريعاً، وسارت نحو غرفة شقيقتها،وقفت أمامها تستعيد بذاكرتها قول الله تعالى..
“سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ..
أخذت نفساً عميقاً، وطرقت على الباب، وخطت للداخل بعدما استمعت لصوت شقيقتها، تسمح لها بالدخول،
بتوتر ملحوظ نظر أيوب لعبد الرحمن وتحدث بامتنان..
“تعبتك معايا يا عبد الرحمن..”
ربت على كتفه..
“تسلم وتعيش يا صاحبى..”
قال عبد الرحمن بابتسامة ودودة..
“عنيا ليك يا أيوب..انت عارف غلاوتك عندى..”
بدأ أيوب بالسير ذهاباً وأياباً بقلق، وخوف على زوجته حبيبة من قلبه،
اقترب منه محمد، وتحدث بارتباك..
“لو سمحت يا أيوب يا ابنى انا عايز انقل نجوى لمستشفى التأمين اللى تبع وظيفتها او وظفتى علشان اعملها العمليه هناك..”
قال أيوب معاتباً..
“يعنى يا عمى محمد يبقى جوز بنتك دكتور فى المستشفى هنا وحضرتك تاخد حماتى تعملها العمليه بره؟!..”
اندهش محمد قائلاً..
“ما شاء الله.انت اتعينت هنا يا ابنى؟؟..”
“ايوه يا عمى..الحمد لله بفضل ربنا ودعوات امى..”
نظر لعبد الرحمن..
“واللوا هانى وصاحبى عبد الرحمن”..
حينما يتهيأ العوض بصديق خلوق رغم معرفتهما، التى لم تتعدى غير شهور قليلة،ولكنه أصبح ونعمه الصديق..
قال عبد الرحمن مطصنعاً الغضب
“قصدك أخويا عبد الرحمن..”
“”””””””””””‘”””
..بشقة سيف،
فاجعة، بل فضيحة، جعلت سيف أوشك على الإصابة بشلل حينما شاهد كيف توفى صغيره،
يقف بين رجال الشرطة، الذين شاهدوا تسجيلات الكاميرات معه،خافضاً رأسه بخزى،يود حقاً أن تنشق الأرض وتبتلعه هو وفضيحته،
الصدمة أفقدته النطق للحظات، وفجأة بدأ يضحك بصوت عالِ، ورغم شدة ضحكاته إلا أن دموعه تسيل على وجنتيه بغزارة، بدأ يهزى بالحديث كمن فقط عقله..
“يعنى انا جبت لأبنى مربيه بدفعلها مرتبها بالدولار علشان بكل أهمال ترمى ابنى على طرف السرير..”
تعالت ضحكاته..
“وتجيلى جرى وانا اترمى فى حضنها وأغضب ربنا واسيب ابنى يقع يموت بسببى..”
بدأ يصرخ بجنون..
“ابنى مات وانا السبب..ااااااه يا سفيان..”
ظل يصرخ كثيراً،وبدأ يكسر كل شئ أمامه، بحاله من انهيار التام،
أسرع رجال الشرطه بالسيطرة عليه ووضعوا القيود الحديدية بمعصميه وبأسف تحدث أحدهم..
“حضرتك كده متهم بقضية إهمال انت والمربيه أدت لموت الطفل،ولو مرات حضرتك رفعت عليك قضيه زنا هيبقوا قضيتين..”
بنحيب يبكى سيف، وبندم تحدث من بين شهقاته..
“ايوه انا كنت بزنى وسبت ابنى يقع ويموت،وكمان ظلمت هبه ودوست على قلبها وأتهمتها بقتل ابنها..اعدمونى وريحونى من عذاب ضميرى اللى هعيش بيه طول عمرى..بعترف انى خونت مراتى اكتر من مره”..
زادت حدة بكائه…
“وأخر مره خونتها ابنى مات وانا السبب..”
بما يفيد ندمك الأن؟..
بعدما فقدت صغيرك،ووصمت شرفك،وسمعتك وصمة عار مدى الحياة،
سار برفقة الشرطة نحو مصيره الأسود،تاركاً والدته تبكى دماً، وينزف قلبها حسرة على وحيدها، الذى خذلها بدون ذرة رحمه..
“”””””””””””””’
بأمريكا..
يركض أيمن بكل سرعته خلفه أحمد شقيقه داخل المستشفى المتواجد بها أيوب الصغير،بعدما هاتف أحد الأطباء شقيقه أحمد،وأخبره بتدهور حالته،
وجد والدته تجلس على أحد المقاعد، تضم زوجته الباكية وتبكى لبكائها..
سقط قلبه أرضاً،وجف حلقه،وأوشك على فقدان وعيه من شدة فزعه،وبحذر اقترب منهما وتحدث بهلع..
“أيوب كويس صح؟..”
ابتلع غصة مريرة
“..ابنى عايش يا ماما..”
قالت زينب بابتسامة من بين دموعها..
“اه يا حبيبى الحمد لله عايش..”
انفجر أيمن بالبكاء كطفل صغير، واقترب من والدته ارتمى أسفل قدميها يقبلها مرات، ومرات، وبتوسل تحدث..
“سامحينى يا أم ايوب..”
يقبل حذائها، وهى تحاول جاهدة ابعاده،وتبكى بقوة..
“..علشان خاطر ربنا سامحينى يا أمى..”
أسرع أحمد شقيقه، وأرتمى هو أيضاً أسفل قدم والدته، يقبل قدميها، وبندم تحدث..
“حقك على قلبى ورأسى يا أمى..أنا اسف..”
يقبل يدها وقدميها..
“انا غلطت فى حقك سامحينى..”
قالت زينب ببكاء..
“مسمحاكوا يا ضنايا..قلبى راضى عنكم..
وهيرضى اكتر لما ترجعوا لحضن اخوكم وتبقو ايد واحده زى زمان..”
نظر لها أيمن بعيون يغرقها الدمع، وبتأكيد تحدث..
“هنرجع احسن من الاول..وحياتك يا ام ايوب لنترمى تحت رجل أيوب ونطلب منه السماح بس ترضى أنتى عننا..”
ربتت زينب على وجه أيمن وبابتسامة من بين دموعها تحدثت..
“عارفه يا حبيبى..دا انتوا تربيه ايوب وكنت واثقه فى الله انكم مهما غلطو هتعرفو غلطكم وهترجعو لحضن اخوكم..تنهدت براحه..وبعدين أيوب هو اللى هيجى هنا..”
نظر لها أيمن بعدم فهم، فنظرت زينب لليان، التى تبكى بنحيب من شدة تأثرها تحثها على الحديث،وبصعوبة همست ليان من بين شهقاتها..
“ابنك محتاج يعمل العمليه بأسرع وقت وللأسف الدكاتره هنا رافضين يعملولو العمليه لأن نسبة نجاحها لا تتعدى ال5%..”
قال أيمن بلهفة..
خلاص نسفره يعمل العمليه فى مصر..”
قالت ليان بأسف..
“حالته متسمحش اننا ننقله خطوه من مكانه..”
قالت زينب بصرامة..
“انا هكلم أيوب واقوله يجى على اول طياره..”
تنقلت بنظرها بين ابنيها، وببكاء حاد تابعت..
“ايوب مستحيل يتأخر عنكم ابدا..”
قال أيمن برجاء..
“سبينى انا اكلمه يا أمى..”
بفرحة أومأت له زينب،
فنظر أيمن لزوجته باسترضاء، وعيون راجية أن تسامحه هى أيضاً،
بادلته ليان النظرة بأخرى جامدة،باردة، ولكن بداخلها تود لو ترتمى داخل حضنه لعل قلبها يهدأ لو قليلاً بقربه،
تفهمت زينب نظرتها هذه جيداً، فنظرت لأبنها بغضب مصطنع، وتحدثت بأمر..
“واد يا ايمن خد مراتك فى حضنك ياواد..”
هب أيمن واقفاً، واقترب من زوجته الجالسة،وبلحظة جذبها من خصرها، داخل حضنه،
دفن وجهه بعنقها أسفل حجابها، يقبله بحب، وبرجاء همس من بين قبلاته..
“انا أسف..يا أحلى وأطيب زوجه فى الدنيا..”
بكل قوتها تمسكت ليان به، تضمه لداخل حضنها بلهفه،وببكاء حاد همست..
“أبننا يا ايمن..”
رفع أيمن رأسه ونظر لعينيها وبيقين بالله تحدث..
“بأذن الله هيخف..”
ابتسم بثقة..
“دا اسمه على أسم عمه،وانتى بقى متعرفيش قدرات اللى اسمهم أيوب..”
قبل جبهتها بعمق..
“عمه هيعمله العمليه..”
بكى بقوة..
“وبأذن الله ربنا هيجعل الشفا على إيد ايوب ابن زينب..”
انتبه أحمد على صوت بكاء مكتوم يأتى من خلفه،
استدار بلهفة، ليجد خطيبته تقف خلفه تبكى بصمت،
ممسكة بيدها باقة من الورود، وتنظر له بعتاب ممزوج بالعشق،
اقترب منها أحمد ووقف أمامها،ومد يده بجيب بنطاله وأخرج خاتم خطبتهما،وأمسك يدها، ووضعها بها وقبلها بحب،وبندم تحدث..
“هنا انا اسف”…
قالت هنا بابتسامة خجولة..
“خلينى أسلم على ماما زينب..”
نظرت زينب لأبنائها بابتسامة راضية، وتمتمت لنفسها
“ربنا يحنن قلوبكم على بعض يا ولادى،ويجمعنا بيك على خير يا ايوب يا ابن قلبى..”
“””””””””””””””’
..هبه..
محتضنة حبيبة الباكية بانهيار وبتحذير،وبغضب مصطنع تتحدث..
“حبيبه..أجمدى..”
نظرت لها برجاء..
“قوينى بيكى يا حبيبتى..”
ابتسمت لتخفى دموعها..
“انا مش عايزه اشوفك بتعيطى كده..هتخلينى أنهار انا كمان..”
قالت حبيبة بنحيب..
“ااااه يا سفيان يا قلب خالتك..”
ضمت شقيقتها بحب شديد..
“ااااه على حرقه قلبك يا هبه يا حبيبه اختك..”
ابتعدت عنها، ونظرت لها بحنان وتابعت بأمر..
“عيطى يا هبه..
متكتميش فى قلبك أبوس ايدك..”
قبلت يدها..
“انا مش مستغنيه عنك يا حبيبتى..
قالت هبة بابتسامة حزن..
“انا عندى أستعداد اعيط عمرى كله لو دا هيرجعلى أبنى..”
تنهدت بألم حاد..
“بس أطمنى يا حبيبتى انا الحمد لله راضيه،وأبنى ربنا اختاره يكون فى الجنه..هيكفله سيدنا ابراهيم وستنا ساره لحد ما يجمعنى بيه على خير..”
أحتضنتها حبيبة بلهفة،وتحدثت بحب شديد..
“بعيد الشر عنك يا قلب اختك..ربنا يحفظك لينا يا هبه..”
طرق أيوب الباب، وخطى للداخل بوجه يظهر عليه القلق،
ليشعر بغصة بقلبه حينما لمح زوجته، تحتضن شقيقتها، وتبكيان بنحيب،
أقترب منهما، وربت على ظهر زوجته، بحنان وبجدية مصطنعه تحدث..
“ينفع يعنى تعيطو انتو التلاته كده؟؟..”
على مضض أبتعدت حبيبه عن حضن شقيقتها، ونظرت لزوجها بدهشة، وتحدثت بعدم فهم..
“تلاته مين؟..”
نظر أيوب لهبة وبتساؤل تحدث..
“انتى لسه مقولتلهاش يا هبه ولا أيه؟؟..”
حركت هبة رأسها بالنفى،
فنظر أيوب لحبيبة،ومد يده ومسح دموعها بأطراف أصابعه، وبفرحة لامعه بعيناه تحدث..
“انتى حامل يا حبيبه”..
انتهى البارت..
هستنى رأيكم فى الاحداث..
واستغفرو لعلها ساعة استجابة..الفصل ال14..
تزوجته فقيراً فأغنانى الله به..
✍نسمه مالك✍..