روايات

نجمة الباشا

-عرفت منين؟

غمزها سليم بطرف عينه ومن ثم أخبرها بزهو مصطنع:

-خبرة بقى.

أومأت نجمه رأسها وهي تنظر للا شيء امامها فعم الصمت لثواني قبل أن تتساءل من باب الذوق:

-هو أنت ورامي صحاب من بدري؟

أومأ سليم مؤكدًا بابتسامة سعيدة وقد فتحت بابً لأي حديث:

-اه من بدري فعلاً من أيام ثانوي، اشمعنا؟

هزت نجمة كتفاها وهي تردد:

-لأ اصلي اتفاجأت لما شوفتك، متوقعتش إنه يعزمك يعني وكده بس قولت اكيد انتوا صحاب اوي زيي انا وداليدا.

كانت تتحدث وأصابعها تتحرك بعشوائية لتزيح خصلات شعرها عن وجهها ثم تعود لتمريرها فوق ذراعها تتطلب الدفء، بينما سليم يتابعها في شغف حار ولهفة عكس تحذيرات عقله من التسرع حتى لا يُقلقها، لكنه على غير المعتاد رمى بتحذيراته عرض الحائط واقترب منها وهو يخلع سترته قبل أن يضعها على كتفاها بحركة مباغتة.
تمسك بمشاعر الصدمة الجلية على وجهها حتى يكبح أصابعه من رغبتها جذب السترة وهي معها حتى تلتصق به.
اكتفت نجمة بشهقة مكتومة متفاجئة لفعلته وهي ترفع عيناها تلقائيًا له ممسكه بعينيه البُنية اللامعة في وصال مُلغم بمشاعر تتفجر داخل كلاهما مع كل ثانية تمر، حتى سمعته يهمس أمام وجهها في خشونة مفعمة بالعاطفة وأنفاسه اقتربت حتى صارت تلطم وجهها:

-أنتي جميلة جدًا..

ابتلعت ريقها بتوتر، فليس لسانه وحده الذي ينطق بجملة الغزل فعيناه … وآآهٍ من عيناه حين تتشابك بألسنة نيران العاطفة فتجبرها على الاستسلام.
سعلت بقوة ثم عادت خطوة للخلف تشدد على السترة بأصابع مهزوزة حتى انتزعتها من بين أصابعه وهي تتمتم بصوت رقيق خافت:

-ميرسي.

ارتفع طرف فمه وقد راقه توترها الذي يدل على أنها لم تخض تلك التجربة سابقًا كما كان يشك، رفعت نجمه كأس الصودا تشربه كي تخفف من حدة توتر الموقف مشيرة برأسها للداخل:

-هروح اخد من داليدا موبايلي عشان هي بتشحنهولي.

حرك سليم رأسه وهو يراقبها بابتسامة واسعة، ركضت نجمة في ارتباك لكنها اصطدمت بإحدى الفتيات اللواتي كن يمزحن ويركضن فسقط الكأس على ثياب نجمه التي شهقت وهي تنظر لفستانها المبتل، اعتذرت الفتاة مسرعة:

-سوري يا نجمه سوري بجد مخدتش بالي منك والله.

حركت نجمه رأسها قائلة من بين ابتسامة مجاملة:

-حصل خير..

اقتربت داليدا من الخلف تتفحص فستانها متسائلة:

-هجبلك حاجة تلبسيها عشان الفستان حتى لو حاولنا ننشفه مش هينشف بسهولة!!

حركت نجمه رأسها نافية وهي تخبرها:

-لأ لأ مفيش داعي أنا هروح.

-متأكدة، مش عايزة تقضي اليوم؟

-لا حلو كده، انا اصلا كنت مروحه.

ربتت داليدا على كتفها متابعة في حنو:

-طيب يا حبيبتي زي ما تحبي.

ابتسمت لها نجمه ثم تنهدت متجهه نحو المرحاض، اتبعها سليم الذي لم يرد التدخل لكنه وقف أمام المرحاض منتظرًا خروجها، وبالفعل خرجت بعد دقائق وعلامات اليأس تعلو وجهها، ليباغتها سليم ما إن خرجت قائلًا:

-تعالي معايا هوصلك بالعربية.

رمشت نجمه قبل أن تحرك يدها نافية بهدوء:

-ميرسي يا سليم بس البيت مش بعيد أنا هروح لوحدي.

اقترب سليم أكثر حتى اصبح امامها مباشرةً يشير إلى ملابسها المُبللة التي التصقت بها نوعًا ما:

-انتي عايزاني أسيبك تمشي دلوقتي لوحدك وهدومك لازقه على جسمك كده؟!

عضت على شفتاها في حرج وهي تنظر لملابسها، ورغمًا عنها كأي انثى كلماته الغيورة جعلت شيء من السعادة يداعب جوارحها، ولكنها هزت رأسها نافية في إصرار:

-صدقني البيت مش بعيد، لو بعيد كنت قولتلك، أنا همشي عشان بدأت ابرد من الهوا، باي.

قالت أخر كلماتها بارتباك وهي تعيد له سترته بينما تفر هاربة من أمامه قبل أن يعترض، زفر سليم بصوت مسموع وهو يمسح على خصلاته متعجبًا من عنادها، ولكنه وضع السترة فوق كتفه في إهمال مقررًا التوجه خلفها دون موافقتها.
كانت نجمه في طريقها لمنزلها تسير مسرعة داعية ان تمر الليلة على خير دون يخرج عليها قطاع طرق أو مغتصبون مثلًا، أو ذلك الكلب المجنون الذي يكرهها ويكره وجودها في المنطقة، لكنها ما انهت تفكيرها حتى استوقفها كلب كبير ذو هيئة مُرعبة لأي كائن حي ناهيك عن أنثى ناعمة.
تجمدت لحظات تنظر للكلب الذي بادلها النظر قبل أن ينطلق بخفه مزمجرًا بنباحه، صرخت نجمه وهي تراه يتقدم نحوها مطلقة ساقيها للرياح راكضة للخلف حيث استقبلها بين أحضانه سليم الضاحك الغير متوقع لمظهرها المرتعب، تعلقت بصدره بينما تصرخ في فزع غير مبالية بمن اصطدمت:

-الحقني.. كلب.. في كلب.

استغل سليم الفرصة ليُقربها منه ويسألها باستمتاع:

-الحقك وتديني رقمك؟

هزت نجمه رأسها مؤكدة به.لع:

-حاضر …ااه … هيعضنا اهو شوف الكل.ب.

انت في الصفحة 10 من 29 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
4

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل