روايات

نجمة الباشا

نظر سليم للكلب الذي ينبح دون أن يتقدم نحوهما حتى وبحركة خفيفة من يده كان الكلب يعود ادراجه، أطلقت نجمة زفرة ارتياح، ليستطرد بنبرة ساخرة وهو يرمقها بطرف عيناه:

-لما انتو مش قد الكلاب بتنزلوا لوحدكوا ليه!

وضعت نجمه يدها على صدرها تتنفس بصوت مسموع وهي تتمتم بصوت واهن مغتاظ:

-أنت مش فاهم، الكلب ده مستقصدني كل ما أعدي من هنا.

ارتفع حاجبي سليم في سخرية لكنه همس في خشونة مراوغة غامزًا إياها:

-لو مضايقك الكلب، اسلسلهولك واجبهولك راكع يا قمر.

ضحكت نجمه لكنها استدارت تتنحنح وهي تخبره:

-انا اتأخرت.

سارت خطوة ولكنها توقفت حين قال بعبث ماكر:

-طب اديني رقمك عشان لو الكلب اتعرضلك تاني!

ضحكت نجمه وهي تهتف دون أن تتوقف عن السير او تنظر نحوه:

-زيرو واحد …………..

ومنذ تلك اللحظة والتواصل بينهما لم ينقطع فقد حرص سليم على توطيد علاقتهما طوال الشهور التالية بالحديث والغزل المستمر متعمدًا الانخراط في حياتها حتى وان كان تحت مسمى الصداقة ارضاءً لسبب داخلها لا يعلمه!
***

-بااشاا انا مظلوم يا باشا.

صدح الصوت الإجرامي الغليظ والمندفع من الباب، فانتفض سليم واقفًا في خضه بعد ان اخرجه من سحر ذكرياته ليغمغم مغتاظًا:

-ده أنت لو مظلوم، أنا هفضل اظلم فيك لحد ما تختفي،
الله يحرقك، قطعتلي الخلف !

مسح سليم على وجهه في غيظ ثم أعاد انتباهه مرغمًا إلى الرجال أمامه على أمل مزاولة عمله تاركًا جنون نجمته الآن.

الفصل الرابع:

في اليوم المتفق عليه اللقاء….

كان سليم يتراقص على لهب الانتظار وهو يتصل بها مرة بعد مرة وتلك البلهاء لا تجيبه ابدًا خالطة الأفكار السوداء في عقله يمينًا ويسارًا مطعونة بسم القلق، زفر مقررًا فتح ذلك الموقع الالكتروني كي يتأكد ان كان تمسك هاتفها أم لا.
أمسك جهازه اللوحي يبحث عن الحساب الخاص بها ليرى متى كان أخر ظهور، فتملكت الدهشة الممزوجة بالغيظ ملامحه وهو يرى صورة منشورة للتو من حساب صديقتها معلنة تواجدهم في مطعم بأحد الفنادق!!
تفحص الصورة التي تجمعها مع خليط من الفتيات والشباب وتابع تلك السعادة الني تلوح له من وجهها الأبيض وكأنها تتعمد إغاظته.
تبًا لها..
ها هو يحترق بجمرات الانتظار والقلق وهي هناك مع رجال آخرون تستمتع بوقتها، ركز ببصره على المنشور يحاول تحديد تفاصيل الفندق لاعنًا اهمالها وعدم تفكيرها في نظرة الناس بوجودها في فندق مع هذ الجمع حتى لو أصدقاء.
بل اسوأ هي لم تفكير في خيالاته المظلة التي تتساءل لما دونًا عن كل المطاعم هم متجمعون في فندق؟
عض شفتيه يبعد الشيطان عن أفكاره لا يرغب في الخوض بتلك المنطقة حتى لا يجن جنونه، نهض سليم تاركًا المكان الذي كان ينتظرها فيه، والغضب يغلي بين دماءه، يقسم على إعادة تربيتها وعقابها على اجتماعها برجال آخرون، لا يصدق ان ذويها وافقوا على ذهابها معهم.
استقل سيارته متوجهًا للمكان المنشود في وعيد واخيرًا بعد وقت ليس بطويل، وصل أمام  الفندق، كاد ينزل ويقتحم المكان ليحطمه فوق رأسها لكنه جذب عدة أنفاس يفكر قبل أن يخرج هاتفه متصلًا بها وكالعادة لم تجيب، فأرسل لها رسالة كان محتواها:

” أنا تحت فندق **** لو مطلعتيش حالًا، قسمًا بالله هنزلك بفضيحة وما هيهمني أي حد يا نجمه ”

على الطرف الآخر رن هاتف نجمة بأحد الاشعارات فرفعته في اعتيادية، لتتقابل مع رسالة سليم الغاضبة، ارتج قلبها في صدمة وفزع، مدركة تمامًا أنه قادر على فعلها وهي في غنى عن أي ضجة قد تُصيب سُمعتها بلطخة لن تستطع إزالتها يومًا.
نهضت في سرعة تغادر جلسة العشاء متحججة بكلمات مختصرة لأصدقائها الذين لاحظوا توترها ووجهها الشاحب لكنهم لم يعترضوا ظنًا ان والديها قد عرفوا بأمر خروجها دون موافقتهم.
تحركت في خطوات مهتزة نحو باب الفندق وكل خلية بها تتوسل أن يكون كاذب قاصدًا إخافتها لأنها لم تتواجد في مكان لقاءهما، ولكن للأسف عيناها رصدت هيئته الغاضبة التي لا تبشر بالخير، تقدمت منه في سرعة تعدل خصلات شعرها كحركة تلقائية حينما تتوتر، ثم سلطت فوهة حروفها بوجهه تحت بند جملة ‘ افضل وسيلة للدفاع هي الهجوم ‘ فراحت تصيح غاضبة رغم توترها البين:

-أنت بت.هددني بالفضا.يح يا حضرت الباشا!

انت في الصفحة 11 من 29 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
4

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل