روايات

نجمة الباشا

أومأ سليم مؤكدًا كلماتها، وراقبت عيونه البنية تشتعل بلون غليان القهوة وقد سكبت بنزين على تماسكه دون أن تلاحظ، فرد في لهجته الجافة:

-لأ مش بهددك، أنا بنفذ على طول.

اتسعت عيناها من ثبات نبرته وهو يؤكد إقباله على فعلته القبيحة، ولكن قبل أن تنطق كان يسحبها من مرفقها بعنف مقصود ليُدخلها السيارة متمتمًا بصوت خافت من بين أسنانه:

-أمشي قدامي، الحساب مش قدام الناس.

ضحكت في ع..نف ساخر خالي من المرح اثناء محاولتها تخليص يدها من قبضته العنيفة المؤلمة:

-لأ وأنت الصراحة بتخ..اف من الشوشره والفض.ايح أوي.

أغلق الباب في عن..ف أشد من اللازم هز ثباتها …ثم اتجه في خطوات ثابتة إلى مقعده مشعلًا محرك السيارة بثبات يُحسد عليه رغم هياج صدره بالغضب ورغبته في فك أسر وحشه الثائر الراغب في الانقضاض عليها، لكنه زمجر مجيبًا في نبرة ذات مغزى:

-لو عليا مش بخاف، هما اللي هيخافوا لو شافوا هعمل فيكي أيه!

لوت شفتاها في تهكم وعناد يرتسم ملامحها، ولكن لم تستطع السيطرة على اهتزاز وتر الثبات الذي استبدل بالخوف من كلماته وغض.به الذي تراه يكاد يُمزق مجحري عيناه المُ.خيفة.
وصلا إلى مكان هادئ نوعًا ما به عدد قليل جدًا من الناس ثم نزل من السيارة وهو يزجرها بنظراته:

-انزليلي.

-مش نازلة!

هتفت في خو.ف وتحدي لكنها ابتلعت جملتها فاتحة باب السيارة كي تترجل وحدها ما إن اندفع نحوها ونواياه الواضحة بإنزالها عنوة تسيطر على ملامحه وبدون أي تردد كان يزمجر فيها مفجرًا كل مشاعره:

-إنتي ازاي تسمحي لنفسك انك تخرجي مع شباب يا محترمة!

-مش شباب بس على فكره كان في بنات، وبعدين ده Fun day يعني اكيد مش هروح لوحدي!

أجابته بصوت مرتبك يتردد ما بين الانخفاض والعلو وهي ترمش جفونها في تلقائية متوترة، فازداد صرا.خه حدة وهو يشد على خصلاته القصيرة يكاد يقتلعها من فرط الغضب والغيظ:

-إنتي هتجننيني ليه ولا الهانم فاكرة ان ملهاش حاكم ولا رابط؟!
ده انا هخليه fun زف.ت على دماغك ودماغهم انهارده.

اخفت ارتجافه جسدتها وقفزت مكانها كالقطة الشرسة التي كلما اضعفها إعصار غض.به تحاول النجو بخربشتها:

-وأنت مالك أصلاً دي المرة المليون اللي بقولك فيها انك مش وصي عليا،
هتفهم أمتى ان محدش لي حكم عليا؟!

جذبها سليم من ذراعها بعنف يقربها منه دون اهتمام بفضول بعض المارة المتعلق بشجارهما، صائحًا في نفس الحدة:

-هنشوف يا نجمة في حاكم ولا لا!

سمحت نجمة ليدها بدفعه رافضه اقترابه الماجن منها ثم رفعت حاجبها الأيسر ساخرة:

-إيه هتخليني رافعه ايدي لفوق نص ساعة ولا هتحبسني في اوضة الفيران.

انتهت جملتها بتأوه متألم حين ضغط سليم على ذراعها في عنف وهو يعض شفتيه كي لا يمطرها بوابل من الألفاظ الخارجة الحصرية للمجرمين، لكنه أخرج صوته كالفحيح محملًا بوعيد العقاب:

-ده هيتحدد على حسب أهلك بيعاقب.وكي ازاي!

تجمدت نجمه في مكانها تسأله بحروف مبهوتة كملامحها وداخلها يتوسل ألا يكون ما تتوقعه صحيح:

-إيه علاقة أهلي بالموضوع؟!

ارتسمت ابتسامة صفراء مقيته على وجهه وهو يرد متعمد البرود وكأنه يخبرها بطقس اليوم:

-ازاي مش لازم يعرفوا أن بنتهم بتتسرمح مع الشباب من وراهم ومش في اي سرمحه دي سرمحة فنادق!

زعزع الخوف ثباتها ولكنها حاولت إحكام زمامه فرفعت حاجبها الأيسر مرددة بسخرية ظاهرية:

-لا والله، متقدرش تعمل كده وهتقولهم بصفتك مين أصلاً؟

عقد سليم ذراعاه معًا قاصدًا إحرا..ق كل خلية بها بالذعر:

-الله، ليه كده ده احنا عشرت شهور يا شيخة وسجل المكالمات يشهد علينا،
ولا تلاقيكي كنتي بتمسحيه، ما أنا عارف هواياتك انك تشاغلي الرجالة وابوكي نايم.

صرخت فيه نجمه الغاضبة والتي انسابت دموعها في ألم غير متوقعة وقاحت.ه وكلماته الجارحة:

-وأديك عرفت إني مش محترمة وبتاعة رجالة حل عني بقا.

حينها انقشعت قشرة البرود التي تغطي ملامحه وهو يقترب منها ليهدر فيها بنبرة غل.يظة متوعدة:

-بعينك، أنا هوريكي بتاعة الرجاله بيحصل فيها أيه لما تقع مع راجل بجد!

وقبل أن تنطق بكلمة اخرى كان يسحبها بقوة معاودًا إدخالها للسيارة وكأنها شيء مملوك وليست بشر، حاولت الهبوط وهي تصرخ في عنفوان رافضة التواجد معه أكثر، وسمحت لغضبها في إطلاق سيل من الشتائم نحوه لكنه تجاهل كلماتها الوقحة مغلقًا الأبواب الكترونيًا، تاركًا إياها تصرخ بنبرة منفعلة:

-افتح الباب، وسيبني في حالي بقولك!

لم ينظر لها حتى وهو يغمغم بنبرة جافة:

انت في الصفحة 12 من 29 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
4

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل