
الفصل الخامس عشر (15)
لم تكن خطيئتي.
طالع هيئتها في الظلام وهي قابعه فوق الاريكه تدفن رأسها بين ركبتيها.. كان ثائراً من فعلتها ولكن عندما رفعت عيناها نحوه تجمد في وقفتها
الانهيار كان واضحاً فوق ملامحها ، عيناها لا تحمل الا الوجع والكسره والخيبه… وانطفئت زرقة عينيها والسبب هو
اقترب منها زافراً أنفاسه بقوه
– مش هحاسبك الليله ديه… بس اللي اتعمل مش هيعدي بالساهل
السخريه ارتسمت فوق شفتيها تتسأل داخلها كيف اغرمت بطباع هذا الرجل
– لو عايز نتحاسب دلوقتي معنديش مانع
وعاد البريق يدب في عينيها لتنهض من فوق الاريكه تُطالعه
– مش هتعمل فيا اكتر من اللي اتعمل
ثم صفقت بيديها والقهر يغزو قلبها وروحها الجريحة
– هتضربني مثلا ولا هتقولي انا اتفضلت عليكي واتجوزتك وانتي واحده مسخ مشوها… ولا هتقولي انك اشترتني بفلوسك ولا اني السبب في الفضيحه والجوازه… ماترد ياعاصم بيه
صمته ونظراته زادتها غضباً لتدفع فوق صدره بقوة
– لو صابر بيه سبني ومشي وافتكرت ان ماليش حد وتقدر تستقوي عليا بجاهك وتكسرني تبقى غلطان
تجلجت ضحكاته يطرق كفوفه ببعضهما وقد اعجبه تمردها وهاهي ايمان تعود
– يعنى كنتي عايزه تهربي والمفروض تتعاقبي وواقفه قصادي تبجحي فيا… لا طلعتي قطه بتخوف
– وبتخربش كمان ياعاصم بيه
– كنتي عايزه تهربي ليه ياايمان
صمتت تُطالعه بملامح باهته ولكن عيناها مازالت تتوهج ببريق الغضب
– اقولك انا السبب…
وعندما طالعت نظراته التي تبدلت للخبث فهمت مقصده.. نفضت جسدها من اسر ذراعيه ترمقه بوجع
– عقلك بيوصلك حاجات غلط ديما ياعاصم بيه… اوعاك تفتكر اني طايقاك
– ايمان
صرخ بها يقبض فوق ذراعها بقوه وعاد القهر ينبض بقلبها من جديد… فلا امل من هذا الرجل
– عايز تعرف كنت عايزه ههرب ليه
اشارت نحو قلبها وعيناها تفيض بالآلم
– ده جواه نار… عارف يعني ايه نار
وانسابت دموعها والقهر يُغلف صوتها.. يديه اجتذبتها رغم رفضها
– النار ديه انا عايش بيها من زمان ياايمان… حظك تقعي في ظلام عاصم العزيزي… ايه اللي جابك من بلدك لهنا ليه جيتي
والحيرة كانت تدق قلبها تربط بين كوابيسه التي تسمعها كل ليله ثم بروده الذي يحاوطها صباحاً كأنها شاهدته في جرم
ابعدها عنها يمسح دموعها
– نصيبك تعيشي في ظلام وقسوة عاصم العزيزي… ومش هتتحرري منه ابداً
– ده ظلم ياعاصم… ظلم
– ايوه انا ظالم وقاسي ياايمان
اغمضت عيناها وجعاً حتى عندما تشعر ببصيص الأمل فيه تضيع امالها كأنها لم تكن
شعرت بذراعيه حول خصرها ثم بعدها لم تشعر الا بضعفها وهي بين احضانه…يغمرها بعاطفة تسحبها نحو الهاوية تجعلها تُعطيه كل شئ بسخاء وهو كالظّامِئ ينال كل مايريد.. ايمان ليست خديجه التي كانت تنفره.. صرخ بقلبه وعقله ايمان لا تنفره بل تحب لمساته مهما ناطحته وحاربته لا يشعر معها إلا بأكتماله ورجولته
ابتعد عنها ينظر لعينيها والصدمه كانت له.. لم يرى منها الا عشقاً
وعاد لذراعيها ثانية يهمس لها بحنان يُقبل حروقها دون نفور
ومعه كانت تكتمل روحها كما يكتمل هو والقرار كان صعباً بين القلب والعقل
*****
توارت بجانب إحدى الأشجار تخفي حالها.. دقائق مرت وهي تلتف حولها تنظر هنا وهناك خشية ان يراها أحداً
لمعت عيناها بتربص نحو القادمه حتى اقتربت منها
– معلش ياست لطيفه اتأخرت عليكي
أخرجت لطيفة الزجاجه من أسفل ثيابها تعطيها لها
– يالهووي ايه ده ياستي
– هووس هتفضحينا… اسمعيني كويس المايه اللي في الازازه ديه تتفضي كلها في اكل سيدك حامد
شهقت الخادمه بخوف مما سيحدث لها
– يامصيبتي ياستي عايزه تموتي سيدي حامد
لترمقها لطيفه ممتعضه تزفر أنفاسها
– اموت مين يابت.. ده جوزي
وتنهدت بسأم من وقوع اختيارها على تلك الخادمه
– اعملي اللي قولتلك عليه وانتي ساكته ومتخافيش اوي… ديه مية محبه عشان سيدك يرجعني
تهللت اسارير الخادمه عندما رافقت لطيفه كلامها بالمال لتلقط منها المال تشمه بسعاده
– ده جوزك ياستي وانتي أحق بي.. ده حتى جوازته التانيه ديه مفيش بينهم اي حاجه وعلطول صوت سيدي عالي ده بقى حتى بيكره البيت
والسعاده كانت تغمر لطيفه وهي تستمع لكلام الخادمه… وكما حذبته قديماً لها بالسحر ستعيده اليها.. فمعركتها مع فتحي شقيقها مازالت طويله وتلك المره حامد لم يرحمها وانقلب عليها
*****
بصعوبة أخرجت الزجاجه التي دستها في ملابسها… انتهزت فرصه إعطاء السيدة رسمية ظهرها لها وفروغ المطبخ الا منهما لتكسب محتوي الزجاجه في طبق الكوارع الخاص ب حامد وقد طلبه اليوم من السيده رسمية
وضع الطعام لتشتم هي رائحته بتلذذ… فمنذ يوم اتفاقهم على الهدنه وأنها مجرد ايام تقضيها وعاد المنزل يتسم بالهدوء حتى عملها لم يحجر عليها بقرارته بل تركها تفعل ما تُريد ففي النهايه هي زوجة في العقد لا أكثر وانشغل هو ببناء المصنع الذي يُشارك به عاصم كما انشغل في امر فتحي…فحامد العزيزي لا ينسى حقه مهما طال
تعلقت عيناها ب رسمية التي وضعت طبق الكوارع فوق الطاوله
– ايه ديه ياخاله رسميه
ابتسمت المرأة بحب
– ديه كوارع يابنتي… حامد بيه طالبها
شهقت بسعاده تلحس شفتيها
– كوارع… انا بحبها اووي انا اخر مره كلتها من تلت سنين
اندهشت رسمية من حبها لتلك الاكله فلم تتوقع أنها تُحبها.. ألتقطت رحمه الطبق وبدأت في التهامه .. تحت نظرات رسمية المصدومه
استمعت رسمية لنحنحة حامد تخشي غضبه… ولكنه أشار إليها بيده بأن تنصرف
راقته هيئتها الغارقة في الطبق تمصمص شفتيها واصابعها بتلذذ
– مكناش نعرف ان الاستاذه بتحب الحاجات ديه كنا عملنا حسابك بدل ما اخدتي طبقي
هتف عبارته لترفع عيناها نحوه ترمقه شزراً
– ومحبهاش ليه… ابقوا اسألوني بعد كده عن الأكل اللي بحبه ده انا حتى ضيفه وبكره افتكركم بكرمكم
صدحت ضحكته وهو يسحب مقعده حتى يجلس
– وماله نكرمك ونعملك كل اللي انتي عايزاه حق خدماتك برضوه
هزت رأسها تبتلع الطعام وقد شعرت بسخريته
– خدماتي عليك كتير.. مش كفايه وشي اللي لسا مخفش
ارتشف حامد الشربه بصوت مسموع حتى يضايقها
– ياريت تخليكي في الطبق بتاعي االي هجمتي عليه وسيبني اتغدى يابنت الناس , لأحسن انتي كلامك ببلعه بالعافيه من مسخته
التوت شفتيها ممتعضه تُكمل تناول طعامها فالقلوب كما يقولون عند بعضها
*****
طالعته وهو يقف أمام المرآة يتأنق بمظهره كالعاده..التف نحوها يرى ابتسامتها الواسعه التي ترمقه بها فرفع حاجبه مُتعحباً من نظراتها
– ممكن اعرف سر السعاده ديه
– فرحانه بيك
وكلمه كانت بألف كلمه ومعنى.. اقترب منها بعدما طالع هيئته للمرة الاخيره أمام المرآة
– وانا ابتسامتك ديه بتبسطني ياقدر
توردت وجنتيها وعيناها عالقة به تسأله
– انت رايح حفله مش كده
التقط يدها يلثمها وتعلقت عيناه بها
– النهارده حفلة افتتاح المشروع الجديد… نامي بدري ومتستننيش
ورافق حديثه بقبلة وضعها فوق خدها ليتركها بعدها مُغادراً
لا تعرف لما حزنت انه لم يطلب رفقتها فهى لا تخرج من المنزل معه إلا إذا رافقها لمنزل خالها وهم مرتان لا أكثر ومره كانت سفرتهم لبلدته ولا تحب أن تتذكر تلك المره
اغمضت عيناها تزفر أنفاسها حتى لا تجعل شيطانها يُنسيها ما تعيشه معه فبالتأكيد هو يعرف ان الحفل لن تروق لها فهى حفله عمل وما الفائده التي ستجنيها اذا رافقته
خاطبت حالها حانقة
– طب حتى كان قالي تعالي لو بالكدب انا كده كده مكنتش هروح
لتضرب جبهتها ممتعضه من أفكارها
– مالك ياقدر انتي هتدوري على النكد… ديه حفله شغل مش رحله هي
****
تألقت شيرين كعادتها لتكون نجمة الحفل كما اخبرتها صديقتيها
– ايوه كده عايزينك شيرين القويه.. مش مجرد كلمتين قالهم ليكي هتصدقيه
باهتت ملامح شيرين وهي تتذكر اللقاء الاخير بينهم
– مالك يانهال براحه عليها… احنا مصدقنا تخرج من الحاله اللي وصلت ليها
ولم تتم شروق باقي حديثها الا والتمعت عيني نهال
– شهاب جاي لوحده.. مش قولتلكم ديه جوازه متعه مش اكتر
اتسعت عيني شيرين وكأنها كانت تنتظر تلك القشه لتعود وتُعلق آمالها
– والله شكلك يانهال هتكسبي الرهان ونسمع قريب انه طلقها زي ما طلق جومانه فخري
وازدادت جرعات الأمل داخل قلب شيرين وهي تسمع اسم جومانه والي الان لا تُصدق ان شهاب كان متزوج من عامً ونصف من تلك التي تُدعي جومانه وانفصلا بعد شهرين من تلك الزيجة التي لا لم يعرف عنها احد الا القليل ومن بينهم كامل زوج نهال صديقتها
– تفتكروا مش حابب يظهر معاها
هتفت شيرين عبارتها ترغب ان يكون بالفعل حدث بينهما خلافً
– والله ديه اكيد البدايه… وزي مظهرش جومانه قدام الناس معاه كزوجه واطلقوا …. واهي ديه كمان محدش بيشوفها معاه يبقى النهايه واحده
وابتسامه واسعه حطت فوق شفتي شيرين… لتدفعها شروق للأمام
– دلوقتي فرصتك اثبتي نفسك بوجودك حسسيه ان هو الخسران
أكدت نهال على كلامها تهتف بمكر
– وانا هشوف واحد صحفي يلقطلكم كام صوره حلوين , خليها تتقهر وتعرف قيمة نفسها
رفعت شيرين رأسها بأعتزاز تُلقي عليهم قبلاتها
****
استيقظت من غفوتها بعدما شعرت بثقل جسده يُجاورها فوق الفراش… رفعت رأسها تفرك عيناها
– معلش صاحيتك.. حاولت معملش اي حركه عشان عارف نومك خفيف
ارتسمت ابتسامه ناعسة فوق شفتيها
– كنت عايزه استناك بس نمت من غير ما احس
حركت يداها فوق خصلات شعرها ترتبهم جعلته ينتبه لما ترتديه.. التمعت عيناه بوهج لم يعرفه يوماً ينظر لمفاتنها.. والرغبة كما يخبره كامل صديقه انها ستنطفئ بعد فتره مهما كانت شعلتها
– اتبسطت في الحفله
التف نحو الجهة الأخرى ينفض رأسه من الصراع الذي يدور داخله… التقط العلبة المخملية التي وضعها فوق الكومود حينا عودته
– ايه ديه ياشهاب
أعطاها الهديه ينظر لعينيها الناعسة بتوق
– ديه هديتك.. ما انا قولتلك ياقدر مع كل نجاح او صفقة ليكي هديه
– بس نجاحك هو هديتي.. انا مش عايزه حاجه
وعندما وجدها ستستطرد في الحديث ادارها حتى يُصبح ظهرها مقابل له يفتح العلبة المخملية لتشعر بعدها بشئ بارد حول عنقها.. لتتعلق عيناها بالعقد تضع اصابعها عليه وقد راقها
قبلات متفرقة وضعها خلف عنقها متمتماً
– عجبك
اماءت برأسها تلتف نحوه… ليضيع هو مع تلك النظرة التي طالعته بها… انها تُطالعه كأنه أثمن شئ بحياتها
*****
دلفت لغرفته تستعجله حتى يتناول معها وجبة الغداء فاليوم عطلة من عمله.. بحثت بعينيها عنه لتجد ملابسه فوق الفراش
طالعت باب المرحاض المغلق مقربة اذنيها منه فتسمع صوت رذاذ الماء
كادت ان تطرق فوق الباب تُخبره بأنتظارها ولكن صوت رنين هاتفه بتلك النغمة المخصصة للرسائل جعلتها تتراجع نحو الفراش تلتقط هاتفه
لم يكن يوماً لديها فضول اتجاه شيئاً ولكن معه كانت تختبر مشاعر عدة
التمعت عيناها بالغيرة وهي ترى رسالة تلك المدعوة نسرين تُخبره بأنتظارها له في موعدهم
تلفتت نحوها تلقي الهاتف فوق الفراش تتجه نحو غرفتها تنظر لهيئتها
*****
جنون كان يعرف انه أصابه… لم يعد يتحمل رؤيتها كأنثي.. قلبه يُصارع تلك المشاعر التي بدأت تتغير نحوها ولكن قلبه كان الأمراصبح يُعجبه.. عيناه تعلقت بتفاصيلها وهي تجذبها من ذراعه
– يلا ياادهم الغدا هيبرد
قادته نحو طاولة الطعام وكاد ان ينطق بشئ الا انها لم تعطي مجالاً له… تدس بإحدى اللقمات بين شفتيه تسأله ببراءة
– ايه رأيك… بعرف اعمل لازنيا
– عهد انا
ولقمة وراء أخرى كانت تدسها بجوفه حتى اخذ يسعل
– كفايه ياعهد… خلاص مش قادر
ابتسمت بحب تمسح له الطعام العالق على طرفي شفتيه
– عجبك الاكل
– هو لو كنتي مدياني فرصه كنت هتسمعي رأي
صدحت ضحكتها لتُخرج له لسانها تُمازحه
– عشان تسمن وتربرب
التقط يدها يجذبها نحوه يضحك هو الآخرعلي عبارتها
– بما انك زغطيني زي دكر البط تعالي بقى
وكما فعلت كان يفعل معها بالمثل… ولكن كان يطعمها وهي بين ذراعيه
التفت اليه والطعام بفمها
– كفايه ياادهم
وعندما لم تجد منه ردت فعل الا حشر الطعام بفمها التقطت شرائح البطاطس تدسها بفمه
وأصبح الغداء ما بين حشر وسعال
افلتت جسدها من اسر ذراعيه تركض من أمامه هاربه نحو الاريكه ليلتقطها بذراعه يدفعها فوقها ينظر إليها بوعيد
– ليكي مزاج تلعبي وتهزري النهارده
هتفت ضاحكه تنظر اليه تشاكسه
– خلاص ياادهم.. ده انا كان غرضي شريف وبأكلك.. مش كفايه بوظت الدايت اللي انا عملاه
– دايت ايه وانت شبه خلة السنان
احتدت عيناها بطفوله تقف أمامه تضع بيديها حول خصرها
– نعم ايه خلة السنان ديه
ثوبها يميل فوق كتفيها يظهرهما بسخاء..شعرها المشعث يُعطي لهيئتها فتنة عابثه.. عاد خافقه ينبض من جديد بمشاعر يعرفها تماماً يُشيح عيناه بعيداً عنها متمتماً
– روحي يلا ذاكري وانا هلم الاكل وبعدين خارج…
اعترضت بطفوله
– لا انت وعدتني ان النهارده هتقعد معايا… انا بقعد كتير اوي لوحدي
– عهد
هتافه الحاد جعلها تندفع نحو غرفتها حانقه.. تنهد بسأم يحك فروة رأسه
واتجها نحو غرفتها يطرقها يهتف بأسمها
– عهد مش اتفقنا نبطل شغل العياط ده… الاجازه اللي جايه أوعدك تبقى ليكي
– انت كل شويه تقول كده… انا الغلطانه عشان بعشم نفسي
ضحك على عبارتها الاخيره فدلف للغرفه ينظر إليها مُقترباً منها
– عهد عندي ميعاد مهم ولازم اخرج
انتفضت من فرق الفراش تدفعه بعيداً عنها.. فالموعد هي تعرفه تماماً
– روح لميعادك يابشمهندس
تعجب من اللقب الذي تجاوزاه منذ فتره ليرفع حاجبه مستنكراً
– تحبي اجبلك ايه وانا راجع
ولم يجد صدى لسؤاله الا بكاءً مريراً رافقها ..تدس وجهها أسفل الوساده ، سيُقابل تلك الفتاه ويتركها هي
زفر أنفاسه بقوه يجلس جوارها فوق الفراش يرفعها برفق
– بتعيطي ليه دلوقتي
الاجابه كانت على طرفي شفتيها تود ان تصرخ بها ولكن هو أخبرها ان مشاعره لن تتجه نحوها يوماً
ضمها اليه يهتف بحنان
– بطلي عياط… مش عايز اخرج واسيبك كده
انفتحت في البكاء اكثر تدفن وجهها بعنقه… لم يشعر بيديه وهي تتحرك فوق ظهرها ثم ذراعيها العاريان.. يُهدئها كطفلة صغيره
يداه انغرزت في خصلات شعرها الطويله يفرده بين اصابعه يشم رائحته… والقلب يُريد المزيد… والمزيد كان يأتي كلما دفنت وجهها اكثر في عنقه تطوقه بقوه وكأنه هكذا لن يأخذه أحداً منها
يديها تحركت لعنقه تهمس برجاء
– متخرجش النهارده.. خليك
وشئ واحد كان يسمعه… صراخ القلب به يدفعه ان يُجرب ما يتوق اليه… قبلة بسيطه فقط يُريدها وستكون بريئة فوق رأسها
ومااراده القلب كان أكثر… وانتهى الأمر ولم يعد للتراجع شيئاً بعد… كل شئ ناله بسخاء وعطاء
****
تسطحت فوق فراشها تتقلب يميناً ويساراً وتارة أخرى تقضم اظافرها…انها تراه أجمل رجلاً … وتتمنى حضنه
اغمضت عيناها تتذكر رائحته هذا الصباح وزفرة حارة كنت تخرج من بين شفتيها مع تخيلاتها
اعتدلت في رقدتها تضع بيدها فوق قلبها الذي يخفق.. انها تشتاقه بشدة ولم يأتي حتى تلك الساعه
استرقت السمع تستمع الي صياحه بإحدى الخادمات… لتنفض الغطاء من فوق جسدها تلتقط نظارتها وتُسرع اليه
دلفت غرفته دون طرق لتشهق بخجل تُدير رأسها عنه
– البس بسرعه
التوت شفتي حامد تهكماً وهو يرتدي ملابسه
– قولي عايزه ايه واخلصي.. دماغي مش فايقه للخناق
التفت نحوه تشيعه بنظرات لأول مره يراها تحملها له
– مالك بتبصيلي كده ليه
عضت شفتيها ويداها تفركهما لتزداد دهشتة يفصحها بنظراته
– انا مش فايقلك لتنطقي لتمشي
أسرعت نحوه تلف ذراعيها حول خصره والدهشة مازالت ترافق عينيه
– وحشتني
الصدمه تملكته ليرفع عيناه نحوها لتأتيه الصدمة الأخرى
– انت جميل اوي ياحامد… وشنبك حلو
رافقت عبارتها وهي تتحسس خديه ثم شاربه… لتتسع مقلتيه لا يستعب ما يسمعه… دفعها عنه يشعر بالريبة
– أنتي بتخططي لايه
والتمعت عيناه بشر يقبض فوق ذراعها
– عملتي مصيبة ايه , ما انا عارف الحريم تعمل المصايب وبعدين تقلب قطط…
– دراعي ياحامد… وجعتني
رقة ووداعة ونبرة ناعمة والدهشة تتملكه اكثر
– يابوي راسي هتنفجر… انتي مين ياست انتي
تصلب جسده وجحظت عيناه وهو يجدها تتمسح بصدره هامسة
– انا رحمه
– رحمه مين ؟
رفعت عيناها اليه بوداعة اطارت ما تبقي من عقله
– رحمه مراتك… عينك حلوه اوي ياحامد
وحامد أصبح رجلاً وسيماً بعينيها… استنكر تغزلها يدفعها بعيداً عنه ثانية
– عيني حلوة ازاي وهي سوده
اتسعت ابتسامتها تقترب منه مجددا تشب على أطراف اصابعها
– عجباني… وشعرك كمان جميل اوي
– لا انتي تروحي اوضتك دلوقتي
ابعدها عنه ولكنها وقفت متشبثه به تجذبه من تلابيب ملابسه
– انت مش حاسس بمشاعري ليه
حجظت عينيه على وسعهما فاتحاً فاه ببلاهة
– مشاعر
*****
انتفض مفزوعاً من جوارها ينظر اليها بصدمه… لقد تم كل شئ وبعد أن كان يُفكر في تحريرها من هذا الزواج بعد أن يصل بها لبر الأمان انتهى كل شئ ودمغها بأسمه قولاً وفعلاً
فرك عنقه يزفر أنفاسه يتذكر تفاصيل ماحدث… مجرد قبلة انتهى بهم المطاف لما يراه أمام عينيه
فتحت عيناها تبتسم له ولكن نظرات عيناه الجامده أخبرتها بمشاعره
ضمت الغطاء فوق جسدها تخفض عيناها تتحسر علي حالها.. ف السعاده دوماً معها لا تدوم
– عهد انا
– متقولش حاجه.. غلطه ومش هتتكرر تاني
زفر أنفاسه بقوه يُدلك جبهته
– عهد انا حقيقي مش عارف ده حصل ازاي… عهد انا كنت ناوي احررك مني بعد ما اطمن عليكي واسيبك تختاري حياتك وتلاقي الإنسان اللي يحبك
واردف وهو يشيح نظراته بعيداً عنها
– سلمتيلي نفسك ليه بس ياعهد
نيران نهشت احشائها وماعاشته بحياتها لا يأتي ذرة مما تعيشه تلك اللحظه.. لقد اطفئ سعادتها ويسألها لما سلمته حالها برضي
ضحكت ساخره على حال قلبها
– اطلع بره
صرخت بكل ما تحمله من آلم ليجفل هو خائفاً عليها
– عهد
– اطلع بره… بره مش عايزه اشوفك… انا بكرهك
قبضة مؤلمة اعتصرت قلبه وهو يسمع تلك الكلمه منها..انسحب من الغرفه يدفع كل ما يُصادفه يود لو يصب لجام غضبه على أحداً
****
انتظرت الرساله التي اخبرتها بها هناء انها ستبعثها لها… ارتجف قلبها خوفاً ان ترى ما يوجعها
اهتز هاتفها بين ايديها تفتح الرساله … وصوره وراء صوره كانت تقع عيناها عليه والآلم ينهش روحها
انها صور الحفل الذي لم يُفكر في أخذها معه ليُقابل طليقته والصور خير دليل
الشك ينبض بقلبها وماعساها ان تفعل فما عاشته من خيانه لم يكن بالهين ويبدو ان التجربه تعود وشهاب هو كريم وهي الوحيدة المغفلة
انتفض جسدها ورنين هاتفها يتعالا تنظر لرقم هناء
– مروحتيش ليه مع جوزك ياخيبه حفله زي ديه … كل ست بتكون متعلقة في دراع جوزها ومبتسبهوش
والحقيقه التي لا تعلمها هناء ان زوجها هو من لم يدعوها لذلك الحفل…
زفرت هناء أنفاسها مقتاً من سلبية صديقتها كما تظن
– ياقدر بلاش تبقى خايبة وفتحي عينك كويس
وهي كانت بعالم آخر… عالم الآلم الذي لا يُريد ان يتركها
*****
وحضن اخر كانت تحتضنه به امام الخدم وقد اتسعت عيناهم وحامد يتحاشا ذراعيها حانقاً من النظرات التي تحدق به
– والله انا ما بقيت عارف ايه الحب اللي نزل عليكي مره واحده ده
طالعته بعينيها التي أصبحت نقطه ضعفه ترمقه ببراءة
– يعنى مش عايزني احبك ياحامد
اغمض عيناه يتحاشا مطالعتها
– يابنت الناس كفايه رقه… لأحسن انا موعدكيش من اللي هيحصل
التصقت به ترفع عيناها نحوه تداعب صدره
– هيحصل ايه
وبصراخ هتف
– ياخاله رسمية
اقتربت رسمية بعدما افزعه صراخها وجعلها تترك ما بيدها وتسرع اليه
– مالك ياحامد بيه
دفع نحوها رحمه بنفاذ صبر
– خديها من قدامي وشوفيلها دكتور ولا حاجه
اقتربت منها رسمية تسألها
– مالك يابنتي فيكي ايه
– هو ليه مبيحبنيش زي ما بحبه ياخاله
ضمتها اليها رسمية لا تعرف ما تخبرها به… فلا احد يُصدق تلك المشاعر التي أصبحت تحملها له بعدما قرر هو تجنبها واعطاءها حريتها قريباً
– قوليلي ياخاله أعمل إيه عشان يحبني
*****
فعلت كل ما اخبرتها به رسمية ، ارتدت الثوب الذي احضرته لها.. تزينت وخلعت نظارتها … تعطرت وتركت شعرها منسدلاً خلفها
لتصبح في أبهى هيئة تخطف الأنفاس
جميلة هي ولكن جمالها كانت دوماً تخفيه… خرجت من غرفتها بخفه تتجه نحو غرفته
انتفض من نومه يشعر بيد أحدهم على وجهه… تعلقت عيناه بها يهتف بأنفاس مضطربة
– أنتي بتعملي ايه هنا
اندست بين احضانه تتمسح به كالقطة
– انت بتوحشني اوي ياحامد
ابعدها عنه مجفلاً
– يابنت الناس ابعدي عني
– حامد انت بتعمل ليه كده
– بعمل اللي مفروض يتعمل… انتي نسيتي اتجوزنا ازاي
اماءت برأسها تبتسم لا تُلقي بالاً بما تفعله به
– ايوه انا عارفه.. بس حبيتك ياحامد
– حبتيني هو انتي لحقتي , اوعي تكون العلقه اللي اخدتيها من الستات اياها أثرت عليكي
وكأن حديثه لا يفيد بشئ ، ضاقت انفاسه فالحمقاء يُبخها ويبعدها عنه حتى لا يقع في المحظور وهي مازالت أمامه تبتسم له كالبلهاء