
الفصل الأخير (1)
لم تكن خطيئتي.
أغمض عينيه بقوه من أثر لمساتها التي أرجفت جسده وجعلته غير قادر على تمالك حاله، وجدها تتحرك نحوه تتحسس شاربه
– انت جميل اوي
ورغماً عنه كان يبتسم
– رحمه روحي اوضتك , .يابنت الناس عايزك تمشي من هنا صاغ سليم عشان متفضليش طول عمرك تدعي عليا
ورحمه كانت في عالم آخر لا ترى الا هو
– مش عايزه ابعد عنك.. خليني معاك
اضطربت مشاعره من قربها ليدفعها بعيداً عنه برفق
– انا مش عايز اتحمل ذنبك طريقنا مختلف يابنت الناس
ابتعدت عنه تمسح دموعها… فقد فعلت كل مااخبرتها به رسمية ولم تجد الا الرفض والنبذ
رؤيته لدموعها جعلته يزفر أنفاسه بقوه يقبض فوق ذراعها
– يابنت الناس ده في مصلحتك
اماءت برأسها تتحاشا النظر اليه
– بكره لمى هدومك اوديكي عند الحج إمام لحد ما نشوف هنخلص من موضوعنا ازاي وكل واحد يروح لحاله… ومتخافيش مش هتطلعي خسرانه من الجوازه الفلوس اللي عايزاها هتاخديها
انهمرت دموعها كالشلال فوق خديها
– مش عايزه منك حاجه
سحبت ذراعها من قبضته تخطو نحو الباب…التفت نحوه تنظر اليه لآخر مره وكأنها تودعه
لحظه كانت فارقة بين القلب يرغب والعقل يرفض وبين هذا وهذا لم يشعر بما يفعله… تعالت شهقتها بعدما اجتذبها قبل أن تخطو خطوة للخارج يضمها نحوه
والقلب اخذ ما يتوق , وانتهى الأمر
****
استيقظت على محاولة نهوضه من جوارها تتشبث فيه كطفلة صغيره
– رايح فين
– رايح اشوف مشاغلي يارحمه
ازاح ذراعها عنه لكنها ابت ان تتركه فتعلقت بعقنه
– انت كل يوم في الشغل مفيهاش حاجه لو مرحتش النهارده
وبدأت تُدندن له بلحان خاص ولأول مره يكتشف انها تملك صوتً جميلاً… ورغم عدم اعترافه بتلك الأشياء او الميل نحوها الا انه جلس يستمع اليها
– كفايه يارحمه
توقفت عن الغناء تمط شفتيها
– لا مش كفايه
ابتسامة ولطافة وغناء ووجه بشوش فلم يعد لديه حصون قوه
همس بلطف لم يكن فيه
– عايزه ايه
وبصراحة أخبرته ما تُريد لتلمع عيناه يجذبها اليه مزمجراً
والقلب يهوي ويميل ولم يعد للصمود معنى
****
منذ أربعة أيام وهو يشعر بتغيرها معه… لا تنتظر عودته.. ابتسامتها اختفت حتى حماسها بدء ينطفئ
اعد كل شئ رغم انه يشعر بالضيق من حاله فعيد ميلادها مر عليه اكثر من شهر وهو يتذكره اليوم
عادت من محاضرة الدورة التي تدريسها دون حماس ولكن المفاجأة كانت أمامها
” السيدة فاطمة وفتنة وعهد وادهم يقفون يصيحون بفرحه”
وهو يقف جانبهم مبتسماً ينظر إلى ملامحها التي اخذت تتغير شيئاً فشئ
– كل سنه وانتي طيبه ياقدر
– الحفله ديه عشان انا.. بس انا عيد ميلادي عدي
هتفت مُتسائله بدهشه… ليقترب هو منها يحتضنها مُقبلاً جبينها
– اسف ياحببتي… الغلط مني انا نسيت
” حبيبتي ” شهاب يُخبرها انها حبيبته بعدما تركها لليالي تُصارع أفكارها، تكره جسدها الذي اشتاق لمساته وتكره بالأخص قلبها الذي احبه وكأنه لم يتعلم الدرس
طالعت عهد ما تراه بآلم…فمن تفتح قلبها على يديها اعتبرها خطيئة لا يجب أن يغفرها لنفسه.. لم يغفل أدهم عنها وبين صراع قلبه وعقله كان العقل ينتصر يجعله يرى ان مافعله ليس إلا الصحيح
مر الوقت وسط الضحكات والمزاح الذي جعل فاطمه تبتعد عنهم تخفي دموع سعادتها فمنذ زمن لم يعش هذا البيت تلك اللحظات
*****
اقتربت الخادمتان من بعضهم يتهامسون عما يحدث… فلا احداً يُصدق ان حامد قضى اليوم في منزله وغرفته مع تلك التي لم يكن يهدء المنزل من شجارهم
ارتشفت رسمية من كأس الشاي تنهرهم عما يتحدثوا به ولكن قلبها كان ينبض بالسعاده
واحداهن تقف بعيداً تلطم خدها
– ست لطيفة هتدبحني , ده العمل اشتغل بالعكس
*****
مرت من جانبه تحمل الطبق المُعبأ بالطعام تتجه نحو غرفتها
– اقعدي كلي طيب هنا
ولكن كالعاده منذ تلك الليله لا رد ولا اجابه يحصل عليها منها
عهد تعاقبة كالاطفال
*****
ضمها اليه يشعر كأن روحه عادت اليه من جديد.. خمسة أيام يعدهم بالتمام والكامل كانت بعيده عنه.. خمسة أيام عرف فيهم أن ضحكتها وحضنها أثمن شئ حصل عليه بالحياه.. خمسة أيام أدرك انه ما يقوده نحوها ليست مرهقة متأخرة كما يُسميها الرجال او لحظة اندفاع قادته لها انما هذه سعادته المُقدرة
– عايز اعترفلك بسر
ارتفعت عيناها نحوه وقد بهتت ملامحها
– مالك اتخضيتي كده
ضحك وهو يعود لضمها بقوه داخل احضانه وكأنه يخشى فقدها
– كنت هتجنن الايام اللي فاتت وانا شايفك بعيده عني وحرماني من ابتسامتك
وانخفض بشفيته يلثم خديها
– اكتشفت اني بقيت احب ارجع البيت عشانك…
واردف وهو يزفر أنفاسه الهائجة من تلك المشاعر التي لم يختبرها يوماً لا مع شيرين او جومانة
– قدر انا مبعرفش الح على حد انه يقولي زعلان من ايه ويمكن احياناً مبهتمش… طبيعتي كده
– يعني انا مهما زعلت مش هتلاحظ
اتسعت ابتسامته وهو يرى شراستها في عينيها
– ما انا لحظت اه… بس بعد حرمان
توردت وجنتيها من مغزى كلماته تدفعه عنها
– وانا بقى مبعرفش اقول لحد اني زعلانه
– طب والحل
– انت الراجل ولازم تلاقي الحل
وإجابتها كانت الفيصل بل مسك الختام… الذي ادركه في صباحه وهو يستيقظ على وجهها المبتسم
*****
وقفت قبالته تُهندم له ملابسه مبتسمه
– تمام كده
التمعت عين عاصم بالدهشة… ايمان التي كانت تتشاجر معه ليله امس.. اليوم تُطالعه بأبتسامتها الدافئه وتهتم به
– يعنى خلاص نسيتي موضوع الشغل وسمعتي الكلام
تجاوزت حديثه كما أخبرها الحج محمود فالعند مع عاصم لا يُفيد… بضعة مفاتيح أعطاها لها وكلما كانت اقتربت منه اكتشفت ما رسخ بعقله وبحاجة لازالتها وما يفعله حتى يظهر أمامهم قاسي… طباع متوارثه وطباع هو من اورثها لنفسه واللغز محير مع كوابيسه
– منستش.. بس انا واثقه انك مش هتحرمني من حاجه بحبها وهتفكر
ارتسمت السخريه فوق شفتيه كالعاده وهو يلتقط زجاجة عطره
– بتتعلقي في حاجه مش هتحصل… انا معنديش ست تشتغل
ابتلعت كلماته مُرغمة… فمدام أحبت هذا الرجل لابد أن تتحمله بعقده وطبعه المتحجر
ولم يترك لها مُهلة لتحاوره فأنصرف بعدما التقط متعلقاته
تنهيده مكبوته خرجت من اعماقها تدب بقدميها فوق الأرض
– ملقتش راجل غيرك احبه
****
خرجت من المنزل تتوعد لتلك التي تُدعي نعيمة… ف حامد لم يأتي الي الان لجلبها وفتحي شقيقها يُلاعبها بدنائة كلما أرادت التكلم
انحبست أنفاسها واتسعت عيناها وهي تشعر بثقل جسدها الذي يُجر ولم تعرف ماحدث لها بعدها
لطمة خفيفه شعرت بها فوق خدها تلتف حولها بخوف.. ثلاث رجال يقفون
وواحد منهم يُطالعها بنظرات لا تفهمها
– هي ديه اخته
هتفت لطيفه بخوف
– انتوا مين
أخرسها الرجل بسلاحه يستمتع بنظراتها الخائفة
– صوتك ميتسمعش
صرخت بقوه فباغتها الآخر بصفعة قويه
– قولنا صوتك ميتسمعش
لحظات مرت ينتظرون تلك المكالمه.. اما تركها او تنفيذ ما امروا به
تعالا رنين هاتف كبيرهم ليرتسم الشر فوق شفتيه
– اوامرك هتتنفذ ياباشا
– الباشا بيقول فكوها ورجعوها
وعندما وجد أعين رجاله تلتهموها بشهوه اردف وهو يقترب منها يرفع ذقنها
– اطلعوا بره
– انت هتعمل ايه… ابعد ايدك عني
عادت لصراخها بعدما فكوا قيدها ورحل الرجلان
جذب ثوبها يشقه بقوه … والمصير الذي اضاعت به صديقتها ضاعت به هي
تناوبوا عليها ثلاثتهم حتى انقطعت أنفاسها وغرقت في دمائها
****
التفت حولها بضجر تزفر أنفاسها تنظر لساعة يدها من حيناً لآخر… تعالا رنين هاتفها لتلتقطه
– كل ده ياهناء… انا بقالي نص ساعه قاعده وحقيقي مش حابه المكان انتي اللي اصريتي نتقابل هنا
اغلقت هناء الأوراق التي أمامها تتنهد بيأس
– يابنتي يعني جوزك يكون مشتركلك في نادي راقي ونضيف ومش بيضم اي حد وانتي تقوليلي مبحبش الأماكن ديه… أظهري شويه خلي طليقته تعرف وتتأكد انك مش مجرد نزوة بحياته
اقتنعت قدر قليلا برأيها ف إلي متي ستظل مبتعده عن عالمه لا تُدافع عن حقوقها
– ماشي ياهناء… خمس دقايق ولاقيكي عندي
– خمس دقايق قلبك ابيض ياقدر… ساعه وتلاقيني عندك
ولم تنتظر سماعها فأغلقت بوجهها
– ساعه ياهناء… الله يسامحك انا غلطانه اني قولتلك تعالي نخرج
– قدر مش كده
التفت خلفها تنظر لصاحبة ذلك الصوت
– اه انا.. انتي تعرفيني
طالعتها نهال بتقيم تسحب المقعد تجلس عليه
– انا نهال مرات المستشار كامل صديق شهاب
ارتسمت ابتسامه هادئه فوق شفتي قدر
– اهلا وسهلا
وابتسامتها بدأت تتلاشى شيئاً فشئ… ف نهال لم تأتي للتودد معاها كما ظنت
– انا سمعت انك مخلفتيش من جوزك الأول… وشهاب اكيد مش هيصبر زي اي راجل
واردفت بقسوة تقصدها بعدما أدركت مدى تأثير كلامها عليها
– لو مبسوط معاكي فده لفتره وبعد كده افتنانه بيكي هيروح وهيدور على اللي تناسبه ويكون ليه منها ولاد…
نهضت قدر من أمامها حتى ترحل.. لقد ضغطت على أصعب جزء تستطيع تحمله، يُعايروها بما لا دخل لها فيه.. انها مشيئة الله وهل يعترض المرء على مشيئته
ولكن نهال لم ترحمها
– مش معقول شهاب العزيزي مش هيفكر يكون ليه ولد ده غير انهم صعيده والعزوة اهم حاجه عندهم…
– كفايه خلاص مش قولتي اللي عايزاه…شهاب عارف اني ممكن مخلفش
– وانا واثقه ان جوزي بيحبني واني غاليه عنده
التوت شفتي نهال خبثاً تعطيها هاتفها
– اتفرجي على الصور.. واعرفي انك زيك زيها , ديه جومانه فخري اعلاميه معروفه لو بتسمعي عنها… طليقة شهاب اتجوزها من سنه ونص
****
تجاهلت رقم هناء للمرة العاشرة تبحث عن بعض المعلومات تخص تلك المرأة… صور رغم عمليتها وجدتها تجمعهم… تاريخها يرجع قبل أكثر من عاماً ونصف
تحجرت عيناها تُلقى بهاتفها وجسدها فوق الفراش تُغمض عينيها قهراً… لما لم يخبرها عن تلك الزيجة.. والله اعلم هل يخفي عليها زيجة أخرى تمت بعيداً عن الأعين
كلمات نهال لا ترحمها كما لم يرحمها قلبها وهو يُخبرها بحماقتها
وعادت صوره تمر أمامها… يحتضن الأخرى… تداعب عنقه واخرى كانوا وكأنهم على وشك تقبيل بعضهم
صرخت بوجع تنهض من فوق فراشها تندفع لاسفل لتجد فاطمه امامها تستعجب حالتها
اتسعت عيني فاطمه وهي ترى تلك المسماه بجمانه في الهاتف الذي تعطيه لها
– كانت مراته مش كده
اطرقت فاطمه رأسها فشهاب مدام لم يُخبرها عن زيجته الأخرى فبالتأكيد لا يُريد ان تعلم
– اعفيني يابنتي من الاجابه
تحركت نحو غرفتها بخطي واهية تلتقط بعض من حاجتها.. انه ك كريم والرجال جميعهم متشابهون حتى لو كانت زيجة قبلها لما اخفاها عنها
شهقت فاطمه مفزوعه وهي تراها تهبط الدرج تحمل حقيبة صغيره بيدها فأسرعت نحوها
– يابنتي ده كان متجوزها قبلك… وانفصلوا بهدوء زي ما تجوزوا بهدوء
ولكن لا شئ كانت تسمعه الا انها ك جمانة وكما تزوجها بهدوء سينتهي كما بدء مع شقة وسياره وحساب بالبنك ك جمانة
****
تجمدت قدمي حامد وهو يسمع هذيانها
” اخدتي حقك مني… بس انا أخذته منك وبقي بتاعي”
لتصرخ بعدها
” ابعدي عني… متضحكيش ليا”
اندفعت الممرضه لداخل الغرفه تعطيها ابرة مهدئة تنظر إليها بشفقه
– على الحاله ديه من ساعه ما وصلت امبارح… منهم لله اللي اغتصبوها
اقترب منها حامد يُطالعها لتنظر له الممرضة بتوجس
– هي مين ياقوت ديه
والآلم عاد ينهش قلبه مُجدداً… طالعها حامد بنظرات قاتمة لتهتف بخوف
– اصلها مش على لسانها غيرها… بتقولها انتي اللي عملتي فيا كده زي ما عملت فيكي
*****
والحقيقه كان يعلمها من إحدى زوجات فتحي اللاتي تركهم بعدما طلقهم ورحل هارباً بالمال الكثير بعدما نصب على احد تجارالسلاح وباع له الأرض بعد وهمه له ان بها مقبرة فرعونية
ارتجف جسد الواقفه وكانت اول زيجات فتحي
– مكنش ينفع اتكلم… فتحي شراني ولطيفه متتخيرش عنه كانوا ممكن يحرموني من ولادي
والصوره اتضحت والآلم عاد لروحه بعدما دواه
حبيبته اغتصب والفاعله كانت تنام بين احضانه ، وهو كان كالمغفل
****
احتدت عيني منير وهو يسألها للمره التي لا يعرف عددها
– يابنتي انطقي زعلانه من جوزك ليه
طرقت عيناها باكية تترجاه ان يُطلقها قبل ان تعود اليه مكسورة ثانية
– طلقني منه ياخالي
انتفض منير من مكانه يخشى سماع المزيد
– هو شهاب اتجوز عليكي
نفت برأسها ليزفر أنفاسه براحه عائداً لمكانه
– ياسميره حضري الاكل عشان نتعشا واقوم اروحها بيتها
– لا مش هروح.. وعايزه اطلق
شهقت سميرة بعلو صوتها تلطم صدرها بعدما استمعت لصراخها
– يامصيبتي تطلقي…
طرق الباب اخرجهم من حالتهم… لينهض منير متجهاً نحو الباب يفتحه وسميرة تجلس جوارها تضمها إليها تواسيها
– تعالا اتفضل يابني
دلف شهاب للداخل يلتقط أنفاسه براحه بعدما وجدتها بأمان… وعندما تلاقت عيناهم نظر لمنير برجاء
– ممكن يااستاذ منير تسمحلي اخد قدر ونطلع الشقه فوق نتكلم
– طبعا يابني ديه مراتك.. قومي ياقدر مع جوزك
وقبل ان تعترض اقترب منها
– بنت اختي الحلوه… اللي بتسمع الكلام
نهضت متأففة تتحاشا النظر نحوه … تخطته صاعده لأعلى وهو خلفها يزفر أنفاسه بقلة حيلة
– انا عايزه اطلق
واخر كلمه اراد سماعها منها لم يشعر الا وهو يدفعها نحو الحائط يلصقها به
– الكلمه ديه مسمعهاش تاني مفهوم
– لا مش مفهوم.. انا مش هستني اكتشف جوازه تانيه ليك..مش هتركني على الرف واكون الزوجة المطيعة الهاديه
اغمض عيناه بقوه يتذكر تفاصيل ماحدث منذ ساعات فقد كان عائداً والتعب يدب في انحاء جسده يرغب في حضنها وابتسامتها التي تزيل عنه تعبه… ولكن كل هذا تبخر في لحظة وفاطمه تقف أمامه تُخبره بتركها للمنزل والسبب اصبح يعرفه
– جوازي من جمانه كان قبلك وقررت انسى الصفحة ديه من حياتي
دفعته عنها وحديث نهال ومعايرتها لها يضج داخل قلبها الجريح
– شهاب ارجوك امشي وسيبني… انا خلاص مش عايزه حد ولا حاجه سيبوني في حالي وكفايه بقى مش هستحمل
وانهارت في البكاء تضرب فوق صدرها… آه مقهورة لفظتها من بين شفتيها ودموعها تغرق وجنتيها لينظر إليها مصدوماً.. فالأمر يبدو اكبر من قصة جومانه
– قدر قوليلي قالتلك ايه..
صمتها وبكائها زاده غضباً نحو شيرين متوعداً لها فمن غيرها ستفعل ذلك… اقترب منها يضمها اليه رغماً عنها
– اهدي ياقدر… اهدي ياحببتي
وارتجف جسده وهو يسمعها تهمس له بصوت مكسور
– طلقني ياشهاب
*****
اتسعت ابتسامتها تُلقي بهاتفها بعدما انهت حديثها مع نهال تُخبرها بتفاصيل ما فعلته.. وهاهي الخادمه تُخبرها بمجئ شهاب إليها
اسرعت بأرتداء ملابسها وترتيب شعرها لتخرج له وعلى وجهها ابتسامة زادت غضبه
– شهاب مش معقول
صرخة متألمة خرجت من شفتيها عندما اجتذب ذراعها يقبض عليه
– أنتي ايه ها.. نفسي افهم ايه الانانيه وحب التملك اللي عندك… عملتي ايه في مراتي انطقي
– متقولش مراتي
صرخ بأهتياج يدفعها عنها
– مراتي ياشيرين… قدر مراتي.. قدر الست اللي حبيتها بجد.. قدر اللي مقدرش استغني عنها.. قدر اللي عوضتني سنين عمري اللي عيشتها معاكي.. قدر اللي رجعت قلبي يدق من جديد وعلمتني يعني ايه دفى وعيله وحب … اقول تاني ولا خلاص
– كفايه… كفايه ياشهاب
– ياريتك بتحسي وبتفهمي
وعاد يجذبها اليه يصرخ بها
– قولتلها ايه وصلها للشكل ده , صور جمانه استحاله تعمل فيها كده
– مقولتش حاجه ديه نهال
– ارجعلي ارجوك ياشهاب… وانا مش عايزه حاجه تاني , انا موافقه ارجع زوجه تانيه ليك… انت كده كده مش هتخلف منها
والحقيقه قد ظهرت وليس هو برجلاً غبي ألا يلتقطها… لقد جرحوها في نفس الشئ الذي طعنها به طليقها
– انتوا ايه الجبروت اللي فيكم … كامل وانا هعرف ازاي اخد حقي منه ومن مراته
ورمقها ببغض حقيقي جعل جسدها يرتجف
– شهاب انا مقصدش
– مش عايز اشوفك بعد كده في حياتي المشروع اللي بينا لو السيد رأفت منزلش يمسكه مكانك او خالد ابن عمك اعتبريني انسحبت منه… حتى السيد نشأت وجودك في معاه هلغي اي حاجه بينا وهتكوني انتي السبب
بكت وصرخت وتوسلت وهو لم يعد لديه طاقه لتحمل المزيد منها
– كفايه ياشيرين كفايه… ضيعتي سنين من عمري معاكي وبعدها ضيعتيني وخلتيني شايف الستات كلها شبهك… لحد هنا وكفايه
ومثلما جاء رحل وانتزع الأمل من قلبها ولم يترك لها الا الندم والقهر
اقتربت منها الخادمه تواسيها تشفق على حالها الذي تستحقه
****
القى بكل مايقع أمام يديه يُحطمه بقدميه…. صرخ حتى تحشرج صوته
وهتف بأسمها معتذراً فقد تزوج ممن قتلتها بل وجعل احشائها تضم طفله
قتلت حبيبته جعلته يعيش ليالي مقهوراً يتخيل مشهد اغتصابها
– كان نفسي اخدلك حقك يا ياقوت…
تعلقت عيناه بتلك التي وقفت في ركن الغرفة منزوية تشهد حاله ضعفه
– امشي من هنا مش عايز اشوف حد
– حامد
هتف بصياح يُلقي نحوها تلك الوساده التي وقعت تحت يديه
– قولت امشي من وشي مبتفهميش
وأنها الحقيقه هي لا تفهم حالها…اقتربت منه وقبل ان ينهرها مُجدداً ضمته إليها
– طلع كل اللي جواك… انا هسمعك ومش هتكلم
استكان بين ذراعيها دون ان يشعر يدفن وجهه بعنقها
– هي السبب يارحمه هي السبب لطيفة موتتها وانا اتجوزت لطيفه
كانت خير من يستمع اليه… وخير من تقبلت غضبه هذه الليله اخرج بها كل طاقته حتى أصبحت لا تقوى على تحريك جسدها ولكنها تحملت
طالعها وهي تنظر له بأبتسامة هادئه يمسح فوق ذراعها العاري
– قولتلك ابعدي عني
وكالقطه الوديعة اندست بين ذراعيه تتمسح به
– وانا عايزه افضل جانبك
******
انتفض من جانبها بعدما فاق من كابوسه يلهث أنفاسه بقوه ، كانت كل ليلة تشعر به ولكنها كانت تخشي ان تفتح عينيها أمامه ولكن اليوم حاوطته بذراعيها دون خوف
– اهدي ياعاصم
لمست صدره برفق تتحسسه حتى هدأت أنفاسه يُطالعها بعيني جامدتين
– ابعدي عني ياايمان
– مش هبعد ياعاصم
اضاءت عيناه بالظلمه التي يخشاها عليها منه ولكنها اليوم كانت مصممه ان تكون جانبه حتى في اسوء حالاته لقد تجاوزت معه الكثير
– عارف مش هبعد ليه زي ما انت مش بتبعد عني وانا خايفه من نظرتك لجروحي بتضمني ليك بتحسسني اني ست كامله ف عينك
ضمته اليها بقوه وقد عاد عاصم الذي تعرفه في لحظاتهم الخاصه دون تعنته وقسوة قلبه
– انا منك ياعاصم… انا حبيتك بعيوبك وبظلامك وبكل نواقصك…
همس اسمها بلحن عجيب على اذنيها
– ايمان
ابتعدت عنه تنظر لعينيه التي دبت الحياه بهما ثانية.. وقد قالها ابن العزيزي قالها بعدما اقسم يوماً ان لا يقولها
– بحبك ياايمان
ودفئ ذراعيه غمرها… كانت تطير معه فوق السحاب..مساوءه بكفه ولحظه تقضيها بين ذراعيه تساوي كل شئ.. عاصم هو النقيض بحد ذاته ومدام احبته فلتحارب ظلامه
*****
والدعوه كانت لهدف وهي قد فهمتها رغم حداثة سنها… تأنقت رغم ما تشعر به الا انها قررت أن تظهر له انها تجاوزته وتجاوزت تلك الليله
وقفت امامه ليُطالعها بأعين مبهورة
– مش هنروح الحفله
ازدرد ريقه يرمقها بملامح شغوفه فسيكون كاذباً لو قال انه نسي تلك الليله التي حُفرت في أعماق قلبه
– متأكده انك عايزه تروحي الحفله ومذاكرتك طيب
احتدت عينيها عندما شعرت برفضه لاصطحابها
– والله انا عارفه مواعيد مذاكرتي كويس وانا محتاجه ارفه عن نفسي قبل الامتحانات
وتخطته تلتقط الهديه التي جلبتها لتلك المسماة ” نسرين ” وقد أتت إليها تدعوها لحفل عيد ميلادها وكأنها تُريد ان تُرسل لها رسالتها
– نسرين تزعل مني ياادهم
وبطريقه متلاعبه هتفت عبارتها لتتسع عيني أدهم
– ولو قولتلك انا مش عايز اروح… وتعالى اذاكرلك
نفضت ذراعه عنها برفق تثير مقته بنظراتها وحركاتها
– وانا قولتلك عايزه اروح اشوف أعياد الميلاد بتتعمل ازاي… ونسرين تزعل ياادهم
وعادت تُكرر عبارتها حتى زادته جنوناً
– ماشي ياعهد
اجتذبها من خصرها يُحاوطها والحنق يغمره اما هي كانت تود لو تصرخ عاليا بالقهر ،فمهما تظاهرت فالجرح غائر
*****
تركت رضيعتها فوق الفراش تركض اليه بخوف من صوته
– مالك ياكامل بتزعق ليه
– يعنى مش عارفه بزعق ليه
طالعته بخوف تخاف ان يعرف مافعلته لقد اوصت شيرين بشده الا تظهرها هي
– وطي صوتك البنت نايمه
اجتذب ذراعها نحو غرفتهما يدفع جسدها بقوه
– لمى هدومك وعلى بيت اهلك يانهال
اتسعت عيناها من الصدمه فكامل زوجها لم ينطقها من قبل وهل بعد هذا العمر ستذهب لأهلها
– غلطه ومش هتتكرر تاني ياكامل
– قولت على بيت اهلك عشان تعرفي تمشي ورا كلام صاحبتك ازاي وتخسريني صاحبي , وانا اللي كنت فاكر ان شيرين اتغيرت
واستطرد متهكما يرمقها بمقت
– خمس سنين اتجوزته كرهته فكل الستات وانا بغبائي بعد ما السعاده رجعت لحياته انضميت ليكم وليل نهار ازن عليه عشان يرجعها ويطلق مراته… منكم لله
وانصرف من أمامها يضرب كفوفه ببعضهما لا يعرف أين كان عقله عندما انحاز لجبهتهم