
الفصل الحادي عشر
سميه كانت واقفه على باب الأوضة ودموعها نازله على خدها وهي مش مصدقه اللي شايفاه بعنيها، جوزها في حضن واحدة تانية غيرها. لفت عشان تمشي، اتصدمت بعزام، رجعت خطوات للخلف ومسحت دموعها بارتباك وخوف شديد.
عزام بخوف مفرط:
مالك يا ماما؟ بتعيطي ليه؟ كنتي في الأوضة بتعملي إيه؟
سميه مسحت دموعها وحاولت تتكلم طبيعي واتكلمت بهدوء:
ما فيش حاجة، إنت كنت رايح فين؟
عزام بعدم اطمئنان:
نازل رايح الشغل. كنتي بتعيطي ليه بقى؟
سميه بدموع بتلمع في عينيها:
إنت مش عايزني أعيط بعد اللي عرفته؟ عارف يعني إيه تعيش مع واحد أكتر من 20 سنة، وفي الآخر تكتشف بعد العمر ده كله إنه متجوز عليك؟ إحساس صعب، وحش أوي. حاسه بحاجة جوايا اتكسرت ومش هعرف أصلحها مهما حاولت.
عزام حضنها وقبلها على دماغها بحنية:
والله ما يستاهل ظفرك حتى. أنا مش عارف إنتي اتجوزتيه على إيه. كل واحد بياخد اللي شبهه، وإنتي مش شبهه. حقك عليا، ما تزعليش. أنا آسف.
ضمته في حضنها وربطت على ظهره بحنان، وهي عارفة إنه موجوع أكتر منها، بس هو كده طول عمره مهما يكون موجوع أو مهموم بيحاول يصبر نفسه بحنيته عليها.
سميه بحنية مفرطة وحب:
إنت مغلطش عشان تتأسف. أنا طول عمري عايشة معاه وصبره علشان خاطرك إنت وبس. روحي حبيبي شغلك، ما تشغلش بالك بأي حاجة تانية. أنا وأبوك أصلاً بعاد عن بعض من زمان قوي.
عزام نزل وشه في الأرض بإحراج شديد:
أروى…
قاطعته سميه بابتسامة هادئة بتداري فيها كل وجعها:
ما تقلقش عليها، أنا عارفة إنها ملهاش أي ذنب. هي عاملة إيه دلوقتي؟ كان باين عليها إنها تعبانة.
عزام اتنهد بتعب واتكلم بهدوء منافي بركان النار اللي جواه:
ابقي ادخلي شوفيها شويه كده، وخلي حد من الخدم يبعتلها الأكل. وأنا مش هتأخر في الشغل وهجيلك على طول.
سميه بحب:
تروح وتيجي بالسلامة، ربنا ييسر طريقك.
سميه استنيت عزام يمشي واتنفست بهدوء وهي بتحمد ربنا إنه ما خدش باله من الأوضة اللي بابها مفتوح. دخلت أوضتها ودموعها على خدها.
في أوضة أروى: كانت واقفة في البلكونة بصه على عزام وهو خرج من القصر وغمضت عينيها بوجع، وهي مش قادرة تستوعب إن والدتها عملت فيها كده. خرجت من الأوضة وسألت الخدم على أوضة والدتها، لقيتها في نفس الدور اللي هي فيه. راحت عند الجناح بتاعهم، وقفت قدام الباب وخلّت يدها على الباب بتردد.
جلال كان نايم على السرير بعمق، وفريدة قاعده جنبه بصه وهي بتفكر هتعمل إيه في الأيام الجاية بعد ما سميه عرفت جوازهم.
صحي جلال على صوت خبط الباب، بص لها، لاقيها سرحانة واتكلم بصوت كله نوم:
فريدة، شوفي مين بيخبط. مش عارف أنام.
بصيتله فريدة وانتبهت لصوت خبط الباب، هزت دماغها بهدوء وقامت من على السرير، خدت الروب لبسته وخرجت من الأوضة وهي بتقفل الرباط، وقفلت باب الأوضة وراحت فتحت باب الجناح.
أروى بصت للي لابسته واتكلمت بصوت مبحوح محاولة تطلعه طبيعي:
أنا جايه أسالك سؤال واحد بس وهمشي على طول.
فريدة بصت لها مطولاً وفتحت لها الطريق، واتكلمت بهدوء:
ادخلي نتكلم جوا.
دخلت أروى وقعدت على الكنبة، وفريدة قعدت قدامها بصت لها واتكلمت بتساؤل:
إنتي كنتي فين يوم ما عمار خطفني؟
فريدة بان عليها التوتر، بصت لها وحاولت تكون طبيعية، واتكلمت بعتاب ظاهر في نبرة صوتها:
إنتي بتشكي فيا يا أروى؟ هي في أم تضر بنتها أو تأذيها؟ إنتي سالتيني السؤال ده أكتر من مرة، وفي كل مرة بقولك إني بعد ما كلمتك وأنا تعبانة، طنط اعتماد جارتنا جت خدتني وطلعنا على المستشفى، ولما جيت اكتشفت إنك موجودة وإن عمار استغل إنك في البيت لوحدك وأنا في المستشفى، وعمل عملته.
كانت بتسمعها ودموعها نازلة على خدها، حطت إيديها الاتنين على وشها واتكلمت من وسط دموعها:
أنا مش عارفة إيه اللي بيحصل في حياتي. دماغي عمالة توديني وتجيبني. وكرهت نفسي مش عارفة إيه اللي حصل وقتها. نفسي أقابله عشان أقوله أنت عملت فيا إيه وأنا مش دريانة باللي حواليّا.
فريدة حاوطت كتفها بإيديها وأخذتها في حضنها وربطت على كتفها بحنية:
مش هو قالك إنه ما عملش حاجة؟ ليه شاغلة تفكيرك وعقلك بحاجة هتتعبك؟ بطلي تفكير في الموضوع ده.
أروى دفنت وشها في حضنها واتكلمت بصوت مكتوم:
مش عارفة أبطل تفكير. هو قال لي إنه ما عملش حاجة، بس أنا مش قادرة أصدقه. أنا وقتها كنت متبنجا ونايمة ومش حاسة بأي حاجة بتحصل حوالي. والله أعلم إيه اللي حصل. ما أكيد مفيش واحد هيغلط وييجي يقول أنا غلطت ويعترف بغلطه. ودي مش حاجة سهلة. أنا بصلي كل يوم وبدعي لربنا إنه يسامحني على حاجة مش بإيدي. والله ما بيدي.
فريدة بحنان:
إنتي بتبرري اللي حصل. أنا عارفة ومتأكدة إنك مبتكدبيش. أنا أمك، وإيديكي قولتي مش بيدك يعني حاجة خارجة عن إرادتك.
أروى من وسط بكائها: