منوعات

حكاية عزام الثالث

أنا تايها ومش لاقية نفسي، ولا عارفة أدور عليها. محتاجة كل المشاكل اللي حواليّا تتحل عشان أقدر أعيش وألاقي نفسي. مش عارفة دماغي مشتتة. مفيش تفكير عايز يترتب. أنا محتجالك أوي يا أمي، متسبنيش في المتاهة دي وتبعدي.

مرّت إيديها على ضهرها بحنية:

أنا دايماً جنبك، وعمري ما هسيبك ولا هبعد. اهدي، وامسحي دموعك، وأنا هعرف أخليه ينطق إزاي.

رفعت وشها بصت لها بعينيها الباكية، وقبل ما تتكلم قاطعها كلام جلال اللي فتح باب الأوضة وخرج وهو بيتكلم:

فريدة، إنتي رحتي فين كل ده؟

أروى قامت وهي بصه في الأرض بخجل مفرط:

طب هبقي أجيلك وقت تاني.

خلصت كلامها وخرجت من الأوضة بسرعة، وقفلت الباب وهي ماشية في الممر رايحة على الجناح بتاعها قبلت سميه.

سميه بهدوء منافي حزنها الشديد:

كنتي فين وأنتي تعبانه كده؟ الدكتورة محذرة إنك تتحركي من على السرير.

أروى حسّت بخجل شديد منها من اللي والدتها عملتها معاه، اتكلمت بخيبة:

طنط، أنا عايزاكي تعرفي إني معرفش أي حاجة حصلت من اللي ماما عملتها.

سميه هزت رأسها واتكلمت بمشاعر خليّة:

اللي زي جلال ما يتزعلش عليه. أنا مستحملها وعايشة علشان عزام ابني.

نزلت رأسها في الأرض واتكلمت بحزن:

يا بخت عزام إنه عنده أم قوية زيك بتدعمه وتقويه وقت الشدة. كفاية إنه بينطق كلمة “ماما” وبيحس بمعناها.

سمية حاولت تغيّر مجرى الكلام، واتكلمت بصرامة شديدة:
“إنتي مكلتيش، تعالي ننزل أحضّرلك الأكل، أنا عايزة حفيدي يبقى كويس.”

أروى بصتلها واتكلمت برقة:
“فطرت مع عزام قبل ما يروح الشغل.”

سمية مسكت إيديها بحنية استغربتها، وقالت:
“يبقى تشربي كباية لبن وسندوتش خفيف جنبه، لازم تتغذي وتاكلي كويس حتى لو مش جعانة، كُلي أي حاجة قدامك لأنك مبقتيش بتاكلي لوحدك، إنتي بتاكلي وبتأكليه معاكي.”

أروى مشيت معاها بكسوف، نزلت تحت ودخلت المطبخ، قعدتها سمية على السفرة وقعدت معاها.

سمية بصّت للخادمة وقالت:
“زينات، اعملي كباية لبن للهانم مع الفطار.”

الخادمة جهزت الفطار وحطّته قدامها، أروى بصتله وقالت باعتراض:
“بجد، ماليش نفس يا طنط، آكل تاني.”

سمية بابتسامة:
“غلّبي نفسك وكُلي حتى لو لقمة صغيرة، أنا من هنا ورايح كل وقتي هيبقى لحفيدي وبس.”

أروى ابتسمت بعدم اطمئنان بسبب هدوئها المبالغ فيه، حد غيرها كان هيكرهها ومش هيطيق يبصّ في وشها، بدأت تاكل بارتباك وخوف شديد على طفلها، بس أقنعت نفسها إن مافيش حد هيأذي حد من دمه. خلّصت واستأذنت منها وطلعت تنام لأنها حسّت بخمول.

عزام كان قاعد في مكتبه، جاله تليفون، قفل اللاب توب وردّ.

البودي جارد:
“عزام بيه، كل اللي أمرت بيه اتنفذ، وهو دلوقتي في نايت كلوب، هبعتلك اللوكيشن.”

عزام بصوت غليظ:
“عينك ما تتشالش من عليه لحد ما أجيلك، وخلي الرجالة مستعدة.”

قفل التليفون قبل ما يسمع ردّه، قام خد البالطو ولبسه وهو خارج من المكتب بكل هيبة وكبرياء، خرج من الشركة، ركب عربيته وانطلق.

في خلال ساعة، كان وصل المكان، نازل من العربية ودخل، دور عليه من تحت النظارة لحد ما لاقاه قاعد على البار وفي واحدة قاعدة قدامه وبتضحك. بصله وشاور للجاردي بإيده إنهم يقفوا في مكانهم، وراح عليه.

بص للبنت اللي واقفة معاه واتكلم بحدة:
“شوفي إنتي رايحة فين، عايز دكتور عمار في كلمتين.”

عمار بصله واتصدم من وجوده، وكان لسه هيقوم من مكانه، منعه عزام لما مسكه من ياقة قميصه بحدة واتكلم بفحيح جنب ودنه:
“رايح فين؟ ده أنا ما صدقت ألاقيك، بقى كده تخليني ٣ شهور ألف حوالين نفسي عشان أوصلك؟”

بعد عنه وقعد على الكرسي اللي على البار قدامه، بص للنايت كلوب وشاورله يمشي، واتكلم بسخرية:
“هتقولي بهدوء ومن غير شوشرة كل حاجة بالتفصيل يوميها، ولا أعرف بطريقتي؟”

عمار بلع ريقه بصعوبة واتكلم بخوف شديد:
“إنت تقصد إيه؟ أنا مش فاهم حاجة!”

عزام سحب الكباية من قدامه وكسرها، غرز الزجاج في إيده واتكلم بصوت أشبه بالتهديد:
“إنت هتستهبل عليا؟ هتنطق ولا المرة الجاية القزازة مش هتتغرس في إيدك، هتبقى في قلبك!”

عمار صرخ بألم وهو ماسك إيده، شال الزجاجة وهو مصدوم واتكلم بخوف شديد:
“هقولك على كل حاجة!”

عزام بنظرات قاتلة وصوت جمهوري:
“فرحات، فضّي المكان.”

فرحات هز راسه، وأمر باقي الحراس إنهم يفضوا المكان، وفي خلال خمس دقايق كان المكان كله فاضي، حتى الويتر مشاهم.

عزام كان باصص له بنظرات كفيلة تدبّر الرعب في قلبه، واتكلم بمنتهى الهدوء:
“أهو فضّيتلك المكان عشان تعرف تتكلم براحتك، سامعك!”

عمار كان ماسك إيده بألم شديد واتكلم بخوف:
“أنا ما قربتلهاش يوميها، أنا كنت متفق مع واحدة كانت معايا تغيّر لها، عشان لما تيجي تلاقيها مغيرة ومش بهدومها، تعرف إن الموضوع بمزاجها، ماكانش مترتب، كنت عايزها تعرف إن مش أنا اللي اتساب!”

عزام كان ماسك نفسه بالعافية إنه ما يقومش يقتله ويطفي نار قلبه، واتكلم من بين سنانه بغضب مهلك:
“مين اللي كانت معاك وقتها؟”

عمار بصله وخاف يقول مين، واتكلم بتحذير:
“مش لازم تعرف هي مين، إنت جاي لي هنا عشان تطمن على حاجة معينة وأنا طمنتك، يبقى هتفرق معاك هي مين؟”

عزام أمسكه من هدومه وبصله في عينه عن قرب بحدة واتكلم بشيطانية:
“هيفرق معايا، مايفرقش معايا، السؤال اللي أقوله لك تجاوب عليه! أنا مايفرقش معايا الرخيصة التانية، ولا حظك على خيانتها معاك! أنا حاسبك بس على قتلك لابني، وخطفك لمراتي!”

عمار تعب من نظراته واتكلم بصوت مهزوز:
“فريدة، أمها هي اللي اتفقت معايا، عشان تيجي تشوفها وهي معايا وتقتلها، وهي اللي رنت عليها وعرفتها إنها تعبانة، عشان هي تخرج من البيت وتجيلها، وأنا أعمل اللي أعمله، وإنت تيجي تشوفها معايا فتقتلها زي ما قتلت بنتها!”

عزام ساب هدومه وبعد عنه وهو مصدوم، بصله واتكلم بتهديد:
“إنت عارف لو بتكذب عليا في أي كلمة إنت قلتها، أنا مش هخلي الدبان الأزرق يعرف جثتك مدفونة فين!”

عمار بصله بألم وقال:
“أنا عارف بقولك إيه كويس، آدم كل حاجة ظهرت، وأنا اكتشفت، يبقى مش هروح في داهية لوحدي!”

عزام بغموض:
“اللي حصل دلوقتي مش عايز أي حد يعرفه، وبالأخص فريدة! ولو في تواصل معاها، خليك زي ما إنت وتعرفني آخرها إيه! ده لو باقي على حياتك، اللي مخليني سايبك عايش لحد دلوقتي، إني عايز أعرف آخرها إيه، وخلي في علمك إنت تحت عيني، فما تحاولش تهرب ولا تلعب بديلك!”

خلص كلامه وخرج من النايت كلوب، ركب عربيته وانطلق، وهو بيفكر في فريدة، إزاي أم تعمل كده في بنتها؟! فضل يلف في الشوارع، مش عايز يرجع البيت، بس خوفه عليها غلبه، فاتجه للقصر.

دخل الجناح، لقاها قاعدة على الكنبة، بتحضن بطنها بحنية، والتلفزيون شغال.

انت في الصفحة 2 من 6 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
2

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل