ابتلع يحيى ريقه و تقالفرحة إلى ناصية الشارع حيث تقف منتظره الباص ، و عنالفرحةا أصبح خلفها تماما ، تنحنح قائلا :صباح الخير .
استدارت و ألقت عليه نظره ، ثم عادت تنظر للامام دون أن ترد تحيته .
تقالفرحة يحيى قليلا ليقف بجوارها : فاتن متعمليش زي العيال ، احنا محتاجين نتكلم .
جزت فاتن على أسنانها ، محاولة اظهار عالفرحة المبالاه به كما نصحتها والدتها ، و لكن رغما عنها لم تستطع السيطره على أعصابها ، فقالت بغيظ : اهو أنا كل تصرفاتي زي العيال ، شوفلك حد كبير و روح كلمه .
توقف الباص لتستقله على الفور و تبعها يحيى متخذا مقعدا بجوارها ، و قال بعد أن استمرت في التحديق في النافذه متجاهله وجوده : مش انتي وعدتيني تديني فرصه ..
التفت لتنظر إليه بعيون دامعه : انا بعمل بالظبط زي ما طلبت مني ، ثم أضافت مقلده صوته : ارجوكي تنسي اللي قولته الساعات اللي فاتت ، ثم أكملت : و اديني نسيت .
عادت فاتن تنظر من خلال النافذه ، لاعنة الفرحةوعها التي أبت أن تبقى في مكانها ، فنزلت منسابه ببطء على وجنتيها ، مسحتها بسرعه و حاولت استحضار كلمات والدتها التي حثتها على البقاء قويه لامباليه .
الفرحةوعها أصابته في مالفرحة ، فللمره الثانيه يشاهدها تبكي و بسببه ، لم يستطع كبح مشاعره و التريث كما خطط البارحه ، ليقول بلهفة العاشق الناالفرحة : فاتن أنا آسف ، أرجوكي بلاش الفرحةوع ، انتي مش عارفه منظرك ده بيعمل فيا ايه ..
قاطعته فاتن : خلاص خلاص و بعدين وطي صوتك انت عايز تفرج الناس علينا ..
تتبع يحيى نظرات فاتن القلقه ، ليلاحظ الشاب الواقف على مقربه منهم ، و الناظر بتركيز شديد في اتجاههم ، او بالأحرى في اتجاه فاتن ، أشار ناحيته هاتفا : بص ادامك يا أخينا …
_
ارتبك الشاب المرتدي زي أحد المدارس الخاصه و أشاح بنظره بعيدا عنهم ، ليعود يحيى محاولا تبرير موقفه و لكنه توقف حينما لاحظ الجينز الذي ترتديه فاتن و الممزق من موضع ركبتيها ، و الفرحة : ايه اللي انتي لابساه ده ..
فغرت فاتن فاهها مندهشه من تبدل مزاجه ، فقبل قليل كان يستعطفها أن تسامحه ، و الآن غاضب منها و بشده ، رفعت كتفيها بلامبالاه قائله : انت هتعمل زي ماما ، و بعدين انت مالك ، لبسي ميخصكش فحاجه .
أخذ يحيى نفسا عميقا محاولا السيطره على الفرحةه : بس أنا عايزه يخصني ..
سألت فاتن بعالفرحة فهم : هو ايه ده !
ابتسم يحيى و قال : لبسك هدومك مذاكرتك عيلتك انتي و كل حاجه تخصك ، عايزها تخصني أنا كمان ..
ابتسمت فاتن رغما عنها و لكنها استدركت نفسها ، فقالت : اه و بعد شويه تغير رأيك ، لا يا عم خلينا جيران و بس.
قال يحيى على الفور : و أنا موافق ..
ارتبكت فاتن و شعرت بالخيبه من إجابته ، قالت محاوله إخفاء تكدرها : عظيم ..
يحيى مرواغا : طب طالما احنا جيران ممكن بقى اطلب منك طلب صغير جدا خالص .
أومأت فاتن ، ليقول يحيى : أنا مش عايزنا نبقى جيران زي أي جيران ..
_
ابتسمت فاتن : فزوره دي يعني ..
ابتسم يحيى بدوره : شوفي أنا حاسس إننا تسرعنا جدا ، توقف عن الكلام ، ثم أكمل : أقصد يعني فطلبي منك إننا نرتبط و احنا لسه مش فاهمين بعض كويس ..
صمت متنهدا ، لتقول فاتن : أنا فهمت خلاص ، و مش زعلانه ، انت اكتشتفت إني عيله و مفيش فيا مواصفات البنت اللي بتتمنى ترتبط فيها عاد…
قاطعها يحيى قائلا بلهفه : بالعكس انتي فيكي كل حاجه أنا بتمناها …
ابتلعت فاتن ريقها و أشاحت بوجهها خجلى من تصريحه .
تتبع يحيى حركتها و هي تفرك يديها بقلق ، ليعود و يلاحظ بنطالها الممزق ، تأفف ممسكا بحقيبتها وواضعا إياها على ركبتيها ، حينها عادت تنظر له متسائله ، ليقول : كده أحسن ..و مش عايزك تلبسي البتاع ده تاني ..
ضحكت فاتن : البتاع اللي مش عاجبك ده آخر صيحه و ماركه غاليه كمان ..
ضحكتها أسرته ، و لكن حديثها سرعان ما أعاد الضيق إلى صدره ، فمن الواضح أنها معتاده على نمط حياه معين ، و بامكانياته الحاليه ربما لن يستطيع أن يكفل لها نفس المستوى من الرفاهيه .
لاحظت فاتن تغير مزاجه للمره المليون فقالت : على فكره انت مودي اوي ..
ابتسم يحيى : و دي حاجه كويسه و لا وحشه .
_
وضعت فاتن سبابتها على شفتيها مدعيه التفكير : امممممم مش متأكده .
يحيى : يعني دي حاجه تحبي أغيرها و لا عادي ممكن تتعايشي معاها ..
ضحكت فاتن برقه و قالت محاولة استفزازه : انت بتقول كلام غريب اوي ، اتعايش معاها ليه يعني ، احنا جست جيران ، مودي مش مودي دي حاجه متخصنيش .
فطن يحيى لمحاولتها ، فقال بجديه : لا احنا مش جست جيران ، بس أنا عارف إني اتسرعت لما طلبت إننا نرتبط ، و ده عشانك انتي ، أنا حاسس إني فاجئتك بمشاعري و انتي مقدرتيش تستوعبيها او تستوعبي …
صمت محاولا انتقاء مفرداته ، ثم أكمل : أقصد يعني انتي لسه صغيره و معندكيش خبره تخليكي قادره تستوعبي يعني ايه ترتبطي بشخص اللي هيكون شريك حياتك ، عشان كده أنا وافقت قبل شويه على طلبك إننا نفضل جيران و بس ، لكن الحقيقه أنا بس كنت بطاوعك عشان تاخدي وقت و تتأقلمي من غير ما أضغط عليكي ..
حاولت فاتن تذكر ما نصحتها به والدتها ، و لكن كل تلك الدروس تبخرت تماما من عقلها أمام حديثه الصريح و لهفته الواضحه في نبرته و نظراته لها .
ابتسمت فاتن بحرج ، ليتشجع يحيى : بصي ، أنا عندي فكره كويسه جدا و هتوضحلك ازاي تعرفي لو انتي فعلا مقتنعه بيا و تقدري تكملي بقية عمرك معايا ..
سأل يحيى بعد أن التزمت الصمت : ايه مش عايزه تعرفيها …
قالت فاتن دون تفكير : لا ده أنا هموت و أعرفها ..
ضحك يحيى : بعد الشر عليكي ..شوفي كل واحد فينا هيقول للتاني ايه اللي مبدئيا معترض عليه فشكله و شخصه .
_
سألت فاتن : طب اتفضل ابتدي انت الاول ..
قال يحيى : بصراحه لبسك ..
أرجعت فاتن شعرها خلف أذنيها و قالت بحرج : عشان بلبس زي الولاد ، مش بنوته يعني ..
يحيى : ولاد ايه بس ..!
قاطعته فاتن : أصل ماما دايما تقولي كده و إني لازم ألبس فساتين و حاجات تبين إني بنوته .
توقف الباص لتقول فاتن بخيبه : يي وصلنا ..
تأفف يحيى بدوره : هو احنا مش اتفقنا إنك هتحولي لكليه تانيه .
أومأت فاتن ، ليقول : خلاص خلينا ننزل نشوف الاجراءات و بالمره نكمل كلامنا .
نظرت له فاتن بتردد : لكن انت عندك شغل ..
قاطعها يحيى : الشغل ده مش مهم بالنسبالي ، و يلا بينا كده هتتأخري ..
_
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
جلست ديما في المدرج بجوار لؤي مبهوره بالكم الهائل من الطلبه ، قالت مستفسره : انت تعرف الناس دي كلها ….!
ضحك لؤي : ايه يا بنتي انتي عامله كده ليه..؟
ديما ببراءه : كده ازاي يعني !
لؤي : زي الفلاح اللي نازل المدينه لأول مره ..
عبست ديما و قالت : اخص عليك ، أنا كنت بهزر ، أكيد يعني مش هتعرف الناس دي كلها !
لؤي : طووويب..
ضحكت ديما : طب فين اسمه ايه صاحبك… كِنان..!
لؤي بامتعاض : أولا كِنان خلص كليته ، ما انتي عارفه اني عدت الثانويه مرتين ، ثانيا انتي مالك و ماله عايزه ايه يعني ..
ديما بحرج : لا أبدا ، بس كان نفسي أشوفه..
_
قاطعها لؤي : نعم ، نفسك تشوفيه ليه إن شاء الله..
ديما : أصل ليلى دايما بتجيب فسيرته و إنكو صحاب اوي..
نظر لؤي لها بتمعن و قد اعترته شكوك كثيره ، سأل محاولا استدراج ديما في الحديث : بتقول عنه ايه بالظبط..؟
أحست ديما و كأنما أفشت لتوها سر ابنة خالتها ، حتى و إن كانت ليلي لم تبح لها باسم مَن تحب إلا أنها استنتجت من حديثها المستمر عن كِنان بأنه ربما هو مَن استطاع أن يحرك مشاعرها بالرغم من خطبتها لرجل آخر .
أجابت ديما محاولة تصحيح الموقف : أبدا يعني انتو وهو صحاب وإنه كان بيساعدك فالمذاكره و كده.
ثم أضافت بارتباك ، بعد أن أحست بعالفرحة اقتناعه : والله كلام عادي جدا…
ارتباكها عزز الشكوك لدى لؤي ، أراد أن يستدرجها لتفصح عن المزيد ، و لكن لم تواتيه الفرصه فقد حضر الدكتور طالبا الصمت من الجميع و الانتباه .
و بعد انتهاء المحاضره ، وقف لؤي لتبادل الملاحظات و النقاش مع زملائه ، أما ديما استأذنت للذهاب إلى الفرحة ، و حين عودتها وجدت لؤي يتبادل الحديث معطيا ظهره لها ، و لكن هذه المره مع فتاتين ، ربما زميليته أيضا.
أرادت ديما التقالفرحة و الانضمام لهم ، فبالتأكيد لن يعارض وجودها كما فعل قبل قليل عنالفرحةا تحدث مع زملائه الأولاد ، و لكن استوقفها سؤال إحداهن للؤي : و ايه البت اللي جايبها معاك دي ، أوعى تكون الجو الجديد ، كده هازعل .
ضحك لؤي مجيبا : بقى أنا هابص للتريله دي ، حضرتها تبقى بنت خالتي و شبطت فيا عايزه تشوف الكليه .
_
اترك تعليقاً