_
نظر يحيى تجاهها بطرف عينه ثم قال : عادي مش هتزعلي ؟
قالت فاتن : وهزعل ليه ؟
قال يحيى و قد أولاها انتباهه كاملا : لا مش معجب بيها نهائي .
قالت فاتن بانزعاج : طب بتعمل ايه هنا ، طالما مبتحبهاش !
قال يحيى باقتضاب : شغل .
عضت فاتن على شفتها السفلى ، و تساءلت عن السبب الذي جعلها تجلس بجواره ، أهي نصائح والدتها ، هل يعني هذا أنها معجبه به ، هل من المعقول أن تعجب بأحدهم بهذه السرعه ، لا يهم ، فيبدو أنه متضايق من وجودها بجواره ، على عكس ما ظنت في البدايه ، شعرت بالخزي الشديد ، و ببطء شديد أيضا حاولت النهوض دون أن تلفت انتباهه .
قال يحيى بصوت عال : انتي رايحه فين !
عادت فاتن للجلوس على مقعدها بسرعه ، بعد أن استدار جميع من في الصف الذي أمامهم على إثر صوته المرتفع .
سألت و هي تطأطأ رأسها : لسه بيبصوا ناحيتنا ….؟
ضحك يحيى و قال : آسف ، مكنش قصدي أحرجك ، و محدش بيبص خلاص .
_
ثم سأل : بس انتي قومتي ليه !
أجابت فاتن بلامبالاه : عادي يعني …..
قال يحيى محاولا استفزازها : شكل الفيلم مش عاجبك …؟
قالت فاتن بحده : لا ده حلو اوي ، و ماما أداءها جامد جدا .
ثم التفت الاثنان إلى الشاشه فور سماعهم تصفير الحضور ، ليقول يحيى : فعلا أداءها جامد جدا .
شعرت فاتن بالحرج الشديد ، نظرا للمشهد المعروض الآن ، فوالدتها تظهر في وضع حميمي مع البطل ، و بالرغم من توضيحات والدتها المتكرره بشأن تلك المشاهد و بأنها جزء فني بحت ، و بدونه يخل بالسياق الدرامي للفيلم و هدفه ، الا أن فاتن لم تتغلب يوما على شعورها هذا ، و ما زاد الطين بله هو تهكم جارها الآن .
و بدون أن تشعر سالت عبراتها ، تغرق وجنتيها بللا .
قال يحيى برفق: انتي بتعيطي !
هزت رأسها نافية ، ثم نهضت من مقعدها ، و غادرت الصاله مسرعه ، اتجهت إلى الفرحة الخاص بالسيدات ، نظرت في المرآه محاولة إصلاح زينتها التي أفسدتها ببكائها .
استغرقت حوالي عشر دقائق لإنهاء هذه المهمه ، أمسكت بحقيبتها و فتحت الباب ، لتفاجأ بجارها متكئا على الحائط و واضعا يديه في جيبه .
_
قال يحيى فور خروجها : انتي زعلتي من كلامي .
قالت فاتن محاولة لحفظ ماء وجهها : لا أبدا ، بس أنا مش بحب أشوفها في المشاهد دي .
قال يحيى : بجد !
قالت فاتن باستنكار : هو في حد يحب يشوف مامته بالشكل ده ، مع انها بتقولي انه مشهد فني و ليه هدف ، بس برده مش لطيف .
قال يحيى بجديه : بس مش لطيف !
قالت فاتن : تقصد ايه !
قال يحيى : و حرام و لا يجوز .
ضحكت فاتن برقه و قالت : اه لو تسمعك ماما ، كان زمانها شرشحتك .
قال يحيى بامتعاض : عشان بقول الحقيقه .
قالت فاتن : لا ده انت من اياهم .
_
قال يحيى : اياهم مين !
قالت فاتن : دول اللي بيطلعوا يحرموا الفن و التمثيل ، ماما بتتغاظ منهم جدا و بتقول عليهم متخلفين .
سأل يحيى مباغتا : وانتي ، ايه رايك فالفن و التمثيل اللي بتعمله مامتك !
لم تعرف كيف تجيب على سؤاله ، نظرت حولها محاولة إيجاد مخرج ، فقالت : لا ده سؤال محتاج قعده و فتي كتير ، زمان ماما بدور عليا ، عن اذنك بقى .
قال يحيى : استني .
نظرت فاتن بحيره ، ليقول : هو انتي اسمك ايه ؟
ابتسمت فاتن و قالت : فاتن ، و انت ؟
أجابها : يحيى .
قالت فاتن : طب عن اذنك بقى يا يحيى .
قال يحيى باستنكار : هو انتي على طول كده بتاخدي على أي حد .
_
قالت فاتن مستفهمه : تقصد ايه يعني !
قال يحيى : يعني جيتي قعدتي جنبي و دلوقتي بتقولي اسمي و رافعه التكليف و بتتباسطي بزياده .
قالت فاتن بحرقه : معاك حق و اسفه لو دايقتك يا أستاذ يحيى .
و استدارت بسرعه لتصطالفرحة بأحدهم الذي اعتذر منها قائلا : اسف ..اسف…
لم تكلف نفسها عناء الرد عليه او حتى النظر لوجهه، أكملت مسيرها بسرعه كبيره..
ليقول يحيى مستغربا : أنس ، انت مش قلت مشغول و مش هتيجي!
أنس : ابدا خلصت اللي ورايا و قلت اما اجي و اتسلى فالحفله ، اول ما دخلت لئيتك واخد فوشك و لحقتك على هنا ، و معلش يا صاحبي بس غصب عني سمعت كلامكو…
صمت قليلا ، ثم أضاف : بس غريبه اوي ، البت دي مش سكتك خالص ، دي بنت انجي الشريف ، عارف مين انجي الشريف ، بجد مش سكتك .!
تنهد يحيى ، ثم سأل : هو انت تعرفها..؟
ضحك أنس : طبعا ، مين ميعرفش انجي الشريف ، يا بني دي اشهر من النار عالعلم..
_
قاطعه يحيى : لا قصدي بنتها ..
أومأ أنس : ايوه اعرفها ، مش معرفه شخصيه بس بشوف صورها مع مامتها ، و قريب اتعرفت على حد يعرفها شخصيا ، يعني كلامي مش من فراغ لما قولتلك مش سكتك خالص يا يحيى…
الفصل الثالث
¤ تحت الاختبار ¤
—————————————————————
استقل لؤي المصعد برفقة جارتهم الفنانه إنجي الشريف و على ما يبدو ابنتها ، حاول لؤي عالفرحة التحديق فيهما و إزعاجهما و لكنه لاحظ نظرات جارته المصوبه نحوه ، ابتسم و قال : ازيك يا مدام انجي !
ثم أضاف عنالفرحةا بقيت محدقه فيه : أنا لؤي، ساكن فالشقه اللي جنبكو على طول .
قالت إنجي بعد لحظات من التحديق المستمر في وجهه : واو انت وشك فوتوجينك خالص .
ازدادت ابتسامة لؤي و قال : شكرا لمجاملتك الرقيقه دي .
ضحكت انجي بدلال و قالت : لا بجد ، انت أمور اوي .
_
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
نظرت فاتن إلى الشاب الذي يتشاركهم في المصعد ، و بالفعل والدتها معها حق ، فبعيونه الزرقاء و شعره الأشقر الداكن باستطاعته أن يكون نجم السينما القاالفرحة ، و لكن ليس مظهره ما لفت انتباهها ، بل كلامه .
سألت فاتن : هو انت تقرب ليحيى ؟
قال لؤي باستغراب : أيوه ، يحيى أخويا ، هو انتي تعرفتي عليه ؟
قالت فاتن : أيوه ، ساعدني مره و ركبلي الأنبوبه .
ابتسم لؤي : هو كده يحيى ، خدوم جدا .
سألت فاتن : هو أخوك الكبير مش كده ؟
أجاب لؤي : فعلا .
توقف المصعد ، قال لؤي : السيدات اولا ، اتفضلوا .
ابتسمت فاتن و قالت : ميرسي يا أستاذ لؤي ، و خرجت من المصعد برفقة والدتها ، التي لكزتها و قالت : لو حابه تكلميه شويه ، خليكي ، ثم غادرتها مسرعه .
_
قال لؤي : أستاذ ايه ، قوليلي لؤي كده من غير ألقاب .
قالت فاتن : غريبه ….!
سأل لؤي : هو ايه اللي غريب ؟؟؟
قالت فاتن : أصل أخوك زعل أما ندهته باسمه كده من غير ألقاب .
قال لؤي مستنكرا : لا ملوش حق ، بس هو أصله محبكها زياده عن اللزوم .
قالت فاتن : طب عن اذنك بقى .
أومأ لؤي و قال : تصبحي على خير .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
قالت فاتن لوالدتها معاتبه : انتي أحرجتيني اوي يا ماما .
قالت انجي : ازاي يعني ، مش فاهمه ….!
_
قالت فاتن مقلده والدتها : لو حابه تكلميه ، خليكي …. ده سمعك و ابتسامته كانت من الودن للودن .
ضحكت انجي و قالت : و ماله ما يسمع ، و بعدين سيبك ايه رأيك فيه ، مش واد مُز برده .
قالت فاتن بانزعاج : مُز لنفسه ، أنا مالي بيه ، و كنتي عايزني أكلمه ليه أصلا .
تنهدت انجي بضيق من ابنتها ، ثم قالت : يعني عشان تتعرفي على ناس جداد و يبقالك صحاب هنا .
قالت فاتن : بس أنا مبحبش أصاحب ولاد ، كلهم زي بعض ، أول ما تقولي لواحد فيهم صباح الخير يفتكرك معجبه و هات بقى تسبيل و حركات رخمه من بتاعتهم .
لوت انجي شفتيها ، فالطريق أمامها طويل و شاق لتعديل سلوك ابنتها ، و تعليمها طرق و مكائد النساء لجذب الرجال ، أرادت اليوم أن تضع حجر الأساس بحثِها على محادثة جارهم الوسيم ، حتى و إن كانت إمكانياته الماديه متواضعه ، الا أنه سيكون خطوه في طريق ابنتها لفهم الرجال و كيفية التعامل معهم ، فإن بقيت على حالها تلك منغلقه على نفسها لن تكتسب الخبره المطلوبه لايقاع الرجال في شباكها و الظفر بحياه ناعمه مرفهه .
قالت انجي بخبث : طب و أخوه ده اللي ساعدك فالانبوبه، امور كده زيه ؟
قالت فاتن بارتباك : لا مش شبهه .
لاحظت انجي على الفور ارتباك ابنتها ، فقالت : اها مش شبهه ، يعني شكله وحش .
قالت فاتن على الفور : لا بالعكس .
_
ابتسمت انجي و قالت : بالعكس ازاي يعني ، مش بتقولي مش شبهه .
قالت فاتن بحرج : يعني أقصد إنه …
قالت انجي : اها فهمت هو مش اشقر زي اخوه ، بس مينمعش هو امور كمان .
قالت فاتن بضيق : ممكن بقى نبطل كلام عنهم .
ابتسمت انجي ، فذاك الشاب على ما يبدو قد حاز على إعجاب ابنتها ، الآن عليها أن تقنعها بالمضي قالفرحةا و إبداء اهتمامها به ، و البدء في مشوار اصطيادها للرجال .
رن هاتفها ، نظرت إلى الرقم و تأففت ، فالمتصل هو خميس النونو ، صحيح أنه يمتلك الملايين و معجب بابنتها ، و لكن بسذاجة ابنتها الحاليه لن تستطيع الحصول على فلس واحد من تلك الملايين ، عليها أولا أن تفهم كيفية التعامل معهم ، لذا لا بد الآن من إعطاء هذا الرجل اللحوح بعض المسكنات كي ينتج لها مسلسلها القاالفرحة .
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
حيا لؤي والديه الجالسين في الصاله ، ثم سأل : يحيى فاوضته ؟
قال عبدالرحمن : أيوه ، بس كنت بتتكلم مع مين عالباب .
قال لؤي مبتسما : مع جارتنا الفنانه و بنتها .
_
قال عبدالرحمن بتهكم : فنانه ! ، ثم أضاف : و بعدين أنا مش محرج عليكم من يوم ما جُم ملكوش دعوه بيهم .
قال لؤي : هو أنا عيل صغير حضرتك هتقولي أكلم مين و مكلمش مين !
شهقت خديجه و قالت : لؤي ، عيب كده ، أتأسف لوالدك حالا .
قال لؤي بامتعاض : حقك عليا يا بابا ، أنا بس أقصد إنه مفيش داعي حضرتك تقلق .
قال عبدالرحمن : أنا عارف مطلعتش زي أخوك يحيى ليه .
قالت خديجه بعد أن رأت الألم على وجه ابنها : الاتنين بسم الله ماشاء الله ربنا يخليهوملك يشرفوا بلد بحالها .
ثم نهضت و ربتت على يد لؤي و قالت : هو بس بيقول كده عشان مدايق منك .
قال لؤي باقتضاب : طب تصبحو على خير ، أنا هاخش أنام الفرحة و مجهد .
و في غرفتهم ، وجد يحيى كعادته منكبا على كتابة أكواده البرمجيه .
قال يحيى : ايه بابا كان بيزعئلك ليه ؟
_
اترك تعليقاً