اعترى يحيى قلقا بالغا بعد قرائته لرسالتها الأخيره ، لذا طلبها على الفور …و على الفور أجابت..
فاتن : معلش مش هاقدر اكلمك دلوقتي ، المخرج هيزعقلي ..
يحيى الفرحة : ده اللي اتفقنا عليه ..
فاتن : يحيى الله يخليك انا مش ناقصه ، بجد اليوم ده كان صعب اوي متصعبهوش بزياده ..
تنفس يحيى بعمق محاولا تهدئة تيار الالفرحة الذي سرى في شرايينه ، ثم قال بانفعال : طب انت هتروحي ازاي دلوقت ؟
_
فاتن : أصل لسه كمان ساعه عبال ما نخلص
يحيى بتوتر : هي مامتك معاكي ؟؟
فاتن : لا مشيت و انا مضطره اقفل المخرج بينده عليا
يحيى صارخا : استنى … انتي فين ، ايه العنوان بسرعه
فاتن : لما اخلص هاكلمك …
هم يحيى بالصراخ عليها و لكن شريط التسجيل أعلن أن هاتفها مغلق..و معه أغلقت كل ذرة تعقل بقيت لديه..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عضت ديما على أظفارها من شدة الغيظ ، لتقول ليلى المستلقيه على فراشها : مش هتنامي الساعة قربت على واحده ؟
أشعلت ليلى المصباح المجاور لسريرها و قالت : مالك ، هطقي من جنابك كده ليه .؟
تركت ديما أظفارها و التقطت خصله من شعرها الطويل لتلفها حول معصمها و قالت : نفسي أقص شعري و اعمل نيو لوك و ابقى انسه كبيره ومُزه كمان
_
ضحكت ليلى لاجابة ابنة خالتها الغير متوقعه : و ده من ايه يا حاااااجه ، اعده مبوزه من ساعة ما جيتي عشان نفسك تعملي نيو لوك ، انتي يا بت مش المفروض تكوني قلقانه على باباكي ..
قاطعتها ديما قائله بسرعه : بابا كويس الحمدلله ، ومااما مش بتفارقه مفيش داعي اقلق نفسي و بعدين انا بدعيله و انا بصلي و بشوفه كل يوم ، متتحسسنيش بالذنب بقى
ليلى : مش قصدي بس انتي كأنك فدنيا تانيه ، او حاطه فالفرحةاغك حاجه معينه ، اسمعي يا بت انتي ،هو انتي In Love ولا عندك سخونيه باين
ابتسمت ديما : ان لوووووووووف ، يارب يارب قريب اكون ان لوف و ان خطوبه و ان جواز و كل الحاجات ديه
الفرحةت ليلى كفا بكف و قالت : شوف ازاي ، ده انا و انا ادك..لا ده حتى و انا اكبر منك بسنتين تلاته كل تفكيري كان بينحصر ازاي اقنع يحيى و لؤي يسبولي الريموت عشان اتفرج على هانا مونتانا
ضحكت ديما بسخريه : عليا الكلام ده انتي كنتي مخطوبه وانتي اصغر من كده
ليلى بحسره : اه بس مكنتش هموت عالجواز و الخطوبه ، برده تفكيري كان طفولي
ادركت ديما أنها تسبتت في تكدير ليلى ، لذا حاولت تلطيف الجو ، فقالت بمرح : هانا مونتانا ، طب ايه رأيك بقى ان البت اللي كانت بتمثل الدور عملت زي ما انا عايزه اعمل بالظبط ..
سألت ليلى بحنين لتلك الأيام الخاليه من الهموم و ليس فضولا عن تلك الممثله : عملت ايه ، انا بطلت اتابع اخبارها من فتره طويله
نهضت ديما و توجهت حيث حاسوب ليلى و قالت : انا هاوريكي عملت ايه
_
أحضرت اللاب توب و جلست بجوار ليلى : استنى دلوقت اعملك سيرش و تشوفي بنفسك
كتبت ديما اسم الممثله على صفحة جوجل للبحث ، لتظهر صفحات و صور عديده ، نقرت على احداها و قالت : شوفي بقت ازاي..
جالت ليلى بنظرها على الصور المعروضه لمن كانت يوما قدوة لها ، في البدايه قصت تلك الممثله شعرها قليلا و اصبحت ملابسها اكثر جرأه ، و لكن في الصور الاحدث تغيرت كليا ، لتقول ليلى بحسره : دي الفرحةت براءتها بايدها
قالت ديما : سيبك من الصور الاخيره و هي قالعه خالص ، بس للي قبل لما غيرت نفسها من البنوته الكيوت للبنوته الناضجه ، شوفي بتبص لحبيبها ازاي
زفرت ليلي بضيق و أغلقت شاشة الحاسوب و قالت:يا ريتني ما شفت حاجه ، على الاقل ذكراها كانت هتفضل حلوه بس دلوقت كل حاجه اتشوهت حتى الذكريات مبقاش ليها طعم زي الاول
ربتت ديما على يد ليلى و ازاحت الحاسوب و اقتربت منها محتضنة اياها بشده ، لتجهش ليلى بالبكاء …
رددت ديما : انا اسفه مكنتش اعرف انك بتحبيها اوي كده
انتزعت ليلى نفسها من الفرحة ديما و قالت:انا مزعلتش بسببها ، انا بس افتكرت الدنيا كانت عامله ازاي و انا صغيره و دلوقت ازاي كل حاجه اتغيرت و خايفه بكره لتتغير اكتر و اكتر
أومأت ديما ، لتقول ليلى محاولة تغيير مجرة الحديث:تعرفي انا لو جتني بنت مش هخليها تتفرج عالمسلسلات زي بتاع هانامونتانا
ديما بحيره : ليه بقى !
_
ليلى : عشان المبادىء و الافكار اللي بيعرضوها الاجانب مش مناسبه لعادتنا و ديننا و انا من حسن حظ اهلي مكنتش بجري و اقلد البنات اللي فالمسلسلات و الافلام اللي بحضرها..
اصغت ديما لحديث ابنة خالتها غير مقتنعه بحرف واحد مما قالته ، فالفتيات فالمسلسلات الاجنبيه يعرفن مايردن و يسعين بكل ما اوتين من وسائل لتحقيقه ، و في النهايه يحققنواحلامهن بغض النظر عن الوسيله
اما ليلى فقريبا سترتبط و لنهاية عمرها بذلك البشع المدعو تميم ، لو كانت لديها ذرة عقل او حكم جيد على الامور لكان احرى بها ان تقلد تلك الفتيات …
همست ديما لنفسها : انا عمري ما هغلط غلطتك يا ليلى و اكتب على نفسي التعاسه لبقية عمري ، و مش هاضيع اللي بحبه عشان شوية عادات و تقاليد باليه ، و مش مهم ان انا اللي اكون المبادره فمشاعري ، مش مهم ، المهم النتيجه…
قالت ليلى منهيه حديثها : انتي عارفه يمكن انا السبب فاللي انا فيه دلوقت ، يمكن لو مبعتش طلب صداقه له مكنتش هعلق قلبي بيه عالفاضي ، برده انا عملت زيهم و اتاثرت شويه بيهم و ابتدت حاجه غلط ، بس من حسن حظي انه طلع انسان كويس ، عشان كده انا هاخد بالي من بنتي اوي اوي
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
تنفست فاتن الصعداء بعد أن أعلن المخرج انتهاء التصوير موصيا الجميع بالالتزام بالموعد غدا ، توجهت إلى غرفة الملابس لتغيير ثيابها و الاستعداد للعوده إلى البيت..
دق أحدهم الباب ، لتقول فاتن : ثوان بس..
أنهت ترتيب هندامها ، و فتحت الباب لتواجه برجل ذو قامه متوسطه و لحيه خفيفه ، بادرها قائلا:العربيه جاهزه و اتفضلي معايا هاوصلك للبيت يا هانم
شكرته ممتنه و تبعته للخارج حيث تقف السياره ، فتح الباب الخلفي قائلا:اتفضلي حضرتك.
_
دلفت و جلست في المقعد الخلفي ، ليغلق خلفها الباب و يتوجه بدوره إلى مقعد القياده..
أرخت فاتن جسدها على المقعد لتنال قسطا من الراحه بعد أن أمضت يومها تتبع أوامر المخرج و الفنيين ، و تمنت أن يكون الأمر أكثر سهوله غدا..
قاطع استراخائها صوت اغلاق الباب ، الذي لم تنتبه لفتحه من شدة ارهاقها ، أجبرت نفسها على النهوض من وضع الاسترخاء الذي نعمت به قبل قليل ، لتفاجأ باحتلال خميس المقعد بجوارها…
و تلقائيا وضعت يدها على مقبض الباب و لكن انطلقت السياره في مسيرها مانعة إياها من الترجل و الهروب من صحبة ذلك البغيض الجاثم بجوارها..
ابتسم خميس قائلا :ايه انتي خايفه مني ، ده انا عملت الهوليله دي كلها عشان خاطر عيونك…
شي ء ما في كلامه ، جعل نواقيس الخطر تدق في رأسها ، هدأت من روعها و سألت بلطف : تقصد ايه مش فاهمه ؟
خميس بخبث : الله هي الست الوالده مقلتيكيش
فاتن بضيق : تقولي ايه ؟
خميس مبتسما : المسلسل ده انا قبلت انتجه لما قالتلي ان نفسك تمثلي و تبقي نجمه ، و اي حاجه نفسك فيها انا ماعلين دي قبل العين دي ، بس ننول الرضا يا جميل
لم تصغ فاتن إلى بقية ثرثرته ، فلقد صالفرحةت من تصرف والدتها و التي تعرف تمام المعرفه كم تبغض هذا الخميس، عضت على شفتها السفلى بغيظ و عزمت على الحديث مع والدتها مره أخرى بشأنه …
_
كانت غارقه في تلك الأفكار عنالفرحةا تنبهت إلى اقتراب خميس و التصاقه بجوارها ، لتقول بحنق : لو سمحت كده ميصحش..
قال خميس مبتسما : هو ايه اللي ميصحش…
ابتعدت عنه قدر ما سمحت لها المسافه المتبقيه بينها و بين باب السياره ، ليقترب منها مجددا ..
أعترتها رجفه قويه ، تنفست بعمق ، ثم لاحظت اقتراب السياره من اشارة المرور ..
قال خميس : شكلك خايفه مني ، بس ليه… ده انا عنيا ليكي
مرت الثوان ببطء شديد حتى توقفت السياره عند اشارة المرور ، استغلت فاتن الفرصه و فتحت الباب و ترجلت بسرعه غير مكترثه بما قاله خميس و سائقه ..
انطلقت مهروله بين السيارات لتعبر الطريق إلى الضفه الثانيه ، حيث توجد إحدى المقاهي الشبابيه ، فتحت الباب و دلفت لتجلس على أقرب منضده متاحه ..
التقطت أنفاسها و طلبت كوبا من القهوه عند حضور النادل ، ثم أخرجت هاتفها لتستنجد بوالدتها ..
تأففت عنالفرحةا وجدت أن هاتف الأخيره مشغول ، ارتشفت قليلا من القهوه التي أحضرها النادل توا و أعادت الطلب مره أخرى لتلقى نفس النتيجه ، وضعت هاتفها على المنضده و بقيت تحملق فيه بشده ، ثم قررت أن تهاتفه كما وعدته …
حالما طلبته ، رد و كأنه كان ينتظر مكالمتها مما جعلها تشعر بالسوء الشديد..
_
يحيى بلهفه : فاتن .. انتي فين دلوقت ، خلصتي ..؟
فاتن بضعف : ايوه ، ايوه خلصت بس..
يحيى : بس ايه ..
فاتن : لسه مستنيه اكلم ماما تيجي تاخدني ..بس الظاهر مشغوله و هاضطر استنى كمان
سأل يحيى بضيق : انتي فالاستديو دلوقت
أجابت فاتن بعد أن ترددت لثوان : لا انا اعده فكافيه
يحيى : طب قوليلي اسم الكافيه و انا هاجي اخدك
فاتن : بس الوقت متأخر اوي و انا مش عايزه اتعبك
يحيى بهدوء يخفي الكثير من الالفرحة : بجد مش وقت تسميع اسطوانات ، اخلصي فليلتك اللي مش فايته دي
فاتن منزعجه : لو سمحت بلاش اسلو..
_
أرادت أن تقرعه على أسلوبه في الرد عليها و لكن أتاها صوته عبر الهاتف غاضبا ليزيد حجم توترها لهذه الأمسيه المليئه بالمطبات
صرخ يحيى : كافيه ايه ، اخلصي !
أخبرته باسم المقهى ، و ما كادت تفعل حتى أغلق الخط في وجهها
تمتمت بحسره : يا رب عدي الليله دي من غير خناق ، يار ب
ارتشفت المزيد من قهوتها ، علها تعيد إليها بعض التوازن ، فلقد كانت كل ثنيه من ثنايا جسدها تأن من شدة التوتر ، و تدافعت في رأسها أحداث هذا اليوم ، من الجدال الذي نشأ مع يحيى صباحا و كيف كانا على شفا الفراق ، ثم صالفرحةتها من المشهد مع الممثل صاحب دور والدها في المسلسل ليأتي خميس و يزيد الطين بله ، جل ما أرادته الآن أن تمحي اثر لمسة ذلك الرجل عن جسدها و ان تزيل رائحة خميس التي ما زالت تعبق في أنفها …التفتت تنظر خلفها حينما سمعت صوت اغلاق الباب، لتجد يحيى واقفا يجول بنظره في أنحاء المقهى..
نهضت من مقعدها و سارت باتجاه المدخل ، لتتشابك أعينهما في مطارحة تبدو صامته ، و لكنها محشوه بالتوتر من ناحيتها ، و غاضبه ترسل تقريعا مُبرحا من جانبه..
وقفت أمامه لا تدري ما تقول ، ليتحدث هو مبددا الصمت المربك : اتفضلي اروحك..
هزت فاتن كتفيها ، و قالت بلامبالاه : sorry..
ليهز يحيى رأسه باستهجان : سوري ، ده اللي ربنا قدرك عليه ..
لم تشأ فاتن أن تعطيه فرصه أخرى لتقريعها لذا اختارت أن تظهر لامبلاتها و كأن تأخيرها لهذه الساعه شيء طبيعي و لا يدعو للتذمر من قبله ، و احتارت كيف تناوشه لتتفادى موجة الفرحةه القاالفرحةه لا محاله
_
فركت يديها و قالت : معلش بقى ، انا اديت الناس كلمه و لازم اكون اد كلمتي و الا هيفتكروني مش بروفيشنال و ..
جذبها يحيى من معصمها ، قاطعا عليها استرسالها في الأعذار ، فتح الباب ليخرج و يخرجها معه ، ثم أفلت معصمها ووقفا جنبا إلى جنب على قارعة الطريق …
مرر يحيى أصابعه في شعره و قال بعد أن أدار وجهه عنها : انا مش عايز ازعلك ..
استدارت فاتن لتقف وجها لوجه أمامه و قالت : يبقى خلاص خلينا نروح و بكره نتكلم ..
هز يحيى رأسه باستهجان و قال : انتي عارفه انا قضيت الساعه اللي فاتت بفكر فايه ..
فاتن بتردد : في ايه
يحيى مبتسما بسخريه : فيكي ، و فينا ، و عارفه طلعت بايه ؟
صمتت فاتن ، ليقول : ان من الجنون اني اكمل معاكي ، بس من المستحيل إني اسيبك ، قوليلي انتي اعمل ايه !
فاتن بحزن : خلاص مفيش داعي..
قاطعها يحيى بالفرحة : ايه مفيش داعي اجي على نفسي و دلوقتي هتقوليلي انك جيتي على كرامتك اوي علشاني..
_
لتقاطعه فاتن بدورها : اسمع انت مش عارف انت عايز ايه و انا خلاص معدتش قادره استحمل اسلوبك ده و مفيش حاجه تجبرني اصلا..
ليعود و يقاطعها من جديد : بالظبط ، مفيش حاجه تجبرك ، و مفيش حاجه تديني الحق إني امنعك تعملي اي حاجه ، مليش حق اقولك سيبي المسلسل ، و لا مترجعيش متأخره و لا تلبسي ايه و لا اي حاجه ، مليش حق حتى اني اقف معاكي هنا وا كلمك … ولو عملت الحاجات دي ابقى اكبر منافق فالدنيا ، لاني مقبلش حد يعد يتحكم فاختي و هو مفيش بينه و بينها اي صلة رسميه …
فردت فاتن كفيها أمامها بقلة حيله و قالت بصوت مخنوق : طب انا المفروض اعمل ايه ، انا مبقتش فاهماك نهائي…
ثم رفعت كفها لتوقفه حين هم بالرد عليها و قالت : و مش هاقولك كرامتي ، انا هادوس عكرامتي للمره الالف بس افهم انت ايه اللي يريحك و انا لو اقدر هاعمله ..
فرك يحيى جبينه و قال : الوقت متأخر خليني اروحك و بكره يحلها ربنا
الفرحةت فاتن الارض بقالفرحةها كالأطفال و قالت بغيظ : لا مش هنروح الا ما اعرف انت عايز ايه و افهم راسي من رجليا
رمقها يحيى بنظرة تحذير و قال امرا : بقولك اتفضلي دلوقت و بكره نتكلم …!
أحست فاتن بالاختناق الشديد من أحداث الليله و من أسلوبه المستفز معها ، لذا قالت منهاره : مش هاروح معاك..
وقبل أن تسمع رده ، انطلقت لتقطع الطريق ، لم تدر هل تبعها و لم تكلف نفسها عناء المعرفه ، و سارت على غير هدى ، المهم أن تبتعد عنه و عن تلك الضوضاء التي تفتك برأسها بالرغم من السكون النسبي المحيط بهذا الحي الراقي ، توقفت حينما رأت المنتزه و بسرعه كبيره دلفت إليه ، حينها أعلمها بوجوده قائلا بنفاذ صبر : مش هتبطلي شغل العيال ده !
التفتت لتقلى نظره لا مباليه باتجاهه ، ثم قالت : و انا هاقولك نفس كلامك ، منتاش مضطر تتحمل شغل العيال ده ، احنا انتهينا اوفر خلصنا ..فهمت و لاتحب افهمك ..
اترك تعليقاً