منوعات

سمرا فى قبـ,ـضه الشـ,ـيطان الثالث

الفصل الثالث عشر

جلس عامر بالشرفه و هو يمسك قدحاً من القهوه بيده ، و أرجع رأسه للخلف ليأخذ نفساً طويلاً و يزفره على مهل قبل أن يقول :” أمتى تتحسنى يا سمرا و تحسي باللى حواليكِ ، و تعرفى قد أيه أنا عشقتك !”
ثم نهض و توجه إلى الداخل ، و وضع الكوب على الطاوله و أخرج من جيبه تلك الصوره الخاصه بسمرا التى لازال محتفظاً بها منذ أن أعطتها له فاطمه ، و ظل يحدق بها و كأنه يحفر ملامحها داخل مخيلته و أبتسامه عذبه تزين ثغره.
………………………..

استطاع ذلك المدعو عبد العاطى أن يتسلل خارج المشفي من الباب الخلفى و هو يحمل سمرا
كان شاهر يجلس بمفرده بالسياره بالقرب من الباب الخلفى ، ما أن لمحه قادم و هو يحملها ، حتى نزل من السياره و فتح الباب الخلفي ، فأقترب عبد العاطي منه و وضع سمرا على المقعد الخلفى ، و أبتعد ليترك لشاهر المجال ليعدل من وضعيتها على المقعد ، ثم أغلق الباب و أتجه نحو المقعد الأمامى و مال داخل السياره ليتناول مظروف ، و مد يده به إلى ذلك الرجل قائلاً :” ده باقي حسابك .. و الليله دى تمحيها من قاموس حياتك كأنها ماحصلتش ، و لو حد شم خبر بس عنها هتكون حياتك هى التمن أظن إنك فاهم كويس كده !”

أخذ عبد العاطى المظروف من شاهر و أبتسم بوضاعه قائلاً :” عيب عليك يا باشا .. من يد ما نعدمها ”
ثم ألقي نظره ناحية السياره متابعاً قبل أن يتوجه إلى داخل المشفي مرةً أخرى :” و هنيالك الليله مع المزه دى ”
ظلت عيناي شاهر تتبعاه كالصخر حتى أختفى ، ثم صعد إلى السياره و أنطلق بها .
…………………………..

بالكباريه ،،،،

كانت الأغانى و الموسيقي مرتفعه بدرجه كبيره ، و المكان مزدحم بدرجه أكبر ، و الفتيات يتمايلن مع أيقاعات الموسيقي ، و بعضهن من تجلسن برفقة الرجال على الطاولات
كان شهاب جالس على البار و كأس خمر بيده و عيناه معلقه على تلك الجميله التى اسرت أنظاره منذ أن رآها و هى جالسه على أحدى الطاولات بمفردها ، فرفع يده بالكأس و شرب محتواه دفعةً واحده و وقف ليتجه ناحيتها .
رفعت مى نظرها لتجده يقف قبالتها ، فلوت فمها بضيق و نظرت للناحيه الأخرى ، بينما سحب هو أحد المقاعد ليجلس قبالتها و ظل يتفحصها بوقاحه بذلك الثوب القصر الذى كانت ترتديه و يكشف أكثر مما يخفي قائلاً بغزل :” القمر الجميل قاعد ليه لوحده و شكله مضايق !”
نظرت إليه بجمود قائله بسخريه :” واحده مخطوفه بقالها أكتر من تلت شهور .. و قاعده هنا غصب عن عين أهلى ، عايزنى أعمل أيه أقوم أتحزم و أرقص مثلاً !”
” و ماله ما هو ده المطلوب منك هنا !”

ثم مال بجسده للأمام ليستند بمرفقيه على الطاوله متابعاً :” عارفه يا مى لو شاهر خد خبر بالأسلوب اللى بتتعاملى بيه مع الزباين هيعمل فيكِ أيه !”
مالت هى الأخرى بجسدها لتستند على الطاوله بمرفقيها و ظلت تنظر إلى عيناه للحظات قبل أن يتقوس فمها بمكر لتقول :” هيقتـ,ـلنى يعنى .. طظ .. أنا كده اللى هرتاح من وساختكوا !”
ظل هو يتفرس ملامح وجهها عن كثب ، ثم رفع كفه ليضعه على وجنتها بهدوء قائلاً :” يخرب بيت عِندك .. و ده اللى عاجبنى فيكِ !”
أزاحت كفه عن وجنتها ، و رجعت بجسدها لتستند على المقعد بظهرها قائله بغضب :” أخلص و قول عايز أيه أنا مصدعه و مش ناقصه ”
تقوس فمه بخبث قائلاً بوقاحه :” عايزك أنتِ !”
أطلقت ضحكه ساخره قبل أن تعلق :” على أساس إن دى حاجه صعبه عليك !”
هز رأسه بالأيجاب قبل أن يقول :” اه صعبه .. و صعبه أوى كمان ”
ثم مد يده ليمسك بكفها و قربه من فمه و هو يتابع :” لأنى عايزك بمزاجك مش غصب !”
سحبت مى كفها قبل أن يقّبله شهاب ، و وقفت قائله بخبث :” يبقي أنسي لأنه مستحيل مش صعب .. ماعطلكش عندى شغل !”

و توجهت ناحية أحدى الطاولات التى يجلس عليها رجل بمفرده ، و جلست إلى جواره و هى تضحك ، ثم ألتفتت ناحية شهاب و غمزت له بعينها و هى تضحك .
غضب شهاب بشده من حركاتها هذه التى تجيدها لأستفزازه ، فقبض بقوه على الكأس حتى تهشم من قوة قبضته و أنساب المشروب على يديه .
……………………..

وجدت نفسها بذلك المكان المظلم مرةً أخري ، و تلك الأصوات تحيط بها ، فظلت تتلفت حولها و لكن لا ترى شيئاً ، ثم لمحت بقعه مضيئه بعيده جداً عنها ، فبدأت بالركض ناحيتها و لكنها كلما أقتربت تجد هذه البقه تبتعد أكثر .. و فجاءه وجدت نفسها تركض على لا شئ لتسقط بالماء ، و ظلت تقاوم حتى لا تغرق ..
…..
على أثر هذا أطلقت سمرا شهقه عندما وجدت ما يُسكب على وجهها بقوه ، و ظلت تترمش بعينيها حتى أستطاعت أن تفتحمها لتجده أمامها .. ذلك الذى لم تقابله سوى مرةً واحده بحياتها ، و لكنه حطمها بتلك المره .
كادت أن تخرج عينيها من مقلتيها و هو ماثل قبالتها عاقد ذراعيه أمام صدره و على ثغره أبتسامه وضيعه ، فألتفتت للمكان لتجدها غرفه واسعه ممتلئه باللوحات ، و هى جالسه على مقعد و مقيده به تماماً ، فظلت تحاول أن تحرك يديها لتفلت من هذا القيد ، و لكن بلا فائده
ضحك هو بشده على محاولتها الفاشله ، ثم أقترب منها و جلس على ركبتيه و رفع كفه ليضعه على وجنتها قائلاً بهدوءٍ قاتل :” اهدى يا حبيبتى .. العصبيه وحشه علشانك ، أنا لقيت المستشفي مش جايبه نتيجه معاكِ فقولت أجيب المكان الهادي و المفضل ليا يمكن يكون في نتيجه ”
ظلت تنظر إليه بغضب شديد ، و إن كانت محرره الآن لكانت فتكت به حتى إن كلفها هذا حياتها .

وقف هو نصف وقفه ، و أقترب بوجهه منها حتى لم تعد تفصل بينهما بضع سنتيمترات ، و مد كفه ليمسك خصلة شعرها بهدوء ، ليضعها خلف أذنها ، و ظل يتفرس ملامح وجهها الغاضب ، و مال بنظره إلى شفتيها المرتعشه ، و بدون شعور منه أقترب ليقّبلها بهدوء .
أستغلت سمرا هذا و ما أن لامست شفتاه شفتيها حتى قبضت بأسنانها عليهم بكل ما أوتيت من قوه .
تألم هو بشده و بالكاد أبعدها عنه ، ليجد الدماء يسيل من شفتيه ، فنظر إليها بذهول ليجدها تبصق دماءه التى بقيت بفمها ، فرفع كفه ليهوى بكل قوه صافعاً أياها على وجنتها صائحاً :” يا بنت الـ *** ”
أطلقت سمرا صرخه عقب هذه الصفعه ، بينما أمسكها هو من خصلات شعرها بقوه ليرفع وجهها ناحيته قائلاً بغضب :” بتتحديني يا *** ، شكلك ماتعرفيش مين شاهر .. دا أنا أنسفك أنتِ و عامر اللي فرحانه بيه !”
كادت أن تخرج عينيها من مقلتيهما فور سماعها لتهديده بعامر ، و أخيراً بعد فترة كبيره خرج صوتها قائله برجاء رغم عبراتها المنهمره :” لا عامر لا .. هو .. هو مالوش دخل بيا !”
تقوس فمه بأبتسامه ساخره ، و ترك خصلات شعرها و مال قليلاً ليمسك بوجهها بين كفيه قائلاً بهدوء غريب :” معلش يا بيبي ماكنتش أعرف إنه غالى عليكِ أوى كده لدرجة إنك تتكلمى علشانه ، أيه ده دموع كمان .. تؤ تؤ … أخس عليا ”
و فجاءه أمسك بفكها بين قبضته حتى أطلقت هى أنيناً من بين عبراتها ، وظل ضغط عليه بقوه و هو يحدق بها بنظرات كادت أن تحرقها قائلاً و هو يصر على أسنانه بغضب شديد :” تعرفي نسرين منين !”
رغم الألم و لكنها تحدثت هاتفه بصدمه :” نسـ.. نسرين !”
ترك فكها ، و أولاها ظهره ليتحرك عدة خطوات مبتعداً عنها قائلاً و هو يشير ناحية الجدران و إلي الصور المعلقه عليه :” اه يا حبيبتى نسرين .. دى نسرين و دي نسريم .. دي كمان نسرين .. و اللى كانت صورتها معاكِ برضو نسرين !”
و ألتفت ناحيتها متابعاً و هو يعقد ذراعيه أمام صدره :” فينها بقي علشان أرحمك أنتِ شويه !”
ظلت تهز رأسها بأستنكار هاتفه بصدمه و فزع متملكها :” أنت لا يمكن تكون طبيعي .. لا أنت لا يمكن تكون بنى أدم أصلاً أنت شيطان !”
قهقه على هذا التشبيه ، و بخطي ثابته أتجه ناحيتها ، و وضع كفيه فوق يديها المربوطتان على مسندى المقعد و ظغط عليهم بقوه آلمتها ، ثم مال بجسده ناحيتها حتى ضربت أنفاسه صفحة وجهها قائلاً بصوت يشبه فحيح الأفعي :” أيوه أنا شيطان .. معايا دلوقت الفلوس و القوه و السلطه .. أقدر أمحيكي بأشاره من صوباعى بس .. تعرفى نسرين منين و هى فين ”
ظلت تنظر إلى عيناه بغضب و كأن عيناها أصبحتا جمرتين من النار و منتفختين من كثرة البكاء ، و لكنها أرادت أغضابه فتحدثت قائله بنبره يشوبها السخريه :” أختي .. نسرين تبقي أختي الكبيره ، بس يا شاهر باشا .. أنسي إنك توصلها مهما عملت !”
أنتصب واقفاً و هو يضحك بشده على جملتها ، قائلاً بسخريه :” أختك .. نسرين تبقي أختك .. تمام ، بس اللى أنتِ ماتعرفوش يا .. يا سمورتي إنى أقدر أوصل للنمله فى أخر الدنيا ”
علقت ساخره بغضب :” أنسي !”
” جربيني !”
أرجعت رأسها للخلف لتسندها على خلفية المقعد و ظلت تضحك هى الأخرى ضحكات ساخره ، مما زاد من غضبه و بشده ، فمال ناحيتها و أمسكها من ذقنها ليلفت رأسها ناحيته قائلاً بهدوء و سخريه رغم البركان الثائر بداخله :” بتضحكي على أيه .. ما تضحكينى معاكِ ”
أجابت هى ساخره منه :” بضحك عليك .. أصلك واخد مقلب جامد في نفسك .. عارف أنت فكرتنى بأيه يا شاهر !”
ضيق عينيه و هو ينظر لها بأستفهام ، فتابعت هى لتستفزه :” كان فيه فى حارتنا زمان واحد مجنون اسمه سيد ، كان العيال أول ما يشوفوه يجروا يستخبوا على البيت و هو يمشي فى الحاره براحته و كأنه عنتر زمانه ، فى مره عيل من الحاره مسك طوبه و رماها عليه ، سيد ده خاف و طلع يجرى ، و من ساعتها العيال بيجروا وراه يحدفوه بالطوب و هو يجرى يستخبي لحد ما فى مره ما ظهرش و عرفنا إنه مات و عفن فى المُكنه اللى بيتلقح فيها من خوفه من العيال مبقاش يطلع منها .. أنت زيه بالظبط ، تلاقي وراك ناس حامينك و الكل ببخاف منك ، صبرك بس لو حد قالك بم ، هتجرى تستخبى وسطيهم و تمـ,ـوت و تعفن أكتر ما أنت معفن !”
ضحك على ما سردته له ، و صفق بكلتا يديه معاً قائلاً بأنبهار :” برافو .. لا بجد شابوه ليكِ .. أيه التشبيهات دى يا سمورتي ، دا أنا كنت ماكنتش أفتكرك بالدماغ دى .. بس لو أنا سيد اللى بتقولى عليه ده ، يوم ما عيل يفكر بس يضربنى بطوبه ، هكون بالعه قبل ما يعملها !”
” عارف يا شاهر .. أنت مش هتقدر توصل لنسرين ليه .. نسرين راحت عند الأقوي منك مليون مره و قادر فى ثانيه ينسفك من على الأرض ”
أنقلبت قسمات وجهه للصدمه ، و أتسعت عيناه على أخرهما و هو يهتف مكذباً لحديثها :” أنتِ بتكدبي عليا .. بتقولي كده علشان تحسسينى بالعجز ، نسرين خايفه منى و مستخبيه مش أكتر .. لكن ما ماتتش !”
” مش عايز تصدق دى حاجه ترجعلك .. خليك داير ورا أثرها يا حرام ، بجد أنت صعبان عليا ، فاكر نفسك بالونه كبيره و منفوخ على الفاضي ، لكن بشكة دبوس واحده هتبقي و لا حاجه .. بس شكل أختى أدتك مقلب كبير يا عينى ، تعيش و تاخد غيرها ”
لم تدر سمرا أنا بحديثها هذا قد سكبت البنزين فوق النار .. فقد أرتكبت للمره الثانيه خطأً دون قصد .. و هكذا أوصلت شاهر إلي ذروة غضبه .

ما أن أنهت حديثها حتى هجم عليها بقوه و ظل يكيل لها من الضربات المميته و كأنه بمصارعة ثيران ، و ليست من أمامه هى فتاه لا تملك من القوه إلا طيفاً خفيف لا يُذكر بجانب قوته هو .
من شدة الضربات فقدت سمرا وعيها ليرتخى جسدها تماً مستسلماً لضرباته المبرحه ، و تعب هو من كثرة الضرب فيها ، فوقف و هو يلهث ، و رفع كفه ليمسح حبات العرق عن وجهه ، و ظل صدره يعلو و يهبط بما يضمره من غضب ، و ما أن هدأ قليلاً حتى توجه ناحية حامل اللوحات و حمله ليضعه قبالة المقعد المُقيده به سمرا ، و أمسك بممشط للشعر و توجه ناحية سمرا و ظل يمشط خصلات شعرها ، ثم تناول منديلاً ورقياً ليمسح قطرات الدماء عن وجهها و عدل من وضعية رأسها على المقعد ، و اتجه ليجلس هو على المقعد الموضوع أمام حامل اللوحات و كشف عن لوحته التى لم تكتمل بعد ، و جهز ألوانه ليبدأ بأستكمال اللوحه !
…………………..

داعبت الشمس وجه عامر ، فنهض عن الفراش و توجه ناحية المرحاض لأخذ حماماً منعش
بعد فتره ليست بكبيره خرج و هو يجفف شعره بالمنشفه ، و ألاقها على الفراش و توجه ناحية خزانة ملابسه و قام بأنتقاء ملابس مرتبه له و شرع بأرتدائها ..
أنتهي بعد لحظات ليقف قبالة المرآه الكبيره بالغرفه و هو يعدل من ياقة قميصه الأبيض ، الذى يتماشي و بشده مع بنطال الجينز الأزرق ، و أمسك بالفرشاه ليمشط شعره ، ثم أبتسم و هو ينظر إلى هيئته هذه ، و ألتقط الهاتف و المفاتيح و توجه إلى الخارج .


أوقف عامر سيارته أمام أحدى محلات الزهور ، و نزل منها متوجهاً للداخل ، و ما هى إلا لحظات حتى خرج حاملاً باقة من الورود الحمراء ، و ركب سيارته و وضع الزهور على المقعد المجاور لمقعده ، ثم أمسك نظارته الشمسيه و أرتداها و مازالت تلك الأبتسامه العذبه تزين ثغره ، و تحدث قائلاً بخفوت :” النهارده هتعرفي حقيقة مشاعري .. و إني أخترت أكمل حياتي معاكِ يا سمرا .. و لازم أكون جنبك علشان ترجعي أحسن من الأول كمان !”
و أنطلق بالسياره متوجهاً إلى المشفي .
………………………

بقصر شاهر ،،،،

حاول فتح عيناه بصعوبه ، و لكنه أغلقهم سريعاً بسبب ضوء الشمس الذي يملئ المكان ، ثم رفع كفه و دعك عيناه ، و أبعد رأسه عن المسند الخلفي للمقعد ، ثم نهض تماماً عنه و هو يدلك عنقه بسبب ذلك الألم المسيطر عليه نتيجة تلك النومه الغير مريحه ، حانت منه ألتفاته ناحية سمرا ليجدها لازالت على وضعية الأمس ، فأقترب منها بهدوء ، و مال ناحيتها ليزيح بعض الخصلات عن وجهها و ظل يتفرس ملامح تلك السمراء التي جعلته بالأمس يصل إلى قمة غضبه ، يالكِ من ممثله بارعه .. ساكنه أمامى الآن كالطفل الذي لم يفتعل شئ ، و كنتِ بالأمس ستجعلينى أفقد عقلي .
أخرجه من تفكيره صوت طرقات على باب الغرفه ، فأنتصب فى وقفته ، و توجه ناحية الباب ليخرج من الغرفه مغلقاً الباب خلفه بأحكام ، و ألتف ناحية شهاب قائلاً بهدوء :” كويس إنك جيت .. تعالى ورايا على المكتب عايزك ”
أنصاع شهاب لأوامر شاهر و سار خلفه نحو المكتب .
………………….

أخرج سيجاره من علبته الخاصه ، و أشعلها ليأخذ نفساً طويلاً منها قبل أن يقول بهدوء :” عايزك فى مصلحه جديده ”
عقد شهاب حاجبيه متسائلاً :” مصلحة أيه دى !؟”
نفث دخان سيجارته في الهواء ، و أرتسمت على محياه أبتسامه شيطانيه قبل أن يقول :” عامر ..”
” شاهر سيبك خالص من الموضوع ده .. البنت و فضحناها و أمها ماتت و أهى ملقحه فى المستشفي !”
ضحك بسخريه قبل أن يقول :” سمرا فوق يا حبيبي !”
ذُهل مما سمعه ، فتحدث قائلاً بغضب :” شاهر أنت كده هتودينا فى داهيه ، و بتلعب بالنار .. عايز أيه تاني من البنت .. و ماتنساش إن اللى اسمه عامر ده وراها !”
تقوس فمه بأبتسامه ساخره قبل أن يعلق بـ :” علشان كده بقولك لازم نعمل مع عامر أحلى واجب .. لأنه هيبقي خطر علينا ”
هز شهاب رأسه بعدم رضي على ما يفعله صديقه ، بينما توجه شاهر ليجلس قبالته متابعاً بهدوء :” أهدى كده و أسمعني هتعمل أيه بالظبط !”
……………………..

صف عامر السياره أمام المشفي ، و توجه ناحية الداخل ، و لكنه أوقفته أحدى موظفات الأستقبال هاتفه :” عامر باشا .. لو سمحت ”
ألتفت ناحيتها ، ثم توجه إليها متسائلاً :” خير في أيه !؟”
” دكتور حكيم أدانا خبر إنك أول ما توصل تروحله !”
لوى فمه بضيق ، و أمسك باقة الورود بقبضه واحده متوجهاً إلى مكتب مدير المشفي ، و ما أن دخل حتى تحدث قائلاً :” خير يا دكتور .. حضرتك عايزني في أيه !؟”
أشار الطبيب ناحية المقعد قائلاً بهدوء :” أتفضل أستريح يا عامر باشا ”
جلس عامر على المقعد ، و كرر سؤاله :” في أيه يا دكتور !”
أزدرد ااطبيب لعابه بصعوبه بالغه ، و لم يعرف كيف يبدأ الحديث ، فأختفاء أحدى المرضي من المشفي ليس بالأمر الهين .
لاحظ عامر صمته الذى طال ، فضيق عينيه قائلاً :” دكتور حكيم .. أنا مش فاضي !”
هز رأسه بالأيجاب عدة مرات قبل أن يتحدث قائلاً بنبره مهتزه :” أنت طبعاً عارف إن المرضي النفسيين بيبقي ليهم تصرفات غريبه ، و كذلك إن بعد أفعالهم غير متوفعه .. يعنى لا يمكن نعرف بيفكروا بأيه و ..”
” دكتور حكيم .. ياريت من غير مقدمات تقول اللى حصل !”
” حاضر .. أصل .. أصل ..”
نفخ عامر بضيق ، و وقف هاتفاً بغضب :” طيب أنا هروح أشوف سمرا لحد ما تكون أنت جمعت ”
كان عامر على وشك الخروج من الغرفه و لكنه تسمر مكانه فور سماعه لجملة الطبيب هاتفاً :” سمرا هربت من المستشفي !”
سقطت باقة الورود من يده ، و ألتف لحدق بالطبيب بأعين مُشتعله مستفهماً :” يعنى أيه هربت !”
بدأت حبات العرق بالتساقط على وجه الطبيب ، قائلاً بتوتر :” يعنى .. يعنى مش .. مش موجوده ، النهارده الصبح .. ماكنش ليها أي أثر فى المستشفي ”
توجه عامر بغضب ناحية الطبيب ، و أمسكه بقوه من ياقته صائحاً :” أنت مجنون و لا جاي تهزر .. يعنى أيه واحده تختفي و هى مسئوله منكوا .. دا أنا أوديكوا في داهيه !”
جاهد الطبيب لأبعاد قبضتي عامر عن ياقته ، و لكنه كان ممسكاً به بقوه ، فتحدث قائلاً بخوف :” أهدى يا عامر باشا .. هى اللى هربت ، و أكيد راحت عند حد من قرايبها ”
تركه عامر ، و توجه ناحية الباب و لكنه قبل أن يخرج ألتف ناحية الطبيب و أشار بسبابته محذراً إياه بـ :” لو سمرا ما ظهرتش .. هتدفعوا تمن أختفائها ده ”
و دون أن ينتظر رداً خرج صافعاً الباب خلفه بقوه .
………………………

بالحاره ..
بشقة رباب ،،،

تحدث جابر قائلاً بغضب :” أعملي حسابك إن خطوبتك على جمال الأسبوع الجاي ، و مش عايز كلمه زياده !”
رفعت رباب وجهها ناحيته و بأعين دامعه قائله بأعتراض :” يا ابه ماينفعش أتجوز جمال ، ده ..”
قاطع حديثها صائحاً :” ده أيه .. الواد شاريكِ ، هو حد لاقي ، و لا ناويه تقعدي في رقبتي !”
أنهمرت العبرات على وجنتيها قائله بحسره :” للدرجه دى أنا حمل تقيل عليك يا ابه ”
أشاح بيده معلقاً بغضب :” بطلي بقي كلام فاضي .. أنا قولت اللى عندى !”
” بس ماتنساش إنه كان خطيب سمرا و..”
بمجرد ذكر سمرا أمام والدها ، فهى قد أرتكبت خطأً فاحشاً ، فقطع حديثها بغضب شديد :” أياكِ تجيبي اسم الـ *** دى على لسانك .. و من غير و لا كلمه زياده ، خطوبتك على جمال الأسبوع الجاي .. خلصنا !”
و خرج من الغرفه صافعاً الباب خلفه بقوه ، بينما ظلت رباب تبكي حسرةً لمَ هي مُقبله عليه .
……………………

بفيلا حسن ،،،،
صاح عامر بغضب :” يعنى هى ماجتش هنا ..أومال تكون أختفت فين !”
تجمعت العبرات بمقلتى حسن هاتفاً بقلق :” أنت متأكده يا عامر إنها مش بالمستشفي !”
” يعنى بيهزروا معانا مثلاً .. أنا هروح أدور عليها فى كل حته ، و لحد بكره لو ماظهرتش أنا هرفع قضيه على المستشفي بالأهمال ده ”
خانته بعض عبراته و هو يعلق بـ :” مش مهم ده دلوقت .. الأهم إننا نلاقيها يا عامر !”
هز رأسه بالأيجاب ، ثم رفع كفيه ليفرك وجهه ، و نظر إلى حسن قائلاً :” أنا هروح أعمل اللى أقدر عليه دلوقت ، و حضرتك لو وصلت لأى خبر عنها بلغنى ”
ثم توجه عامر إلى الخارج ، بينما ألتفت حسن ناحية الدرج ليجد آلاء تقف و هى تستند على الجدار و تبكي ، فتحرك بكرسيه ناحيتها ، و حاول أن يرسم الأبتسامه على ثغره و هو يفتح ذراعيه لها قائلاً :” تعالى يا آلاء في حضـ,ـنى يا حبيبتى ”
و بالفعل أتجهت آلاء نحوه و أرتمت بأحضانه ، فرفع هو كفه ليمسح على شعرها قائلاً :” القمر بيعيط ليه بقي !”
رفعت وجهها لتنظر إليه بأعين باكيه و هى تقول :” هى سمرا أختفت و مش هترجع تانى .. و خلاص كده سابتنى لوحدى و مشيت !”
” لا يا حبيبتى ، سمرا عمرها ما هتسيبك .. سمرا هترجع يا حبيبتي .. هترجع ”
……………………….

بقصر شاهر ،،،

أخيراً استعادت سمرا وعيها ، و ظلت تترمش بجفنيها ، لتدرك إنها لازلت بذلك المكان الكريه ، و أطلقت أنيناً مكتوماً بسبب الألام المتمكنه بجسدها ، ثم ظلت تحرك يديها لتحررهم من القيد و لكن بلا فائده ، فأنسابت العبرات على وجنتيها ، و تملكها اليأس ، و ظلت تتشنج و هى تبكي بمراره ، و تقول بحسره :” ليه .. عملت أيه أنا وحش فى حياتى علشان يحصلي كده .. يارب .. يارب أنا ماليش غيرك ، طول عمرى ماشيه جنب الحيط ، ليه يحصلي كده ليه !”
أتاها صوت رجولي معلقاً بتشفي :” غلطتك الوحيده إنك وقعتي فى طريقي و بكده تبقي بعدتي عن الحيط !”
ألتفتت على يسارها لتجد من باتت تبغضه يغلق باب الغرفه خلفه ، فأغمضت عيناه حتى كادت أن تعتصرهما ، و لم تعلق ، فأقترب هو منها ليقف قبالتها و عقد ذراعيه أمام صدره متابعاً بسخريه :” أيه .. يعنى خرستي ، لسانك كلته القطه و لا أيه !”
لم تجيبه أيضاً ، فمال هو بجسده ناحيتها قائلاً بآسي مزيف :” يا حرام .. بصي وشك الحلو بقي كله جروح أزاي !”
ثم رفع كفه ليضربها عدة مرات على وجنتها بخفه و هو يتابع :” معلش معلش .. بس جاييلك خبر حلو .. النهارده حبيب القلب ، خلاص .. و لا هيقدر يساعدك و لا يقف جنبك !”
أصابتها الصدمه و من بين عبراتها تحدثت قائله برجاء :” أبوس أيدك يا شاهر ماتقربش ليه .. و أنا مستعده أفضل تحت أيدك طول عمرى و أعمل فيا ما بدالك !”
أمسكها بقوه من فكها حتى أطلقت تأوهاً ، قائلاً و هو يصر على أسنانه :” أنتِ كده كده هتفضلي تحت أيدى سواء برضاكِ أو غصب عنك .. و أنا قولتلك إنى مابرحمش ، مش أنا من وجهة نظرك بالونه منفوخه على الفاضي ، أما نشوف البالونه لما بتفرقع بتعمل أيه !”
و أزاح رأسها بقوه ، ليقف و يسير عدة خطوات مبتعداً عنها و هو يتابع :” عايز أخد رأيك في رسمتى الجديده يا سمورتي !”
تعالت شهقات سمرا من بين صوت بكاءها ، فألتفت هو إليها صائحاً بغضب :” كفايا زفت عياط .. مابحبش النكد .. و لا تحبي أسكتك بطريقتي !”
ضغطت بقوه على شفتيها حتى لا يخرج صوت بكاءها ، فكان مصير صراخها المكتوم هو العوده إلى جوفها ، لتتجرع الألم و المرار مرةً واحده ، و قلبها على وشك الأندلاع من بين ضلوعها فزعاً منه .
رفع شاهر الغطاء عن اللوحه ، لتظهر تلك اللوحه التى أنهاها بالأمس ، و هى صورة خاصه بسمرا تقف بمفردها فى مكان فارغ تماماً و على معالمها يرتسم الهلع و الرعب ، و يحيط خصرها قبضه قويه ، حتى إن الألم من شدة القبضه مرتسم على معالم وجهها ، و تلك العبرات المتجمعه بمقلتيها . ”
نظرت سمرا إلى اللوحه ، و ظلت تحرك رأسها مستنكره ما رُسم بها ، بينما أقترب هو منها و ظل يمسح على شعرها بهدوء غريب و هو يقول :” لايقه علينا الرسمه مش كده يا حياتى .. مش أنا شيطان في عينيكِ ، و أنتِ وقعتي في قبضتي .. يعني في قبضة الشيطان نفسه اللي لا بيرحم و لا هيرحم !”
صدر أنيناً مكتوماً منها و هى تغلق عينيها بقوه ، بينما اتجه هو نحو الباب قائلاً :” معلش مضطر أسيبك دلوقت ، بس أكيد راجعلك تاني !”
و ألقي لها قبّله فى الهواء قبل أن يخرج صافعاً الباب خلف ، بينما ظلت هى تدعو الله أن يخلصها من براثن ذلك الشيطان الملعون الذى لا يريد عتقها !
……………………………

بعد منتصف الليل ..
بشقة عامر ،،،،

كان يجلس بالصاله و يحرك قدميه بغضب بالأرض ، ثم وقف و اتجه ناحية المرحاض من الممكن للماء أن تطفئ النار المُشتعله بداخله .
…..
أغمض عيناه بقوه و هو يستند بكفه على الحائط السيراميكي لحوض الأستحمام ، و ترك المياه تغرق شعره و رأسه و جسده و بداخله صراعاً لا يهدأ ، أين أختفت .. و لماذا .. أمن الممكن أن تكون تريد الهروب من الواقع البشع الذي عانته ، اهً يا سمرا لو تأخرتِ قليلاً لتعطيني فرصه واحده .. واحده لا أكثر ..!

أخرجه من صراعه الداخلي صوت طرقات على باب الشقه بقوه ، فعقد حاجبيه مسائلاً نفسه مَن مِن الممكن أن يأتِ بهذا الوقت ، و لكن قفزت بمخيلته فكرة أن تكون سمرا ، فسريعاً أرتدى بنطاله القماشي ، و تيشيرت بنصف كم ، و خرج سريعاً من المرحاض متوجهاً إلى باب الشقه
ما أن فتح باب الشقه حتى وجد من يدفعه للداخل و دخل أيضاً مُغلقاً الباب خلفه سريعاً …….!
…………………………………………………….  ………………………………………………………..

انت في الصفحة 2 من 5 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل