
فُتحت عيناه قبل إستفاقتها، فجدها تختبئ داخل أحضانُه كطفلة صغيرة، قبّل جبينها يُتمتم بحُب:
– أسيبك إزاي و أقوم أنا دلوقتي!!
همّ بالنهوض لولا ذلك الصوت الذي وصل لمسامعُه ينوح يـ:
– يــا نـــور!!! جـــوزي فــيــن يا نــور!!!!
يُتبع♥
الفصل التاسع
– يــا نـــور!!! جـــوزي فــيــن يا نــور!!!
إنتفض من فوق الفراش يخرج من الشرفة فوجدها خارج أسوار البيت تصيح بذات الجُملة، إرتدى ملابسه و خرج من الڤيلا بأكملها يقسم أن يلقنها درسًا لن تنساه، و بالفعل وقف أمامها وجهه قد إشتعل من فرط غضبُه يهدر بوجهها بصوت جهوري أخافها:
– بــتــعــلي صــوتك فين يا سـت إنتِ فاكرة نفسك في حارتكوا!!!!
إنقضَّت عليه رغم خوفها منه تامسك بتلابيب قميصُه صارخة به:
– جوزي فين!! عملتوا في جوزي إيه إنطق!!!
رفع حُراسه أسلحتهم يشهروها بـ ظهرها فـ إنتفضت خائفة و تركتها، بينما هو قال لها بجمودٍ:
– روحي دوّري عليه في حتة نجسة شبهُه .. بيتي مبيدخلوش أوساخ!!
أخرجت منها كلماته أسوأ ما بها فـ صاحت بوجهه:
– أنا متأكدة إنك عملت فيه حاجه، و هعرف و هسجنك و الله لسجنك!!
– طب يلا .. روحي إعملي اللي تعمليه!!
قالها بإبتسامة مُستهزئة فـ لمحت الواقفة خلفُه لتصرخ بها بغِلظة قلب لا مثيل لها:
– بتبيعي أمك يا نور!! بتبيعيها عشان جوزك يا بنت بطني؟!! يا خسارة!!
ثم سارت تاركة إياهم لتنهمر دمعاتها على وجنتيها فـ إلتفت هو لها يناظرها بضيق من وجودها الآن، لم يكُ يريدها أن تتواجد بالأصل و تسمع تلك التراهات، رآها تتقدم له تشير بأعين دماعة إلى الفراغ الذي تركته أمها:
– أنا عايزة أروحلها .. ينفع أروحلها!!
حاوط كتفيها و قال بحنان:
– تروحي تعملي إيه يا حبيبتي؟
هتفت راجية:
– خليني أروح وراها أرجوك يا فريد!!
تنهد و قال مشيرًا لها:
– روحي يا نور!
ما إن سمعت جملته حتى فرّت راكضة خلف أمها لتقبض على كفها تحاول إيقافها بينما الأخيرة نفضت ذراعها عنها بعنف مُلتفتة لها تقول بحدة:
– عايزة إيه متلمسنيش!!
قالت نور بـ براءةٍ و هي تبكي:
– إسمعيني يا ماما!!
صرخت بها:
– بس إخرسي!! أنا مش أمك خلاص من النهاردة، إعتبري أمك ماتت و مش راجعة تاني أبدًا!!!
طالعتها مصدومة، إرتعشت شفتيها و هي تقول:
– ليه .. ليه يا ماما .. كل ده عشان إيه؟ عشان جوزك؟
– عشان إنتِ طالعة لأبوكِ! واطية و ناكرة زيُه! الراجل اللي كان بيعاملك بما يُرضي الله إفتريتي عليه و خليتي جوزك يضربُه و يمد إيده عليه قدام باب بيته .. و أهو مختفي دلوقتي من إمبارح والله أعلم راح فين!
ضحكت نور بمرارة ثم غمغمت:
– بيعاملني بما يُرضي الله؟!! الراجل اللي كان بيبُصلي و بيتمناني بتقوليلي كان بيعاملني بما يُرضي الله؟ الراجل اللي خطفني من وسط بيتي ووداني في حتة مقطوعة عشتن يغتضبني بتقوليلي إنه كان بيعاملني زي بنتُه!!!
لطمت الأم صارخة بوجهها:
– يا مصيبتي!!! يعني عملتوا فيه إيه!!! جوزك #صح؟ ردي عليا!!!!
صرخت بها نور تقبض فوق ملابسها تهزها بإنهيار:
– هـّو إنـتِ مـش سـامـعـاني!!!! مـش سـامـعـة أنـا بـقـول إيــه!!
تابعت بصوتٍ عالٍ وسط إنهيارها:
– هو اللي فارق معاكِ!!! كل اللي فارق معاكِ وجوده و سلامتُه و أنـا فـي سـتـيـن داهــيــة!!! مـــش كــدا!!!
أشارت لها و هي تشعر بقلبها تحطّم أشلاء أمام عيناها:
– إمشي يا .. مـ .. يا نادية هانم!! إمشي و إنتِ اللي تعتبري إن بنتك ماتت!!
سارت نور مبتعدة عنها تعود إلى الڤيلا، تسير بلا هوادة بالكاد تستطيع أن توازن خُطاها، و من هوان جسدها .. و إنفطار قلبها كادت أن تسقط لولا ذراعيّ حاوطا خصرها يُقيم وقفتها و هو يمسح على خصلاتها، رفعت عيناها له لتغمضها تستند برأسها على صدره، نظر هو إلى أمها التي لازالت واقفة شارة بـ بُغضٍ، أسندها داخل حدود منزلُه حيث أمانها، ثم حملها ليسير بها للبهوِ، أنزلها و قد أغضبُه مظهرها الضعيف، ليحاوط بكفيه ذراعيها يهزها بحدةٍ قائلًا:
– إفردي ضهرك و بُصيلي!!! مش دي الأم اللي تعيطي عليها!
نظرت له و الدمعات تتلألأ بمقلتيها، كيف تُخبره أنها قوية و لكن الخصم كان أمها، كيف تُخبره أنها لم يسبق لها و قد شعرت يمثل هذا الشعور بين طيات قلبها، كيف تصف له إحساس الصفعة التي تلقّاها فؤادها، لم تجد على لسانها سوى حروفٍ مُتقطّعة تمتمت بها:
– هو أنا بنت مش كويسة؟ أنا مستاهلش أنها تحبني أو تحِن عليا؟
رفع رأسه للخلف ليعود ينظر لها يجذب رأسها لصدرُه بعنفٍ قائلًا بنبرة عالية:
– هي اللي متستاهلش وجودك في حياتها، هي اللي مش كويسة ولا تستاهل سؤالك و دموعك دي!!!
تمسّكت بقميصُه و همست:
– أنا مش قادرة أوصفلك .. إحساسي دلوقتي!!
ثم بكت حتى شعرت بدمعاتها أغرقت قميصُه:
– ياريتني ما روحت وراها .. ياريتني سمعت كلامك!!!
تنهد ولم ينطق بشيء، رنين هاتفه صدح فـ إبتعدت عنه تزيل دمعاتها بكفيها، حاوط وجنتها اليُمنى بحنوٍ و إلتقط هاتفُه بيدُه اليُسرى من جيب بنطالُه ليجيب:
– في إيه؟
سمع ما جعل عيناه تغمض، نظرت له نور بقلقٍ فـ همست:
– في حاجه يا فريد؟
أغلق الهاتف و لم يعلم كيف يُخبرها، بعد ثوانٍ نطق بعد أن حاول ترتيب الحروف ليوصل لها ذلك الخبر:
– أمك في عربية خبطتها برا!!!
– إيــه!!!
صاحت به مصدومة، لتتركه و تركض بالخارج، ركض هو خلفها بينما توقفت نور و كإن جسدها شُلَّ، ترى جسد أمها على بعد أمتار منها قد تهمّد مُفترض على الأرض الأسفلتية، ساكن تمامًا كـ سكون نبضات قلبها الأن، دائرة دموية كبيرة تحوطها جعلت أعين نور تذرف الدمعات تباعًا، ركضت لها و جلست جوارها فتلطّخت كامل ثيابها بالدماء لكنها لم تهتم، حاوطت وجهها تقول بـ صوت يرتجف و أعين محملقة بها من شدة صدمتها لا تصدق:
– مـ .. ماما!! ماما إصحي، بُصيلي يا ماما أنا أسفة مكانش قصدي أقولك كدا!! ماما أرجوكِ بُصيلي متعمليش في بنتك كدا!! مش لازم تحبيني خلاص المهم إني بحبك .. يا ماما مينفعش تمشي وتسيبيني دلوقتي .. مينفعش إنتِ و بابا تسيبوني كدا!!!
وجدت من يحاول جذبها له يخرجها من تلك الدائرة لكنها صرخت به بإنهيار:
– سيبني يا فريد سيبني!!!
ثم مالت على أمها تقبض على كفيها داخل باطن راحتيها تطبع شفتيها فوقهما ترجوها و دمعاتها إنهمرت فوق كفي أمها:
– ماما .. قومي يا حبيبتي متحرقيليش قلبي أكتر من كدا!!!