
كانت نظاراتها الطبيه تخفي عنه ذلك الصراع الذي يدور بداخلها فقد أربكتها كلماته و لم تعرف إلى ماذا يرمي فظلت نظراتها مثبته عليه لثوان قبل أن تضيئ عقلها فكرة جعلت الغضب يسري بأوردتها من ذلك المتعجرف البارد المغرور مما جعلها تقول بلهجه حادة بعض الشئ
” ممكن اعرف إيه اللي أنت فهمته بالظبط ؟ و إيه دخل إني مخطوبه أو لا في موضوعنا ؟”
كانت عيناه مثبته عليها تتلقفان كل حركه تصدر منها و كأنه يريد الغوص إلى داخلها حتي يعلم ماذا تخبئ خلف تلك القضبان الزجاجيه لنظارتها التي تحتمي بها و لكنه بالأخير أخذ نفسًا طويلًا قبل أن يقول بسلاسه
” يعني لما أختك الصغيرة يتقدملها واحد زي حازم و يكون بيحبها أوي كدا أكيد من جواكِ هتقولي طب إشمعنا أنا ؟!
للحظه لم تستوعب حديثه و ظلت تناظره بصدمه لم يتأثر لها إنما تابع قائلًا بهدوء
“على فكرة أنا مقصدش إنك حد وحش بس أعتقد إن الغيرة شعور طبيعي عند كل الستات !
شعرت و كأن دلو من الماء قد سقط فوق رأسها حين القي بعباراته الجافه على مسامعها فهبت من مقعدها و قد اخترقت كلماته المُهينه كبريائها و قالت من بين أنفاسها المتلاحقه
” عندك يا سالم بيه . لحد هنا و كفايه اوي . أنا لما لجأتلك كان عشان تساعدني أوقف وضع بالنسبالي مش مظبوط . حازم شخص مستهتر و دا بحكم سنه وأكيد انت عارف كدا و جنة اللي بتقول إني بغير منها دي تبقي بنتي الصغيرة قبل ما تكون أختي أنا اللي مربياها من و هي عندها عشر سنين بعد وفاة والدتي . و جه بعدها والدي توفي و هي عندها يدوب سبعتاشر سنه و أنا المسؤوله عنها و واجبي إني أحميها لما ألاقي في خطر حواليها ، و عشان كدا أتجبرت إني أعمل كل دا و أقابلك و كنت اتمني إني الاقي منك دعم لإن الوضع كله مرفوض . بس يظهر إني غلطت لما جيتلك . ”
ألقت بكلماتها ثم استدارت بكبرياء للخلف تنوي المغادرة و لكن أتتها كلماته الآمره و لهجته الصارمه فجمدتها في مكانها
” أستني عندك !”
جفلت من لهجته و حبست أنفاسها حتي أنها لم تشعر به حين توقف خلفها و هو يقول بخشونه
” لما تكوني بتكلمي سالم الوزان أوعي أبدًا تديله ضهرك . فاهمه! ”
لا تعلم متي إستدارت تناظره بذهول ذلك المتعجرف من يظن نفسه حتي يصرخ عليها بتلك الطريقه ؟ هل يظنها أحد رعاياه أو خادمه تعمل عنده ؟ إشتعلت نيران غضبها مرة ثانيه ما أن همت أن تُلقنه درسًا لن ينساه حتى باغتها سؤاله حين قال بلهجه هادئه تُنافي لهجته منذ قليل
” هي أختك جنه شبهك ؟”
للحظه نست وقاحته و أجابت بعفويه
” آه شويه . بس ليه ؟”
ظهرت إبتسامه جانبيه على شفتيه حين تمام بخفوت
” حازم طلع بيفهم . أهي حاجه تشفعله .”
تحولت نيران غضبها بلحظه إلى خجل كبير غمر ملامحها و تجلي في إحمرار وجنتيها و لم تستطيع إجابته و لكنه فاجأها حين توجه مرة ثانيه خلف مكتبه و هو يقول بعمليه
” أتفضلي مكانك يا آنسه فرح . موضوعنا لسه مخلصش .”
أعادتها كلماته إلى موقفها السابق فرفعت رأسها بعنفوان و هي تقول بلهجه جافه
” أعتقد إن معدش في حاجه تانيه ممكن تتقال أنا شرحتلك الموضوع كله و دا اللي كنت جايه عشانه ”
سالم بغموض
” و مش عايزة تعرفي رأيي ؟”
نجح في جذب انتباهها و جعلها تشعر بالفضول لذا أجابت بلهجه حاولت جعلها ثابته
” ياريت ”
أجابها بهدوء جليدي
” رأيي إنك مديه الموضوع أكبر من حجمه ! ”
فرح بإستهجان
” بمعني ؟”
سالم على نفس هدوئه
” حازم شاب و علاقاته كتير و معتقدش إن أختك حد مميز بالنسباله ، و هي زي ما قولتلك ممكن كانت عايزة تحسن من حياتها عشان كدا فكرت ترتبط بحازم . ”
ثانيه . إثنان . ثلاثه مروا و لم تتغير ملامحها و ظلت تناظره بغضب و شعرت في تلك اللحظه بأنها إرتكبت حماقه كبيرة بمجيئها إلى هنا و لكن فات أوان الندم فها هو ينظر إليها بـ بنيتاه الكبيرتين بمنتهى الهدوء ينتظر ردها و هي لن تبخل عليه به فقد أرادت أن تُنهي هذا اللقاء اللعين بأي شكل لذا قالت بلهجه جافه
” بما إن دا رأيك يبقى مالوش لازمه أضيع وقتك و وقتي أكتر من كدا . مع العلم إني ضيعت من وقتي أسبوع بحاول أوصلك فيه . عن إذنك ”
تجاهل كلماتها و قال بلامبالاه و هو ينظر إلى الأوراق التي أمامه
” أوعدك إني هدخل لو لاقيت الموضوع يستدعي زي ما بتقولي . شرفتيني”
عودة للوقت الحالي
زفرت فرح بحنق من ذلك المتعجرف المغرور الذي كانت تتمني لو أنها لم تقابله أبدًا في حياتها . و لكنها كانت تود أن تحمي شقيقتها من براثن أخيه و قد جاءت زياراتها له بنتائجها المرجوة فبعد ذلك اللقاء لم تسمع جنه تتحدث مع ذلك الشاب أبدًا و قد بدت ملامحها ذابله حزينه فأرجعت ذلك لأن ذلك المغرور أجبر أخاه علي الإبتعاد عنها و قد كان كان الندم يقرضها من الداخل و الألم يعصف بها لرؤيه شقيقتها بذلك الحال و شعرت بأنها كالسيدة القبيحة التي تحاول منع سندريلا من الذهاب إلى الحفل!
لكنه كان أفضل لها من تلك المغامرة الخاسرة مع شاب مستهتر مثل حازم .
دخلت غرفتها و قد قررت بأنها ستُنهي ذلك اليوم الممل بالنوم عل الغد يأتي حاملًا الفرح بين طياته ..
***************
الثانيه عشر بعد منتصف الليل و أغلب الوسائد تفوح منها رائحه الدموع فمنهم من يبكي على فراق اُجبر قسرًا عليه و منهم من يبكي على غائِب سرقته الحياة عنوة و أصعبهم من يبكي ندمًا على فقده ما لا يمكن تعويضه حتي لو بكى مائه عام ..
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
كانت جنه تحتضن وسادتها التي كانت غارقه في سيل من الدموع التي لا تهدأ أبدًا و كأن أنهار العالم أجمع سُكِبت في عيناها . فقد كان هذا حالها منذ أسبوع مضي و هي تجلس وحيدة بغرفتها لا تشعر بشئ حولها و كأنها تود لو تختفي بتلك الغرفه للأبد . ترفض محاولة شقيقتها في التحدث إليها و تشعر بالإمتنان لها كونها لم تضغط عليهاو لكن هل ستصمت طويلًا ؟
رجفه قويه ضربت أنحاء جسدها و هي تتخيل أن تُصارح شقيقتها بجُرمها الذي لا تعلم كيف إرتكبته في حق نفسها أولًا ؟
إزدادات عبارتها بالهطول و خرجت شهقه قويه من جوفها تحكي مقدار الوجع الذي ينخر عظامها و لم تجد له أي دواء حتي الآن . و فجأة خطر علي بالها شئ قد يُريحها قليلًا فهبت من مكانها و توجهت إلي المرحاض بأرجل مهتزة و أخذت تتوضأ بتروٍ و كأنها تزيل عن روحها ما علق بها من قذارة ذلك العشق الذي كان كالإعصار أطاح بحياتها و دمرها كلياً
بعد مرور دقائق كانت تصلي بكل خشوع و دموعها منسابه علي خديها لا تملك القدرة علي إيقافها و لا تعرف ماذا تقول فقط كل ما كانت تقوله حين لامست جبهتها الأرض الصلبه
« يارب . سامحني . يارب »
ظلت تردد تلك العبارة كثيرًا و كأنها لا تعرف غيرها . فهي كل ما تحتاجه في تلك الحياة كي تستطيع مواجهه ما هو قادم .
بعد دقائق كانت أنهت صلاتها و ما أن همت بخلع ثوب الصلاة حتي سمعت إهتزاز هاتفها فتوجهت بخطً ثقيله لرؤيه المتصل و حينها سقط قلبها من شدة الذعر و تجمدت بمكانها حتي هدأ إهتزاز الهاتف حينها إستطاعت أن تطلق زفرة قويه من أعماقها و جلست بتعب علي السرير خلفها ليعيد الهاتف إهتزازه مرة آخري و لكن تلك المرة كان رساله نصيه فقامت بفتحها بأيد مُرتجِفه لتخرج منها شهقه فزعه حين قرأت محتواها
« انا قدام الباب لو منزلتيش تقابليني دلوقتي هعملك فضيحه قدام الناس كلها »
إرتعش جسدها بالكامل من هذا التهديد الصريح لهذا الوقح الذي كانت عاشقه له حد النخاع والآن تتمني لو أنها لم تلتقي به أبدًا .
عاد إهتزاز الهاتف مرة آخري فهبت من مكانها و قامت بالضغط علي ذر الإجابه و قبل أن تتفوه بكلمه واحده جاءها صوته الغاضب
” أنا مستنيكي قدام الباب تحت دقيقه و الاقيكي قدامي و إلا هنفذ إلي قولته في الرساله .”
أجابته بإرتجاف و دموعها تسري علي خديها
” حازم أنت مجنون أنت عارف الساعه كام دلوقتي ؟”
حازم بصياح
” تكون زي ما تكون قولتلك إنزلي دلوقتي حالًا ”
إرتعبت من لهجته الغريبه كليًا عليه و قالت بلهفه
” طب أرجوك وطي صوتك . وأنا هنزلك حالًا.”
أغلقت الهاتف و قامت بالتوجه إلي باب الغرفه بحذر شديد و نظرت إلي غرفه شقيقتها و الندم يكاد يفتك بقلبها ثم أعادت انظارها إلي الباب أمامها و بخطً ثقيله توجهت لملاقاة ذلك المجنون ففتحت الباب برفق فقد كان الجو بارداً جداً و المطر علي وشك الهطول فإحتمت بوشاحها أكثر و هي تنظر حولها إلي أن وقعت عيناها علي ذلك الذي كان ينتظرها بجانب الطريق فتوجهت إليه و ما أن همت بالحديث حتي إقتادتها يداه و أجلستها في المقعد المجاور للسائق دون أي حديث و ما أن جلس بجانبها حتي أنطلق بالسيارة بأقصى سرعه فجن جنونها و قالت بصراخ
” أنت مجنون ؟ أنت واخدني و رايح علي فين ؟”
كان موجهًا نظراته إلي الطريق أمامه و هو يقول بنبرة قويه
” هنهرب من هنا !”
*************
كانت تغط في نوماً عميق حين أخذ الهاتف يرن دون إنقطاع فتململت في نومتها و ألتفتت إلي النافذه فوجدت الخيوط الأولي لشروق الشمس تلون السماء فإلتفتت تجاه الهاتف لرؤيه من المتصل لتجده يرن من جديد فأجابت بنعاس
” آلو .”
المتصل
” أنسه فرح عمران ؟”
” أيوا أنا مين ؟”
” إحنا بنكلمك من مستشفي (..) أخت حضرتك عملت حادثه و حالتها خطر”
لا تعلم كم من الوقت مر عليها و هي جالسه أمام تلك الغرفه تنتظر خروج الطبيب ليُطمئِنها علي شقيقتها فهي منذ أن علمت بهذا الخبر المشؤوم الذي لم تُصدقه من البدايه وجدت نفسها تلقائيًا تتجه إلي غرفتها في محاوله منها لتكذيب ما سمعته أذناها و لكنها وجدتها خاويه فسقط قلبها رعبًا من أن يُصيبها مكروه و لا تعلم كيف إرتدت ملابسها و هرولت إلي هنا لمعرفه ماذا حدث .
قاطع شرودها خروج الطبيب الذي هرولت إليه قائله بلهفه من بين دموعها
” طمني يا دكتور أختي عامله إيه ؟”
الطبيب بعمليه
” متقلقيش . المدام بخير .شويه جروح و كسور لكن هتبقي كويسه بإذن الله ”
سقطت كلمته فوق رأسها كمطرقه قويه في حين أخذ عقلها يردد جملته بغير تصديق
” المدام !!”
يتبع ……
#القبضة_الثانية
#في_قبضة_الأقدار
#نورهان_العشري
كل الأشياء التي تمنيتها لم أحصُل عليها ، و بالمقابل رفضت كل الأشياء التي أرادتني ، و هكذا إستمرت معاناتي مع الحياة و لا أدري إلى أين يأخُذني طريقي ؟ و لكني أتلهف لنهايه سعيدة لم تكن يومًا في الحسبان …
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
لم تنتهي مُعاناتي مع الحياة بل أظنها بدأت . فبالرغم من كل ما مررت به إلا أن ذلك الألم الذي أشعر به الآن كان ثقيلًا للحد الذي جعلني أود الهرب من كل شئ حتي من نفسي …
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁
مهما بلغت قوتك و صلابتك يومًا ما ستجد نفسك بحاجه للهرب من كل شئ. هكذا كانت تشعر و هي تسير بذلك الرواق الذي بدا طويًلا لا ينتهي كمعاناتها تمامًا فلطالما إختبرت الحياة صبرها بأقسي الطرق بداية من خسارتها لوالدتها في عمر التاسعه عشر و توليها أمر العنايه بطفلة صغيرة لم تتجاوز العاشرة من عمرها و مرض والدها الذي لم يكن يتحمل فراق زوجته و ظل يُنازِع في الحياة حتي لحق بها بعد سبعة أعوام قضاها بين أروقة المشافي و هي خلفه تُسانده بكل لحظات مرضه و تعتني بشقيقتها الصغيرة دون كلل لتتوالي الصعاب حين أجبرتها الحياة عن التخلي عن حلمها بعد أن اجتازت السنه الأولي من كليه الطب بتفوق لتجد أن أحوالهم الماديه و العائليه لا تسمح لها بالإستمرار بها و إضطرت إلي تحويل أوراقها لكليه التجارة و التي لا تتطلب حضورًا مستمرًا و لا أموال كثيرة و هذا أحزن والدها كثيرًا و لكنها كانت تتظاهر أمامه بأنها لا تهتم و أن هذا الأفضل لها و أستمر الحال حتي أسترد الخالق أمانته و تركها والدها تواجه مصاعب الحياة وحدها و قد كانت شقيقتها مازالت بعمر المراهقه مما جعلها تُثابِر و تُجاهِد حتي حصلت علي عمل في إحدي الشركات الكبيرة و بإجتهادها و برغم كل العراقيل و الصعوبات التي واجهتها إلا أنها استطاعت أن تُثبِت أقدامها و تثبت نفسها في العمل و إستمرت الحياة تارة هادئه و تارة صاخبه حتي ظنت بأنها ابتسمت لها اخيرًا حين تعرفت علي «حسام الصاوي» كان زميلها في العمل و قد تعرفت عليه بعد أن كان قادمًا من فرع الشركه بمدينه الإسكندريه للعمل في الفرع بالقاهرة و قد سرق فؤادها فور أن وقعت عيناها عليه و قد وقع في حبها هو الآخر و ظنت بأنها أخيراً وجدت طريق السعادة حين طلب منها أن يتقدم لخُطبتها و بالفعل تمت الخطبه و قد كانت في قمة سعادتها معه فقد كان كالحلم وسيم، لبق، ذو بنيه قويه، متوسط الطول، بشوش الوجه و ذو حس فكاهي كان يهون عليها الكثير و يدعمها بكل الطرق و استمرت الحياة الورديه بينهم لبضعة أشهر و لكن دائمًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن و فجأة تغير كل شئ حين جاءتة ترقيه و التي تتطلب السفر للعمل في فرع الشركه بالخارج و قد طلب منها حسام الزواج و السفر معه و لكنها كانت مُكبله بواجبها تجاه شقيقتها التي ليس لها أحد في تلك الحياة سواها و هكذا وجدت نفسها في مواجهه صعبه وضعها بها حسام الذي اتهمها بأنها لا تحبه و لا تفكر في مستقبلهما و لم تنفع محاولاتها في التأثير عليه و إقناعه بحبها له لذا اضطرت أن تأخذ جانب شقيقتها في النهاية فهي أبدًا لن تتخلي عنها حتي لو كان الثمن سعادتها معه . و أخبرها قلبها بأنه إن كان حقًا يُحبها سوف يتفهم دوافعها و لكن أتتها الصدمه حين علمت بزواجه من زميله لها و السفر معها إلي الخارج . حينها شعرت بأن كل عالمها أنهار حولها. الأمر كان مروعًا لدرجه إصابتها بالحمي التي جعلتها طريحه الفراش لشهر كامل تهذي بإسمه تنتفض كل ليله كعصفور صغير ضربته صاعقه البرق فمزقته الي أشلاء لتهرول إليها شقيقتها تحتضنها محاولة تهدئتها كل ليلة و قد أستمر الحال طويلًا إلي أن استيقظت ذات يوم و هي تشعر بالنفور من ما وصلت إليه حالتها و قد نفضت عنها ثوب الضعف و إرتدت قناع القوة و اللامبالاة و قد أقسمت حينها بألا تدع شئ في الحياة يهزمها .
و لكن الضربه هذه المرة لم تكن قويه و لا مؤلمه بل كانت مميته للحد الذي جعلها عاجزة عن التنفس تشعر و كأن كل شئ إنهار فجأة.
لأول مرة بحياتها تتمني الموت بل و تشتهيه عله يريحها من هذا الألم الذي تشعر به فقد كانت الخسارة فادحه فمن كانت تقاوم لأجلها و تتحدي كل الصعاب في سبيل الحفاظ عليها هي السبب في هلاكهما معًا .
كانت تجر قدماها لتصل إلي غرفة شقيقتها و لا تعرف ما الذي عليها فعله و لا كيف ستواجهها و لكنها مُجبرة علي تلك المواجهه.
تقدمت إلي الدخل بخطً ثقيله فوجدت جنه التي كانت تتسطح علي ظهرها و وجهها في الناحيه الآخري و قد كانت ترفرف برموشها كمن يحارب واقعًا أصبح مفروضًا عليه و لكنها ما أن سمعت صوت الباب يغلق خلفها حتي تجمدت الدماء بعروقها و شعرت بضربات قلبها و كأنها إبر تنغز بكامل جسدها فتؤلمه بطريقه لا تُحتمل و لا تتناسب مع سنوات عمرها الواحد و عشرون .
توقفت فرح أمامها تناظرها بملامح جامدة و عينان جاحظه و كأنها تمثال جميل نقش علي ملامحه الوجع و لونت الخيبه تقاسيمه فلم تستطع جنة إيقاف سيل الدموع الجارف الذي أجتاح مُقلتيها و أخذت شفتيها ترتعش حين سمِعت تلك الكلمه البسيطه المكونه من ثلاث أحرف كانت حادة كنصل سكين إنغرز بقلبها
” ليه !”