
………………………………………………………….
وقفت بجانبه بسعاده وهي تري الأضواء مسلطه عليهم .. من كل مكان
وكيف لا تُصوب عليهم الأضوء وهي زوجة لرجلا تتمناه الكثير
ليقترب منهم أحدهم وهو يرحب بهم : اهلا بزين باشا نورت الحفله
فيبتسم اليه زين بأبتسامة مُجامله ويلتف الي زوجته التي تعبث بخصلات شعرها ..فيٌحاوطها بيده من خصرها بتملك
لتبتسم اليه بهدوء .. وهي تعلم ان كل هذا التملك والحب لا يحدث سوي في عالمهم الخارجي
فزين لم ولن يُحبها يوم رغم عشقها له
……………………………………………………………
أخذت تبحث كالمجنونة بين طيات ملابسها عن راتبها الذي أخذته اليوم، لتُحرك رأسها بيأس وهي تعلم أنها لم تضعه سوي في محفظتها الصغيرة… لتعود لمحفظتها التي نفضتها عشرات المرات بيأس ورغم أنها لا تستحق كل هذا فكيف لمحفظه مثلها أن تبتلع خمسمائة جنيهاً لتسمع صوت أخيها صائحا: فين الفلوس يا ليلي؟
فألتفت نحوه بخوف، ونظرات أمها تُراقبها بلا حول و لا قوة لتتنهد الأم بأسى: ربنا يعوض علينا يا بنتي.
ليدلف محمود إليهم وعيونه تتأمل الغرفه التي لا تُدل إلا علي الفقر،مُزمجرا بغضب: ضيعتي الفلوس يا فالحه؟
وجذبها سريعاً من حجابها ليجرح ذلك الدبوس اللعين عنقها… وصفعة تلو الأخرى إلى أن سقطت تحت قدميه متوسلة: ارحمني يا محمود حرام عليك، ضاعوا غصب عني….
بينما تُطالعهم والدتهم بيأس وهي غير قادرة بأن تُحرك جسدها، لتنهمر دموعها وهي تصرخ بدعاء لأول مرة: ربنا ينتقم منك يا محمود، سيب أختك حرام عليك.
فنفض بذراعيه دون رحمة تلك المسكينة، وصار ناحية والدته ليصرخ بها: بتدعي عليا يا ست إنتي، وجذبها من ذراعها دون رحمه… ومن ثم جرها من فراشها أرضاً… لتشهق ليلي بضعف وهي تري والدتها المشلوله مُنبطحه أرضاً لا تقوي علي الحركه وأخيها يُطالعهما وكأنه شيطاناً قد تلبسه.
………………………………………………………….
{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}
عندما توفق الشيخ الذي يقف بجواره أمام قبر زوجته عن تلاوة بعض الأيات التي تطيب بها النفس.
اقترب منه أياد و أخرج بعض الأموال من جيب سُترته .. ليشكره، فأنصرف الشيخ سريعا داعياً الله له بالصبر.
ليُحرر أخيراً دموعه وهو يتأمل قبر زوجته: وحشتيني أوي يا سلوى.
وتعصف به رياح الماضي ويتذكر أول لقاء بينهما… فقد كان في العاصمة البرازيليه يُنهي بعض أعماله وهي كانت تتجول في شوارع المدينة بدراجتها .. ليجمعهم القدر بذلك الصدام الذي حدث بين سيارته ودراجتها وأدي لكسر أحدي ذراعيها .. وتبدأ من هناك قصة حبهم. فحبيبته كانت مثله والديها توفيا في صغرها، وتعيش معا خالها المُغترب مُنذ سنين طويلة……
ليفيق من شروده قائلا بحنين : أنا وسليم بقينا محاتجينك أووي .. وتابع حديثه الذي يخنقه: متزعليش مني يا سلوي عشان فكرت أتجوز سالي، سليم بقي محتاج لأم تراعيه!
………………………………………………………….
كان يقف يتطلع بعينيه للاسفل حيث الساحة الواسعة المُهيأة لاستراحة موظفيه، ورغم أنه لا يأتي إلي مقر شركته هذه غير يومان في الأسبوع يطمئن فيهم علي سير العمل،فهو يُحب أن يتواجد في مصانع تصليح السيارات التي يعشقها وكانت سببا في نجاحه… ليتأمل ملامح تلك الجالسة بشرود وترتدي ملابس سوداء دون قصد منه كما أصبح يفعل في الأوان الأخيرة حين يأتي هنا.
لينتبه علي صوت أحدهم يُحدثه: زين بيه ..في عقود محتاجه تتمضي من حضرتك.
فنزع زين يديه من جيب بنطاله و ألتف ليتأمل الملف الذي ينتظر إمضاءه…
في تلك اللحظة رفعت حنين وجهها لأعلي تتأمل كل ركن من أركان ذلك المكان وهي تُفكر في حالها… وموعد تركها لشقتهم وأيضا الأموال التي مضت عليها بشيك من أجل التسديد كما وصاها والدها…
قطع شرودها صديقتها : بيقولوا صاحب الشركة هنا، وأشارت بأصبعها للأعلى حيث يقف شخص لا يظهر منه سوي ظهره العريض وتابعت بدعابة: يا سلام يا بت يا حنين لو أتجوز واحد زيه .. ده الحظ يبقي لعب ليا.
فأبتسمت حنين بصعوبة لدعابة صديقتها المحببة لقلبها… لتُكمل صديقتها المرحة التي تُدعي خديجة: أيوه كده خلي الشمس تنور، افتحي شبابيك الأمل ياشيخة.
فطالعتها حنين بألم، لتعود و تخفض رأسها أرضا وهي لا تقوي أن تُسيطر علي دموعها التي تخفيها عن والدتها: أنا تعبانة أووي يا خديجة.
ليعود بعينيه في تلك اللحظة إلى القابعة أمام مشروبها الساخن وقد أنضمت اليها رفيقتها… فتأملها للحظات وهو يُتمتم: إنت إيه اللي بتعمله ده يا زين
ويسرع بخطاه بعيدا عن ذلك المكان .. مغادرا الشركة بأكملها