
في غرفة النوم
وقفت أمام المرآة ، تتلوى بجسدها بحركات ضجرة ، تحاول الوصول لأزرار فستان الزفاف الأبيض ، بينما تتحدث مع نفسها بتبرم : مش فاهمة ليه فساتين الفرح معقدة كده؟ أكيد المصممين حاقدين علينا .. عايزينا نتحشر جواه وما نخرجش إلا بإعجوبة!
نطقت ابريل بحنق ، بينما تجاهد بيديها أن تصل للزرار الأعلى واستمرت في محاولاتها الشاقة ، أنفاسها تتسارع والإحباط يزداد على وجهها ، وأخيراً بعد عدة محاولات فاشلة ، بدأت تشعر بأن الفستان يأسرها ويخنق أنفاسها ، لتتمتم بصوت خفيض يملؤه الحيرة : هو أنا تخنت ولا إيه الحكاية؟ مش ممكن .. دا أنا أساساً نفسي مسدودة!
وضعت يدها على خصرها ، تفكر في حلاً لهذا الكابوس ، وأطلقت زفرة طويلة : أوف يا ربي .. هو كل عروسة بتتبهدل البهدلة دي يوم جوازها؟ مفيش حل سحري يريح العرايس من العذاب ده؟
أوقف تدفق أفكارها صوته الرجولي ، الذي يتخلله تلميح ماكر من خلفها : السحر في صوابع العريس يا بندقتي
شهقت ابريل بذعر ، والتفتت لتجده يقف عند الباب يحاول كتم ضحكته بصعوبة ، حملقت فيه بربكة مستنكرة ، ثم وبخته بلهجتها الرقيقة : انت ازاي تدخل عليا كده من غير استئذان؟
رفع باسم حاجبه مقترباً منها بخطوات واثقة ، وبابتسامة جانبية أجابها ببراءة مزيفة : سمعت دوشة قولت أشوفك بتعملي إيه… كنتي بترقصي باليه ولا إيه؟
شعرت ابريل بالحرارة تزحف إلى وجنتيها ، محدقة فيه بحدة ، لكن سرعان ما تبعتها ابتسامة ساخرة : هاها يا خفة! جاي تستظرف حضرتك؟
لم يتمالك نفسه وانفجر ضاحكًا ، بينما يرد وسط ضحكاته التي ملأت الغرفة : بصراحة المنظر مايتفوتش .. حسيتك اتحولتي بجعة صفرا واوزعة بفستان الابيض
احمرّ وجهها خجلًا ، لتهتف بنبرة محبطة : انا مش نقصاك .. يا تساعدني في المصيبة دي .. يا تطلع برا وتسيبني في همي
هز باسم كتفيه وهو يضع يديه في جيوبه بعدم اكتراث ، وعيناه يتراقص فيهما المكر : أنا عرضت مساعدتي وانتي رفضتي… بقى أخلصي بسرعة .. عشان أغير وأخد شاور .. إلا لو كنتي عايزة أقلع هنا!!
ضيّقت عينيها متوعدة ، وزمت شفتيها بعفوية : وهو يعني مفيش حمام غير ده في الشقة؟
باسم ببرود عابث ، وعيناه تجولان بملامحها المتوردة : مابرتحش غير في حمامي
أطلقت ابريل زفرة مستسلمة ، واقتربت منه ببطء خجول ، لتقول بنبرة تتخللها لمسة دلال : باسم … ممكن تساعدني في فك زراير الفستان؟
ارتفع حاجبه باستغراب خفي ، وهو يتأملها بنظرة تجمع بين الهيام والحيرة ، فقبل لحظات قليلة كانت ترفض مساعدته بكل إصرار ، فسألها بنبرة تحمل تهكمًا لاذعًا : ودا بأمارة إيه؟
تقدمت منه خطوة إضافية ، حتى صار بينهما مسافة لا تُذكر ، ورفعت يديها بخفة لفك رابطة عنقه بتهمل أرسل شرارات حارقة عبر جسده ، تطلعت إليه بعينين مشعتين بالخجل ، يكتنفهما دفء أنوثتها ، وهمست بنبرة مغلّفة برقة مقصودة : جوزي .. لو مطلبتش منك تساعدني .. هطلب من مين؟
ابتسم باسم بمكر ، وجذبها نحوه بخفة ، مستفسراً بصوت عميق مثير : هو أنا مش بكون جوزك غير وقت المصلحة بس؟
ازداد خجلها ، لكنها لم تستسلم ، بل ابتعدت خطوة ، ورفعت إصبعها محذرة بهدوء : باسم .. هتفكهم وبس .. مفيش داعي لحركاتك الخبيثة دي
رفع باسم سبابته وعانق سبابتها ، وعيناه تتأملانها بدهاء وعشق غامر ، ثم همس بعبث متلاعب : بس المرة دي .. انتي اللي بدأتي بالحركات الخبيثة يا روحي .. مش انا
سحبت ابريل إصبعها من براثنه ، واستدارت للجهة الأخرى ، متظاهرة بالإستسلام : طب .. خلاص اهو!
وقف باسم خلفها ، يمرر يده على ظهرها ببطءٍ محسوب ، لتتغلغل لمسته إلى أعماقها ، وشعرت بالإرتباك الحارق يسري في عروقها.
همست ابريل بتذمرٍ متوتر : مستني ايه؟ ماتفكهم؟
أجابها باسم بصوت هادئ ، يتخلله غموض مثير : ماتستعجليش .. الموضوع طلع معقد وعاوز تركيز .. وانتي بتتحركي كتير
التفتت ابريل إليه برأسها ، نظرتها مليئة بالضيق ، وقالت بلهجة تكسوها نبرة ممتعضة : انت بتفك شفرة قنبلة نواوية ولا زراير فستان!! خلص بسرعة بقا!!
ابتسم باسم بنظرة استفزاز تلمع في عينيه الرماديتين ، واقترب منها يمرر ظهر انامله علي وجنتها ، ليهمس بمكر : لو بتعرفي تطلبي بطريقة مؤدبة .. يمكن أفكر أوافق!!
شعرت ابريل بوخزة إحراج حار سرت في عروقها ، فحدّقت فيه بنظرة ساخطة وردت بحدة ضعيفة : باسم .. بلاش لعب الأعصاب ده .. مش وقته خالص!
دني باسم منها أكثر بوجهه نحو أذنها ، ثم همس بجرأةٍ لا تخلو من التحدي : ده وقته ونص .. عشان آخد حقي من كل حركة عناد فيا .. وكل كلمة قولتيها بلسانك الطويل يا بندقة
أطلقت ابريل ضحكة جافة لا تخلو من النعومة ، ورفعت حاجبها بسخرية قائلة بتحدٍّ متصلب : حقك؟ لا والله! قول كده من الأول .. أنت بتستفزني عشان متساعدنيش خلاص .. مش عاوزة منك حاجة .. اتفضل اخرج
لكن بدلًا من أن يخرج ، اقترب منها بشدة ، وارتسمت على شفتيه ابتسامة شديدة الثقة ، وهمس بجوار أذنها بتلاعب ماكر : وبتقوليها بخوف ليه؟
شدّت كتفيها متظاهرةً بالصلابة ، واستفسرت بلهجة مرتبكة : وهخاف منك ليه؟
لم يرد عليها ، فقط أمسك بكتفيها برفقٍ ، وأدارها لتستدير ببطءٍ أمامه ، ومنحها لحظاتٍ قصيرة تُدرك فيها عُمق كل حركة ، وهو يفكّ الأزرار ببطء مقصود ، كأنّ كل زرّ ينحلّ يُسقط معه قناعًا من تردّدها ، راحت يداه تنساب بنعومة فوق ظهرها ، بينما دفء أنفاسه يتسلّل ببطء إلى عنقها ، وأصابعه تتباطأ عمداً في فكّ الأزرار ، مما جعلها أسيرةً لمزيجٍ من الحيرة والخجل.
انحدرت الأزرار الأخيرة ، حتى سقط الفستان عن كتفيها ، لترتفعان يداها لا إراديًا إلى صدرها ، محاولة أن تحجب ما تبقى من عنادها المتكسر تحت وطأة قربه ، وعينيه التي لم تفارق ارتباكها المتأجج بإستمتاع عاشق.
_شكرا
هكذا تمتمت ابريل واستدارت نحوه بوجلٍ خافتٍ ، فإذا بها تتفاجأ به وهو ينزع قميصه بلا تردد ، كاشفاً عن صدره العاري أمام بصرها الذي تاه للحظة بين تفاصيل جسده التي بدت كلوحة مشبعة بالقوة والجاذبية.