منوعات

قيد ابدى

جلس باسم علي السرير ، متظاهراً بالجهل : بتقولي حاجة يا روحي؟!

نفت برأسها في صمت ، وصعدت فوق السرير لتجلس مربعة القدمين ، ليذكرها بما قالته سابقاً : غريبة!! انا فاكر قبل كدا قولتلي .. مش هنام معاك في نفس السرير مهما يحصل!!

غمغمت بتقريع واضح ، بينما راحت تتلاعب بأطراف الأكمام المزينة بالريش الناعم : دا لما كنت فاكرة ان البعيد هيبقي عنده دم ويسيبلي السرير .. بس واضح انه نوع نازل من غير دم اصلا

_كأنك بتلقحي؟

_كأني!!

_و ايه !! هتفضلي قاعدة كدا؟

_وهنام ازاي وانت قصادي بالبوكسر كدا..!!

_هي دي كمان هتعارضي فيها!! اصلا متعود انام من غير عشان بيضايقني .. بس لبسته عشان خاطرك يا قلبي .. ولما ناخد علي بعض هيبقي في كلام تاني

قالها بلهجة توحى بثقة مفرطة ، جعلت فيروزيتها تحتد فيروزيتها بإستهجان من تلميحاته الوقحه ، فعارضت بتحفز : دا بعينك استحالة اللي في مخك دا يحصل!!

جاء رده مستنكراً بنبرة حادة : اللي بتقوليه دا انتي مستوعباه!! ولا بتضحكي علي نفسك بيه!! ازاي ست هيتقفل عليها باب مع راجل واستحالة هيحصل بينهم حاجة!! كان حد قالك انك اتجوزتي سوسن؟!

ضمت إبريل الوسادة إلى صدرها ، كأنها تبحث عن مأوى يُخفف عنها وطأة المجادلة التي لم تُظهر بوادر نهايتها لصالحها ، تدرك تمامًا أنه يفهم مشاعرها الحقيقية تجاهه ، وهو ما يثير فيها نار الاستفزاز ، إذ تتمكن ثقته المُطلقة في نفسه من سحب البساط من تحت قدميها.

تململت في مكانها ، وتسللت الكلمات من بين شفتيها بنبرة مشبعة بالخجل تنبض بالعند : دا مش اسلوب حضاري خالص للمناقشة .. واللي بتكلم عنهم دول اللي متجوزين بحق وحقيقي!!

مدَّ يده نحو ذقنها ، مُمسكًا بها بخفة ، ورفع وجهها إليه ليغمرها بنظراته المتعطشة ، متفرسًا ملامحها الساحرة بعشقٍ يتأجج بالشوق والجموح ، ثم تحدث بجدية صادقة لا تخلو الصارمة ، لتجعل نبضاتها تتسارع بعنفٍ مرتبك : واحنا متجوزين بحق وحقيقي و بإرادتك كمان .. بس انا سايبك علي هواكي بمزاجي .. عشان عاوزك تحسي نفسك مرتاحة لحد ماتتقبلي وجودنا مع بعض..

ابتلعت ريقها لتخفي ارتباكها خلف ابتسامة هشة ، ولوت شفتيها بنعومة محاولةً تخفيف وطأة الموقف : طيب ممكن لحد مانتقبل كلنا تلبس بيجاما؟

حملق فيها بنظرة اختزلت في طياتها جرأة بلا حدود ، ليكسر حدود الكلفة التي حاولت بناءها بينهما ، ورد بصوت يلفّه تهديد مبطن بالخبث : انا يا هنام بالبوك.سر والليلة تعدي علي خير .. يا هقلعه و…

_ماتكملش!!

لم تدعه يكمل ، وقد شعرت بوهج الخجل يبعثر تماسكها ، لذا استسلمت للأمر الذي لا مفر منه : وصلت المعلومة..

تراجع للخلف مستندًا على ظهر الفراش بإسترخاء ، وردد بإستهزاء بارد : كويس ياريت باقي الفيلم الهابط دا يتمحي من نفوخك .. انا لسه شاب صغير ومش ناقصني يجيلي روماتيزم ولا الغضروف في السن دا من نومة الارض ولا الكنبة..

لوحت ابريل بيدها في تعجب بريء توازى مع قولها : وهو حد كان طلب منك تنام علي الارض من اصله؟!

أطلق ضحكة جذابة ، والتقت رماديتيه بعينيها ، وهو يميل بجسده نحوها ، ثم تمتم بهدوء يقطر شوقاً : نعمل ايه في دماغك المحجرة دي؟ فيها ايه لما تقولي نفسي اجي في حـ,ـضني وانا من عيني الاتنين

قذفته بالوسادة لتُسكت حديثه المستفز ، محذرة اياه بنفاذ صبر : دا انت بتتلكلك للخناق بقي… ولا ايه نظامك في الليلة اللي مش راضية تعدي دي؟!

قهقه بخفوت ، وأزاح الوسادة بحركة متأنية ، ثم اقترب منها ، ولف خصلة من شعرها حول إصبعه ، وهمس في أذنها بصوت أجش مشبع بإغواء تتسلل كالنار في هشيم روحها : ماتستعبطيش!! شكل افكارك المنحرفة خدتك للحتة دي معايا يا قليلة الادب

شعرت بارتعاشة تسري في جسدها ، وهى تستقيم بظهرها في السرير ، وردت بصوت يختلط فيه التوتر والقلق : نقطة في بحر قلة ادبك .. وبعدين انت هتتخمد ولا اسيبك واروح للكنبة للي برا

عض علي شفته السفلى مداعباً توترها بتلذذ صارخ : خلاص خلاص .. ماتحمريش اوي كدا يا بندقة .. ثم في راجل عاقل وبيقدر النعمة و يكون علي سريره مزة بالطعامة واللذاذة دي ويسيبها وتنام علي الكنبة

نفخت بحنق محبب ينم عن احتجاجٍها ، ثم رفعت الغطاء عنها بحركة حاسمة : اللهم طولك يا روح .. انا قايمة والله كنت عارفة من الاول انك مش مضمون

أمسك بيدها بخفة ، مانعًا إياها من النهوض بنبرته الأجش : خدي هنا يا بت .. جو الريسبشن مش مناسب ليكي وهتصبحي تعبانة..!!!

شعرت بخفقان في صدرها ، وهي تستمع لكلماته الدافئة التى لا تخلو من الحنان ، فإستفسرت برقة متحيرة : انت ليه مافكرتش تمثل قبل كدا..؟

عقد حاجبيه بدهشة بزغت في استفهامه : اشمعنا!!

حدجته بحاجب مرفوع بتحديًا خبيثًا ، بينما تراقصت على شفتيها ابتسامة جانبية : اصلك قادر بكل سهولة تتقمص شخصية الزوج الحنون اللي بيخاف علي حبيبته من نسمة الهوا قبل ماتطيري وتوصلها..

ردّ بنبرة مزجت بين الدعابة والجدية : عادي محبتش اقطع ارزاق الزملاء .. يلا خلينا ننام عشان نلحق طيارتنا الصبح .. ولا تحبي ندور علي حاجة تانية نعملها مع بعض يا بندقتي؟!

غمز لها بوقاحة ، فأدركت تلميحه غير البريء ، رمقته بنظرة نارية ، واستلقت على ظهرها بجانبه ، متمتمة بحنق مكبوت : مستفز وبجح

قرب منها بأذنه متظاهراً بالجهل : بتقولي حاجة

_لا

نفت بسرعة ، وأغمضت عينيها هربًا من حضوره الذي يأسر نبضات قلبها المتسارعة.

لم يمر سوى ثوانٍ معدودة قبل أن تسمع همهمته المتحيرة : هي إيه البتاعة دي؟

فتحت عينيها الفيروزية لتجد عينيه تركزان على شال جدتها الأسود ، ممسكًا به بأطراف أصابعه ، وكأنه يثير اشمئزازًا في نفسه.

نهضت فجأة ، متناسية الارتباك الذي يعتريها منه قبل دقائق ، لتخطفه منه ، قائلة بعفوية شديدة : دي توحا

_نعم!! مين؟

هتف بإستنكار ، مشيرًا إلى عدم استيعابه للموضوع ، وضحت له بإيجاز : شال ستي توحا

ضاقت رماديتيه بتوجس ، وسألها باستفهام صبور : حصلنا الشرف .. بس بيعمل إيه دا وسطنا على السرير مش فاهم؟

هزت منكبيها بهدوء ، وهي تضع الشال في حـ,ـضنها وغمغمت بحب : مابعرفش أنام إلا وهو في حضـ,ـني

ضحك بإستخفاف ، مستهزئًا من موقفها : لا والله .. ودا هتاخديه معاك واحنا مسافرين؟

أكدت إبريل ببرود : طبعًا مابروحش في حتة من غيره

سرعان ما ارتفعت نبرته ، مشيراً لها بحزم ، ورائحة الريحان المنبعث من الشال تكاد تخنقه : ارمي البتاع دا من على السرير ريحته خنقتني

عارضته إبريل بجدية مضحكة : لو سمحت ماتكلمش عن توحا كدا .. ماسمحلكش

نظر باسم لها بتعجب شديد ، وخطف الشال من حـ,ـضنها ليزيحه جانبًا ، ثم قرب وجهه منها ، يجاريها فى جنونها : معلش انتي يا حجة توحا تعالي كدا شوية عشان عايز اتفاهم مع بنتك المهبولة دي

_احترم نفسك!! أنا مش مهبولة..

رفعت ابريل سبابتها بتهديد غير لائق مع فارق حجميهما ، بينما انحنت لتأخذ الشال وتضعه في وسطهما ، وهتفت بمعاندة : وهي هتنام وسطنا يعني هتنام وسطنا .. مش عجبك، شوفلك حتة تانية انخمد فيها

ارتفعت زاوية فمه بغضب مستنكر : بقي بتطرديني من أوضتي!! طيب اهي ستك اهي على الأرض..

انتهى بجملته ممسكًا بالشال ، وقذفه على الأرض بعناد مماثل مليء بالإستخفاف ، فصرخت إبريل في وجهه من قسوة تصرفه بنظرها ، لتنهض بسرعة وتلتقط الشال وتنفضه وتدلكه بحنان ، بينما توبخه بلهجة نارية : يا عديم الرحمة .. كدا ترمي ستي على الأرض؟!

سند باسم على فخده بيده ، ويده الأخرى اعتصرها بحدة ، متمتمًا من بين أسنانه بعد أن أخرجته عن طور العقل بتصرفاتها الغريبة : بت انتي متخليش آخر ذرة عقل في دماغي تطير عليكي!!!

ابريل لم تبال به ولم ترد عليه ، بل سارعت إلى جهة السرير ، واستلقت والشال في حـ,ـضنها تحت نظره المتعجب ، ليخبط كف فوق كف ، وهو يهمهم بذهول : اتجوزت مجنونة رسمي

استلقى بجانبها في هدوء ، بينما مدّت يدها وأغلقت الإضاءة الخافتة من جهتها ، ساد الصمت للحظة لكن سرعان ما قطعه صوته الآمر : افتحي النور

لفّت ابريل رأسها نحوه مدهوشة : افتحه ليه؟

انت في الصفحة 12 من 19 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل