
عادت فجأة إلى الحاضر على صوت باب المرحاض ، وهو ينفتح ببطء ، فرمشت بعينيها لتستعيد تركيزها ، حين التفتت ، وجدت نفسها وجهاً لوجه أمام عز ، يقف بكامل رجولته ، ملامحه المشدودة ونظراته العميقة تتحدث عن مشاعر كانت تخشى مواجهتها من جديد.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
فى نفس الوقت
عند ريهام
وقفت ريهام خارج القاعة ، تتلاعب بأصابعها بتوتر شديد ، كأنها تسعى لامتصاص قلقها المتصاعد عبر حركة يديها ، غير قادرة على تحمل الصدمات المتتالية التي أرهقت قلبها بشدة ، رفعت عينيها بعفوية بعد لحظات ، لتجده يتقدم نحوها بخطوات واثقة كزئير عاصفة ، وحضورٌ لا يحمل سوى القوة المطلقة والقسوة الجامدة.
لم تجد في نفسها قدرة على الفرار ، فهي الآن أمامه مباشرةً ، أسيرة تلك النظرات الجامدة التي تخترقها كالسيوف
و قبل أن تستعيد أنفاسها ، أمسك بذراعها بقوة جعلت قلبها يقفز من مكانه ، شعرت أنها أسيرة بقب.ضته ، مقيدة بقوة سلطته التي لا تملك منها فكاكاً ، منساقة خلف خطواته التي تقودها بثباتٍ مخيف نحو زاوية معتمة بعيدة عن الأعين ، وما إن توقفت هناك حتى اندفعت منها كلمات مرتجفة ، تنبض برعبها العميق ، عاجزة عن كبحه تحت وطأة حضوره الطاغي : انت ليه عملت كدا؟
جاء صوته خفيضاً بارداً ، كصفعة قاسيّة تنفذ إلى أعماقها ، مغلفة باحتقار دفين يشقّ روحها بلا هوادة : كنتي عاوزاني اسيب سمعة عيلة ام ابني تتمرمغ في الوحل بسبب افلاس ابوكي و جشع امك
ارتجفت كلماتها ، وهي تخرج مترددة ، وملامحها تعكس انكسارها أمامه : عاوز إيه يا داغر؟ مش كفاية…
تلاشى ما تبقى من حديثها كأنما ابتلعته الظلال ، حينما اقترب منها أكثر ، نظراته لا تعرف الشفقة ، تحاصرها كفريسة هشة تترجى الرحمة أمام عينيه الباردتين ، وانبعث صوته الحاد كحد السيف عبر مسامعها : عاوز ابني
جحظت عيناها من الصدمة ، نطقت بشبه همس مرتعش : يعني إيه؟ انت مالكش أي حقوق فى عمر .. دا ابني أنا!
بكل برود ، أخرج من جيبه ورقة ، مدّها نحوها بيد ثابتة ، تجمدت أنفاسها وهي ترى شهادة ميلاد تحمل اسم داغر كأبٍ لعمر ، نظرت إليه برعب ، والصدمات تقرع فى رأسها دون توقف ، تساءلت بتلعثم : إزاي عملت كدا؟
ابتسم داغر بسخرية جليدية : بسيطة .. طليقك راجل عملي جدا وعارف مصلحته .. اختار يحافظ علي مهنته وسمعته .. وأخذ شوية فلوس وساب البلد كلها
حدقت ريهام فيه بعيون تملؤها الدهشة والغضب ، لكنه لم يهتز ، ألقى عليها نظرة مليئة بالاحتقار وقال بسخرية جارحة : مشكلتك طول عمرك إنك ما بتعرفيش تستنضفي رجالة
قال داغر ذلك بإزدراء محتقر ثم عاد بخطواته الواثقة نحو قاعة الأفراح ، تاركًا إياها تقف وحدها ، متجمّدة وسط دوامة من الارتباك والخوف.
☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼
عند مني
عادت فجأة إلى الحاضر على صوت باب المرحاض ، وهو ينفتح ببطء ، فرمشت بعينيها لتستعيد تركيزها ، حين التفتت ، وجدت نفسها وجهاً لوجه أمام عز ، يقف بكامل رجولته ، ملامحه المشدودة ونظراته العميقة تتحدث عن مشاعر كانت تخشى مواجهتها من جديد.
_انت ايه اللي مدخلك هنا؟
سألت بصوت متوتر ، وقد تجمدت في مكانها.
جاء ردّه هادئاً ، ولكن عينيه كانتا تحملان شحنة كهربائية قوية ، كألسنة نار تتراقص في عتمة روحها : تفتكري ايه السبب؟
أجابته بإستنكار محاولةً الحفاظ على تماسكها بصعوبة : انت واقف في الحمام الحريمي .. ايه مش واخد بالك؟
اقترب منها أكثر ، ورد بابتسامة جانبية تتراقص على شفتيه ، تفيض بالتحدي والاشتياق ، كأنما تهمس لها بأن المسافة بينهما مجرد وهم : لا ماخدتش بالي كويس انك نبهتيني
_اخرج من هنا يا عز
أمرت لكن صوتها كان أقرب إلى الهمس.
_قوليلي الحقيقة والا مش هطلع
كان صوته مليئاً بالإصرار ، مما جعل قلبها يخفق بشدة ، لكنها حاولت أن تتجاهل التوتر الذي بدأ يزحف إلى أعصابها : بلاش جنان ماينفعش وجودك هنا اخرج
_كأنك نسيتيني و نسيتي جناني
_مين قالك نسيت؟!
أجابت مني بسؤال مندفع ، مما جعله يقرب وجهه منها أكثر بشبح إبتسامة ، وعينيه يلمعان بعزم لا يتزعزع ، وبإلحاح هامس يشبه خفوت اللهب قال : حلو اوي .. يبقي عارفة ان لو انطبقت السماء علي الارض وحصلت فضيحة هنا .. برده مش طالع الا لما تردي علي سؤالي
تراقص قلبها المفتون بين أضلعها من قربه المهلك ، فتراجعت نحو حافة حوض الماء ، لتعقد يديها تحت صدرها ، وهمست بتذمرٍ مستسلم : سؤال ايه؟! قول وخلصني!!
بخطوة واحدة كسر المسافة بينهما ، قابضاً على عضدها ، وبشراسة مشبعة بلهيب الغيرة تنساب بين أسنانه كأزيز النار هتف : يطلع مين الواد الملزق دا اللي جايباه معاكي دا .. قصدك تجننيني مش كدا .. عاوزاني اصورلك ق**ل!!
انفلتت من قيد قبضته ، واندلع هتافها يعكس استياءها الواضح من حديثه : لا .. انت كدا اجننت رسمي!!!
نطقت بذلك ثم حاولت أن تمر من جانبه ، لكن يديه القابضتين على كتفيها أضحت كعائقٍ لا مفر منه مدمدماً بصرامة : ردي عليا
_سيبني