منوعات

قيد ابدى

_مش علي مزاجك يا مني .. دلوقتي حالا عايز رد علي سؤالي

صوته الذى احتوى على نبرة الغض..ب ، كان كالرعد الذي يتبع البرق ، مستفزًا شعورًا متأججًا داخلها ، لترد بنبرة متهالكة لكن في أعماقها كانت تعي أن تلك الكلمات تعكس صراعًا بين رغبتها في الاستقلال وعاطفتها الجياشة تجاهه : مايخصكش ومش هقولك

_دا انتي اتهبلتي بقا .. انتي لسه علي ذمتي يا هانم اي حاجة تخصك تخصني .. فوقي مش معني اني سيبتك شهرين تهدي فيهم وجيت علي نفسي واستحمت بعدك عني بطلوع الروح .. يبقي خلاص تفتكريني هسمحلك تطلعيني من حياتك او تعيشي علي كيفك

أخبرها عز بصوتٍ عاتٍ كالأمواج الثائرة ، تتسلل إلى أعماقها وتشعل نيران غضبٍ دفين ، لتنساب نبرتها كهمسٍ حزين ، يشبه أنينًا خافتًا ، يكشف الألم دون أن يظهر انكسارها : ماتغيرتش يا عز .. ومفيش حاجة في الدنيا ممكن تخليك تبطل اسلوبك الهمجي دا .. بس انا خلاص صبري عليك خلص ومش هصبر تاني .. من بكرا هروح للمحامي و هطلق منك .. طالما مش عاوز تطلقني بالتراضي

شعر عز بجمرات الغضب تشتعل في عروقه كاللهيب، تحرقه بفكرة الانفصال عنها تمامًا ، ليجذبها إليه حتى تلاشت المسافات وأنفاسه تداخلت مع أنفاسها ، وهمس بنبرةٍ مختنقة بعشقٍ موجوع وغيرةٍ لا تهدأ : افهمي بقي .. انا بمو*ت فيكي .. وانتي عارفة كدا بطلي تستفزيني بكلامك الغبي دا .. انا مولع قدامك من غيرتي عليكي

أشاحت مني برأسها عنه ببطء ، تكابد بشقّ الأنفس تجاهل دفء قربه الذى يزيد من دقات قلبها ، لكن ما بينها وبينه هو حبل مشدود بين الخ..وف من الافتتان والرغبة في الانغماس في بحر مشاعر لا تنتهي ، وهمست بنبرة رقيقة مرتعشة ، تخفي بين طياتها حنينًا عميقًا : حتي لو بتغير عليا .. كل مرة نت..خانق فيها كنت تجرحني بكلامك وبعدها تقولي انا كنت متع..صب وغيران..

أضافت مني بقو.ة غريبة ، وهي تعاود النظر إلى عينيه ، اللتين تلمعان وسط عواصف المشاعر كنجمتين ساطعتين في سماء حالكة : بس انا مش هسمحلك تاني تهيني وتجرحني .. وفي الاخر تعلق دا كله علي شماعة انا بحبك وبغير عليكي .. لو بتحبني كنت تحترمني وتقدر مشاعري مش تجرح وتبهدل فيا

_ماهو انتي مش هتحسي بحالي مهما وصفتلك قد ايه بحبك؟ قد ايه بتوحشيني!! قد ايه مجنون بيكي؟ انا روحي فيكي .. بغير عليكي حتي من الهدوم اللي ضماكي وانا مش قادر اخدك في حض.ني .. مابتحسيش ليه بالنار اللي بتحرقني .. انا مولع من غيرتي عليكي من لحظة ما شوفتك داخلة القاعة مع ابن ال*** دا..

أنهى عز جملته بانفعالٍ عاصف ، وانقضّ عليها كالموج العاتي ، يغمر شفتيها بقبلةٍ ملت..هبة بالشوق والحنين.

حاولت منى التراجع ، تقاومه بروحٍ تفيض رفضاً واحتجاجاً ، لكن ذراعيه أحاطتا بها بإصرار كقيدٍ أبدي يشبه خشية الغريق من فقدان طوق النجاة ، كأنه يخشى أن تتلاشى بين ذراعيه.

في تلك اللحظة، كان يتشبث بها كأنها الحياة ذاتها في أحلك لحظاته ، يمتص من رحيقها بلهفة من يبحث عن خلاصٍ في أعماق بحرٍ هائج من الألم.

اختلطت أنفاسهما كأنهما يحاولان انتزاع بعضهما من قبضة اليأس المدمرة ، ويده تمسد على ملامح وجهها ، يلامس كل تفصيلة بها بتتوق حار تجلى فى صوته الأجش : شهرين بعيدة عني يا مني .. دا كتير عليا .. حرام عليكي انا بتصل بيكي كل يوم بحاول اوصلك .. وانتي كل رقم تعمليلي منه بلوك .. ليه مش حاسة بيا .. انا مش عارف اعيش وانتي بعيدة عني .. مستعد اعمل اي حاجة بس تسامحيني

نطق عز كلماته بنبرةٍ تعبق بضعفٍ جبّار ، يكمن خلفه صلابة تخفي جبالًا من القو..ة ، كعوا..صفٍ رعدية تمزق سماءً ملبدة بالغيوم ، تخترق دفاعاتها الهشّة بقسوة وتتصادم مع قرارها الصارم بعدم العودة إليه ، لقد باتت العودة إليه حكمًا قاسيًا على كرامتها ، وكأن الخضوع له نداءٌ أخير ، يطالبها بالتنازل عن كبريائها ، وهي تكافح بألمٍ لمنع قلبها من الاستسلام : مهما عملت هتقدر تصلح اللي اتكسر جوايا .. هتقدر ترجعلي ثقتي في انوثتي بعد ما اهنتها بكلامك وافعالك .. هتقدر ترجعلي كرامتي اللي دستها برجلك .. هتقدر ترجعلي ثقتي في نفسي اللي ادمرت بسببك .. والاهم من كل دا هتقدر ترجع الزمن وتنقذلي ابني يا عز

كل كلمة منها اصطدمت بجدران قلبه ، لتنخر في أعماقه بعنف ، بينما أكملت منى بقلب يلتظى بالألم : مصيبتي يا عز ان ماشوفتش دنيا غير بين ايدك كنت جنتي علي الارض ويوم ما خرجتني منها ضعت واكتشفت اني ماليش حياة اصلا فقررت امو*ت نفسي شوفت ضعف وذل اكتر من كدا

_عارف اني للي عملته مكنش هين .. بس انا ماحبتش ولا هحب في عمري غيرك لو فيها مو*تي ومستحيل افرط فيكي ولا هخليكي تبعدي عني مهما حاولتي

رفعت منى وجهها لتواجهه ، ورغم ضعفها إنبعثت شرارة من الإصرار في صوتها الرقيق : انت خلاص بعدتني عنك ومش من دلوقتي من بدري اوي يا باشمهندس وهفضل مصممة علي الانفصال الرسمي

قالت منى ذلك ، ثم أبعدته عنها ثم خرجت بخطوات مرتعشة من الحمام ، وقلبها يرتجف بين ضلو..عها ، متشبثاً به رغم الألم ، فهى أقسمت في أعماقها على ترويض هذا الليث الجموح ، متشبثةً بعزيمتها كصخرة صلبة أمام أمواج عشقها العاتية ، لن تسمح لضعفها أن يستدرجها للتنازل ، بل ستبذل كل ما أوتيت من قوة لتثبت له أنها لن تتخلى عن حقوقها أو تنحني مجدداً ظ ستصمد حتى تخبو نيران غيرته التي تلتهم حصاد حبهما ، حتى يجد في صلابتها ملاذاً يسكن إليه.

☼بـ-ـقـ-❥ـلـ-ـم نـ-❥-ـورهـ-❥ـان مـ-ـحـ-❥-ـسـ-ـن☼

بعد مرور وقت لا بأس به

تجلس إبريل في الكوشة ، يديها متشابكة مع يد الطفل عمر الذي يقف بأمامها ، بينما ابتسامتها تنبض بالحنان والعذوبة : ما شاء الله عليك يا قلب خالتك! انت خطفت قلوب البنات كلهم بكل الأناقة والشياكة؟

رد الطفل بغرور بريء ، يعكس ثقته بنفسه واعتزازه بمظهره : عادي .. دي أقل حاجة عندي!

قبلت إبريل خده بق..وة وحب ، بينما أضافت بحماس : يالهوي على العسل يا حبيب قلبي!

تسلل صوتها الدافئ كنسيم رقيق إلى قلب الجالس بجانبها ، مشعلًا في أعماقه شغفًا متأججًا، كأنها تعزف على أوتار روحه لحنًا عذبًا يأسر حواسه ولعاً ، لكن عمر بتعبير متذمر طفولي اعترض : كفاية بوس يا توته خدي وجعني!

ضحكت إبريل بنعومة ، وهي تقرص مقدمة أنفه بخفة ، مضيفة بمشاكسة : أعمل إيه بس؟ خطفت قلبي بحلاوتك يا مز!

تنهد باسم بحب لا يخلو من الجرأة : يا بختك! مين قدك .. بكرا لما تكبر هتتمنى لو ترجع لأيام البوس أبو بلاش دا وما هتلاقيش!

عنف..ته إبريل بهمس مغتاظ : بطل سفالتك ديز.. دا طفل لسه صغير وبيلقط الكلام بسرعة

إلتمعت عينان عمر بتأثير ، وقال بتساؤل : لحد دلوقتي مش مصدق .. خلاص هتسيبني وتمشي من البيت؟

ضمته إبريل برقة وحنان ، وكأنها تسعى لتبديد مخاوفه : لا يا حبيبي مين دي اللي هتسيبك؟ أنت هتجيلي كتير وأنا هجيلك كمان!

عمر بحماس تساءل : طيب هتخلوني أجي أشوف أمتى البيت الجديد؟

أجابته إبريل بهدوء : قريب أوي يا روحي .. أول ما نرجع من السفر على طول هجيبك تشوف البيت

رد عمر بفرح : بجد؟

باسم مؤكداً بثقة : أكيد أنا وإبريل هننبسط أوي بوجودك عندنا في أقرب وقت مش كدا؟

أكملت إبريل الجملة محملة بحماسها : مظبوط طبعًا .. دا احنا هنتسلى أوي .. هنقضيها لعب مع بعض بالبلاي ستيشن زي ما أنت عايز!

صفق عمر بحماسة شديدة ، وعيناه تتلألأ كالأحجار الكريمة : يا سلام دا الكلام الحلو!

إلا أن إبريل بنبرة جادة لطيفة قالت : بس أهم حاجة تسمع كلام ماما وخالو وتيتة وجدو .. وتهدي الشقاوة شوية وتخلي بالك على نفسك ومن مدرستك

وافق عمر بحذر : حاضر بس أنتوا وعدتوني!!

أكدت له إبريل ، بينما دموع الاشتياق تهدد بالنزول من عينيها ، تعكس عمق مشاعرها نحوه : أكيد .. هنعمل كل اللي نفسك فيه سوا

احتضنها عمر بشدة معبرًا عن حبه : ميرسي يا توته .. بحبك أوي!

ربتت إبريل على ظهره بحنان وحب كبير : وأنا بحبك يا روحي، وهتوحشني أوي

في تلك الأثناء ، جاء يوسف نحوهم ، يحمل في عينيه لمحة من المرح ، وقال لعمر بسرعة : أنت واقف هنا وريهام عاملة تدور عليك .. يلا روح شوفها

انت في الصفحة 6 من 19 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل