
يجلس فى غرفة مكتبه بتوتر أمام محمد.. الأقرب إليه عمرا وبالتأكيد هو من سيفهمه.
تنحنح بحرج يقول :احمم عايز اكلمك فى موضوع.
محمد :ايه.. قول… اكيد على فادى المتخلف وجوازته.. انا غلبت معاه وهو راكب دماغه.. خليه يشيل بقا.
عامر :احمم.. لا.. انا عايزك فى موضوع يخصني انا.. انا ومليكه.
كانت تسير لجوار مكتبه… استمعت لاسمها فاتجت تحاول استراق السمع.
محمد باستغراب :ايه.. هههههه.. انت ومليكه فى جمله واحدة….غريبه.
زاد توتره وقال:و غريبه ليه.
محمد :هههه لا بس انت فى حته وهى فى حته بس كده.
استجمع قواه(يبدو أنه اليوم العالمى لاستجماع القوه)
وقال:محمد انا عايز اتجوز مليكه.
جحزت عينيه وقال:ايه.. عامر.. انت واعى للى بتقولو… اكيد بتهزر.
عامر:لا مش بهزر يامحمد.. انا عايز اتجوزها فعلاً.
محمد بصوت عالى :انت جرى لمخك حاجة.. هو ايه اللي حصل لرجالة البيت ده مرة واحدة كده… البيه يتجوز واحده فلاحه مش من توبنا.. وانت.. انت ياكبير عايز تتجوز مليكه… مليكه ياعامر؟!!
عامر :وفيها ايه… ده جواز على سنة الله ورسوله.
محمد :لا يابيه فيها.. ولو انت مش عارف ولا واخد بالك اقولك انا… دى أصغر منك.. واصغر منك بكتير اوى عايز الناس تقول علينا ايه.. عامر الخطيب اتهبل.. ريل على العيلة الصغيره الى المفروض انه هو مربيها.. مين هيأتمنا على اى شغل بنا وبينهم.. إسهمنا.. اسهمنا هتقع فى الأرض لأن احنا فى الاول والآخر تجار… تجار لابسه بدل اوعى تنسى ده… الناس هتبصلك على انك راجل اهبل بص لعيله لحد وسطه.. هتبقى مسخره كل النوادى والحفلات… كرسى المجلس… كرسى المجلس هيضيع عليك وعلينا وتعك على الكل.. عامر اصحى للكلام وخد بالك.. انت مش ملك نفسك واى تصرف ليك يا يطلع عيلة الخطيب لفوق يا يرزعها سابع ارض… انت مش حر فى نفسك وأنا مش هسيبك تدمرنا ولو على الجواز فانت كتير بنات تتمناك وهتعيش معاهم مبسوط.
القى له الكلام خلف بعضه…دفعه واحده من حقائق الجمته.
اغمض عينيه بألم… المواجه أصعب بكثير.
فتح الباب على مصرعيه ففتح عينيه و جدها تنظر له بأعين مدمعه حمراء.. كأنها ترجوه أن يصر على عشقها ويحكم رأيه… ألا يخذلها.. ان يفى بوعده.. الا يتقهقر عند أول مشكله واول اعتراض.
لكنها وجدت بعينيه جواب واحد.
الاستسلام.
كانت ستفر لغرفتها هربا بدموعها التى تحبسها بصعوبة لكن ولسوء حظها.
وجدت ناهد والدته تتقدم قائله :مليكه واقفه كده ليه.. فى ايه يا محمد؟
محمد بهدوء :مافيش حاجة.
ناهد مبتسمة :طب تعالى يا ميكا.. تعالى احضرينا فى الموضوع ده.
محمد :خير موضوع ايه.
كل هذا وهو عينه عليها.. على الدموع الملتمعه بعينيها ونظرة الخذلان.
ناهد :تعالى ياميكا اقنعيه معايا.. بصراحة انا شايفه ان هديل مناسبه ليه اوى.. ومن كل حاجه… السن والتعليم والشغل والتفكير ده غير الأدب والجمال.
التمعت اعين محمد وقال:ااه وباباها راجل تقيل فى البلد وله وزنه هيفيدك كتير فى حملتك الانتخابية يا عامر… هى دى الجوازه الصح وفى الوقت الصح.
ناهد :تعالى… تعالى ياميكا اقنعيه معانا.
كل هذا كثير.. الا يكفى ما حدث هل أيضا مطالب منها ان تقنعه بالزواج من اخرى… والله كثير.. هذا كثير.
كان ينظر لعينيها بعجز والم… حبيبته امامه تتألم وحديث محمد يدوى فى أذنه كالرصاص.
شعور العجز مؤلم خصوصا امام من تحب.. بالاخص إذا كنت عاجز امام ما تريده انت… اذا كنت مكبل بأشياء كثيرة لا فكاك منها.. المسؤليه.. المظهر الاجتماعى.. سمعة عائلتك.. مستقبل العمل.. حتى أرباح واسهم الشركة وجد نفسه مسؤل عنها… إذا سقطت سمعه الخطيب فلن يسقط هو فقط…خلفه عائلة بالكامل ستسقط معه لو فعل مايريد.
لم ولن تستوعب كل هذا.. يعلم الجواب الوحيد الذي يدور بذهنها… لو اردت لتركت كل شئ خلفك وأتيت لى.
حاولت حبس دموعها.. ان تطمثها بقوه وتحدثت بصوت رغما عنها خرج متحشرج:مبروك يا ابيه… اسمع كلامهم.. هديل فعلاً مناسبه ليك وهتفيدك فى الانتخابات.
نظر لها بألم لو بيده لبكى الان وهو يراها تبتسم بسخرية وتخبرهم:ههه اتحايلوا عليه شويه صغيرين بس وهيوافق… ماهو مارفضش بقوه من بداية الكلام يعنى شويه زن كمان هيروح يطلب ايدها والنهارده كمان.
ضحكت ناهد تقول :تصدقى عندك حق.. هو كده طالع لابوه… تقيل ويحب الى يتحايل عليه… بس لو كده بسيطة.
نظرت لهم بقهر ثم استدارت تغادر بخطوات مرتعشه.. لن تنهار أمامهم الان.
فى ساعة متأخرة من الليل.
كانت تجلس على فراشها تحكى لجودى كل شئ.. تشكى لها الالم المتفاقم داخلها… ذلك السكين الغادر الذى تشعر به قد غرس بصدرها.
كتبت جودى :لو سمحتى ممكن بقى تطلعى الموضوع ده من دماغك… انا شايفه انه مايستحقش كل دموعك دى.. انتى لسه صغيره وحلوه وبكرا تلاقى الف واحد يتمنوا نظره منك.. بلاش تستنفذى قلبك ومشاعرك وروحك فى علاقه واحده وتيجى بعدها ماتلاقيش عندك حاجة تديها لحد وممكن يكون الحد ده هو الشخص الصح.
مسحت دموعها وكتبت :جودى انا عارفه كل الى قولتيه وعايزه تقوليه بس هو صعب… انا عيشت طول عمرى احلم بيه وماصدقت حس بيا.
جودى :وهو كان حس بجد؟ ده حتى عمره ما صرح انه بيحبك.
مليكه :عندك حق.