
تأنقت بزى كاجول رقيق… مكون من بنطال ابيض وقميص متوسط الطول من اللون الزيتى… تجمع شعرها فى جنب واحد على احد كتفيها.
حذاء ارضى مناسب مع شنطه ظهر عملية وشيك.
خرجت من غرفتها من يراها للتو يشعر وكأنها مليكه اخرى غير تلك التي عهدوها.
هذا بالفعل ماشعر به الجميع اول ما رأوها.
هو نفسه عينه لم تتزحزح عنها… يريد أن يعرف من اين يكمن الاختلاف.
هل من شخصها ام من هيئتها الجديدة ام من روحها.
جملة… رقيقة بزيها هذا كأنها تخبرهم انها تخطت مرحله البنت الصغيره وهى الان فى مرحلة الانثى التى على وشك النضوج.
مرت بهدوء تجلس على مقعدها المعتاد بجوار فادى.
شعر بالغيرة الشديدة وهى جنبا لجنب مع فادى وقريبة من نادر الذى تحدث :ايه الجمال ده كله يا ميكا… مابقيناش صغننين خلاص.
ابتسمت ابستامه صغيره :وهو انا هفضل صغيره يعنى.. كل حاجه بتتغير.. حتى نفوسنا..
نظرت لعامر تقول بقوه طفيفه:وقلوبنا.
بالطبع لن يشعر من حوله انه اهتز.. هو لن يظهر ذلك عليه ولكنه بالفعل اهتز داخليا… على الأقل اهتز قلبه.
لكن مظهره الخارجى… ثابت ثابت ثابت.
وعلى نفس الطاوله بالطرف المقابل تجلس كارما تقلب فى صحنها بهدوء.. لا تنظر لمحمد نهائيا.. وكأنها منذ ذلك اليوم قد فقدت الشغف نحوه… او ربما شئ آخر… شئ لا يقال ولا يشرح… احساس مختلط.. مشاعر مبهمة… لابد من فك طلاسمها أولاً لكن ما باتت تعمله علم اليقين الان انها لم تحبه يوما ولن تكمل معه.
كل اللوم على ذلك الذى عشقته سراً وتركها وسافر بعيداً لسنوات.. أصبحت تمقته حتى أكثر من محمد.
وقفت من مقعدها فجأة تقول:انا شبعت.. عنئذنكوا.
محمد :رايحه فين اكلك زى ماهو.
لم تجيب عليه إنما قالت :هقولهم يحضرولنا القهوة.
ثم تركتهم وغادرت لا يشعر بكل تلك المشاعر التى تتشاجر داخلها الا مليكه.
ونادر ينظر لها بغيظ وضيق شديد.
كل ذلك وهو عينه عليها يراها تاكل بهدوء… تكمل طعامها كله.. لا يبدو عليها اى حزن او تغيير.
وجدها فجأة ترفع عينيها له تقول :ابيه لو سمحت انا عايزه عربيتى.
لما تتحدث بهدوء هكذا… لا يبدو بحديثها اى نبره حزن.. غضب منه.. او حتى تحاول أن تتحدث بجفاء… فكرة انها تتحدث باعتياد وكأنه لم يحدث شئ تقتله أكثر… كأنها تخبره انه لا موضوع من الأساس… انت لا شئ.
لو كانت ثارت… او غضبت.. تجنبته وعاملته بازدراء لأيام لكان ارتاح اكثر.. لعلم انه يفرق معها.. انه موجود.
بطريقتها هذه تخبره بمنتهى البراعه والوضوح (انت لا شئ)
هذه الفكرة احزنت قلبه.. يعلم مليكه عن ظهر قلب… هى أنثى رقيه والأكثر انها ذكية جدا ولماحه.
تصوب نحو هدفها بالصميم.
اخذ نفس عميق يكبح غضبه.. يخفى حزنه.. يجب أن يبدو طبيعي أمام الجميع وقال بهدوء:ليه… مانا بوصلك وبجيبك.
مليكه بنفس الثبات الانفعالى:لا مانا مش عايزه اتعبك.. انا كبرت وعايزه اروح واجى لوحدى.
عامر :انا مش تعبان.. وانتى لسه صغيره ماكبرتيش.
وقفت بهدوء تقول :هممم.. تمام.. انا النهاردة متأخره ومافيش وقت عندى لكلامى مع حضرتك.. ياريت لو سمحت ارجع النهاردة الاقى مفاتيح العربية مع تيتا.. لو سمحت يا فادى ممكن توصلنى.
فادى :طبعا ده احنا عنينا يعنى.
استعدوا للمغادرة وهو يقبض على يده من شدة العضب الذى تتسبب به.
استوقفهم بصوت خرج غاضباً رغما عنه :استنوا.
كان مازال يجلس على مقعده وهم خلف ظهره.
وقف واستدار ينظر لها قائلاً :انا الى بوصلك كل يوم ولا نسيتى.
ابتسمت بجانب فمها وقالت ترفع حاجب واحد :تؤ.. اصل سواقة حضرتك مابقتش تعجبنى.. بتعمل حساب للمرور والردار… خلينى انا مع فادى… شاب متهور زيى وبيحب الحوادث.
وقف متخشب منها ومن حديثها الساخر المبطن.. أطلقت كل كلمه تصيب هدفها بشده… أصبحت بارعة في الجلد.
استدار ينظر ناحية محمد.. وجده يضع شريحة من الانشون فى الخبز ويقطمها عادى.
كأن لا شئ يحدث حوله.. لا ذهاب كارما ولا تجنب فادى له.. ولا حتى تغير مليكه.
لكن هناك أسهم غاضبه تنطلق من أعين أحدهم جعلته ينتبه يستدير لها… زوجة عمه الفت.. كأنه قتل لها قتيل.
تأمر إحدى الخادمات ان توصلها بكرسيها المتحرك الى غرفتها.
اغمض عينيه بغضب.. من نفسه قبل أن يكون من حبيبته او من أحد.. هو المخطئ الوحيد… هو من بادر بالخطأ.
هم للذهاب لعمله ولكن همت هدى تلكز ابنتها.