
بعد مرور أسبوعين
وقفت حكمت تحمل ذلك الوعاء الساخن تنادى على ابنها.
يوسف :نعم.. نعم ياما.
حكمت :مابتردش ليه على طول.
يوسف :جاى تعبان ومش شايف قدامى وعايز اريح شويه.
حكمت :طب خد… خد حلة الرز دى وديها عند الاسطى سيد جارنا.
يوسف :هو ايه الحكاية… ماييجو يتغدوا ويتعشوا عندنا بالمره هو كل يومين هتعمليلهم اكلهم ولا ايه؟
حكمت:يابنى خلى في قلبك شويه رحمه… الراجل مراته ميته وبنته لسه صغيره مش عارف يتصرف.
يوسف :مين دى الى صغيره… دى عيله لسانها مترين.. بترد الكلمه بعشره.. انا نفسي مابعرفش الاحق على لسانها ده… مش موديلهم حاجة… انا لو شفتها همسك في خناقها.
حكمت :يالا يايوسف واستهدى بالله.. ده الناس لبعضيها.
حمل الوعاء الساخن بأحد الأقمشة الباليه على مضض وتقدم للخارج.
توقف على اعتاب شقة الأسطى سيد وأخذ يدق الباب.
سمع صوت من الداخل يردد :ايوه.. حاضر جايه.
فتح الباب وظهرت فتاه صغيره بوجه ابيض مستدير وشعر اسود… ملامحها بريئة جدا ولكن…
لسانها سليط وغير برئ بالمره :نعم خير… هو انت كل ما تبقى فاضى تقول اما اقوم أخبط على باب الجيران شويه… مش مكسوف من طولك وانت بتعمل كده.
يوسف :ايييه.. بلاعه واتفتحت.. اهدى على نفسك شويه فى ايه… مش شيفانى شايل ولا عميتى.
احتد صوتها قائله:هى مين دى الى عميت يا جزار الحمير انت.
يوسف :انا جزار حمير.. لااا ده انتى قليله الادب ومالقتيش حد يربيكى.
مى:احترم نفسك يالا بدل ما افرج عليك امة لا إله إلا الله دلوقتي.
مع ارتفاع صوت شجارهم خرجت حكمت من شقتها… فى نفس الوقت خرج سيد من شقته.
سيد :فى ايه يامى.. ايه يا يوسف هو انتو ديما كده زى النار والبنزين.
حكمت:فى ايه يا عيال ده انتو ولا الى مولودين فرق روس بعض.
يوسف بغضب:ياما دى بت لسانها طويل ومتدلعه وعايزه حد يعدلها.
مى:شايف يا بابا.. شايف بيغلط فيك وانت واقف.. بيقول انك مابتعرفش تربى… شوفت قلة الأدب.
يوسف بجنون قال لوالدته:شايفه ياما الافترا والكدب.
سيد وحكمت:بسسس.
سيد :مى خلاص.. يوسف مايقصدش.. وكتر خيره جايبلنا الغدا اهو تعبناه معانا هو والست حكمت…الأصول نشكرهم مش نتخانق معاهم.
مى:طنط حكمت ماشى على عينى وعلى راسى… لكن الواد ده لأ.
هاج يوسف يهم لضربها:واد.. واد مين يام واد انتى. احترمى نفسك ولمى لسانك.
سيد:عيب يامى مهما كان ده أكبر منك… يالا اعتذرى.
مى :هعتذر لطنط حكمت بس. غير كده لا.
حكمت:ولا تعتذرى ولا حاجة… انتو الاتنين ولادى بس ياريت تطلبوا منقاره كل ماتتقابلوا ولو صدفه لازم تتخانقوا كده.. ده انتى خلاص كبرتى ورايحه أولى ثانوى وهى داخل الجامعة اهو المفروض نعقل بقا ولا ايه.
مى :اه.
يوسف :شايفه ياما.. دى بتحلن عليكى.. بتتريق. بتستهزق بينا.
مى:والله انا بهزر مع طنط حكمت انت بقا اخدتها على أنها تهزيق لانك حاسس نفسك قليل ومهزق دى حاجة ترجعلك انت اكتر واحد تحس بنفسك.
اغتاظ يوسف اكثر وفهمت امه انه على وشك ضربها فعلا… أخذت تجرجره الى باب شقتهم تحول بينه وبين مى.
يوسف:لاااا…دى بت قليلة الادب… سبينى عليها ياما… والله يا مى لأكون معلمك الأدب.. سبينى ياما.. والله ماحد مربيها غيرى البت دى.
اما مى فأخذ والدها يدخلها هو الآخر :شايف يابابا.. شايف قليل الادب…بيقول عايز يربينى… يقصد انك مش عارف تربى.. ماتسكتلوش… ده زودها اووى.
ادخلها سيد لشقتهم وأغلق الباب يقول :بقا كده يامى… بتعلى صوتك وانا واقف.
مى:بابا انت ازاى تسكتله… ده شتمنى وانت واقف.
سيد:ده على اساس انى مش عارف طوله لسانك.. الواد جاى وجايبلنا غدا كمان وبتزعقيلو.
مى:ياسلام.. يعنى هتسكتلوا.. الى عملوا ده هيعدى عادى… طييب… انا بقا مش هسكت.
هز راسه بقلة حيله من ابنته ورأسها اليابس.. ثم فتح ذلك الوعاء من الأرز الساخن وفوقه قطع اللحم تتصاعد منها الابخره.
سيد :طب تعالى… تعالى اتغدى الأول.
مى:هاجى طبعا.. ده أنا بحب طبيخ طنط حكمت اوى.. هاكل دلوقتي وبعدين اقوم اتخانق عادى.
هز راسه بأسى ثم شرع فى تناول طعام حكمت اللذيذ.
اما عند حكمت كانت مازالت تدفع ابنها للداخل تحاول تهدئته:خلاص بقا يا يوسف.. اهدى.
يوسف :والله مانا سايبها… انا هعرفها مين يوسف ابن المعلم رجب.. صبرك عليا يا مى يابنت سيد.. والله مانا سايبها وهى كبرت فى دماغى بقا اما اشوف ازاى كل ما تشوف وشى تتطول لسانها عليا.. انا هخليها تخاف من خيالى.. تشوفنى تحط وشها في الأرض… ماشى.. صبرك عليا يابنت سيد.
دلف لغرفته بغيظ وأغلق الباب خلفه بينما حكمت تتنهد بقلة حيله تعلم ابنها حين يضع برأسه شئ.