
في الصباح كانت “أسماء” واقفة أمام باب غرفته وقلبها يشتعل غضبًا وغيرة وهى تعلم بأن حبيبها بالداخل مع امرأة أخرى، بدأت تسير أمام الباب ذهابًا وإيابًا وتضـ,ـرب يدها بالأخرى حتى أربتت “حُسنة” على ظـ,ـهرها وهى توقل:-
-واجفة أكدة ليه؟
صاحت “أسماء” بها بأنفعال وكأنها تفرغ غضبها بهذه المرأة قائلة:-
-وأنت ش مالك ما تغورى من وشي يا ست أنتِ
أبعتدت ”حُسنة” عن باب الغرفة وقالت:-
-طب عن أذنك أكدة عشان أصحي العرايس
طرقت على باب الغرفة بخفوت..
أستيقظت “عهد” على صوت طرقات الباب ودهشت عندما وجدت نفسها في الفراش لتبحث عنه ولم تجده فنزلت من فراشها وهى تمسك الفستان بيديها وشعرها مسدول على ظهرها والجانبين وقبل أن تفتح الباب، فتح باب المرحاض وخرج “نوح” مُرتدي عباءة بيضاء اللون، أبتعدت عن الباب قليلًا ليُفتح هو فقالت “حُسنة:-
-الفطار جاهز يا يبه
رأى “أسماء” تقف خلفها غاضبة وهو يعلم جيدًا سبب غضبها ونظراتها النارية هذه لتتسع عينيها بصدمة قاتلة عندما رأت “عهد” بالداخل بفستان الزفاف وليست “عليا”……
يتبــــــع….
#هويتُ_رجل_الصعيد
الفصل الثالث (3)
__بعنـــوان “مُتــــرصـد”__
كان الجميع جالسون في الساحة ينظرون إلى “عهد” الواقفة خلف ظله بإحراج بعد أن خدعت الجميع، تحدث “حمدى” بنبرة ساخرة وهو يضع قدم على الأخرى قائلًا:-
-معجول يا حج حمدى تتخدع أنت وولدك ومن مين من أصغر رأس حتة عيلة
قطعته “عهد” بنبرة غليظة وهو يسبب الإهانة لها :-
-أنا مش عيلة
نظر “نوح” لها بعيني ثاقبة وهو يقف أمامها لتصمت وهى تتذكر حذره لها قبل نزوله بأن تلتزم الصمت تمامًا، تحدثت “سلمي” غاضبة من هاتان الأختين وهى تقول:-
-وعشان أنتِ مش عيلة رميتى نفسك أهنا كيف البهيمة وأنتِ مخبراش أنتِ رايحة على فين
أقتربت “أسماء” من “عهد” بغيظ شديد وهى تقول:-
-أوعاكِ تكوني فاكرة حالك هتأخدى نوح منى أكدة
رفعت “عهد” حاجبها الأيسر ببرود مصطنع بالكبرياء تقول:-
-بس هو بقى جوزى خلاص مش لسه هتجوزه
رفعت “أسماء” يدها كى تصفعها من شدة غيظها وبرود هذه الفتاة يثير غضبها أكثر لتغمض “عهد” عينيها بخوف فهذه الفتاة ليست بجراءة أختها في التحدي فهى ليست شجاعة بالقدر الكافى، لم تتلقي شيء على وجهها ففتح عينيها لتصدم كما صُدمت “أسماء” بصدمة قاتلة عندما مسك “نوح” يدها ليمنعها من لمس زوجته ثم قال بحدة:-
-دى مرتى
جذبت “أسماء” يدها من قبضته بغضب وعيني دامعة من قسوته عليها ووقوفه الآن بصف هذه الفتاة ثم نظر للجميع وتابع حديثه قائلًا:-
-ممكن نكتم على الموضوع دا بجى، عهد بجت مرتى وخلص الموضوع وأنا ورايا شغل مفضيش لحديد دا
تبسمت “فاتن” بمكر شديد وقالت بخبث:-
-وماله يا نوح روح أنت شغلك ومتشيليش هم واصل، إحنا هنشيلها على كفوف الراحة
مع نهاية جملتها دخل “خالد” من الباب ليصدم عندما رأها في المنزل لتتابع “فاتن” بحماس قائلًا:-
-تعال يا خالد بارك لنوح واد عمك اتجوز عهد
أتسعت عينيه على مصراعيها، غاب عن المنزل ليومين وعندما جاء رأها زوجة لأكثر رجل يكرهه على وجه الأرض، رمقها بعيني حادة ثم تبسم بخبث قائلًا:-
-وماله مبروك يا واد عمى
أزدردت “عهد” لعابها الجاف بخفوت ليتجاهل “نوح” جملته وقال:-
-أنا طالع
تشبثت “عهد” بيده بخوف من البقاء وحدها هنا مع هؤلاء النساء وهذا الرجل الخبيث ثم همست له بخفوت:-
-متسبنيش لوحدى هنا
أنزل يدها عن يده بجدية وقال:-
-أنا ورايا شغل ودا أختيارك
تركها وغادر المنزل لتنظر إلى الجميع وكانت “فاتن” وابنتها “حورية” يرمقوها بعيني تبث شرارة ونار مليئة بخبثهما، غير وجود “أسماء” العاشقة ذات القلب الملتهب من حريق الغضب والغيرة معا والحزن يأكل قلبها فوحدها كفيلة بألتهمها دون مساعدة من الأخرين أم عن والدته التي لم ترحب بها زوجة لأبنها لم توحي بأنها ستصف بجانبها ووجود “خالد” الذي يتغزل بها دومًا ويحاول لمسها بكل مرة، كل هؤلاء أرعبوها من البقاء معها فهرعت إلى الدرج بخوف ذاهبة إلى غرفته تختبيء به وتتجنب الإحتكاك بهم…
__________________
وصلت “عليا” على القاهرة بطفلها ودخلت الشقة لتغلقها بالمفتاح من الداخل من الخوف أن ألحقها أحد، تنهدت بإرتياح شديد وهى تتنفس الصعداء وتفكر بأختها الموجودة هناك لتجهش في البكاء وهى تحتضن طفلها ثم قالت:-
-كل دا عشانك، مستحيل أسمح لحد يأخدك منى
__________________
في محجر الرخام كان يقف “نوح” مع صديقه “عطيه” وهو غارق في الضحك ويقول بمرح:-
-البنت دى لعيبة
نظر “نوح” له بوجه عابس غليظ ليتابع “عطيه” بعفوية:-
-سورى يا عم بس تخيل جراءتها وشجاعتها وإذا علمت على الكل ورجالة بشنبات
تأفف “نوح” بأغتياظ منهم ثم قال:-
-أنا غلطان أنى حكيت لك حاجة
دلف للمكتب فتبسم “عطيه” وهو يدخل خلفه ويقول:-
-يا عم متبجاش حمجي أكدة، بس بص للموضوع من جهة تانية أولًا أنت أتجوزت بنت مش مطلجة ولا أرملة، ومتجوزتش مرت أخوك و.. لا أستن انا معرفش هي حلوة ولا لا بس أنت بتجول أنها ناحجة ومشهورة يعنى سورى في الكلمة مش رجاصة كيف مرت أخوك ولا يعنى كنت عاوز تتجوز أسماء بنت عمك دبلومة التجارة ولا مرت أخوك
صمت “نوح” وهو يفكر في هذا الحديث ليبتسم “عطيه” وهو يربت على كتفه بخفة ويقول:-
-حاول تعيش سعيد يا صاحبى
غادر “عطيه” بعد كلمته وتركه خلفه في شروده وصمته يصارعه…
____________________
__ “منـزل الصيـــــــــــاد”__
وقف “علي” أمام المرأة و”سلمى” تضع العباءة المفتوحة على كتفه ليقول:-
-أسمع يا حجة مترميش ودنك لحديد فاتن وعيالها ،اللى في الأوضة دى مرت ولدك دلوجت ومالهاش ذنب في جوز نادر من خيتها ولا جتله، البنت اللى جوه دى بريئة وشكلها طيبة متطلعيش كرهك عليها وأنا خابز زين أن جلبك طيب
أستدار “على” لها لينظر بعينيها بحب دافيء ثم تابع حديثه وهو يمسك يدها براحة يده:-
-أنتِ خابرة زين أن مرت أخوي مبتحبكش ونفسها بيتك يتخرب مع أول طالعة نهار، متهملهاش تخرب بيت ولدك وأنتِ خابرة أكتر منى أن نوح مكناش هيتجوز واصل بعد مرته اللى ماتت، لو البنت زينة خليه يعمر بيته وياها
تنحنحت “سلمي” بأحراج من دفء زوجها ولطفه ثم قالت بعبوس:-
-جول يا رب بس يكون في علمك أنا مهملش ولدي يعمر بيته ويكمل حياته وياها غير لما أتاكد زين أنها زينة وطيبة كيف ما بتجول
تبسم “على” في وجهها ثم وضع قبلة على جبينها وقال بحنان:-
-حجك يا سلطانة جلبي وعينى.. أنا طالع
تبسمت “سلمى” بعفوية له ثم قالت:-
-وأنا كمان هطلع هبابة
أومأ لها بنعم ثم غادر الغرفة
___________________
كانت “عهد” حبيسة غرفتها طيلة اليوم تخشي الخروج منها ولم تتناول شيء مُنذ أمس، نظرت لكوب الماء وكان فارغًا وهى تكاد تموت عطشان فتنهدت بلطف تجمع شجاعتها ثم أخذت كوب الماء وخرجت من الغرفة ونزلت للأسفل مُتجه إلى المطبخ وعندما دخلت رأت “حُسنة” وفتاة بعمرها تمسك في يدها كتاب وتحدث “حُسنة” بنبرة منفعلة قائلة:-
-وأنا كمان أعمل أيه؟ أنا عاوزة الكتب دى ضرورى
صرخت “حُسنة” بها وهى تعطيها ظهرها بغضب:-
-وأنا أجبلك منين يعنى؟ خلاص أستني لأول الشهر وأول ما أجبض هجبهملك
صرخت الفتاة بغضب أكبر قائلة:-
-أول الشهر أيه؟ بجولك لازم أسلم البحث أول الشهر للدكتور
أستدارت “حُسنة” بضيق لكى تنفث غضبها بهذه الفتاة لترى “عهد” واقفة في مكانها على باب المطبخ فسألتها “حُسنة” بهدوء وحرج:-
-أجبلك حاجة يا هانم
هزت “عهد” رأسها بلا وسارت نحو الثلاجة لتخرج زجاجة من المياه زجاجية ثم أستدارت وهى تنظر للفتاة بتعجب فتحدثت “حُسنة” بنبرة جادة:-
-دى بنتى خلود
تبسمت “عهد” بلطف وهى تغادر وتشعر بحرج لسماعها حديثهما الخاص وقبل أن تصعد الدرج عائدة إلى غرفتها ظهرت “حورية” أمامها ببرود وهى ترتدي عباءة أستقبال زرقاء اللون وتزين معصميها بأساور من الذهب وأذنها به حلق على شكل زهرة كبيرة فنظرت “عهد” لها بصمت مُنتظرة أن تتحدث لتقول:-
-أنتِ جريئة أوى تعرفي أكدة
تبسمت “عهد” بخفوت مصطنعة البسمة ثم قالت:-
-مُتشكرة عن أذنك
وضعت “حورية ذراعها أمامها على الداربزين تمنعها من الصعود لتقول:-
-بس مُغفلة فاكرة أنك هتعيش أهنا بسلام وراحة بعد كسرة جلب خيتى
تنهدت “عهد” بأختناق وهى تقول:-
-أسمع يا .. أي أن كان أسمك أنا مبحبش المشاكل ولا الدوشة وبما أننا أغراب ياريت منتخطاش حدود بعض
قهقهت “حورية” ضاحكة بسخرية للتعجب “عهد” من ضحكها الكثير لتقول “حورية” وهى ترفع أكمام عباءتها:-
-بس أنا بحبها وبموت فيهما بجى
أنهت جملتها وهى تنقض على “عهد” بيديها تمسكها من عنقها لتجذبها أرضًا لتصرخ “عهد” بهلع بعد أن جلست “حورية” على بطنها وبدأت الشجار معها، في نفس اللحظة جاءت “فاتن” على صوت الصراخ لتقول بحماس:-
-بنتى حبيبتى هي حصلت تمد يدك عليها
أنقضت عليها بصحبة ابنتها وزاد صراخ “عهد” بين يديها وجرحت يدها من زجاج الزجاجة التي أنكسرت للتو مع سقوطها، دخلت “سلمي” من باب المنزل لتفزع عندما رأتهما فوقها وصوت صراخ “عهد” قد وصل للخارج فصرخت بهما قائلة:-
-يخربيتكم بتعملوا أيه
أخذت “عهد” من بين يديهما بصعوبة ووقفت بينهما وهى تتطلع بوجه هذه الفتاة وأظافر “حورية تلمع خطوطها بالدم على عنق “عهد” وتورمت عينيها فصاحت بهما بخوف من غضب ابنها عندما يراها هكذا:-
-أنتِ جنيتى يا فاتن أنتِ وبتك، طب مخايفش منى عادى لكن نوح هتجوليلى أيه لما يعاود
نظرت “فاتن” للجهة الأخرى بغضب فهتفت “حورية” بانفعال تقول:-
-هي اللى بدأت يا مرت عمي
رفعت “سلمي” حاجبها بغيظ ثم قالت بأنفعال:-
-يعنى هي مجنونة عشان تبدأ الخناج وياكي وهى وحدها في الدار
تأففت “حورية” بخنق، أستدارت “سلمي” لها لتراها تضع يدها على عنقها بألم فقالت بهدوء:-
-أطلعي على أوضتك
صعدت “عهد” بصمت إلى غرفتها وهى تجفف دموعها بكفها بغضب مكبوح ولا تلؤم أحد غير نفسها فهى من وافقت على دخولها الجحيم برغبتها، تمتمت “سلمي” بضيق قائلة:-
-يفضل متظهروش جدام نوح لما يعاود لأن مهما يعمل ولدى أنا مش هجف له لأن هيكون حجه وحج مرته
صعدت هي الأخرى إلى غرفتها لتربت “فاتن” على كتف أبنتها تقول:-
-بسرعة يا حورية عاودى على دارك
أومأت “حورية” لها بنعم ثم أخذت حجابها وغادرت المنزل بخوف..
__________________