روايات

هويت رجل الصعيد الجزء الاول

جلست “عهد” أمام المرآة تنظر إلى صورتها المنعكسة بها وأثر الضـ,ـرب واضح في كدمات وجهها وخدوش أضافرهم حفرت خطوط بالدم على عنقها وذراعها فجهشت باكية بحزن وضـ,ـعف لتذهب إلى الفراش تختبي به وتخفى وجهها في وسادتها وتكتم صوت بكاءها في الوسادة لتغوص في نومها من التعـ,ـب، فتح باب الغرفة ودلف “نوح” ليراها ناـ,ـئمة بالفـ,ـراش على غير أمس كانت تنام بالأريكة لكنه لم يبالى وذهب ليجلس على الأريكة ويسترخى..

_________________

وقفت “سلمي” عند باب غرفتها في الرواق تنظر إلى باب غرفة ابنها مُنتظر أن يثور ويغضب على الجميع لكن الوضع كان هاديء تمامًا على غير المعتاد منه فأتاها صوت “فاتن” من الخلف تقول بسخرية:-

-شوفتى يا سلفتى ولدك أصلا مش مهتم بالعروسة الجديدة ولا باللى هيجرى لها وأن ماتت ميهأخدش فيها عزاء

قهقهت ضاحكة وهى تغادر من جوارها وتدفعها بكتفها لتتعجب “سلمي” من هدوء ابنها ثم دلفت إلى غرفتها…

________________

خرج “نوح” من المرحاض صباحًا بعد أن أخذ حمام دافيء وشعره مبلل ليقف أمام المرآة يصفف شعره وينظر إليها وهى ما زالت نائمة ليتعجب نومها الكثير، ترك الفرشة من يده وذهب إلى الفراش ليقظها بخفة لكنها لا تستجيب فرفع الغطاء عن رأسها ليري شعرها يغطي وجهها وهى نائمة بأستسلام وتعب كطفل صغير ورأى خدش على كتفها، نكزها على كتفها وهو يقول:-

-عهد .. عهد جومي

ألتفت للجهة الأخرى بتعب مُتذمرًا من إيقاظه لها فقالت:-

-شوية يا عليا وهقوم

صُدم عندما رأى وجهها وكدماته الحمراء وجرح شفتيها وعنقها المليئة بخطوط واضح حمراء كالدم فمسك فك وجهها بقبضته بقوة ليلف وجهها له يتطلع به بينما تذمرت أكثر من فعلته وفتحت عينها تقول:-

-يا عليا…

أتسعت عينيها عندما رأت وجهه أمامها فجلست بسرعة وهى تجذب رأسها من يده وتنظر للأسفل مُحاولة أخفاء وجهها السيء، وضع سبابته أسفل ذقنها ليرفع وجهها له كى تتطلع بعينيها لكنه لم يكن ينظر إلي عينيها بل يتفحص خدوشها فقال بحدة:-

-مين اللى عمل فيكي كدة؟

تنحنحت بإحراج منه ثم قالت وهى تقف من فراشها:-

-محدش

مسكها من يدها قبل أن تغادر من امامه ولفها له وهو يصرخ بها:-

-متكذبيش مين اللى عمل أكدة؟ مرات عمي ولا واحدة من بناتها

جذبت يدها من يده بقوة وصاحت به مُنفعلة وكأنها تخرج كل غضبها به هو:-

-يعنى كنت عارف أنهم هيعملوا كدة ومع ذلك سبتنى معهم ومشيت

صرخت به وهى تنفث دخان غضبها الكامن بداخلها مُنذ أن جاءت إلى هنا حتى الأن به، أقترب خطوة منها بهدوء وقال بنبرة خافتة:-

-أنتِ متوجعة أنى هجعد جارك أياك، أنا ورايا شغلى مش عاطل هجعد أحرسك أهنا

نظرت للجهة الأخرى ثم قالت بحزن فهى لم تتوقع منه الكثير في كل الأحوال:-

-يبقى خليك في شغلك وزى ما أنت قولت دا نتيجة أختيارى

أخذ عباءته المفتوحة ليلقى بها في وجهها وهو يقول:-

-تعالى ويايا

أرتدت العباءة وهو يسحبها إلى خارج الغرفة ثم نزل إلى الأسفل بها وكان الجميع على طاولة السفرة يتناولون الإفطار وعندما رأت “فاتن” وجهه الغاضب كالصقر الهائج الذي على وشك ألتهم فريسته أبتلعت ريقها بصعوبة بالغة وهى تنظر للأسفل في طبقها، توقف أمامهم وقال:-

-عملتك دى يا مرت عمي ولا حورية بتك، أصلها متطلعش من أسماء

نظر الجميع إليه عندما سمعوا صوته ودهشوا من رؤية زوجته مليئة بالكدمات هكذا لتشعر “عهد” بالإحراج من نظرت الجميع لها فسأل “على” بصدمة مما حدث لهذه الفتاة:-

-وااا أيه اللى عمل فيكي أكدة؟

صاح “نوح” بغضب سافر وهو يقول:-

-ما أنا بسأل مرت عمى هو في غيرها يعملها في الدار ولا في البلد كلتها

صاح “حمدى” به وهو يقول:-

-مالك يا نوح، أتحدد زين وي مرت عمك دى في مجام أمك

هز “نوح” رأسه بسخرية وهو يقول:-

-لا أنا أمى مش بالهمجية دى

وقف “خالد” من مكانه ليقترب منه وهو ينكزه في صدره بقوة غاضبًا:-

-ما تختار ألفاظ يا سي نوح على الصبح أنا امى مش همجية وبعدين ما يمكن مرتك اللى عملت أكدة في حالها ما هي من عيلة عوالم

لم يتمالك “نوح” غضبه أكثر ليكلمه بقوة أسقطه أرضًا لتفزع “عهد” من قوته وزاد خوفها من جبروته عندما وضع قدمه على صدر “خالد” بالحذاء ويقول:-

-أختار أنت ألفاظك زين وأنت بتحدد عن مرتى لأن المرة الجاية هقطع لسانك جبل ما ينطج كلمة متعجبنيش ولا تعجبها

رفع نظره إلى “فاتن” وما والت قدمه على صدر “خالد” وقال:-

-وعزة لا إله إلا الله اللى هجرب من مرتى ولو يأذيها بكلمة متعجبهاش حتى لو حلوة لأشيل من على وجه الأرض

أستدار وهو يأخذها في يده ثم توقف قبل أن يصعد وأستدار للجميع ثم قال:-

-مرت عمى..

رفعت “فاتن” نظرها إليه بخوف بعد ان سقطت الملعقة من يدها من الهلع ليتابع حديثه بنبرة قوية غليظة وتهديد صريح:-

-أنا لسه مسألتش مرتى مين اللى عملها وهسألها لو جالت أن حورية بتك ليها يد هجطع لك رجلها من الدار كلتها

صعد بزوجته إلى غرفته وهى في حالة من الذهول والرهبة، لا تعلم سبب خفق قلبها بقوة في هذه اللحظة أهى خوف منه أم إعجاب بقوته وشراسته، تحدث دون ان يخشي أحد أو حتى الكبار فكان جالسًا والده وعمه ولم يتجرأ أحد على معارضته وعمه لم ينطق بكلمة أمام ضـ,ـربه لأبنه وتهديده إلى زوجته، دخلت الغرفة معه ليترك أسر يدها ويذهب إلى المرحاض في صمت، نظرت “عهد” إلى يدها بعد ان تركها وتبسمت كالحمقاء بسعادة وبداخل شيء يدفعها لأستكشاف هذا الرجل الذي تزوجته وأصبح زوجها، جلس على الأريكة وهى ما زالت واقفة ليربت على الأريكة جواره وهو يقول:-

-تعالى جارى

نزعت عباءته الكبيرة عليها حجمًا ثم ذهبت لكى تجلس جواره، جلست في صمت مُلبية طلبه ليفتح صندوق الإسعاف الأولية ويبدأ يداوي ويطهر جروح يدها من الزجاج وهى تتطلع بملامح وجهه فقالت بخفوت:-

-مرات عمك وحـ,ـورية اللى ضرـ,ـبونى

رفع نظره لها في صمت وكأنها فهمت صمته وغضبه الكامن في حيرة الفاعل، تابعت الحديث بنبرة ناعمة ودافئة:-

-بس ممكن طلب

نظر لها وهو يترك يدها ويمسح عنقها بالمطهر لتأن بألم من وضع المطهر على الجروح فقال بخفوت وهو ينفث بخفة على عنقها:-

-أسف

تبسمت بعفوية فأول مرة يراعاها أحد ويهتم بها هكذا حتى أختها بعد ان تجوزت “نادر” وأنجبت أصبحت لا تبالي بها كثيرًا وتنشغل بحياتها الخاصة والعمل، هتفت “عهد” بخفوت:-

-ممكن متأذيهمش أنا مسامحة وكفاية اللى عملت عشانى أنا حقيقي متشكرة جدًا لك

أبعد نظره عن عنقها لينظر إلى عينيها وعاد لعنقها يضع عليه كريم ثم ترك كل شيء من يده وهو يقف ويجيب عليها بجدية:-

-لكن أنا ممسامحش لأن اللى يهين مرتى يبجى إهاني أنا شخصيًا، أم اللى عملته متشكرنيش عليه لأنى عملته عشانى وعشان شكلى وهيبتى جدام الكل متتهزش مش عشانك

سار نحو الباب في حين أنها تبسمت بخفوت وهى تقف من مكانها قائلة:-

-برضو مُتشكرة

تبسم بخفة علي إصرارها في شكره وغادر دون ان ترى بسمته، جلست مكانها مُجددًا وهى تضع الثلج على كدمات وجهها وتجرى اتصال بـ “ليلى” وبعد الترحيبات قالت بترجي لطيف:-

-أسمع يا ليلى أنا عايزة طلب منك

تبسمت “ليلى” بعفوية على نبرة صديقتها العفوية فقالت بمزاح:-

-ودا بصفتى صديقتك ولا مديرة أعمالك

ضحكت “عهد” بعفوية شديدة لتُجيب على سؤالها:-

-مش فارقة المهم أنك تلبي طلبى

سمعت “ليلى” لطلبها باهتمام ثم قالت:-

-بس دا هيأخد أسبوع

تنهدت “عهد” بخيبة أمل وقالت:-

-مفيش أسرع من كدة

ضحكت “ليلى” على استعجال هذه الفتاة في تنفيذ طلبها ثم قال:-

-أعتقد انك أكتر واحدة خبيرة في الطلبات الأون لاين

-عندك حق

قالتها “عهد” بحزن ويأس ثم أنهت الاتصال بحزن….

_____________________

تذمر “خالد” وهو يقف في غرفته غاضبًا ويلقى بوشاحه على الفراش:-

-والله لأندمك يا نوح، هي حصلت تمد يدك عليا

أجابه “حمدى” وهو يقف على باب الغرفة قائلًا:-

-عشان هفج يا نطع انت

دخل وأغلق الباب خلفه وهو يقول:-

-بكرة تشوف النطع دا هيأخد حجه كيف وتكسر ضهره، وحياة غلاوتك يا أبويا لأخلى نوح وأبوه دا ميرفعوش رأسهم من الطين واصل

قهقه “حمدى” بعفوية وحماس وهو يربت على كتف ابنه ويقول:-

-وجتها بس تبجى ولدى اللى مجبتش غيره يا خالد وتبجى لك الحلاوة الكبيرة يا واد

تبسم “خالد” على دعم والده له ثم قال:-

-هتشوف يا أبويا..

___________________

عاد “نوح” مساءًا إلى المنزل لتستقبله “سلمي” بتعجب وهى تنظر على الباب قائلة:-

-وا فين مرتك يا ولدى

تعجب “نوح” من سؤالها وقال:-

-يعنى أيه فين؟ هي مش فوج

أجابته بنرة هادئة وتعقد حاجبيها بإستغراب شديد:-

-لا طلعت من العصر وجالت هتروح لك على المحجر

أتسعت عينيه بذهول من حديثها وأخرج هاتفه من جيبه بضيق من خروجها وحدها وهى لا تعلم الطريق وكيف ستذهب له وهى غريبة عن البلد كلها، تذكر بأنه لا يملك رقم هاتفها ليخرج من المنزل بقلق وأخذ سيارته وأنطلق في القيادة باحثًا عنها في كل مكان…

___________________

انت في الصفحة 6 من 17 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
140

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل