– اسمعيني يا نريمان زين وبعدين اتحدتي كيف ما أنتي رايدة، أنا زي أي عيل في الدنيا اتمنيت أم ترعاني وتحبني..وتخاف عليا أم أتشرف بيها جدام الناس، لكن أمي أنا أو ال افتكرتها أمي كانت ست بطالة عايشة لحالها وبس، كل همها تسعد روحها، أما أنا فمش في حسابتها واصل، كانت مهملة فيا، طوالي بتضربني، لو عملتلي أكل تعمله بعد طلوع الروح وتوكلهولي بالضرب والشتيمة، عاملتني أزفت معاملة، لما كنت أشوف أم صاحبي..وأخلاجها الزينة، ومعاملتها ليه كنت بتحسر على حالي، خلتني
كرهتها..وال كرهني فيها أكتر لما عرفت انها مش أمي طلعت خالتي، أجبرها جدي تددوز أبويا عشان ترعاني بعد ما أمي ماتت وهي بتولدني، لكن خالتي حست إن ابوها ظلمها أجبرها على عيشة هي مش رايداها، وحرمها كمان من الرادل ال بتحبه عشان إكده عاملتني وعاملت أبويا معاملة عفشة.. وأنا ال أتظلمت منيها أكتر.
لما بجى عمري 14 سنة خالتي طلبت من أبوي يشغلني عشان تخلص مني.. كنت من غير جصد اطللها بجرف وحجد وألومها على عاميلها واهب فيها من غير مخاف منيها:
-ليه بتعملي إكده ليه متبجيش مرة زينة زي أم صاحبي
ولم تسمع إكده تجوم تضربني على خدي وجسمي وتجولي سد خاشمك لجطع رقبتك..وبعدين تحبسني في اوضتي باليومين.
زفر بأسى ثم استطرد بعد أن ابتلع ريقه:
– المهم لم ابويا وافج يشغلني ويبعدني عنيها كان هم ابويا بردك يبعدني عنها عشان أذكر كويس وأفلح في مدرستي..و على كد ما كنت مضايج عشان عايزة تبعدني عن البيت وأبويا وصاحبي كمان، لكن كنت فرحان عشان حسيبها وأغور من وشها ..أبويا لجالي شغل في بلد جريبة من بلدنا عند واحد طيب..تعرفي يانريمان مين الواحد ديه؟
-نطقها وهو يدقق في ملامحها حتى تنتبه له أكثر..أما نريمان فكانت تسمعه وكأنها تسمع حدوته لطفل يتيم وتعرف معاناته مع زوجة أبيه لقد قرأ مالك في عيونها الشفقة والأسف له فهمست والفضول سيطر عليها:
-ميين؟؛
-أبوكي.
-أيه…بابا؛
نطقتها بدهشة ثم تابعت بأنفاس غير مستوعبة لهذه المفاجأة:
-ازاي انا رحت المحل كتير وعمري ماشفتك هناك.
عشان عمري مارحت محلاته ال في الجاهرة، أبوكي لما بدأ شغله اشترى محل في قرية جمب بلدنا..وكان يعرف أبوي وشغلني عنديه..مسكتله الدكان ديه. أروح المدرسة وأرجع أجف في الدكان..لما شغل أبوكي كبر فتح دكان تاني في مصر، وعرض عليا أروح وياه لكن أنا مرضيتش.
سألته متعجبة:
-ليه مرتضتش تروح.
-خفت.
-خفت…. من أيه.
رددت كلمته في عدم فهم..فقال :
-عشان مرة رحت معاه مصر نشتري أنا وهو بضاعة للمحل..في اليوم ديه شفت الزحمة وأغلب النسوان وخلجاتهم العريانة والضيجة، ضحكهم العالي..مرجعتهم ومياعتهم مشيهم العوج.. جرفت منيهم ومن الستات كلتها حسيت حالي بكرهم كلتهم مبجاش في خشى ولا حيى..عشان إكده حلفت مشتغلش ابدا في مصر لو حتى جطعوا رجبتي، وكتييير جوي عم خالد اتحايل عليا عشان اروح معاه..مجدرش يجنعني، كنت سعيد في المحل الصغير، واوضتي الجواه كنت بنام وأصحى وأذاكر فيه..وال ريحني أكتر إني كنت بتعامل مع ما يخص الشباب بس..أي ملابس حريمي مليش فيه.
أنا وأبوكي بجينا صحاب حبيبته جوي وهو كمان حبني..وبالرغم فرج السنن البناتنا لكن انا وهو كنا متفاهمين..كان دايما يحكيلي عنك وعن عندك ودماغك الناشفة.
ابتسمت أبتسامة خفيفة وهي تخفض رأسها خجلا..رفعت رأسها مرة اخرى عندما تابع وقال:
-أنا كمان كنت بفضفض إمعاه عرف عني كل حاجة، وعرف أن بجى عندي عقدة من النسوان كلتها..لدرجة أني كرهتهم، لحد ما فيوم فوجئت بخالتي مضت أبوي على الأرض ال حلتنا والبيت وطفشت مع حبيبها ال هو عمي أصلا..أبوي مستحملش خيانتها مع أخوه طب ساكت، مات، كنت بسأل نفسي ليه ابوي متحملها ومتحمل جرفها ..ولما سألته عرفت أنه بيحبها جوي.
اتصلت بعمي خالد عشان يحضر الدفنة..جالي في الصوان أنه مفهمك أن ابوي عمك وأنا ابن عمك..ولما جلتله عملت ليه إكده جالي حفهمك كل حاجة بعدين وبع…..
قاطعته وهي تسأله:
-طب ولما أنت مش أبن عمي..أنت بقى مين؟؛
-لو صبر الجاتل على المجتول.
زفرت على مضض وهي تهمس:
-طب قول.
استطرد وهو يهز رأسه يمينا ويسارا منزعجا من عدم صبرها:
-حجولك أنا مين..أنا ياستي وعم خالد بلديات يعني من بلد وحدة..ابن عمك مهاجر من زمان في استراليا، عمك بجى كان عايش في البلد بس كان مجاطع أبوكي عشان أدوز مصرواية..عمك من سنتين ولده بعتله وراح وياه وسافرله بعد مامرات عمك ماتت وبنات عمك ادوزو وبجى لحاله، لما مات أبوي اصر عم خالد أن ياخدني معاه لمصر عشان أعيش معاه..اضطريت أوافج لأن مكنش جدامي حل غير إكده، وعشت معاكم وأنتي فاكرة أني ابن عمك..لحد ماعرفت من عم خالد أنه عمل إكده عشان مترفضيش أنتي أني أعيش معاكم طوالي، أمك كمان كانت عارفة ومتفجة وياه، لحد مطلب مني أني أدوزك لمدة معينة إكده وبعدين أطلجج.
-ليه؟؛؛
خرجت من فمها بحقد وضيق.
تجاهل نظرات الغيظ والضيق الباديين في عيونها ثم تابع:
-ابوكي لما كبر حس إن من كتر حبه ليكي دلعك زيادة عن اللزوم ..ومبجيش عارف يسيطر عليكي بعد إكده..ولما لاجاني وجفت في وشك من أول يوم..عرف ان محدش حيشكمك غيري ففكر يدوزني ليكي عشان أربيكي من جديد وو…….
-نعممممم ليه بقى إن شاء الله أنا مش متربية ولا ايه دا انا متربية احسن منك مليون مرة دا أنا….
نهضت بحركة حادة وهي تصرخ في وجهه وقد اقتربا حاجباها غضبا من جملته التي استفزتها تشيح بيديها نافية تلك الجملة الكريهة …ولكنه قاطعها ايضا بان أمسك معصمها وأجبرها على الجلوس قائلا:
-ايه أنتي مصدجتي بلاعة طفحت في وشي..معلهش ياستي حجك عليا..اجولهالك بطريجة أحلى من إكده باللغة الفصحة عشان تكون أشيك..أدوزتك عشان أروضك..زين إكده؟
عقدت ذراعيها أمام صدرها مشيحة بوجهها بعيد عن مقوسة فمها في ضيق.
تجاهل ضيقها وتابع:
-طبعا مجدرتش ارفضله طلب..لان أبوكي فضله بعد ربنا كبيير جوي عليه..من صغري وجف معاي..وكان بيعاملني صح كيف ولد أخوه..كان جايلي انه نفسه يروح يحج ولما طلب مني ادوزك اتفقنا اني اعاهده بعد ما يجاي من السفر أطلجج..لانه بردك مكنش عايز يظلمك ويدوزك لحد أنتي مش ريداه لأنه كان بيحبك جوي، وأنا وافجت طبعا ال معملناش حسابه حتى أبوكي نفسه مو*ته وال معملتش حسابه أنا كمان أ أ أني فعلا ح..حبيتك.
حدقت به وعيناها مغرورقة بالدموع..حنينا لابيها الذي مات..وتوقفت عند آخر كلمة قالها:
“حبيتك”
تلك الكلمة التي خرجت بصوت هامس عاشق حائر، نعم حائر ولا تعلم سر حيرته.. ظلا يحدقان في بعضهما لبعض كأن على رؤوسهما الطير وكأن الكلمة التي تفوها بها..صلاة يجب الخشوع لها.. دقات قلبيهما أجراس تدعو لتقيم تلك الصلاة…قطع صمتهما صوت صديقتها جومانة..يسأل عنها في جزع:
-فين نريمان يا ام محمد انديها بسرعة من فضلك.
-حاضر يابنتي ثواني اقولها انك هنا.
وطبعا لأن نريمان تفاجأت بحضور جومانة الى بيتها بعد فترة طويلة لم تراها فيه فهرولت اليها فورا وهي تصرخ بسعادة:
-جوجو حبيبتي ..انا مش مصدقة عنية أخيرا شفتك.
-نانا.
قالتها وهي ترتمي في حضنها ثم أطلقت لدموعها العنان. في البداية ظنت نريمان أن جومانة تبكي على مو*ت ولديها ولكن شعرت أن الدموع لها أسباب أخرى عندما همست جومانة وهي على صدرها:
-أنا تعبانة قوي يانانا..مبقيتش قادرة استحمل الحيوان ال اسمه مروان ده..عايزة اخلص منه بقى.
أخرجتها نريمان من حضنها وسألتها وهي تدقق في عينيها بقلق:
-في ايه ياجوجو مالك ياحبيبتي؟
قبل ساعة من هذا الموقف،،،،
كان مروان قد يئس من أن يخرج جومانة من حالة الصمت والزهول اللذان سيطرا عليها، منذ ان قرأت خبر مو*ت أكرم، كان قلقا عليها للغاية، لا ملاطفته لها وكلامه المغمس بالحب والحنان شفعا له عندها..ولكنها فجأة في خضم صمتها هذا طلبت منه :
-أنا عايزة أروح لنريمان صاحبتي.
تعجب لطلبها..ولا ينكر أنه سعد لأنها خرجت من صمتها واحتار أيضا هل يقبل أم يرفض..ولكن حسم الأمر نبرتها المتوسلة له:
-من فضلك سبني أروحلها.
الطريقة التي نطقتها بها توحي أنها كانت عى حافة الانهيار ولو أنه رفض سوف تكون العواقب وخيمة.. فهمس على مضض ؛
-طيب حخليكي تروحيلها.. حخلي السواق يوصلك هي ساعة زمن وابعته يجيبك ماشي؟
أومئت بالموافقة.
-اتكلمي ياجوجو مالك ايه ال حصل.
هتفت بها نريمان وهي تشجعها على الحديث.. كان مالك على وشك الانصراف حتى يتركهما على راحتهما ولكن جومانة استوقفته قائلة:
-لأ متمشيش لو سمحت أنا عايزة أحكيلكم ال حصلي عشان تساعدوني..أنا مليش حد دلوقت غيركم ..بعد ما بابا مات.
-ايه باباكي مات امتى وليه مقلتليش.
صرخت بها نريمان بنبرة منزعجة..وهي تضرب على صدرها بخفة من وقع صدمتها بالخبر..نظرت لها جمانة قائلة:
-حتعرفي كل حاجة لما احكيلك..
ثم حكت لهم كل شئ حدث لها منذ يوم زفافها الدامي حتى لحظة جلوسها معهم وقد انهت حديثها بانها قالت:
-أنا مش عايزة أعيش معاه تاني..أنا بكرهه بخاف منه..كل ما يقرب من جسمي بيقشعر..انقذوني منه عشان خاطري.. أنا عايزاه يطلقني.
سارت حمية مالك خاصة أنه صعيدي فقد استاء مما سمع..أما نريمان فأخذتها في حضنها علها تلملم شتاتها..تمسح دموع القهر عنها..هبا مالك قائلا بشهامة وصوته يحمل كل معاني العزم والأصرار على حماية تلك الصبية المقهورة:
-متخافيش انت من إهنيه في حمايتي..وان شاء الله حخلصك من الردل الواطي ديه وحطلجج منه ويبجى يفكر بس يمس شعرة منك.
خديها يانريمان واطلعوا فوج .
نريمان: حاضر.
₩₩₩₩₩₩₩₩₩₩₩₩₩₩₩₩₩
ياترى مالك حيعمل ايه عشان يخلص جومانة ومرون حيسكتله؟
طبعا أنا بشكركم عشان نبهتوني للخطأ ال أنا سهى عليه فيه..وجل من لا يسهو..في مشهد م*وت والد نريمان وامها واني م*وتهم بكرونا لاني أنا كنت عايزاهم يعملوا عمرة ويم*وتوا بكروان مثلهم مثل التصابوا وماتوا في هذا التوقيت..بس الاحداث خلتني غيرت العمرة بحجة ونسيت ان في الوقت ده الحجة اتمنع..المهم انا طبعا حعدل المشهد وحخلي سبب الم*وت أي حادث .دمتم بخير وانتظروني في الفصل القادم.
في ناس علقت على اللهجة وقالت انها غريبة أو مفيش حد بيتكلم زيها..حوضح النقطة دي باذن الله في الفصل الجاي.
وشكرا لكم جزيلا وشكرا لكل ال تابع الرواية وشكرا لكل ال سبلي كلمة شكر تساعدني وتشجعني على الكتابة.
بحبكم جدااا جدا..
سهير عدلي.
الفصل العشرون
كاره النساء
-يعني إيه مرضيتش ترجع معاك.
صرخ بها مروان عندما أخبره سائقه أن مدام جومانة أبت الرجوع معه، صريخه جعل الرجل يتراجع للوراء وابتلع ريقه خوفا من غضبه ، فقال بلهجة حاول أن يؤكد فيها قلة حيلته أمام رفض زوجته العودة معه:
-والله يا يبيه أنا مليش ذنب أنا رحتلها وطلبت منها تروح معايا لكن هي مرضيتش تيجي معايا..قالتلي مش راجعة معاك.
سرحا مروان مضيقا عينيه في ضيق بالغ، مداعبا ذقنه يحاول تفسير رفضها للرجوع الى البيت، ثم ضرب مكتبه بقبضته قائلا بوعيد :
-ماشي ياجومانة أنا حعرف أرجعك البيت تاني إزاي..أنا الحق عليا من الأول الخليتك تزوري صاحبتك..ماشي بتتحمي فيهم..طيب استني عليا.
ثم نظر للسائق بعينان نارية قائلة بخشونة، تعالي ورايا على العربية.
انصاع السائق لأمره وتوجه به صوب بيت نريمان كما أمره سيده.
**************************
جلستا نريمان وجومانة في حجرة الأولى تستعيدان ذكريات ما حدث لهما قبل أن يتقابلا، أحداث صعبة مريرة مرت لكل منهما..حتى زفرت نريمان وقالت وكأنها تتعجب من أمر الدنيا:
-معقول كل ده يحصلنا فكام شهر..
من كان شهر كانت احلامنا مختلفة أنا عن نفسي كنت بفكر في حاجات كتيير كان نفسي اعملها.. كنت بفكر في الجامعة ال حدخلها ازاي ابقى فيها الكل في الكل ،وابقى مسيطرة على كل الطلبة كمان..كنت بفكر في النشاطات ال حشترك فيها..في اللبس ال حشتريه عشان ابقى اشيك وحدة في الكلية..حاجات كتير اتغيرت فيا مكنتش عاملالها حساب.
تنهدت ثم استطردت..بس عارفة على قد الأحداث الحصلت وال كانت في ساعتها بالنسبالي صعبة وكرهتها..على قد ما أنا سعيدة أني عرفت مالك وحبيته وسعيدة اني اتغيرت كمان..ثم نظرت لجومانة وجدتها شاردة فسألتها:
-أنتي معايا؟؛
نظرت لها جومانة بعينان منطفئتان، وقالت بنبرة تملؤها الحسرة:
‘أنا” أنا حاسة أني عمري ما عشت حياتي ولا حلمت اصلا ..ولا كان مسموحلي احلم بأي شئ، اتجوزت غصب عني، حتى الأنسان الوحيد الحسيت معاه بحنية وحبني وحاول يساعدني مات، كأني اتخلقت بس عشان اتعذب، عشان اتقهر، حاسة أني عايزة أموووت مبقتش رغبة الحياة، نفسي أصحى يوم ملاقيش نفسي.. أو الاقيني فقدت الذاكرة.
كانت كلماتها تخرج مع شهقاتها مختلطة بدموع الغزيرة التي أغرق وجنتيها.. طبطبت نريمان على كتفيها وتنهدت في أسف ثم همست وهي تضمها من خلفها:
-لأ ياجوجو متقوليش كده بعد الشر عليكي ياحبييتي..والله أنا حاسة أن ربنا حيكرمك بانسان يعوضك عن كل ال شفتيه.
ضحكت جومانة بسخرية ضحكة مفعمة باليأس قائلة:
– انسان يعوضني ..مش لما أخلص من مروان الأول.
صمتت جومانة برهة ثم قالت وهي تكاد تبكي:
-أنا خايفة من مروان يانانا، خايفة قوووي.. أنتي متعرفيش البني أدم ده عامل ازاي، انسان معندوش قلب معندوش رحمة.. ممكن يعمل أي حاجة وميخليش حد ينتصر عليه.
هتفت نريمان وهي تجلس أمامها بثقة:
-متخافيش ميقدرش يعملك حاجة ولا يقرب هنا.
في نفس تلك اللحظة كان مروان قد وصل من خلفه حراسه وسائقه يختبى بين جثثهم الضخمة، ثم جهر بصوت عالي:
-جومانة…ياجومانة تعالي هنا.
ما إن وصل صوته الى مسامعها حتى انتفضت واتسعت عيناها زعرا، تتشبث بيدا نريمان وتهمس برعب:
-مروان…شفتي يانانا لسة بقولك اني خايفة..قلبي حاسس أنه مش حيعديها على خير.
-اهدي ياجوجو متخافيش مالك دلوقت يخليه يلزوم حدوده.
خرج مالك على أثر صوته قائلا:
-أيه ياجدع أنت حد يزعج إكده في بيوت الناس.
نظر مروان لمالك نظرة نارية مليئة بالحقد قبل أن يقول:
-أنت مين.
أقترب مالك منه وقف أمامه بثبات وثقة قائلا:
-أنا صاحب البيت ال أنت جاي تتهجم عليه أنت بجى مين؟
-بقولك إيه أنا عايز مراتي بالذوق لحسن مش حيحصلك كويس.
قال ذلك مروان وهو يشهر سبابته أمام وجهه مهددا وعيونه تنذر بشر مبين، لم يهتم مروان بتهديده هذا ولم يهتز قيد أنملة، بلا ابتسم بسخرية وتقدم منه أكثر وقد همس أمام وجهه بكل برود:
-ليه يا أخينا مرتك تايهة منيك ولا إييه؟
ضغط مروان على أسنانه في غيظ احمرت عيناه و أذنيه من فرط الغضب .. أمسك بتلابيب مالك ثم صرخ فيه بعصبية:
-أنت دمك خفيف قوي ياروح أمك بس أنا مضحكتش.. وحخليك تبكي زي النسوان دلوقت.
ثم أخرج مسدسه وصوبه نحو رأسه رجاله أيضا اشهروا أسلحتهم أمامه ..ولكن مالك بخفة خطف المسدس منه وحاوط رقبته بذراعه..وبيده الأخرى صوب مسدسه نحو رأسه..آمرآ رجاله :
-سيبوا السلاح من ايديكم لحسن افرتكلكم راس سيدكم دلوك.
كل ذلك حدث في دقائق معدودة جعل نريمان وجومانة تصرخان فزعا ويهرولا نحوهما فقد فزعت نريمان ورددت أسمه بهلع عندما صوب مروان في بادي الأمر مسدسه نحوه:
– مااااااالك؛
وشعرت جومانة بالاضطراب، والقلق لأنها ستكون السبب لو حدث أي مكروه لمالك بسببها.
نظرا مالك لهما وصرخا فيهما:
-أطلعوا فوج دلوك يلا منيك ليها.
صوته أرعبهما جعلهما يصعدا الى أعلى وبقى قلبيهما معلقا به ماذا سيحدث بعد ذلك؟
اعتصر مالك رقبة مروان بذراعه وهو يقول له:
-جولهم يرموا سلحهم في الأرض..أنطج.
وبصوت محشرج من فرط الألم قال مروان:
-نزلوا سلاحكم..نزلوه.
انصاعوا لأمره وطرحوا سلاحهم أرضا.
قال لهم مالك:
-ارفعوا ايديكم وارجعوا ورا.
نفذوا ما قال..اقترب مالك وهو يسوق مروان تحت تهديد المسدس حتى وصل الى جهازا ضغط على ذره بعد دقائق معدوظة ظهر رجال تخص مالك قد استدعاهم تحسبا لموقف مثل هذا الذي حدث، قبضوا على رجال مروان ..وساق رئيسهم ممروان نفسه الى الخارج ومالك يبتسم ويقول له:
– مع السلامة وإياك تفكر تعاود إهنيه تاني يامروان باشا.
ومروان ينظر له بغل ويقول له بتوعد:
-ماشي ..بس متفتكرش أني حعديهالك..وديني لدفعك تمن ال عملته ده غالي قووووي.
بعد انصراف مروان هرولتا نريمان وجومانة نحو مالك فارحيتين مطمئنتين، ارتمت نريمان في حضنه وهي تغمغم باكية:
-مالك ..مالك انا كنت خايفة عليك قوووي
-متخافيش أنا زين جوي.
وجومانة تقف على استحياء ومع ذلك همست:
-أنا متشكرة قوي.
نظر لها قائلا:
-قلتلك متعونيش هم أنتي في حماية ربنا وحمايتي.
-يلا يانريمان خدي صاحبتك واطلعوا واسترحيوا هبابة .
-حاضر.
قالتها مفعمة بحب .ثم جذبت يد جومانة وصعدتا مبتسمتين .
************************************
استيقظ مالك في الصباح ولم يشأ أن يوقظ نريمان وصديقتها فضل أن يتركهما على راحتهما، تناول إفطاره وذهب الى عمله.. على الطريق وجد رجل معه زجاجة فارغة يشير له بيديه، توقف مالك بالفعل له ظنا منه أنه يريد مساعدة نظر له قائلا:
-يلزم خدمة ياسطا.
قال الرجل وقد انحنى قليلا:
-ايوة الله يكرمك شوية بنزين يقوموا العربية لأقرب بنزينه عشان أمون وأكمل طريقي.
مالك وهو يفتح باب السيارة ويترجل منها:
-بس إكده حاضر.
-الله يكرمك.
اخذ مالك منه الزجاجة وراح يملئها له والرجل يد عو له بالخير..وما أن انهمك مالك واعطاه ظهره حتى اخرج ذلك الرجل منديلا مبللا بالمخدر وكممه به قاومه قليلا ،ولكن سرعان ما خارت تلك المقاومة بعد أن غاب عن الوعي حمله ووضعه في سيارته وانطلق به حيث أمر.
*********************************
تململت جومانة حتى استيقظت..تمد يديها الى الأمام في حركة رياضية لتجلب لنفسها النشاط، تبتسم بسعادة لأول مرة في حياتها تشعر أنها مسرورة..وانها في أمان ليس عليها أي ضغوط من أي نوع، عادت مشاعرها بكر كذي من قبل، تأملت تلك التي تغط في نوم عميق بجوارها فاتسعت ابتسامتها أكثر بجوارها أختا لها تحتويها ..قبلتها في خدها قبلة أمتنان، فهشتها نريمان بيدها وملامحها تعبر عن الضيق فقد شعرت أن حشرة تعاكسها وهي نائمة، فضحكت جومانة فشرعت في معاكستها أكثر وأكثر..امسكت خصله من شعرها وظلت تهش بها على أنفها ونريمان تبعدها وملامج وجهها تنم عن الغضب، وراحت تزغدها بخفة في ذراعها وتقرصها في خديها وذقنها..حتى استيقظت نريمان بحركة عصبية وكادت ان تسب وتعلعن لولا أن رأت جومانة تضحكة بعذوبة فقالت وقد تنفست براحة:
-هو أنت ياشيخة..انا قلت ايه الحشرات الغلسة دي ال ملت بيتنا.
قالت جومانة وهي تغمز باحدى عينيها ونبرة خبيثة:
-حشرات بردو ولا افتكرتي ملوكك هو ال بيعاكسك.
ضيقت نريمان عينيها تحدق فيها بتعجب تهرش في رأسها غير مصدقة ما تراه:
-غريبة انتي صاحية فايقة بقى وبتستخفي
كمان .
ازدادت ضحكات جومانة فتخلت عن فراشها وراحت تدور في الحجرة كالفراشة هاتفة بسعادة:
-فرحانة قوووي يانانا لأول مرة أحس أني حرة ..حرة محدش له سلطة عليا ولا بيتحكم فيا ..ياااااه أحساس جميل قوووي.
-طب يااختي ربنا يسعدك كمان وكمان تصبحي على خير.
قالت ذلك وهي تتثائب ثم تنام وتلتقط وسادة تخبئ بها وجهها.
نزعتها منها جمانة وهي تقول بتزمر:
-أنت حتنامي تاني قومي بقى وبطلي كسل.
جلست نريمان متربعة على سريرها قائلة والنوم يداعب وجهها وصوتها يرجوه أن يدعها لحالها:
-انا حصحى اعمل ايه دلوقت؟؛ سبيني اكمل نومي بالله عليكي انا مبصحاش دلوقت ثم اخذت الوسادة مرة أخرى ووضعتها فوق راسها ونامت وهي تشخر بصوت عالي حتى تثبت لها انها نامت بالفعل.
ولكن جمانة نزعتها ورمتها بعيدا وقالت في اصرار:
-لأ بقى مفيش نوم تاني قومي بقى وبطلي رخامة عايزين نفطر ونخرج ونشتري ونتفسح ونعمل كووول ال ال احنا عايزينو يلااااااا قومي يارخمة.
-ياااااربي انا عايزة أنام.
جذبتها جمانة من يدها تسحبها نحو المرحاض بالقوة قائلة:
-يخرب بيت كسلك ياشيخة..مفيش نوم تاني خلاص ..وقت النوم خلص..يلااااااا قدامي.
زامت نريمان في وجههها قائلة على مضض:
-امممممم…طيب ..طيب قومت اهو..هوووف منك.
ضحكت جمانة ثم راحت تدندن في حبور.. تشعر بشئ غريب يتسلل داخل روحها كانها تحررت من قيود كانت تكبلها.
تنولتا الاثنتين الافطار ..وخرجتا لكي يتسوقنا كانت نريمان تتصل بمالك بين الحين والحين حتى تستأذنه لكي يخرجا، ولكن هاتفه مغلق وذلك الحارس لا يفارهما ابدا كما أمره مالك يوم ان حضر مروان وتشاجر معه، قال له حينها أن لا يفارق السيدتين ابدا وأن يصطحبهما كظلهما أينما ذهب.
قضيتا جمانة ونريمان يوم رائع وممتع..عندما عادتا الى البيت ظنت انها سوف تجد مالك قد وصل للبيت ولكن رأت آخر شخص توقعته في حياتها.
الى اللقاء في فصل قادم مشوق
سهير عدلي.