منوعات

رواية بقلم تقي حامد

رنّ المنبه في محاولة منه لإيقاظ ياسين النـائم بعمق، انتفض بـفزع ونظر للمنبه وعلم ما هو هذا الصوت الذي تغلغل لأحلامه..فـ اغلقه بـغيظ وفرك وجهه ليزيل أثر النوم..
نهض من الفراش يزيح الغطاء عنه بـعنف، وارتدى نعله وتوجه بخطوات سريعة أشبه بالراكضة نحو الغرفة المجاورة له…
اقتحمها بدون طرق على الباب وهز “چويرية” النائمة كـالملائكة على الفراش، فـ تململت بـإنزعاج وهي تتمتم

– سيبيني يا ماما شوية.

هزها مرة أخرى بطريقة أشد عنفًا

– اصحي يا روح أمك الحضانة هتضيع عليكي.

نفخت بـحنق ودفنت وجهها في الوسادة، فـ شمر ياسين عن ساعديه والتقطها من ثيابها يمسكها بـقوة من الخلف يجرها معه ناحية المرحاض الخاص بغرفتها، أنزلها وأوقفها قسرًا وبدأ ينثر المـاء الغزير على وجهها حتى ان ملابسها البيتية تبللت….
جرها معه للخارج وألقاها على الفراش وتوجه صوب خزانتها ليُخرج ملابس الحضانة…
وبالفعل أخرجها وجذب الصغيرة التي عاودت النوم من جديد، جذب ملابسها العلوية قسرًا ليخلعها عنها وبدأ في إلباسها والصغيرة تتمرد بـإنزعاج…
حُشر وجهها في الجزء العلوي الخاص بملابس الحضانة فـ بدأت تزمجـر وقد شعرت بـالإختناق..
وكـان ياسين محتاسًا لا يدري ما يفعله، أنجده الله عندما استطاع ان يُخرج رأسها أخيـرًا..
انتهى وتوجه لحقيبتها يضع بها كل ما هو على المكتب الصغير الخاص بها…
وتوجه إليها جاذبًا اياها من يدها واليد الأخرى جذب بها حذائها حتى بدون أن يأتي بالجورب…
هبط بها للأسفل وقال

– اقعدي البسي الجزمة هروح اشوف يسرية جهزت الساندوتشات ولا لأ، ما هو يوم باين من أوله.

انطلق صوب المطبخ ليجد يسرية تقف خلف الرخامة تعد الشطائر، ليقول

– بسرعة يا يسرية الله يكرمك.

وضعتهم في صندوق طعام الصغيرة -اللانش بوكس-
بسرعة وأعطتهم لياسين الذي التقطهم وهَرول للصغيرة، وضع الشطائر في حقيبتها وألبسها لها ودفعها ناحية باب المنزل يلقيها أمامه هاتفًا بـحزم

– خليكي قاعدة هنا لحد ما الباص يجي.

وقبل أن تفتح فمها وتتحدث أغلق الباب في وجهها، فـ زفرت الصغيرة بـإحباط وجلست على درجات السلم الصغير واضعة يدها أسفل خدها تنتظر مجيء الأتوبيس وهي تملس على شعرها الذي لم يُكلف نفسه عناء تمشيطه لها! ترتجف من برودة الجو كـدجاجة مبللة، تصتك على أسنانها والبرودة تملكت منها!
وهنا تمنت چويرية أن تكون والدتها معها وبجانبها !!

❀❀❀

ألقى ياسين جسده على الفراش وأغلق جفونه وما هي إلا دقائق حتى ذهب في سُباتٍ عميـق…

❀❀❀

ضحكت وهي تحتضن إحدى الصغيرات وتدفعها نحو الداخل برفق، وجاء الآخر واشار على الورقة المعلقة بالحائط والمرسوم عليها يدين يتصافحان، فـ صافحته بنفس الطريقة وهي تبتسم في وجهه بـلُطف…طريقة مناسبة للتعامل مع أطفال يدخلون مكانًا جديدًا للتو!
وكـانت الأخيـرة هي چويرية التي فركت عينيها بنعاس وكـادت تدخل دون أن تختار شيئًا فـ اوقفتها المُعلمة بـتعجب قائلة

– انتي عاملة كدا ليه؟ شعرك مش متسرح ليه وهدومك مكرمشة!

تنهـدت الصغيرة بـيأس ونظرت لها بـبراءة، قبل أن تنكس رأسها خزيًا وصمتت بحزن!

❀❀❀

اندفعت وداد من الباب تصرخ بياسين النائم

– ياسين..ياسين قوم..يا ياسين.

تململ منزعجًا وتأفف حانقًا

– فيه ايه ع الصبح.

لغزته في كتفه قائلة

– اتصلوا من حضانة چويرية وعايزين حد من أهلها ضروري.

اندس تحت الغطاء وتحدث

– ابقي روحي انتي.

دفعته في كتفه صائحة بحنق

– هي بنتي ولا بنتك، قوم لا أحسن يكون جرالها حاجة!

تأفف حانقًا وصـاح بغضب جلي

– يووووه بقا، ما تولع ولا تتنيل انا عايز انام.

جذبت الغطاء من عليه هادرة بـحزم

– قوم يا ياسين شوف البت، يلااااا.

❀❀❀

ترجلت براعم من سيارتها واغلقتها بالمفتاح إلكترونيًا، عدّلت من وضع نظارتها الشمسية وتوجهت للداخل، وفي طريقها اصطدمت بـأحدهم، فـ رفعت رأسها بغيظ وكادت تصرخ به ولكن إعتذاره فاجئها

– انا آسف جدًا

عقدت حاجبيها بـإستغراب متسائلة عن هوية هذا الشاب فارع الطول، الذي ولأول مرة تراه في الجامعة!

ابتسمت في وجهه بتهذيب واردفت

– مفيش مشكلة

هز رأسه بـإيماء وعدّل من نظارته الطبية وتحرك صوب الداخل، في حين بقت براعم متعجبة! سرعان ما هزت رأسها تنفض أفكار معتوهة وتعمقت في الدخول للجامعة…

انت في الصفحة 11 من 23 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل