
#الفصل_الرابع
ألقاها فـ تلقتها أماني داخل أحضانها تخفيها عن ياسين الغاضب الذي صـرخ فيها بـقسوة
– انتي عايزة ايه يا بت انتي بالظبط!
تحدثت وداد مدافعة عن الصغيـرة
– هي عملت ايه بس يا ياسين
صـاح منفعلًا
– لا عملت ولا أعمل، البت دي مش هتقعد في البيت دا ثانية واحدة..معدتش طايقها
تحدثت أماني بـحدة
– ياسين، البنت دي شايلة اسم عيلة المرشدي، ومش من الاصول نرميها في الشارع!
ابتسم بـتهكم وقـال
– عيلة المرشدي طول عمرها مُفككة، فـ متجوش تعملوا فيها عيلة كبيرة ومترابطة وانتوا هتموتوا وتنهشوا في بعض
لم تعلم ما دخل ما تقوله في ما يقول! لا بد وأن ابنها يمقت العائلة كثيـرًا، فـما فعله والده به ليس هينًا!
ملست على خصلات الصغيـرة ونظرت لوداد قائلة بهدوءٍ
– خدي چوري لأوضتها يا وداد…
اومأت وداد والتقطت كف الصغيرة وتحركت بها نحو الأعلى، بينما زفـر ياسين بـحنق وقـالت أماني بـوِد
– تعالي نتكلم شوية يا حبيبي
ظهرت ملامح الرفض على وجهه جليًا، فـ توسلته بعينيها قبل لسانها، وبـقلة حيلة انساق خلفها صوب غرفتها هي ووالده
جلست بجانبه على الأريكة بالغرفة، وتحدثت بصوتها الحاني
– لحد امتى هتفضل قاسي ع البت كدا؟ حرام عليك يا ياسين، دي بنتك..حتة منك!
غمغم بـرفض
– استحالة اقبلها
مالت برأسها في خزي وقالت
– مش يمكن لما تقبلها، تلاقيها الملجأ اللي مقدرتش تلاقيه فينا؟ يمكن تكون هي الشخص اللي يشاركك كل حاجة انت مرضتش تشاركها معانا؟
كـاد يعترض على حديثها فـ تابعت في حزم
– رفضك وبُعدك عننا معروف سببه، اللي مش معروف بقا ليه بتبعد عن أخواتك اللي ملهمش اي ذنب في اللي أبوك عمله؟ والأهم ليه بتبعد عن البنت اللي نزلتلك من السما نجدة ليك؟
قـال بإقتضاب
– مفيش سبب
وبكل صراحة العالم، وبجرأة أخفتها سنواتٍ
– انت كداب يا ياسين، ايوه كداب، انت أناني مبتفكرش إلا في نفسك، زعلان من أبوك عشان أجبرك تشتغل شغلانة انت مش عايزها؟ أجبرك تسيب جامعتك اللي دخلتها بطلوع الروح عشان تمسكله محلاته؟ طب إخواتك ذنبهم ايه؟ ذنب براعم البريئة اللي بتحاول تقرب من أخوها بأي شكل دي ايه؟ ذنب آسر اللي بيدور على أخوه القديم دا ايه؟ ذنب ناصر اللي بيدور على سند ليه ايه؟ ذنب وداد ايه؟ ذنب البنت البريئة اللي كل اللي تعرفه عن الحياة انها كلمة ايه؟ ذنبي انا..ايه يا ياسين؟
تهدجت أنفاسها بسبب كثرة الحديث المُر، كـالعلقم قابض المذاق عليها، سببًا في قطع أنفاسها عنها كما قُطعِت روحها عنها بعد إبتعاد أبنائها عن بعضهم البعض
– قوم يا ياسين، قوم وإلحق الدنيا قبل ما تخرب، قوم يا ابني، إخواتك محتاجينلك، بنتك محتاجالك!
وتلك كانت اللحظة الفارقة في حياة ياسين، وكـأنه ينتظر دفعها له على مواجهة المزيد، وكـأن كلمة والدته هي الدواء الذي حارب الداء المُتسبب فيه والده، لطالما كانت الحضن الدافئ له ولأخواته، دائمة..صامدة..قوية..مُحاربة، تقاوم الصعاب وتواجه بشراسة كل من تسول له نفسه بأن يؤذي أبنائها!
❀❀❀
انتهى دوام براعم وســارت مع سحر للخارج تتحدث معها في مواضيعٍ شتى، ظلت تضحك معها وتتسامر واندمجت حتى انها نسيت إلقاء بصرها على هذا الأحمق “طارق”، يبدو انها قد ملت من تجاهله لها فـ قررت الإنصراف عن الحملقة به!
خرجا من بوابة الجامعة وودعت براعم سحر التي قالت لها
– طب تعالي اوصلك وسيبي عربيتك، دا أخويا هيوصلنا…
وأشارت على سيارة في الجهة الأخرى، ولكن براعم رفضت مبتسمة في ود
– مرة تانية يا سحور، معلش يا حبيبتي لازم امشي حالًا، يلا سلام…
تنهـدت سحر بـإحباط وهزت رأسها موافقة، فـ تركتها براعم وذهبت، بينما مرت هي الجهة الأخرى ووصلت للسيارة وركبتها قائلة
– صبح صبح يا عم فيرو
أغلقت الباب فـ اصطدمت بيده تلتصق برأسها وهو يقول بمشاكسة صبيانية بحتة
– صبّح يا زُئردة
فركت رأسها ممتعضة بـغضب مصطنع
– ايه الغشومية دي يا فِراس الله..
ابتسم ساخرًا وهو يعدّل نظارته في حركة معتادة
– عشان تبطلي تقولي فيرو دي تاني، يا بت اتلمي انا اخوكي الكبير!
استطاع تمييز ضحكتها الساخرة من تحت نقابها والتي بعدها قالت
– طب سوق على مهلك سوق…
هز رأسه بـقلة حيلة وهو يضحك..
فـ عاودت سؤاله
– عملت ايه في أول يوم معيد في الجامعة بتاعتنا بقا؟ حبيتها؟
أومـأت وتركيزه منصب على الطريق أمامه
– ايوه، يعني مش زي ما كنت فاكرها بس حلوة..
لوت سحر شفتيها في سخرية لاذعة وقالت
– اش اش اش، من امتى وانت بتتنك كدا يا سي فيرو؟
رمقها بطرف عينه وتحدث
– بت..انا لو لطشتك بكف ايدي على وشك هتلزقي زي البرص في باب العربية..فـ اتلمي بدل ما ألمك..
زفرت حانقة وهي تتمتم بسخط
– يوه هو كل يوم بقا…