منوعات

رواية بقلم تقي حامد

غمغم ثروت بهدوءٍ

– عايز تتجوزها يعني؟

أومـأ فراس وهو يمسح حبيبات العرق المتكومة على جبينه بالمنديل الورقي، ومن ثم تحدث بتوتر

– شـ..شوفتها مرتين وأُعجبت بيها

رفع ثروت حاجبه وتحدث بخشونة

– مرتين وأعجبت بيها؟ تيجي ازاي دي؟

تنحنح وأردف

– ما هو أنا بقول نتخطب فترة وبعدين ربنا يحلها من عنده، ونكتب الكتاب فترة برده ولو لا قدر الله ما ارتاحتش نفركش يعني

شبّك ثروت أصابعه ببعضها وعاد بظهره للخلف قائلًا

– والله مقدرش أحدد، محتاجين رأيها الأول، ومعتقدش إن بعد اللي حصل دا هي هتوافق

سيطر الإحباط على معالم وجهه ولكن بعد كلمة ثروت تجدد الأمل من جديد

– هنسألها وإن شاء الله توافق

تنفس يُريح صدره من هم رفضها، يريد أن يبث عقله وقلبه أنها ستوافق، وفي القريب العاجل ستُصبح زوجته وحلاله

❀❀❀

دخل ناصر المنزل يصفر بإستمتاع والفرحة تملئ صدره بعد مقابلته بـعشق، وقف قبل أن يصعد للأعلى يرمق العائلة المتجمعة بالردهة في تعجب، وتساءل

– متجمعين عند النبي، فيه ايه؟

لم يجيبه أحد، حتى وداد الثرثارة لم تجيبه!
فـ تعجب أكثر وجلس بجانبهم يسند ذقنه بكفه مثلهم ويطالعهم، أما ياسين فـ انصرف من مدة وخرج يسير بالطرق بلا هدف، يرغب في الإختلاء بنفسه والتفكير جيدًا في موضوع “چويرية”..تلك الصغيرة التي أقتحمت حياته دون سابق إنذار وحطمت قوانينه…

رأى طيف أحدهم يركض من بعيد، فـ تغضن ما بين حاجبيه وركز بصره عليها…
رآها تركض تجاهه وتلتفت حول نفسها بـفزع، وفي ظل ما كانت غافلة تنظر خلفها اصطدمت به ولا إراديًا تمسك بذراعيها يسندها، رفعت بصرها لتستقر عليه، تنفست بإضطراب..
أما هو فـ عقد حاجبيه بتعجب وقال

– انتي!

ابتلعت لعابها بتوجس، واستمعت لصوت ذلك البغيض الذي كان يحدثها بألفاظٍ بشعة

– البت دي تلزمني يا زميلي

رفع حاجبه وعاود ببصره إليها، فـ همست برجاء

– ساعدني بالله عليك

زم شفتيه بعدم إكتراث، ونظر للبغيض قائلًا

– تعالى خُدها!

اقترب منهم وهو يبتسم بـشر، ويطالع “روان” بنظرات توحي بنيته السوداء، أما هي فـ كانت ترتجف كالدجاجة، مدّ يده ليجذبها ولكن أستوقفته يد ياسين التي امتدت وقبضت على يده، وقوله البارد

– انا قولت تعالى خدها، عارف هي ايه اللي هتاخدها؟

عقد البغيض حاجبيه بإستغراب، فـ استكمل ياسين ببسمة هادئة

– اقصد تآخد دي يا روح أمك

ختم جملته بلكمة وجّهها للشاب، أعادته عدة خطوات للخلف وهو يضع يده على عينيه يتأوه ألمًا، فـ استأنف ياسين

– قرب خليني اديك واحدة كمان!

صرخ الشاب بفزع واستدار راكضًا، بينما زفرت روان بإرتياح، واستدار لها ياسين يرمقها بنظرات جامدة صلبة!

❀❀❀

– اختفيتي فجأة ليه؟ اتكسفتي؟

نكست رأسها بخجل وأردفت

– اتكسفت انزل وأقلع الحجاب تاني! زي ما تقول لزق عليا ومقدرتش أقلعه ولا جالي قلب!

تنهـد فراس منهكًا وقال

– ومكنتيش بتردي على سحر ليه؟

فركت يديها المتعرقتين ببعضهما في توتر وقالت

– اتكسفت بقا من الموقف اياه

ابتسم بهدوءٍ وتحدث بتهذيب

– ويا ترى موافقة تكوني زوجة ليا؟

تلعثمت وهي تجيب

– يـ..عـ..بص هو…

قاطعها

– خدي وقتك، فكري براحتك أنا مش مستعجل، ولو مش موافقة أنا راضي باللي ربنا كاتبهولي!

زاغت عينيها مُسلطة بصرها على السجادة قائلة

– إن شاء الله

ازدادت دقات قلبها فجأةً عندما رأته ينهض، وقـال

– همشي الوقتي ولما تفكري…كلمي سحر قوليلها

أومـأت بتوتر ونكست رأسها ثانيةً، بينما خرج فراس من الغرفة المُطلة على الردهة والتي كان بابها مفتوحًا، فـ تنفست الصعداء وقد زال توترها وخجلها تمامًا!

❀❀❀

-نازلة السعادي تعملي ايه؟

هاجمته بعدوانية

– وانت مالك؟

رفع حاجبه متعجبًا من وقاحة تلك الفتاة!

– لأ ما هو لو مش ملاحظة انا لسه مخلصك من ايده الوقتي!

عضت على شِفتها السُفلية وقـالت بإرتباك

– مـ..مـعلش، انا آسفة بس….

صاح وهو يصفق بيده

– يا فرج الله، دي بتقول آسفة….الحمدلله..الحمدلله

تحدثت بحدة
– ليه حد قالك اني قليلة الذوق زيك؟

عض على شِفته بـتوعد وأردف وهو يقترب منها بمقدار خطوة

– بت انتي..انا لو كحيت في وشك كحة هتطيري، أقصري الشر واتلمي

زفـرت ساخطة، فـ بادر بالإكمال

– اخلصي نازلة السعادي ليه؟

تحدثت بإستسلام

– نزلت أجيب دوا لماما

– منين؟

هتفت وهي تشير على مكانٍ ما

– من الصيدلية اللي هناك دي

تنهـد قائلًا وهو يسير متجاهلها

– ورايا

دبدبت على الأرض بحنق واضطرت مُجبرة السير وراءهُ

انت في الصفحة 19 من 23 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل