
«بعد مرور خمسة أشهر»
ضحكت روان بمرح وهي تضم چويرية إليها، فـ ابتسم ياسين الجالس أمامهم على مقعدٍ ما بخارج القاعة المُقام بها حفل زفاف “عشق وناصر”، تنهـد ياسين بـسعادة وقلبه يرفرف بفرحة فـ رؤية طفلته امامه سعيدة تضحك هو ما يجعله سعيدًا في حياته حقًا، يالها من صغيرة قادرة على تحويل ألمه بضحكتها، وإقلاب غضبه لحنانٍ!
– بعد كدا تقوليلي ونفكر في مقالب سوا نعملها فيه
ضحكت چويرية وأشارت على عينيها اليمنى وبعدها اليسرى قائلة
– من العين دي قبل دي
ضحكت روان بصخب واحتضنت الصغيرة بحنان وهي تقبّل رأسها وتستنشق رائحة خصلاتها الخلابة بحق!
– ياسين احم..عايزة اقولك حاجة بس مكسوفة
قالتها وهي تبعد الصغيرة عنها، فـ تأهبت حواسه منتظرًا ما ستقول لعله يكون اعتراف، نكست رأسها بخجل وهتفت
– بص يعني…هو..
حثها على النطق بنفاذ صبر
– اخلصي مش هنقعد العمر كله كدا
رفعت عينيها وقالت بإبتسامة بلهاء
– ايه نوع الشامبو اللي بتستخدمه چويرية وبيخلي شعرها سايح وريحته حلوة كدا؟
تجمدت البسمة على شفتيه قائلًا
– والله؟
اومـأت ببراءة فـكاد ينهض ويهشم أسنانها البيضاء التي عندما تبتسم تُظهرهم بسخاء!
جذبتها چويرية لكي تغير مجرى الحوار حتى لا ينهض ياسين و روان أمامها الآن!
– بس انتي مش هتتجوزي بقا يا أبلة؟
تنحنحت روان بحرج
– ايه الإحراج دا، لسه يا حبيبتي مجاش ابن الحلال
تمتم ياسين بإقتضـ،ـاب
– والله موجود بس الحلوفة مش ملاحظة
عقدت روان حاجبيها بتعجب
– بتقول حاجة يا ياسين؟
هـز رأسه بنفي مبتسمًا بسماجة،
فـ أردفت الصغيرة ببراءة مزيفة متسترة تحت ستار المكر
– هو انتي ممكن تتجوزي بابا؟
توترت روان وتلعثمت
– يعني آ…
لم تعطها فرصة للرد وتابعت بحماس
– يعني استناكي تبقي مامتي التانية
قالتها بحسم ولم تعطها فرصة للرد مما أربك حواس روان التي ابتلعت ريقها وناظرت ياسين بتوجس، فـ بادلها بنظرة غامضة لا تعلم ما تكنها..ولكن في النهاية..تنهدت وصمتت!
«بعد مرور عشرين عـامًا»
خطوات كعبها يصدح بالمكان ويصعد الدرجات الصغيرة وصولًا للمسرح..بسمة واسعة تزين ثغرها المطلي باللون الوردي..وتصفيق حار من الجميع…
التقطت جائزتها بعدما صافحت الأشخاص ومنهم من سلمها الجائزة والشهادة المتراصين خلف طاولة كبيرة..
وببطء تقدمت من المكبر ووضعت جائزتها والشهادة بجانبها، وتنحنحت قبل أن تقول بصوتٍ رقيق فطري
– مساء الخير..انا چويرية، عندي 26 سنة حقيقةً كان نفسي أبقا رائدة فضاء لسبب انا وياسو أبويا بس اللي نعرفه، بس ميضرش دكتورة دكتورة
ضحكت بخفة فـ ضحك ياسين معها وطالعها بعينين تفيضان فخرًا…
فـ تابعت وهي تطالع ياسين ببسمة حنونة ممتنة
– أول دكتوراه أحصل عليها السنادي..
وبقدم جزيل شكري لوالدي…ياسين المرشدي..
والدي اللي وقف جنبي وساندني لحد ما وصلت..والدي اللي فضل في ضهري بيدفعني للطريق وكل ما أتعب يفكرني بقيمة تعبي في النهاية..
والدي اللي كان دايمًا بيقولي “انتي حتة من قلبي..لازم أحافظ عليكي لا تتخدشي”، بابا…انت أعظم أب شوفته في حياتي!
ربنا يديمك ليا انت وعيلتنا الصغيرة، وأولهم..ماما روان
تعالت التصفيقات العالية، وكان ياسين يرمقها بفخر..بسمة فخورة تزين ثغره ودموع غزيرة تجمعت بمقلتيه والتمعت من أسفل نظارته الطبية..
ربتت “روان” بيديها المجعدة أثر الزمن على كتفه بحنان والدموع تكافح لكي تهبط من مقلتيها فخرًا..
عشق وناصر..وأيضًا وداد وزوجها وبراعم وفراس..وياسر يحتضن زوجته وطفلته تجلس على ساقه وتصفق لإبنة خالها بسعادة طفلة..وكذلك باقي أبناء الأشقاء الذين هم أصغر من چويرية بالكثير، نهض ياسين وعبر من الجموع واقترب من إبنته..
تزامنًا مع هبوطها وهرولتها ناحيته..لتتلاقى الإبنة وأبيها في منتصف الساحة في مشهد مُغري للبكاء، احتضنها برفق وكأنها جوهرة يخشى خدشها..
وهي حقًا جوهرته الثمينة..هي قطعة من قلبه..ولا يستطيع أحد التفريط من قطعة من قلبه!
قبّل جبينها ورفع عينيه الممتلئة بدموع الفخر وهمس لها
– “انتي حتة من قلبي يا بنت قلبي”
وضحكة وسط الدموع..وإبتسامة وسط السعادة..وفرحة ترفرف بالقلوب..والأب وقطعته الغالية..جوهرته الثمينة..وقطعة من قلبه!
قانون صغيـرة، برود حوّلته لبهجة، وألم بلمستها جعلته صحة!
فـكيف لمن اشتاق الحنان أن يُبعد النعمة بيده..
وهو من أراد الإحتواء بنفسه…؟!
#النهايـة❤
//تـمـت بحمد الله//