
جالسًا على مقعد مكتبهُ في محـل المجوهرات الخـاص به يُتابع الأوراق التي تضم الحسابات بـتركيز، لا يُمكن أن يُقَال انه يتركز بـتفكيره على الأوراق، بل هو شـارد في شيءٍ ما، اليـوم ذكرى ميلاده، في مثل هذا اليوم من سِتة سنوات فاجأتهُ بـأنها تحمل طفلهم في أحشائها، فرحته كانت لا توصف حينها، بل وبدأ في توزيع اللحوم على المساكين وتقبل دعواتهم بـصدرٍ رحب، ظل يرعاها هو وعائلته، منتظرين المولود الذي سـيأتي ليحمل اسم عائلة المُرشـدي؛ ثم يتفاجئ الجميع بـدخول عاصف من ياسين في يومٍ ما يجذبها من خُصلاتها وينهال عليها بالضرب المُبرح..ظنوا انه بلا سبب ولا يعلمون حجم الكارثة التي قامت بها تلك الزانية في حق ربها ودينها وزوجها، طردها من المنزل وألقى يمين الطلاق عليها باصقًا في وجهها بإشمئزاز مُتجاهلًا توسلاتها ورجاؤها، مُعلنًا بـذلك قدوم غيمة سوداء فوق رأسه كلما ذهب لمكانٍ ما، فـ من يومها وأصـبح لا يرحم، يزأر في وجه الجمـيع ويتعامل ببرود طاغي ناهيك عن جموده ولا مبالاته الزائدة عن الحد في كل ما يخص عائلته.
– ياسين بيه..ياسين بيه.
أجفـل من شروده على نداء أحد العاملين لهُ، فـ تركز ببصره عليه متسائلًا
– خير يا فتحي.
أجاب العامل ببسمة واسعة
– كل سنة وانت بخير يا باشا.
ابتسـم ياسين بـسمة ربما كانت باردة بعض الشيء
– وانت بخيـر يا فتحي.
وضع البيت الصغير المصنوع من الورق، كان مُنهارًا على نفسه وقـال
– ابني أحمـد عملك البيت دا وقالي اقولك كل سنة وانت طيب بداله.
اتسعت بسمته عندما تذكر ذلك الصغير في عُمر الستةِ سنوات، كـان قادم إلى والده في يومٍ فـ تقابل مع ياسين وتحدثا سويًا، يتذكر عن ظهر قلب لطافة الطفل وكم تمنى وقتها الحصول على طفلٍ مثله مُشاكس ومُـرح.
– ربنا يخليهولك يا فتحي، وصله سلامي.
أومأ فتحي بـ وِد
– يوصل يا باشا.
انصـرف فتحي وعاد ياسين لعمله يتابعه بـتركيز عن السابق..