منوعات

رواية بقلم تقي حامد

دخلت أماني غرفة آسر فـ وجدته مفترش الأرض يصنع شيئًا ما، فـ لم تكبح فضولها وسألته

– بتعمل ايه يا آسر؟

رفع نظره لها وتحدث بـحماس

– بعمل هدية لياسين..

ابتسمت أماني بـحنان وربتت على رأسـه هاتفة

– هتعمله ايه؟

ضيّق عينيه بـشك مردفًا

– لأ مش هقولك عشان انتي هتروحي تقوليله.

شهقت وأشـارت على نفسها قائلة

– انا يا آسر؟

سخـر – ايوه يا اختي انتي، روحي يا ماما الله لا يسيئك شوفي كنتي بتعملي ايه.

آسر..هذا الشاب البالغ المتنكر في هيئة طفل صغيـر لا يفقه شيئًا، ذكي لدرجة مُبهرة والجمـيع يعلم، وتفوقه في صفه الدراسي هو أكبـر دليل على ذلك، آسر يبلغ من العمر إحدى عشر عامًا بالمناسبة.

– طيب يا آسر الله يسامحك، هروح أحضـر الغدا وكدا كدا هعرف الهدية علفكرة.

أومـأ لها وتابع خروجها بـترقب، ومن ثم عاود عمله من جديد بكل حماسٍ ونشاط منتظرًا إعطاء هديته لشقيقه ليـسعد بها

❀❀❀

«في المسـاء»

حضـر الجميع من أعمالهم باكرًا، فـ اليوم هو يوم تاريخي لا يأتي سوى مرة كل عـام، ولا يحتفل به ياسين سوى مرة كل ثلاثة أعوام وهذا ما اعتادوا عليه!

انتهت التزينات وكعكة عيد الميلاد واجتمعت كل أفـراد العائلة وانتظـروا قدوم ياسين الذي دخل بعد لحظات المنزل متوقعًا ما سيحدث، فـ لم يتفاجئ البتة وكان رد فعله هادئًا ومثيرًا للأعصاب، اجتمعوا عند الكعكة على الطاولة وأسندت وداد والدها لينهض من على الأريكة، وقف بجانب أماني وفي وسطهم انحشرت «براعم» فـ ضحك ثروت وضمها إليه، ووقف آسر بجانب ياسين في محاولة منه لجعله يلتفت له ويهتم به، ولكن خابت آماله عندما رأى ياسين يُطفئ الشموع بـملل وكأنه طفل في الخامسة من عُمره!

اعطاه الجميع هداياه وكلًّا منهم يلقي تهنئته، حتى جاء موعد هدية آسر الذي قدمها لياسين بكل حماس طالبًا منه أن يفتحها الآن، فـ زفـر ياسين بـضيق وهو يفك رباطها وآسر يترقب ردة فعله في قلق، حتى تبدلت ملامح وجه ياسين فجـأةً وتجمدت أطـرافه وهو يُناظر لوحة صغيرة حولها إطارًا خشبيًا وبها رُسمت صورته!

أردف آسر بـحرج

– اتمنى يكون رسمي عجبك يا أبيه.

لاحت على شفتيه بسمة لطيفة، سرعان ما محاها سريعًا وهو يربت على خصلات الصغيـر قائلًا في هدوء

– حلوة يا آسر، شكرًا.

رغم ان تلك لم تكن الإجابة التي ينتظرها الصغيـر، إلا انه سعد لأنها اعجبته، وبـادر هو بـإحتضان ياسين مع أنه من المفترض ام يكون ياسين هو من يحتضنه!
تنهـد ياسين بـتعب وضمّ الصغير بـخفة

❀❀❀

في ظل ما كان الجميع جالسًا يتحادثون ويأكلون من الكعك ويرتشفون العصائـر، رنّ جرس الباب فـ انطلقت يسرية إليه وفتحته، ابتسمت شفتيها المطليتين بلون وردي خفيف وقـالت بصوتها الرقيق

– ازيك يا دادة يسرية.

تسمرت يسرية في مكانها وحملقت في مَن أمامها بـص وخاصةً في يدها التي تتشبث بها فتاة صغيرة..

انحلت عُقدة لسانها واجابت بـإقتضاب

– هو انتي.

اختفت بسمتها وحل محلها تعبير حزين رُسم على وجهها، ابتلعت غصتها وقـالت

– ياسين موجود؟

اومـأت يسرية بـحنق وأشـارت لها بالدخول، فـ خطت داخل المنزل ببطء منكسة الرأس لا تقوى على رفعها، كانت أول من رأتها هي براعم التي شهقت متفاجئة فـ التفت الجميع على أثـر تلك الشهقة…
اسودت عيني ياسين غضبًا، وانتفض واقفًا كـالملسوع وصاح غاضبًا

– انتي بتعملي ايه هنا؟

ابتسمت بـحزن – ازيك يا ياسين؟

عـاد يصيح
– بتعملي ايه هنا يا رحـاب انطقي؟

تنهـدت بـقهرة ونظـرت للصغيرة التي تتشبث في دميتها من جهة وبيد والدتها من جهة أخرى…

وأخيـرًا انحلت عقدة لسانها وبـادرت بـ

– جاية عشان أعرفك على بنتك!

شهق الجميع وانتفضوا واقفين ، بينما هـدر ياسين منفعلًا

– بنت مين وزفت ايه، انتي من كتر قذارتك وعلاقاتك مش فاكرة دي بنت مين وجاية تلبسيهالي؟؟

التمعت الدموع في عينيها وتجـاهلت إهانتها اللاذعة ونظـرت للصغيرة مُبتسمة بـألم هاتفة

– سلميّ على بابا يا چويرية.

اختبئت الصغيرة خلف والدتها وهي تهز رأسهـا بنفي هامسة بـصوتٍ طفولي بريء ممزوج بـحدة العناد والتحدي

– مبسلمش على حد معرفوش!

انت في الصفحة 6 من 23 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل