
نهض عمر من مكانه واردف بهدوء
– انا قولتلك من البداية، شركتك هتقع ف الأول بس بعد كدة هتضم على الشركة دي وبالتالي كل خسايرها هتكبر من جديد !
إبراهيم بغضب وصراخ
– انا شركتي تنضم لشركة كمال ؟
عقد عمر حاجبيه بينما صمت إبراهيم وهو يستشعر ما سيقوله، ليكمل حديثه
– عمر..
شركتي بتنهار من كل جانب، حتى الموظفين فيها مش عارف اقبضهم !
– حلها بسيط، خد مبلغ مني تحت الحساب وقبض موظفينك !
لوى إبراهيم فمه بتهكم
– تحت الحساب ؟
أخذ نفسًا بداخله واردف وهو يحاول كسب عمر ناحيته، ف هو بات يعلم عقل عمر الآن وكم هو سيكون خطرًا عليه إن لم يكسبه لصفه
– عمر انت عارف يعني ايه شركة تبنيها ف سنين تتعب وتشقى عشان تكبر وتيجي ف يوم وليلة تلاقي كل حاجة حواليك بتقع ؟ كل تعبك وفلوسك وشقاك يتهدم على الأرض !
– وأنا فاهم ومقدر ده كويس يا إبراهيم بيه، وقولتلك الموضوع كلوا مسألة وقت، شركتك بتقع بس الشركة دي بتزيد، ويوم ما اسم بتاعتك يتحط جمبها ونعلن دمج الاتنين، كل االي خسرته هيزيد الضعف !
– ماشي يا عمر، أتمنى الوقت ده يعدي بأسرع ما يمكن.
ابتسم لهُ عمر واردف
– متقلقش يا إبراهيم بيه، الوقت خلاص ف نهايته.
استدرك عمر حديثه
– الموقع خلاص الناس هتستلم الڤلل بتاعتها، كل حاجة خلصت وتمت.
عقد إبراهيم حاجبيه بدهشة
– ف السرعة دي ؟
– الناس مكنتش بتنام عشان تخلص ف أسرع وقت، وبعدين اتبنى ف شهر يعني ٣٠ يوم مش قليل، ده غير أني جايب كذا شركة بناء مش شركة واحدة ولا اتنين، ف الموضوع مخدش وقت، والناس هتستلم الڤلل وهي تصمم داخلي على مزاجها طبعًا، وده هيزود فلوسك لأن المفاتيح هتتسلم وف المقابل هتاخد الشيكات بتاعتك.
تهللت اسارير إبراهيم بسعادة
– بجد يا عمر ؟ يعني خلاص الناس هتستلم الڤلل وتدفع باقي الفلوس ؟
– أيوة، انا خلصت شغل ف الشركة وهنزل بنفسي أسلم كل حاجة دلوقت، وقولتلك مسألة وقت والدنيا تتظبط، والوقت ف نهايته خلاص.
– معاك حق يا عمر، الوقت فعلًا ف نهايته، حقك عليا اتعصبت عليك بس..
قاطعه عمر بإبتسامة
– متقلقش مقدر ده ومتفهم موقفك..يلا عن إذنك هروح دلوقت لأني واخد معاد مع أصحاب الڤلل.
غادر إبراهيم ولملم عمر اشيائه وغادر المكتب هو الآخر ليضع ضربته الأخيرة بحياة إبراهيم والتي ستؤدي بِه لـ الهلاك.
في المساء عاد عمر للمنزل بسعادة حقًا تغمر قلبه، سعادة لم يعرفها منذ وقت طويل..طويل جدًا حقًا.
دلف للشقة بوقت متأخر وجد الجميع نائمًا، ليتجه نحو غرفته ويجد آخر شيء توقع أن يختم يومهُ بِه..
اقترب عمر من ياسمين التي كانت ممسكة بحقيبة تحمل بها جميع ثيابها، والخزانة فارغة أمام عينيه، و وجهها منتفخ من كثرة البكاء الذي لم تجف دموعها حتى الآن..
عمر بخفوت
– ياسمين.
ألقت ياسمين الهاتف الخاص بها بوجهه، ليمسكه عمر ويجد صورته وريم داخل أحضانه أمام الجميع، وصورة أخرى وهو يضع الدبلة داخل يدها..
نظر عمر لـ ياسمين وكاد أن يتحدث لكنه عم الصمت المكان أثر صفعة ياسمين التي هوت على وجه عمر..
تراجعت ياسمين للخلف بخوف وشهقة مما فعلته، وهي ترى نظرات عمر التي لم تنم على الخير أبدًا.
ابتلعت ياسمين ريقها بخوف، ولكنها ابت الخضوع لهُ واردفت بصراخ
– أنت إنسان حقير، وزبالة ! بتعمل كل ده عشان حبيبة القلب ! دخلت وسطهم وكل يوم بتعلى، عملت شركتك اللي هي أصلا من فلوس بابا الله يرحمه، بابا اللي دخلك بيته وعملك إنسان فعلًا !
ف الآخر اتجوزت بنته وخليتها ف بيتك واحدة ترجع ليها آخر اليوم تضحك عليها بكلمتين وخلاص، وانت طول الوقت داير مع حبيبة القلب بتاعتك، اخترت تدخل وسطهم وتبقى وسط ناس زبالة قت…لت بابا بدم بارد، وبتعلى بفلوس حرام ! خدت شركة بابا اللي صرف عليك وعملك إنسان وف الآخر ؟ طلعت حقير وزبالة !
– خلصتي كل اللي جواكِ ؟
قالها بنبرة جامدة ليأتيه إجابتها عليه : ده ميجيش ربع اللي جوايا يا عمر، صغرت في نظري بطريقة حقيرة زيك بالظبط.
– إبراهيم اللي بتقولي دخلت معاه عشان بنته هو ده اللي قت…ل ابوكِ، وهو نفسه اللي ابوكِ عاش حياته كلها وراه عشان يوقعه، إبراهيم ده اللي خد أمك منك زمان عشان يعلم على ابوكِ ويعرفه إن الدنيا بالفلوس وبس ! وللأسف سابتك وراحت لحد عنده ! إبراهيم ده اللي ابوكِ ف عز ما كان بين الحياة والموت كانت كلمة واحدة على لسانه وهي إني اوعده مسبش حقك ولا اسيبه يدوس عليكِ واكمل بنفسي كل حاجة هو بدأ فيها.
امسك الهاتف و وضعه أمام عينيها
– شوية الصور دي اللي خليني حقير ف نظرك ؟ وانسان رخيص ابوكِ جابه من الشارع عمله بني آدم صح !
عارفة مين دي ؟ ريم..بنت ابراهيم اللي ق..تل ابوكِ واللي من وقت ما شوفتك وبقيت معاكِ أو بمعنى اكبر من وقت ما بقيتِ على ذمتي وانا قطعت كل ذكرى كنت محتفظ بيها عندي، بس ف نفس الوقت دي الوحيدة اللي كانت هتخليني أقرب من أبوها عشان أقدر أحقق اللي انا عاوزه.
تعرفي ؟
ليه دايمًا كنت ببقى متوتر ومش على بعضي وأنا معاكِ ؟ لأني كنت طول الوقت حاسس بالذنب ناحيتك ! رغم أني مخطبتهاش لأني بحبها أو حتى فيه ذرة حب جوايا ليها، وعملت ده عشان أجيب حق ابوكِ اللي راح غدر بس بردوا كنت حاسس بذنب إني باخدك ف حضني وأنا ف نفس الوقت بخونك ! اللي هي دي أصلا عمرها ما تتسمى خيانة.
قبض على ذراعها واردف بغضب
– وف المقابل ايه ؟ عملتي ايه انتِ ؟
نفض ذراعها واكمل حديثه وهو يضحك ويتذكر حديثها لهُ وكلماتها السامة التي طعنت قلبه بها
– طلعت إنسان رخيص ابوكِ جابه من الشارع عمله بني آدم ! طلعت أحقر واحد شوفتيه ف حياتك ؟ طلعت عايش على فلوس ابوكِ ! عارفة ابوكِ اتحايل عليا قد ايه عشان أخد الشركة ؟ وف الاخر لما زهق من ردي خد توقيعي وقالي أنه لتصميم وكان على عقد بيع الشركة ليا واتفاجئت بعد ما عمل كدة ولقيته بيديني ملف بيثبت إني مالك الشركة !
ظلت تستمع إليه بصدمة لكل ما قاله، لينظر لها عمر بقسوة
– عارفة ايه غلطي ؟ إني اتجوزت عيلة زيك ! تفكيرها لو بنت ف سن مراهقة هتفكر بطريقة أفضل منه بعد كل اللي حكيته ليكِ يا ياسمين عن ريم، بس ع العموم ملحوقة، هتولدي وأنا خلاص، أسبوع بالكتير والدنيا تنتهي وبعدين تعدي الشهور وتولدي واطلقك، وتشوفي راجل فعلًا بني آدم من غير ما ابوكِ يعمله بفلوسه، وشركتك اللي بتقولي إني خدتها وعايش عليها ف دي من بكرة يا ياسمين هتتنقل بإسمك.
تركها واقفة مكانها وغادر الغرفة وصفع الباب خلفه بحدة جعلتها تنتفض، بينما هوت هي على قدميها وهي تبكي وتتذكر ما اردفت به وما قاله لها .
بعد وقت كان يجلس عمر بـ شقة حسن بالحي القديم الذي كان يقيمون بِه، يشعل سيجارته وينفث بشراهة ليستمع لصوت صديقه
– اتفهم موقفها يا عمر شوية، ربيها حبة يا أخي لكن مش تطلقها، انقل الشركة بإسمها وسيبها خالص، بس متهدش بيتك وتخسر ابنك ومراتك وتخلي طفل ملهوش ذنب يعيش أمه وأبوه بعيد عن بعض من قبل ما يجي !
تنهد عمر وهو يستند برأسه على الأريكة
– عارف يا حسن، بس كلامها مكنش هين عليا !
– ولا شيء سهل إن واحدة بتحب جوزها و واثقة فيه وملهاش غيره، يتيمة أم وأب يعتبر ! تلاقي صور مبعوتة ليها وجوزها حبيب قلبها بيلبس واحدة تانية دبلة ! وصورة تانية واحدة غريبة ف حضن جوزها ؟ وكمان هي حامل يا عمر يعني أصلا الحوامل دول أسمع إنهم بيتكلموا من غير عقل بسبب هرمونات حمل وشغلانة معاهم.
– وانت حملت قبل كدة ؟
دفعه حسن بالوسادة واردف
– تصدق إنك عيل رخم ! وبعدين ده رامي صاحبي مراته حامل وكل شوية يجي يقعد يشتكيلي بتعمل ايه فيه و وحم..تصور صحته الساعة أربعة الفجر عايزة تاكل درة مشوية !
– بقولك ضربتني بالقلم !
نهض حسن من مكانه واردف
– براحتك يا عمر، بس انت واخد الموضوع على كرامتك اوي ومش شايف من ناحيتها هي ايه ؟ يعني تخيل انها كانت تعبانة ف الشقة لوحدها وحامل وبتتصل بيك مش بترد ونزلت راحت لدكتورة وهي لوحدها ملهاش قرايب حتى، وف الآخر يتبعت صورة وانت مع واحدة ف مطعم بتاكل وتضحك معاها وهي كانت لو ماتت ف الشقة مكنتش هتلحقها ؟
عمر بتفكير
– انا هتجنن واعرف مين اللي بعت الصور دي!
– اهدى على مراتك يا عمر، مش بقولك راضيها دلوقت، سيبها يومين وهي طيبة وأكيد هتحاول تكلمك، ف من مرة ولا اتنين بالكتير مشي الدنيا ماشي ؟
– ماشي يا حسن.
تركه حسن ودلف لغرفته، بينما ظل عمر يتذكر حديثها وتلك الكلمات التي أصابت صميم قلبه دون رحمة ! هل حسن على حق ؟
في صباح يوم جديد، دلف عمر لغرفته داخل شقته هو وياسمين، و وجد ياسمين تجلس على الأرض وهي تضم قدميها لصدرها وتبكي..
اقترب عمر منها وجلس بجانبها وهو يعطيها قلم وبعض الاوراق
– امضي هنا.
دفعت ياسمين يده واردفت بصوت مبحوح
– مش همضي حاجة.
– امضي متخلنيش اتعصب يا ياسمين ! اخلصي امضي دلوقت.
امسكت ياسمين يده واردفت
– مش همضي يا عمر مش غصب !
– لأ غصب يا ياسمين.
امسك يدها بالقوة وهو يصرخ بها بغضب، لتخشى ياسمين غضبه وتمسك بالقلم بيد مرتجفة وتمضي بمكان ما يشير لها..
نهض عمر من مكانه واردف بسخرية
– مبروك عليكِ الشركة يا مدام ياسمين، عن اذنك.
تركها عمر وغادر الغرفة بل الشقة بأكملها وكان الجميع لازال نائمًا..
مر اسبوع عمر يتجاهل به ياسمين قدر المستطاع، اسبوع قدر على ان يوقن إنها أصبحت حالهُ ومحتاله حقًا ! لقد مر عليه وكأنه دهرًا كاملًا لأنه يعرف حزنها ! هل عشقها لتلك الدرجة حقًا ؟ أراد معاقبتها ولكنه في الحقيقة لم يعاقب سوى نفسه فقط !