يتبع….
الفصل العشرون
¤ مَعكَ … سأعبُرُ دَربَ البحرِ مَسْجُوراً ¤
—————————————-
مَنْ مِنا لم يقف يوما بين المطرقه و السندان ، بين خيارين أحلاهما مُر ، فإما تنصاع ليلى لرغبة والديها و تسطر تعاستها بيدها و تكسب رضاهما ، أو تختار ممارسه أدنى حقوقها في الحياه ، باختيار مَن سيكون شريك حياتها و أبا لأولادها ، ذلك الذي ستتبع قلبه وحكمته و ستشعر دوما بالأمان جواره ، حتى لو اختار أن يَسْلُكَ دَرب البحر مَسْجُوراً ….
ارتجفت ليلى حين رؤيتها اسم كِنان يُزين شاشة الهاتف الخاص بديما ، لتحثها الأخيره على الاجابه..
ديما : كلميه ، مش هتخسري حاجه ، مش هتخسري اد اللي ناويه بايدك تخسريه…
نظرت ليلى إلى ابنة خالتها التي لم تكمل عامها السادس عشر ، و احتارت من أين جلبت كل تلك القوه وذلك الادراك بما هو حق لها و بما هو واجب عليها …
قالت ليلى غير عابئه برنين الهاتف : انتي ازاي قويه كده ؟
تمعنت ديما في سؤالها للحظات ، ثم قالت : عشان انا عندي اب ، عرفني ايه حقوقي ، و ايه واجباتي ، ايه اللي ليا و اللي عليا ، عشان كل قرار عندنا لازم يكون بالتفاهم ، انتي عارفه يمكن عشان انا بنتهم الوحيده اللي اتولدت بعد شوق سنين ، يمكن عشان كده اهلي حسوا بقيمة الضنا غالي اد ايه ، مش زي باقي الناس بتخلف زي الارانب من غير ما تفهم ان الولاد دول ليهم حقوق على اباهاتهم ، و لو الحقوق دي اتهضمت يبقوا عاقين لولادهم…
_
ثم أضافت : هتردي و لا ارد انا ….؟
أمسكت ليلى الهاتف بأنامل ترتجف ، ضغطت رد ، ليأتيها صوت كِنان : ديما ، طمنيني ايه الاخبار…؟
ليلى بخفوت : كِنان .. انا مش مصدقه انك هنا !
هتف كِنان بفرح : ليلى ، ياااه اخيرا سمعت صوتك ، ليلى ارجوكي تسمعي كلام ديما ، ومتضيعيش وقت…
ليلى : انا خايفه اوي يا كِنان ..
كِنان : متخافيش ابدا و انا جنبك ، انا رتبت كل حاجه ، متقلقيش ..!
ليلى ببكاء : و بابا وماما و اخواتي ، هافضحهم يا كِنان ، هافضحهم بهروبي دلوقتي…
كِنان : مسيرهم مع الوقت ينسوا و يسامحوا ، بس انتي لو كملتي فالجوازه دي عمرك ما هتنسي يا ليلى ..
ليلى : انت مش فاهم ، لو انا هربت دلوقتي ، محدش هينسى ده هيبقى عار ليهم طول العمر …
كِنان : يعني ايه يا ليلى ، هتسلمي للامر الواقع ، طب انا هسألك سؤال و تجاوبيني بمنتهى الصراحه ..
_
صمتت ليلى ، ليستأنف كِنان : بناتك ، هتربيهم زي ما انتي عايزه ، زي ما كنتي بتحكيلي عايزه بناتك تكون فحياء فاطمه و قوة اسماء ، و حكمه ستنا عايشه ، هيحصل ده ، و لا هيتكتب عليهم نفس اللي حصلك و يعيشوا نفس القهر اللي انتي فيه دلوقتي ، قوليلي تقدري ساعتها تتحملي الفرحةاللي صنعتيه بنفسك و اللي هيشيلوا همه باقم عمرهم زيك…!
ليلى : حرام عليك يا كِنان..
كِنان : حرام عليكي نفسك …
ألقت ليلى بالهاتف مذعوره حين سماعها طرقات عنيفه على الباب ، لتسرع ديما باغلاق هاتفها بعد أن أخبرت كِنان بأنها ستعاود الاتصال به قريبا…
تنهدت ديما : انا هاشوف مين !
فتحت ديما الباب لتفاجأ بتميم ، قالت ديما : خير !
تميم : كل خير ، بعد اذنك انا عايز اتكلم مع عروستي …!
نظرت ديما بطرف عينيها الى ليلى المنهاره بالبكاء: مش وقته ، ليلى محتاجه تجهز عشان هنروح الكوافير دلوقت ، عن اذنك…
تميم بعد أن حاولت ديما اغلاق الباب : حيلك حيلك ، شايفاني خيال مآته ، قلت أنا عايز اكلم عروستي يبقى هاكلم عروستي ، و انتي خودي سكه متخليش اعصابي تفلت مني …
جففت ليلى الفرحةوعها بسرعه ، ثم نهضت باتجاه الباب : خير يا تميم ، عايز ايه السعادي ؟
_
تميم : حاجه خاصه ، معلش يا انسه ديما تتفضلي من هنا ، ها ؟
نظرت ديما باتجاه ليلى ، التي أشارت لها بالانصراف الآن ، لتجنب ردة فعل خطيبها المتهوره …
قال تميم بعد مغادرة ديما : اشطه كده هنقدر ناخد راحتنا…
ليلى : من فضلك تختصر ، انا ورايا تحضيرات كتير ، عايز ايه ؟
تميم دافعا ليلى الى داخل الغرفه : خليني ادخل الاول طيب..
ليلى بصريخ : ايه اللي عملته ده يا حيوان !
اغلق تميم الباب بالمفتاح ، ثم قال الفرحة : كده بتغلطي عليا فيوم فرحنا ، كده يا متربيه..
ليلى بذعر : اسفه ، والله غصب عني ، بس انت اصلك زقتني جامد …
تميم بغل : اسفه ، هاصرفها منين دي ، و انا اللي جاي اقولك كلمتين حلوين ، تشتميني ..ده جزاتي..
ليلى : قولتلك اسفه كان…
_
لم تكمل ليلى حديثها ، فقد تلقت صفعه قويه من تميم على وجهها ، لتشهق ببكاء ..
تميم : يااااه من زمان و نفسي اديكي القلم ده ، من زمان و انا مكبود من كبرك وتعاليكي عليا و استحقارك لكل حاجه بقولها او بعملها ….بس دلوقتي خلاص مش هتقدري تفتحي بؤك بنص كلمه ، كلها كام ساعه واوريكي قيمتك بجد يا بنت عمي…
جلست ليلى على الفرحة ، فلم تعد قالفرحةاها تحملان ثقلها و ثقل قلبها المتعب ، تمعنت في الواقف يهذر الفرحة قِبالتها ، مفكره هل أخطأت في حقه ، هل قامت فعلا بتفريغ شحنة الفرحةها من اجبار أهلها على هذه الزيجه تجاهه ، و آذت مشاعره دون أن تقصد ، و لكن ما الذي يجبره على اتمام زيجته بفتاه يعلم كل العلم بانها تبغضه ، أي نوع من الرجال هو ، ألا يحمل و لو ذره من الكرامه …!
قالت ليلى بصدق: انا اسفه يا تميم ، انت عندك حق ، انا فعلا غلطت فحقك كتير…
كانت تريد أن تؤثر عليه ، ان تستنجد بالرجل الشهم بداخله ، هذا إن وجد ، ان تعطيه الفرصه لتحرير نفسه من قتامة الالفرحة الذي يعتمر بصدره ، ليدع الالفرحة جانبا ، كانت محاوله أخيره للافلات من هذه الزيجه ..
قال تميم : اهو مش باخد منك غير الكلام ..
ليلى بأمل : طب عايزني اعمل ايه ، فهمني ارجوك عشان …
قاطعها مقبلا اياها بالفرحة ، و ضاما جسدها الضيئل لتلتصق به مكرهه ..
حاولت ليلى ابعاده عنها : تميم سبني ، هاصوت و الم عليك الناس ، سيبني يا بني االفرحة…
تميم بعد أن ابتعد عنها : مسيرك يا ملوخيه تيجي تحت المخرطه ، هانت يا بنت عمي ، هانت..
_
خرج تميم ، لتسرع ليلى بالاتصال بديما : تعالي عندي بسرعه اوام…
أغلقت الهاتف ، مرتابه من قرارها ، و لكن الى متي ستخدع روحها بأن بامكانها التأقلم معه ، لقد الفرحةها مرات عده في غضون الدقائق الماضيه ، بدايه من دفعها بشده داخل الغرفه ، ثم صفعها ، حتى حينما أراد أن يعبر عن مشاعره تجاهها استخالفرحة الالفرحة و فرض القوه ، دون أن يمهد لها أو يستثير عواطفها بكلمات رقيقه كما يفعل أي عريس تجاه من ستُزف اليه بعد سويعات..
حينما دلفت ديما الى الغرفه ، كانت ليلى ترتجف و بشده ، قالت ديما : انتي بردانه يا ليلى !
ليلى بضعف : انا مرعوووبه مرعوووبه من اللي هاعمله
ديما غير مصدقه : انت خلاص قررتي تهربي مع كِنان ؟
ليلى : ايوه ، مش قادره اكمل ، انا بخاف منه جدا ، و مش عارفه هاعيش معه ازاي تحت سقف واحد ..
ديما بحسره : ربنا يهديلك اهلك ، اسمعي اجمدي مينفعش كده ، لازم تكوني اد القرار اللي اخدتيه ، مش عايزين كل حاجه تبوظ فاخر ثانيه…
ليلى : حاضر ، حاضر ، طب احنا هنعمل ايه دلوقتي…؟
ديما : احنا هنروح للست اللي هتزبطك ، و بعد كده هاوزع ماما و خالتي وسط الستات ، و تزوغي انتي عالفرحة اياه ، تغيري هدومك و هاكون مستنياكي بره ، اول اما اكلمك تخرجي ،واوعي تخرجي قبل مكالمتي ، فاهمه يا ليلى ..!
أومأت ليلى ، و استعدت للانصراف مع ديما ووالدتيهما الى السيده التي ستتولى القيام بزينتها لهذه الليله ….
_
كان كِنان يقبع بسيارته على الطريق العام المؤدي لتلك البلده الصغيره ، حيث سيقام حفل زفاف ليلى قريبا ، و تآكله القلق حين أقر بذلك في نفسه ، فيبدو أنها استسلمت للضعف..
قطع عليه حبل أفكاره رنين هاتفه ، ليجد اسم فاتن …
تمتم : مش وقته ، احتمال كبير ديما تكلمني دلوقت..
الغى المكالمه ، عازما على محادثة أخته في اقرب فرصه ، كما وعد نفسه بأنه سيقف بجوارها ، و لكن ليس الآن ، في خضم مفترق الطرق هذا ….
كان محقا ، فلتوه تلقى اتصالا من ديما ، أجاب بلهفه : ها ايه الاخبار..؟
ديما : خليك مستعد ، احنا دلوقتي هنروح الكوافير ، و لو كل حاجه مشيت زي ما انا راسمه ليلى هتكون عندك بعد ساعتين …
كِنان بقلق : طب خلي بالك ، ممكن تديني اكلمها…
ديما : معلش ، مش هتقدر تتكلم دلوقتي..
كِنان : طيب سلميلي عليها اوي ، و قوليلها متخفش ، ها يا ديما ارجوكي تطمنيها انا عمري ما هاتخلى عنها
ديما : اوك ، و سلام دلوقتي..
_
اسند كِنان راسه على مقود السياره ، متمتما بكل أنواع الدعاء التي يحفظها ، راجيا من الله أن يقف بجواره ، و يخلص ليلى من تلك الزيجه بالاكراه …
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
عاد أنس من قسم الفرحة و كل ذره في جسده تأن من شدة الألم ، دلف الى حجرته دون أن يحيي والديه ، رتمى على الفرحة ، ناقما بشده على سوء حظه و على مدعية الشرف …هي و اختها الثريه المدلله …
اغمض عينيه ، متوعدا ، يوما ما ستنال عقابها على ما اقترفت بحقه …تمتم بحنق : و الايام دوَل يا فاتن ، الايام دوَل…مسيري هاردلك القلم
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
خرجت ديما من غرفة ليلى ، لتستدعي والدتها و خالتها ليذهبا مع ليلى الى خبيرة التزيين ، عدت بسرعه كبيره و حين وصولها الى السلم ..أتاها صوته مناديا : ديما ، استني يا ديما…
التفتت ديما لترى لؤي ، يهرع باتجاهها ، قال حين اصبح مواجها لها : ازيك
ديما بحنق : كويسه اوي …
فلقد تجنبها لؤي منذ عودتها الى مصر ، و لم يكلف خاطره حتى بالاطمئنان على أحوالها …
لؤي بتردد : انا ..
_
ديما مقاطعه : معلش انا لازم انزل و ادور على ماما و خالتو عشان هنروح الكوافير دلوقتي…
فغر لؤي فاهه ، ثم قال : و هتخرجي كده ؟؟؟
ديما ساخره : لا كدهون..!
لؤي بحنق : مش عشان فرح و هيصه يبقى تقلعي حجابك ، غطي شعرك احسن و ربنا …
توقف جازا على اسنانه الفرحة ، لتقول ديما محاولة التخلص منه : هو انت فاكرني هاخرج من غير طرحه ، ده بس هنا… عشان مفيش رجاله
لؤي الفرحة : و انا ابقى ايه ، مش راجل و لازم متبينيش شعرك اودامي ..!
ديما مرتبكه : هي طالبه خناق معاك و لا ايه ؟
” ديما ”
كانت تلك راويه والدتها ، تنتظر اسفل السلم
قالت ديما : جايه اهو …
_
نزلت اول درجه ، ليقول لؤي امرا : شعرك
تاففت ديما واضعه الطرحه على راسها و قالت بحنق : اهو ..ارتحت
و عدت الدرجات بسرعه كبيره ، فما زال امامها مهمة توصيل ليلى لكِنان…
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤
أصرت سلوى على حضور حفل زفاف شقيقة يحيى ، و الذي قام بدعوتها هي و شيرين الى الحفل المرتقب اليوم..لتتفق مع شيرين على الذهاب الى بلدة يحيى بسيارتها سويا …
قالت شيرين بامتعاض : و الله شكلنا هنتوه فالحته المقطوعه دي..
سلوى : اللي يسأل ميتهش يا شيري ، بمناسبة الاسئله ، انا كان نفسي اعرف انتي جبتي صور اللي اسمها فاتن ازاي ..قصدي صور اختها وهما توأم و لا ايه الحكايه ..؟
شيرين : معرفش اذا كانوا توأم ، بس أنس عدل الصور بتاعة اختها و بقت شبهها بالمللي…
هتفت سلوى : أنس ، و دخله ايه في الموضوع ..؟
شيرين : هو اللي جابلي الصور ، و عدلها عالفوتوشوب لما عرف ان يحيى مصمم يرتبط بالبنت دي …!
_
سلوى باستغراب : بقى انس خايف على يحيى ، مش اولى يخاف على نفسه ..
شيرين : احنا مالنا ، اهي خادت الشر و راحت..
أكملت سلوى الطريق ، لحين دلوفهن الى البلد ، هناك اخرجت هاتفها واجرت مكالمه هاتفيه مع يحيى ..
يحيى : الو .. ……
سلوى : ازيك يا يحيى ، انا وشيرين وصلنا بس مش عارفين البيت فين ..
يحيى : طب قوليلي انتو فين بالظبط و هاجي اخدكو
اغلقت سلوى الهاتف بعالفرحةا اخبرت يحيى بمكانهما ، ليأتي بعد ربع ساعه محييا : ازيكم يا بشمهندسات.
سلوى : الحمد لله و الف مبروك ربنا يتمملها على خير..
يحيى : الله يبارك فيكم ، و تفضلوا معايا انا هاوصلكم للبيت…
شيرين بعد ان لاحظت الوجوم على محياه : مالك يا يحيى ، شكلك مدايق او حاجه..؟
_
اترك تعليقاً