منوعات

سمرا فى قبضه الشـ,ـيطان الاول

الفصل الثالث

كانت فاطمة بالمطبخ حتى رن الهاتف ، فمسحت يديها و اتجهت ناحيته و ضغطت على زر الرد هاتفة :” الو .. أيوه يا ست حسناء … النهارده ، طيب حاضر هغير هدومى و أجيلك ، مع السلامة يا هانم ”
أنهت فاطمه المكالمة ، و نظرت إلي أعلى قائله بدعاء :” يـــــا رب يسرلنا أمورنا ”
ثم اتجهت إلي الغرفة لارتداء ملابسها .
………..
وقفت سمرا من على الرصيف ، و جففت عبراتها و هَمت بالسير للبحث عن عملاً أخر .
ظلت تبحث بأكثر من مكان و لا فائدة حتى وصلت إلى أحدي صالونات التجميل المطلوب بها سيدات للعمل ، فتوجهت للداخل و وقفت قبالة صاحب المكان متسائلة :” حضرتك في إعلان مكتوب بره طالبين في آنسات للعمل ، أنا عايزة اسأل عنه !؟”
تأمل الرجل هيئتها المزرية الغير مرتبه قائلاً بضيق :” بس ده صالون تجميل ، يعنى أكيد فاهمه لازم يبقي شكلك أزاي !”
نظرت سمرا إلى نفسها و ثم عادت بنظرها إليه قائلة :” لا ده أنا بس لمَ كان عندي شغل و بلف من الصبح فتبهدلت و كده !”
لوى الرجل فمه بسخريه قبل أن يسأل بـ :” اشتغلتِ قبل كده في صالونات تجميل !؟”
” لا بس أنا بتعلم بسرعه و ..
” أسف أحنا عايزينهم خبره مش لسه هنعلم ، لأن زباينا ناس هاى ”
حركت رأسها قائله بآسي :” فهمت خلاص ، شكراً ”
و خرجت من المكان فاقدة الأمل في العمل ، و ظلت تسير بلا هداية حتى وقفت قبالة النيل و ظلت تنظر إلي و تتأمله و العبرات تنساب على وجنتيها ثم أطلقت تنهيدة قائلة لنفسها :” يا رب أعدلها من عندك لأنى تعبت ، لولا حرام كنت رميت نفسي في الميه و استريحت ..اااااه ، يا رب أنت اللي عالم بي ”
” الجميل سرحان في أيه ”
قالها أحد الشباب و هو ينظر إلي سمرا و يتأملها ، بينما نظرت هي إلي مصدر هذا الصوت و نفخت بضيق و هَمت راحله تحت كلماته السخيفة التي لم تهتم أن تعرف ما هي لأن ما بها يكفيها و تماسكت حتى لا تنفجر به فـ حتماً لن تتركه إلا جثه هامده
………
بـ قصر شاهر ،،،
جلس شاهر برفقة كلاً من شهاب و أنجيلا قائلاً بهدوء :” دلوقت أحنا لازم نتفق مع ناس تساعدنا إننا نجيب بنات ”
ضرب شهاب كفه على مسند المقعد معلقاً بـ :” طيب ما يا صاحبي البنات الشمال كتير و ماليين الكباريهات و هيبقوا رهن أشارتك ”
نظره واحده من شاهر كانت كافيه أن تجعل شهاب يصمت تماماً ليتحدث هو قائلاً بتفهم :” أحنا عاوزين حاجه نضيفة على الزيرو ، من الأخر بنات ماتلمستش ، عاوزين نبدأ نضاف كده!”
” طيب لو نضاف زي ما أنت بتقول كده أيه اللي يخليهم يوافقوا يشتغلوا معانا !؟”
تدخلت أنجيلا قائلة بلهجة عربية ضعيفة :” ممكن أحنا يستغل نقط ضعف !”
عقد شهاب حاجبيه و نظر إلي أنجيلا متسائلاً :” قصدك أيه أنا مش فاهم !؟”
” أنا يقصد إن أحنا يلاقي نقط ضعف و يستغل ده يعني ….
قاطعها شاهر قائلاً :” أنا فهمت قصدك يا أنجيلا ”
نظر شهاب إلي و ضرب كفاً بكف قائلاً :” طيب ما تفهموني أنا كمان ”
لمعت عيني شاهر بمكر قائلاً :” أنجيلا قصدها نستغل لو واحده ضعيفة او محتاجه فلوس!”
” طيب يا عم ما فى كتير فقرا و يقولولك ماحلتناش غير شرفنا ، هنعمل أيه أحنا ”
أبتسم بسخريه معلقاً بـ :” في مية طريقه للتهديد ”
وضعت أنجيلا كفها على كتف شاهر قائله بـ رقة و بلهجة أجنبية :” أنت شخص ذكي جداً مستر شاهر ، و نحن نتعلم من ذكائك هذا ”
ألتف برأسه لينظر إلي كف أنجيلا الموضوع على كتفه و أبتسم بسخريه قبل أن يقول :” أعلم هذا عزيزتي ، و أحتفظِ برأيك من أجل نفسك !”
تضايقت من رده الساخر فسحبت كفها بهدوء و وقفت قائله :” سوف أذهب لأتأكد من شيئاً ما ”
حرك رأسه بالموافقة ، و اتجهت أنجيلا إلي أعلي ، بينما نظر شهاب إليه قائلاً بأعجاب :” جامده أوي البت دي و دماغها عالية أوى وقعت عليها فين دي ”
أخذ نفساً عميقاً قبل أن يتحدث بـ لهجة ماكرة :” مالكش دعوة بأنجيلا و متأمنش ليها و لا تقولها على حاجه غير لمَ تقولي الأول ”
عقد شهاب حاجبيه قائلاً بتعجب :” ليه هو أنت بتشك فـ..”
” زي ما قولتلك يا شهاب ، متأمنش لحد خصوصاً لست !”
لوي فمه في ضيق قائلاً بعدم اقتناع :” طيب ”
…………..
دخلت فاطمة برفقة حسناء إلي أحدي الفيلات الفاخرة التي نالت على أعجابها بدرجة كبيرة و ظلت تتلفت حولها لتنظر إلي المكان بعد أن تركتها و صعدت حسناء لأخبار الرجل بحضور الخادمة الجديدة .
اقتربت فاطمه إلي أحد الجدران تتأمل تلك اللوحة الجذابة الموضوعة على الجدار بشدة كبيرة ، و عقدت حاجبيها متسائلة في قرارة نفسها :” أنا شوفت اللوحة دي فين يا ختي ، حاسة إني شوفتها قبل كده بس فين يا فاطمه فين !؟”
أخرجها من شرودها جملة حسناء و هي تقول بابتسامة :” شكل اللوحة عجباكِ أوي ”
ألتفت إليها فاطمه قائله بابتسامة :” لا أصلي بشبه عليها ، حاسة إني شوفت زيها قبل كده ”
” لأب دي مفيش زيها ، دي الأصلية دي تحفة أثرية من أيام الحكم العثماني ، لأن كبير العيلة دي كان بيعشق الحاجات دي و ممكن يشتريها بملايين ”
ضحك فاطمه بسخرية قائلة بخفوت :” يا عيني علينا دول بيحطوا ملايين في شوية ورق و أحنا مش لاقين ملاليم نعيش بيها ”
عقدت حسناء حاجبيها و اقتربت منها لتضع كفها على كتفها متسائلة :” بتقولي حاجه يا ست فاطمة !؟”
” هـــا لا لا ابداً أنا بقول جميله أوي ”
ابتسمت لتُجيب :” اه فعلاً رائعة شكلك بتفهمي أوى في الأنتيكات ، المهم الراجل تعبان شويه و بيتحرك بالعافية ، فأنتِ هتنضفي دلوقت و تمشي و تجي بعد بكره تكملي ، بس ياريت ماتزعجهوش و بلاش تعملي أوضته لأنه هينام ، أبقي أعمليها المرة الجاية ”
حركت رأسها بالموافقة و هَمت لتتحرك قائله :” حاضر يا هانم .. بس هو فين المطبخ !؟”
” هتلاقيه أخر الممر اللي هناك ده ، و أنا لازم أمشي دلوقت لأنى سايبة مودى لوحده نايم و لو صحي و مالقنيش هيعيط و يخرب الدنيا ”
” ربنا يخليهولك يا هانم و يتربى في عزك لحد ما تفرحي بيه ”
” يا رب ، يلا مع السلامة أنا ”
رحلت حسناء بينما بدأت فاطمه في عملها
……………
وصلت سمرا إلي حارتها و هي تسير شاردة حزينة
لمحها جمال فأقترب منها و هو ينادى عليه حتى توقفت هي عن السير ، فوقف قبالتها قائلاً :” أيه يا بت مالك شكلك مدهول كده ليه !؟”
أخذت نفساً طويلاً قبل أن تجيبه بـ :” ابداً مافيش يا جمال ، أنا بس تعبانة شويه ”
” و أيه اللي تاعبك يا ختي ، ده شُغلتك مُريحه و في مكان نضيف ، مش أنا اللي بيطلع عين أهلي في المحارة !”
لوت فمها في سخريه و وضعت يداً على يد قائله بضيق :” أخلص و قول عاوز أيه عشان أنا مش فيقالك و كمان و قفتنا في الحارة كده مش تمام ”
” و أيه اللي قالب مزاجك يا ختي ، تعالى نتمشى سوا و أنا هعدل مزاج أهلك ”
ردت بغضب قائله :” جمال لو ماقصرتش و قولت عاوز أيه و رحمة أبويا هسيبك و أمشي ”
” طيب خلاص يا حلوه ماتتعصبيش كده ، أنا قولت لأمك عاوزين نعمل الفرح كمان شهر علشان نلم الدور بقي و كفايانا وقوف في الشارع و بير السلم ”
نفخت سمرا بغضب شديد و ضربت كفاً بكف قائله قبل أن ترحل و تتركه : ” و الله أنت فايق ، ما هو بخلقة أهلك دي مقفله في وشي بالضبة و المفتاح و من غير سلام !”
لم تنتظر رده و غادرت غاضبه بينما حك هو رأسه قائلاً بعدم فهم :” هي مالها بنت المجانين دي !”
……………..
فتحت باب الشقة و توجهت إلي الداخل و هي تنادى :” يا امه .. أنا جيت ”
خرجت آلاء من غرفتها قائله :” أمي مش هنا يا سمرا ”
عقدت حاجبيها و هي تضع المفاتيح على الطاولة متسائلة :” امُال راحت فين مقالتلكيش يا آلاء !؟”
” هي قالتلى الصبح قبل ما أروح المدرسة إنها ممكن تروح شغل فـ ماقلقش لو جيت ومالاقتهاش”
جلس على الأريكة و ضربت كفاً بكف قائله بضيق :” برضه عملتى اللي في دماغك يا امه !”
اقتربت آلاء و جلست بجوارها قائله بهدوء :” يعنى أنتِ جيتي بدري من الشغل !؟”
ابتسمت بسخرية مشوبة بمراره قائله :” مافيش شغل خلاص ، أختك اطردت يا حبيبتي ”
جحظت عيناها قائله بصدمة :” يالهووى ، و طردوكِ ليه بقي و لا هو ظلم و خلاص !”
لفت ذراعها حول كتفي أختها وضمتها إلي صدرها قائله بآسي :” مش ظلم أحنا اللي بختنا قليل بس ”
ثم تابعت بحماس :” بس بقولك أيه يا بت تشدي حيلك كده و تذاكري ، أنتِ سنه ساتة يعنى شهاده فاهمه !”
ضحكت آلاء قائله :” ماتخفيش الأبله على طول بتقولي إني أ شطر واحده في الفصل ”
قبّلت أختها بقوه ثم وقفت هاتفه :” أيه رأيك نحضر الغدا سوا لحد ما ماما تجي من بره و ناكل سوا ”
وقفت و ضربت يديها معاً قائله بحماس :” أشطا يلا بينا ”
و توجهت كلتاهما ناحية المطبخ ليعدا الطعام
………………
أنهت فاطمه عملها بعد إرهاق شديد ، ثم غسلت يديها و جففتهم و ارتدت ثيابها و خرجت إلي الصالة لتجد سيدة ما ، فعقدت حاجبيها متسائلة :” حضرتك مين و دخلتي هنا أزاي !؟”
ابتسمت المرأة و مدت يدها ناحية فاطمه قائله :” أنا سناء مديرة الفيلا هنا ، أنتِ فاطمه مش كده ، أكيد حسناء هانم نسيت تقولك عليا ”
مدت فاطمة يدها و صافحتها و هي تحرك رأسها بالإيجاب قائلة :” اه الصراحة هي نسيت تقولي عليكِ هي قالتلى إن البيت مافيهوش حد غير صاحبه و بس ”
” فعلاً محدش ساكنه غير حسن بيه بس ، لكن أكيد في طباخ بييجى يعمل الأكل و كمان كان في واحده بتيجي قبلك تنضف و أنا المسئولة عن ده كله ”
” حسن .. هو صاحب البيت اسمه حسن بيه !”
” اه بس راجل طيب أوي و غلبان ، و مريض يا عيني من ساعة موت بنته ”
هزت فاطمه رأسها في آسي قائلة بحزن :” ربنا يصبره ”
و تابعت بمراره :” ده كُله إلا الضنا ، فراق الضنا صعب أوى و الموت أهون .. أنا جربته و حاسة بوجعه أوي ”
حركت رأسها في حزن قائلة :” ربنا يصبرك أنتِ كمان يا ست فاطمة ”
ثم مدت يدها في حافظة نقودها و أخرجت بعض المال لتعطيها إليها قائله :” اتفضلي دول تعبك ”
” بس أنا كنت باخد عند ست حسناء بالشهر لم كنت بروح عندها زمان ”
” أنتِ كنتِ بتروحيلها كل يوم ، لكن هنا مش هيبقي كل يوم ، أكيد حسناء هانم قالتلك هتيجي المرة الجاية بعد بكره صح !”
اومأت برأسها و هي تمد يدها لتأخذ النقود قائله :” اه قالتلى ، بس ده كتير و الله ”
ابتسمت سناء و مسحت بيدها على كف فاطمه قائله :” لا مش كتير و لا حاجه ، لازم تعرفي إن حسن بيه بيحب يبسط اللي حواليه”
حركت رأسها و هي تبتسم ثم قالت و هي تهم بالمغادرة :” طيب استأذن أنا عشان ألحق أرجع ”
” مع السلامة ”
و غادرت فاطمه المنزل متوجهه إلي بيتها و عائلتها الصغيرة
………………………
وقفت سيارة فارهة أمام أحدى محلات الملابس النسائية ، و نزل منها كلاً من شاهر و شهاب و أنجيلا ، و قابلوا صاحبة المحل و جلسوا يتحدثوا سوياً
رجع شاهر بظهره للخلف قائلاً بهدوء :” عرفتي هتعملى أيه يا صفاء !؟”
لوت تلك السيدة فمها في ضيق و التي كانت ترتدى ثياب فاخره و لكنها خليعه قائله بدلال :” ما قولنا بلاش صفاء دي يا شاهر بيه ، قولي يا صافي ”
ضحك بسخريه قبل أن يتحدث بـ :” طيب يا صافي ، في ناس دلوني عليكِ و قالولى إنك بتساعديهم في الموضوع ده !”
عقدت حاجبيها بخوف قائله بتوتر :” ناس .. ناس مين دي !؟”
نظر شاهر إلي صديقه الذى تحدث قائلاً بهدوء :” ماتخافيش يا ساتتي. دول الناس اللي كانوا تحت كامل .. أكيد عارفه مين كامل !”
” اه طبعاً عارفاه ، بس امُال مخفي فين هو بقاله كتير مجاش !”
ضحك بسخريه معلقاً بـ :” سافر .. كامل سافر خلاص !”
” شوف الراجل و مقاليش حتى !”
” سيبك منه دلوقت لأن خلاص مش هتشوفيه تانى .. ماأنفعش أنا بداله و لا أيه !؟”
أطلقت ضحكه خليعه و هي تضرب بكفها على صدره قائله :” لا و الله دمك شربات يا اسمك أيه ، و شكل هيبقي بينا شغل كتير .. و كتير أوى كمان ”
” تمام و أنا هبسطك ماتخفيش ، بس قوليلي هتعرفي تجيبيلنا حاجه نضيفه زي ماقولتلك !؟”
” عيب عليك يا باشا أنا كل اللي بجيبهم حاجات نضيفة ”
تدخل شهاب قائلاً :” بس سماح قالتلنا إنك كنتِ بتعرضي و اللي بتوافق بتاخديها !”
” الله .. امُال يعنى أجيبهم غصب ”
و تابعت بدلال و هي تتفحص شاهر :” ده حتى الشغل ده بالذات لازم يكون بالرضي و القبول ، مش كده يا شاهر !؟”
أقترب شاهر بوجهه منها قائلاً بثبات :” اللي توافق على شغل زي ده تبقي مش تمام من الأخر ، و أنا بقولك عاوز حاجه نضيفه ، و تعملي اللي قولتلك عليه تمام !”
ابتعدت صافي قليلاً و لوت فمها بضيق قائله :” بس الموضوع ده ممكن يبقي خِطر عليا أنا !”
تبادل كلاً من شاهر و شهاب النظرات ثم تحدث شهاب قائلاً :” ماتخافيش أنتِ بس هتعملى أول حاجه و الباقي علينا ”
وقفت صافى و فكرت للحظات قبل أن تقول :” بس كده هاخد الضعف على الواحدة متفقين !”
وقف شاهر الأخر و حرك رأسه بالموافقة قائلاً بثبات :” باين عليكِ طماعه ، بس متفقين ”
ثم ألتفت ناحية شهاب و أنجيلا التي لم تنطق بكلمه واحده و أشار لهم قائلاً :” يلا بينا !”
خرج ثلاثتهم من المكان و ركبوا السيارة و أنطلق شهاب و هو من يقودها بينما ركب كلاً من شاهر و أنجيلا بالمقعد الخلفي
ألتفت شاهر برأسه ناحية أنجيلا و عقد حاجبيه متسائلاً :” مالك ، يعنى مافتحتيش بوءك طول القعدة !؟”
عقدت ذراعيها أمام صدرها و أشاحت بوجهها ناحية الطريق قائله باقتضاب :” مُش فيه هاجه !”
كان شهاب يختلس النظرات من خلال المرآه الأمامية ، بينما قبض شاهر على ذراعها ليجبرها على النظر إليه قائلاً بغضب :” لمَ اسألك مالك تردى ، أنتِ شغالة عندي و مش مشغلك عشان أسمع سكوتك ، عاوز أعرف ردك !”
جذبت ذراعها قائله :” أنا مُش يستريح لي اسمها صافي دي !”
أعتدل شاهر في حلسته قائلاً بهدوء :” ماتخافيش أنا اللي بيفكر يلعب بديله معايا هيبقي أخر يوم في عمره !”
عقدت حاجبيها بعدم فهم هاتفه :” أنا مُش يفهم كلام شاهر ، أنت يقصد أيه !”
لمعت عينيه بمكر و أبتسم و هو ينظر إلي صديقه من خلال المرآه الذي بادله الابتسام قائلاً بثبات :” مش مهم تفهمى يا حبيبتي خلاص !”
…………………….
وصلت فاطمة إلي شقتها و بمجرد أن دخلت حتى وجدت ابنتيها تخرجان من المطبخ ، فعقدت حاجبيها متسائلة و هي تخلع حذائها :” أيه يا سمرا يعنى جيتي بدرى !؟”
عقدت ذراعيها أمام صدرها قائله:” مش قولنا بلاش شغل يا امه ، و أتاري بتروحى من ورايا و تشتغلى في البيوت !”
أنهت خلع حذائها و اتجهت لتحلس على الأريكة و هي تُزيل حجابها و تتنفس بهدوء :” الدنيا حر أوى النهارده و الدنيا زحمه !”
اقتربت لتجلس بجوار والدتها معلقه بـ :” ماتغيريش الموضوع يا ماما ، بتروحى تنضفي في البيوت و كمان من ورايا !”
صاحت فاطمه بضيق قائله :” اه بروح ، مش أحسن ما نمد أيدينا للناس و نقول لله ، ناكل من تعبنا أحسن ، و بعدين ما أنا مابروحش بقالي شهرين لست حسناء ، و الست لقـ,ـتلى شغل احسن و أريح و بفلوس أكتر أقول لا أنا و أرفس النعمة !”
لم تُجيب سمرا أكتفت بأغلاق عيناها بآسي ، فتابعت فاطمه كلامها بـ :” و بعدين يعنى جيتي بدري أنتِ !؟”
” صاحب المحل مشاني من الشغل ”
شهقت فاطمة متسائلة :” ليه مشاكي ليه !؟”
” عشان غبت يومين الأسبوع ده ، و هو شكله متلكك من الأول عشان يمشيني ”
” و تقوليلي بلاش أشتغل ، كنا هنعمل أيه يا ختي دلوقت !؟”
صاحت سمرا بغضب يشوبه الحزن قائلة :” خلاص يـــــا امه اقصه ، دورت النهارده على شغل و بكرة من الصُبحية هنزل أدور تانى و تالت لحد ما ألاقي ”
و دخلت إلي غرفتها بسرعه دون أن تنتظر رد أمها ، بينما هزت فاطمه رأسها بقلة حيلة ، فاقتربت منها آلاء قائلة :” على فكرة يا ماما سمرا زعلانه أوى و كانت بتعيط ، و مع كده عملنا الأكل سوا أنا و هي ”
مسحت على كتف آلاء في حنو ، ثم اتجهت إلي غرفة سمرا و دخلت لتجدها متكومة على الفراش و تبكي بحسره ، فاقتربت منها و حضنتها بقوه و مسحت على ظهرها قائله بآسي :” حقك عليا يا بنتي .. أنا زعقت فيكِ من الغُلب اللي أحنا فيه ”
دفنت وجهها في حضن والدتها ، حتى شعرت فاطمه بعبراتها تلهب عنقها ، قائله من بين عبراتها :” و أنا كمان أسفه با امه ، بس غصب عنى مش عايزة أتعبك و أنتِ اللي فيكي مكفيكِ !”
أبعدتها من حضنها و أمسكت وجهها بين كفيها لتجفف عبراتها بابهاميها قائلة :” يا عبيطة أنا أمك اللي المفروض تتعب عشانكم ، يعنى لو ماكنتش هتعب عشانكم هتعب عشان مين ، و بعدين بلاش الدموع دي عشان بتوجعني أوى و بعدين العينين الحلوة دي مش لازم تعيط سامعة !”
ضحكت سمرا من بين عبراتها ، فابتسمت فاطمة متابعة :” و لا أنتِ ناسيه كلامك إن أحنا أقويه و هنحارب سوا ، و لا تكوني رجعتي في كلامك !”
كادت سمرا أن تتكلم حتى أوقفتهم جملة آلاء التي كانت تقف عند الباب قائله :” و النبي بلاش الجو ده دلوقت لحسن الواحد واقع من الجوع !”
ضحكت كلتاهما على جملة آلاء ، بينما وقفت فاطمه و جذبت ذراع سمرا قائله :” يلا قومي بدل البت ما تخلص على الأكل و منلاقيش حاجه ناكلها أنا و أنتِ ”
وقفت سمرا قائلة بضحك و هي تتحه للخارج برفقة والدتها :” معاكِ حق يا امه ، دي ممكن تاكلنا أحنا ”
لوت آلاء فمها في ضيق قائله :” ليه بقي إن شاء الله ، ماتنسيش يا سمرا إن أنا و أنتِ اللي عاملين الأكل سوا !”
أجبرت سمرا و الدتها على الجلوس على الأريكة قائله قبل أن تتجه إلي المطبخ :” استريحي أنتِ هنا يا ست الحبايب و خمس دقايق و هكون غرفت الأكل ، ده أنا عملالك بصارة إنما أيه تاكلي صوابعك وراها .
و دخلت إلي المطبخ بينما ألتفتت آلاء إلى والدتها قائله بخفوت :” على فكره يا ماما أنا اللي عملاها مش هي ”
ضحكت فاطمه و احتضنتها بقوة و قبّلت رأسها ، بينما أتاهم صوت سمرا صائحة بمرح :” سمعاكِ على فكرة يا اللي عملتي الأكل لوحدك أنتِ ، و بدل ما بترغى مع ماما ، تعالى حولي الأكل معايا يا لولو !
أشارت فاطمة ناحية المطبخ و هي تقول لآلاء :” يلا على المطبخ عشان نساعد سمرا يلا ”
وقفت آلاء و نفخت بضيق قائله بتذمر قبل أن تتجه إلي المطبخ :” يـــــوه ، هو مافيش غير آلاء في البيت ده !”
” يلا يا بت ساعدي أختك ”
دخلت آلاء إلى المطبخ لمساعدة أختها بتجهيز الطعام ، بينما رفعت فاطمه يدها داعيه :” يا رب ماتحرمنيش من واحده فيهم و لا تخليني أشوف أذي فيهم ، كفاية إني اتحرمت من أول بنت ليا أول ما أتولدت !”
…………………..
بأحد المقاهي الفاخرة ،،،
جلس عامر قبالة صديقه جلال و هو ينظر إلى النيل و شارد تماماً .
ظل جلال يحرك يده أمام صديقه صائحاً :” هييي يا عم أنت أنا بكلمك ، الو .. عــــــامر !
ألتفت إلي صديقه قائلاً بهدوء :” بتقول حاجه !”
ضرب كفاً بكف معلقاً بـ :” لا ده أنت مش معايا خااالص ، مالك يا صاحبي بتفكر في أيه !”
تنهد عامر في آسي و رجع بظهره للخلف قائلاً :” مريم بنتي وحشتني أوى كمان أسبوع و هتكمل سنتين ، من ساعة ما اطلقنا أنا و نورهان و أنا مش عارف أشوفها براحتي ، و اللي زاد و غطى إنها سافرت عشان شغلها و خدت مريم معاها ”
” طيب ما تتجوز يا صاحبي و خلف و عيش حياتك أنت لسه شباب ، يا بنى أنت لسه تلاتين سنه هتفضل قاعد من غير جواز”
نظر عامر ناحية الماء قائلاً بشرود :” خايف يتكرر اللي حصل و تبقي مشاكل بينا و توصل لطلاق مرة تانية ”
” يا عامر اللي سبب طلاقك المرة اللي فاتت إن نورهان ماكانتش متقبله طبيعة شغلك ”
” طيب ما أنت كمان بتتخانق مع مراتك بسبب شغلك ”
“هههههه مين قالك كده بقي ! ، أنا و ناديه معظم خناقتنا على حاجات تافهة العيال و الطلبات و.. و .. ”
ثم تابع جلال باهتمام :” أيه رأيك بقي إني لقيتلك عروسة لقطة و هتتقبل شغلك كمان !”
ألتفت عامر ناحيته و أبتسم بتهكم معلقاً بـ :” و دي مين بقي إن شاء الله !؟”
” نجلاء أخت نادية مراتي ، متخرجه من كلية أداب و عندها خمسه و عشرين سنه و بنت زي العسل كانت مخطوبه و أتكتب كتابها و ماحصلش نصيب و أطلقت قبل الفرح ، أيه رأيك بقي !”
ألتفت عامر ناحية الماء مره أخرى و حرك رأسه بالموافقة قائلاً بهدوء :” أبقي أفكر ”
…………………………
بـ قصر شاهر ،،،
وقف شاهر قبالة شهاب و أنجيلا قائلاً بهدوء :” دلوقت أنا عندي فكرة غير اللي كان ماشي عليها كامل خالص ”
حك شهاب ذقنه قائلاً بتركيز :” و أيه هي دي !؟”
جلس شاهر على أحدى المقاعد و تناول كأس الخمر من جواره قائلاً :” كامل كان بيخلى البنات في النايت كلّب ، أنا روحت و شوفت المكان بنفسي ، و دي هيبقي فيه خطر علينا لأن أي حد ممكن يبلغ عن المكان و يقفلوه لأن بتحصل فيه أعمال مشبوهة ”
وضعت أنجيلا ساق فوق ساق قائله بتركيز :” بس فين أحنا بنخبي بنات ، مش تنسي إن الـ night club باسم مستر ديفيد ، و هو بس يقدر يقول فين أنت تخلى بنات !”
أبتسم شاهر بمكر قائلاً بهدوء :” أكيد أنا مش ناسي ده ، أنا هخلى البنات في القصر هنا ، بس في الجزء الخلفي للقصر ، و أنتِ يا أنجيلا تتصلي حالاً بـ بيبرس و تقوليله كده !”
وقفت مبتسمة قائلة بلهجة أجنبية قبل أن ترحل :” حسناً مستر شاهر ، سأتصل به ”
ظلت عينان شهاب تتابعانها حتى اختفت ، ثم ألتفت ناحية شاهر قائلاً بابتسامة :” جامده أوى البت دي ”
ضحك شاهر قائلاً بخبث :” طيب خلى بالك أنت ، و ركز معايا عشان تعرف دورك أيه بالظبط !”
ضحك شاهر و مال بجذعه ليستند بمرفقه على ركبتيه و مال قليلاً قائلاً بتركيز :” قول يا صاحبي ”
………………
بـ الحارة ،،،
لمح جمال سمرا و هي تخرج من المنزل على عجاله من أمرها ، فلحق بها قائلاً :” سمرا .. سمرا أستني عاوزك ”
وقفت و هي تعقد ذراعيها أمام صدرها قائله بـ ضيق:” نعم .. عاوز أيه يا جمال !؟”
” أيه يا بت بتكلمي من طرف مناخيرك كده ليه ، ده أنا خطيبك !”
ضحكت سمرا بسخريه معلقه بـ :” طيب و بعدين عاوز أيه يا خطيبي !؟”
خبطها بمرفقه في ذراعها قائلاً بابتسامة :” جرا أيه يا بت ، ده أنتِ الحته الشمال يا قلبي !”
لوت فمها بتهكم بعد أن فكت انعقاد ذراعيها قائلة :” و أنا لا عايزة أبقي الحته الشمال و لا اليمين !”
عقد جمال حاجبيه متسائلاً :” يعنى أيه يا بت الكلام ده ، ده أنا كنت هجيب الحاجه و نجيلكم النهارده عشان نتفق على الفرح ”
ضحكت بسخرية و رفعت يدها لتسحب دبلتها من يدها اليمين ، و أمسكت كف جمال لتضع الدبلة به قائلة :” وفر على أمك المشوار ، دي دبلتك و كل واحد منا في طريق !”
نظر بصدمة إلى الدبلة التي وضعتها بكفه ثم رفع وجهه ناحيتها قائلاً بغضب :” أنتِ أتجننتى يا سمرا ، قد كلامك ده !”
ضحكت بسخرية و ألتفت لترحل قائلة :” اه و متأكدة من قراري ده أوى ، و كده استريحت ، ما اعطلكش أنا !”
هَمت لتسير و لكنها سمعت صوت جمال يصيح بغضب حتى سمعه باقي سكان الحارة :” ماشي يا سمرا .. بشوقك ، بس مش أنا اللي تلبسيني العمة و تشوفيلك شوفه تانية ، مـــــاشي يا سمرا ، ماشي !”
ظل سكان الحى يطلقون الهمسات و الهمهمات ، بينما ألتفت سمرا لترمقه بغضب و رحلت !
ظلت طيلة النهار تسير على قدميها لتبحث عن عمل ، و أخيراً أحدي محلات الملابس ، فاتجهت للداخل لتجد شاب مولياً إياها ظهره ، فاقتربت و سعلت بهدوء منه متسائلة :” لو سمحت انتم طالبين واحده هنا تشتغل ، أنا جاية اسأل عن الشغل ده ”
ألتفت إليها الشاب و ترك ما كان يرصصه و ظل يتفحصها بفظاظة من أعلاها لقدميها و هو يحك ذقنه قائلاً بهدوء :” ماشي تمام يا .. امُال الحلوة أسمها أيه !؟”
ارتعدت سمرا من نظراته المتفحصة وتراجعت عدة خطوات للخلف قائلة بخوف :” أنا سمرا ”
أبتسم قائلاً و هو يمد كفه ناحيتها ليصافحها :” جميل أسم سمرا ده ، و أنا على ”
مدت يدها المرتعشة و بمجرد أن لمست كفه سحبتها سريعاً
شعر هو بهذا فضحك بمكر قائلاً :” طيب تمام يا سمرا .. تيجى نبدأ من بكره و هديكِ خُمسمية ( 500 ) في الشهر أتفقنا !” هزت بالموافقة قائلة بهدوء :” تمام من بكره هاجى ، بس من الساعة كام لكام !؟”
” و الله أنا اللي محتاجها من العصر لحد عشره بالليل !”
عقدت حاجبيها قائله بتوتر :” بس .. بس مش عشره متأخر أوي !”
لوى فمه في ضيق و أتجه ليقف خلف المكتب قائلاً :” ده المعاد اللي أنا محتاج فيه حد ، لأن الصبح في واحدة بتيجي ، و غير كده أحنا في الصيف يعنى عشره مش متأخر و لا حاجه !”
حركت رأسها بالموافقة قائلة قبل أن ترحل :” طيب تمام بكره هاجى على الساعة تمام ، مع السلامة !”
رحلت سمرا تحت نظراته المتفحصة ، ثم جلس على المقعد و أسند ذراعه على المكتب و حك ذقنه قائلاً بخبث :” لا البنت جامده فعلاً ، هستناك يا جميل”
………..
أنهت فاطمه تنظيف القطع الزجاجية بالمنزل الذى تعمل به ، و اتجهت نحو المطبخ لغسل الأطباق و ما أن بدأت بتنظيفها حتى سمعت صوت رجل كبير في السن ينادى بضعف :” سناء .. يا سناء أنتِ فين !”
جففت كلتا يديها و اتجهت خارج المطبخ لتسمع صوته ينادى مرةً أخرى و لكنها تعلم أن سناء لم تأتى إلى الآن ، فصعدت هي وما أن وصلت إلى الطابق الثاني و هي تسمع ندائه ، فأجابت بـ :” حاضر جاية أهو يا بيه !”
توجهت نحو الغرفة الذ يأتي منها الصوت و كان بابها مفتوح حتى تسمرت مكانها قائلة :” …………..!

……………………………………………..

انت في الصفحة 3 من 5 صفحات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
0

أنت تستخدم إضافة Adblock

انت تستخدم اضافة حجب الاعلانات من فضلك تصفح الموقع من متصفح اخر من موبايلك حتي تقوم بتصفح الموقع بشكل كامل