
الفصل الرابع
توجهت فاطمه نحو الغرفه الذ يأتى منها الصوت و كان بابها مفتوح و لكن سرعان ما تسمرت مكانها قائله بشفاه مرتعشه :” حـ.. حسن !”
حدق الرجل الكبير الذى كان يجلس على كرسي متحرك بها مصدوم تماماً قائلاً بعدم تصديق ” فـ.. فلطمه ، أنتِ بتعملى أيه هنا !؟”
نظرت إليه بأشمئزاز و حزن حتى ذرفت العبرات من عيناها قائله بآسي :” للأسف من وسط البيوت كلها مالقتش غير أنجس بيت و أجي أشتغل فيه ، حرام عليك اللى عملته فيا أنت و أهلك حرام ”
أخفض رأسه في خزي قائلاً بندم :” و أهو ربنا خدلك حقك منى !”
هزت رأسها بالنفي هاتفه :” حقي عمره مايخلص منك غير لمَ تموت ، زى ما قتـ,ـلتوا بنتى زمان و رميتونى في الشارع ”
صاح باكياً بآسي :” ماكنتش ماتت مكانتش ماتت .. أحنا كدبنا عليكِ و خدناها ، أزاى هيجيلى قلب أقـ,ـتل بنتى أزاااااى !”
امتلئ وجهها بالعبرات و أقتربت منه لتجلس على ركبتيها قائله برجاء :” أبوس أيدك خلينى أشوفها .. خلينى أشوفها و أنا مسامحه على كل اللي عملتوه بس أشوفها حتى لو من بعيد ، ابوس رجليك يا حسن خلينى أشوف بنتى !”
أنهمرت العبرات على وجنتاه و هو يحرك رأسه بألم قائلاً :” للأسف .. للأسف ماتـ.. ماتت من تلت سنين ”
” لا لا لا أنت بتكدب عليا زى زمان .. أنت بتكدب ، حرام عليك خلينى أشوفها ”
” والله ماتت من تلت سنين ، ماتت .. كان .. كان عندها مرض خبيث و سافرنا بيها علشان تتعالج و للأسف مانفعش فمـ. فماتت ”
أطلقت فاطمه صرخه دوت في جميع أرجاء المنزل حتى كادت تصمها و جلست أرضاً قائله بنحيب :” اه يابنتى اااه .. خلونى أحس بموتك مرتين ، اااه ياكبدي ياحبة عينى ااااه ..آآ..”
مد حسن كفه ليضعه على كتفها قائلاً ببكاء :” أدعي ربنا يرحمها بدل ماتبكى عليها ”
” اااه يانى اااه ، بنتى ماتت من غير ما أشوفها ، من غير ما أتهنى عليها .. دا أنا ما اعرفش حتى اسمها .. و لا حتى شكلها ايه ، اااه يا نور عينيا يا بنتى ”
تحرك بكرسيه المتحرك قليلاً إلي خزانة ملابسه و فتحها ليخرج صندوق خشبي أخذ منه شيئاً ما و تحرك ناحية فاطمه ماداً يده به قائلاً بحزن :” نسرين .. اسمها نسرين ، و دى صورتها ”
جذبت منه الصوره بغضب و وجهها ممتلئ بالعبرات و ظلت تتطلع إلى الصوره قائله بنحيب :” يا حبة عينى ياضنايا ، حرمونى منك اااه يابنتى ااه !”
و ضمت الصوره إلى صدرها لتحتضنها بقوه و وقفت لترحل هائمه .
بينما ظل حسن يبكى نحيباً قائلاً بآسي :” ربنا يرحمك يا نسرين يابنتى ، و تقدرى تسامحينى يا فاطمه على اللى عملته فيكِ زمان ”
………………………..
وصلت فاطمه إلى حارتها و هى على تلك الحاله حتى لم تسمع تحيات السيدات اللاتى يجلسن بالحاره ، حتى فاقت من شرودها على جملة جمال صائحاً :” يعنى يرضيكِ اللى عملته سمرا ده يا خالتى !”
رفعت وجهها ناحيته و نظرت إليه بعينان حمراوتين من كثرة البكاء و مازلت العبرات عالقه بأهدابها :” ها ..!”
” ها أيه يا خالتى بقولك شوفتى اللى عملته بنتك !”
لم تجيبه هى فقط أكملت سيرها نحو المنزل و دخلته و بقى جمال مكانه و هو يضرب كفاً بكف قائلاً :” هى مالها العيله دى قلبت فجاءه كده ”
……………….
دخلت فاطمه إلى شقتها و أغلقت الباب خلفها متوجها مباشرةً إلى غرفتها و لم تعى أي كلمه تفوهت بها ابنتيها .
تبادلت كلاً من سمرا و آلاء النظرات حتى تكلمت سمرا قائله :” هي مال أمك شكلها عايطه ”
هزت آلاء كتفها قائله :” و الله مش عارفه هى كانت نازله كويسه الصبح قبل ما تروح شغلها !”
” طيب يا لولو خليكِ أنتِ هنا و أنا هدخل أشوفها ”
حركت آلاء رأسها بالموافقه ، بينما توجهت سمرا إلى غرفة والدتها و جلست بجوارها قائله بهدوء :” ماما .. ماما ياحبيبتى أنا لقيت شغل !”
أكتفت بتحريك رأسها و وضعت رأسها على الوساده و أغمضت عيناها ، بينما مسحت سمرا على شعر والدتها قائله بهدوء :” برضو مش هتقوليلي أيه اللى مزعلك يا طمطم يا حبيبتى ”
كانت تبكى بكاءً مكتوماً و تتنهد بآسي و أكتفت بتحريك رأسها بالنفي .
أشفقت سمرا على حال والدتها و أحتضنتها قائله :” يامه ردى عليا علشان خاطرى يا حبيبتى ، قوليلي فيكِ أيه ”
لم يأتيها أى رد فقط تسمع بكائها المكتوم ، فتنهدت بآسي متابعه :” طيب قومى يامه ناكل سوا ، أنا و آلاء مستنيينك قومى يلا !”
حركت رأسها بالرفض و خرج صوتها ضعيفاً و هى تجيب :” كلوا أنتوا أنا ماليش نفس ، و ياريت تسيبونى لوحدى النهارده ، و خدى آلاء تنام معاكِ ”
لم تشأ سمرا أن تضغط على والدتها أكثر من هذا ، فحركت رأسها بالموافقه و أتجهت خارج الغرفه
………………………………..
بعد عدة أيام..
بقصر شاهر ،،،،
مدت تلك الفتاه يديها المرتعشه ناحية شاهر قائله ببكاء :” دول اللى معايا و الله ، بس أبوس أيدك يا بيه أدينى الفيديو و خلينى أمشي .. الله يسترها معاك بلاش تفضحنى ..”
ضحك شاهر و هو ينظر إلى النقود التى بيدها ، ثم وضع كلتا يديه في جيب بنطاله و هو يحدق بها قائلاً بثبات :” شيلي يا ماما الفلوس دى مين قالك إننا عايزين فلوس!”
نظرت إليه بأعين باكيه ، ثم مالت و أمسكت يده و قبّلتها قائله برجاء مصحوب بالبكاء :” ابوس أيدك سيبنى في حالى ، أنا معرفش حاجه عن اللى فى الفيديو غير إن أنا اللى فيه ، بس أزاى حصل ماعرفش ، أبوس أيدك يا باشا ادينى الفيديو و سيبنى أمشي أنا بنت ناس ماليش في البهدله دى”
في هذه اللحظه دخل شهاب و بمجرد أن رأته الفتاه حتى هجمت عليه صارخه و هي تضربه :” أنت يا زباله يا *** أنت اللى معايا في الفيديو ، تعرفنى منين أنت و أزاي .. أزاى تتصور معايا بالشكل ده !”
أزاحها حتى سقطت أرضاً و هى تبكى بشده و بنحيب ، فحرك شاهر رأسه بآسي مزيف ، و مال ناحيتها قائلاً بهدوء :” تؤ تؤ تؤ .. مالكش حق يا شهاب توقع البت بالشكل ده … أخس عليك !”
ثم أسندها لتقف قائلاً بهدوء :” قومى ماتخفيش خلاص ، وعد منى محدش هيشوف الفيديو خالص كويس كده ياستى !”
أبتسمت من بين عبراتها قائله بعدم تصديق :” بجد .. أنت بتتكلم جد الله يكرمك !”
” أنا كلمتى واحده ، طالما قولتلك كده يبقي متزوديش على كلامى !”
مالت لتّقبل يداه قائله بفرحه :” الله يكرمك و يسترها عليك أنا لو أهلى عرفوا هيقـ,ـتلونى ”
سحب يده و أولاه ظهره متابعاً بوضاعه :” و أنا مايهنش عليا موتك محدش هيعرف عن الفيديو حاجه لو نفذتى اللى هنقولك عليه !”
عقدت حاجبيها متسائله بتوتر :” طـ.. طب أنتوا عايزين .. أيه !؟”
ألتف شاهر ناحيتها و ظل يتفحصها بوقاحه قائلاً و هو يحك ذقنه :” هتشتغلنى معانا و هتاخدى فلوس كتير مقابل إنك *** بس تبسطى الزباين منك و تسمعى الكلام ، غير كده الفيديو هيتنشر و مصر كلها هتشوفه !”
شهقت و هى تضع كفها على فمها و كادت أن تخرج عيناها من قلتيها ، ثم هجمت على شاهر بغضب صائحه ببكاء و هى تحاول ضربه :” اه يا ولاد الكلب يا *** ”
و رفعت كفها لتصفعه ، و لكن قبل أن تفعلها كانت يده هو الأسرع حيث صفعها بقوه أسقطتها أرضاً صائحاً بغضب :” أنا أمحيكِ قبل ما تفكرى تعمليها …. سااااامعه !”
ظلت تبكى و هى على الأرضيه و تضع كفها على وجنتها قائله :” أنا مش هسكت ، أنا هبلغ عنكوا فاكرينى هسكت ”
ضحك بسخريه معلقاً :” أبقي شوفي مين هيرحمك منى ، ساعتها مش الفيديو اللى هيتنشر ، لأ أنا اللى هجيبك لو فى السجن نفسه و يبقي أخر يوم فى عمرك على أيديا !”
ثم أشار إلى شهاب قائلاً :” خدها أرميها مع البنات تحت ، و دى ماتشوفش الشارع تانى ”
سحبها شهاب وسط صرخاتها و رجاءها دون أن تهتز لهم شعره واحده أو يرمش له جفن .
……………………………………..
بشقة جلال ،،،،
أبتسم جلال موجهاً حديثه لكلاً من عامر و نجلاء قبل أن يقف و يتجه للخارج :” طيب أقوم أنا و أسيبكوا سوا تتكلموا براحتكوا و هروح أشوف المدام ”
حرك عامر رأسه بالموافقه ، و ما أن خرج جلال حتى ألتفت عامر ناحية تلك الفتاه البيضاء التى كانت تفرك كلتا يديها بتوتر فسعل بهدوء قائلاً :” أزيك يا أنسه نجلاء ”
رفعت وجهها ناحيته قائله بأبتسامه رقيقه :” الحمد لله و حضرتك !”
ضحك معلقاً :” لا أيه حضرتك أيه ، هو جلال مقالكيش أنا جاى ليه و لا أيه !؟”
أبتسمت بخجل و أخفضت رأسها قائله بخفوت :” لأ قالي ”
” طيب على العموم أحب أقولك نبذه بسيطه عن نفسي كده ، أنا يا ستى اسمى عامر العطار .. اهلى عايشين في قنا و أنا عايش هنا لوحدى فى القاهره ماشي فى الواحد و تلاتين سنه ، اتجوزت مره من حوالى أربع سنين و ماتوفقتش و اطلقنا ، عندى بنوته زى العسل اسمها مريم عندها سنتين ، طبعاً لمَ أطلقت أنا و والدة مريم هى خدتها و سافرت علشان بتشتغل بره مصر .. ها ياستى عايزه تعرفى حاجه تانى عنى !؟”
” ها ، لا كفايه أوى كده ”
أبتسم ثم وقف و أتجه ليجلس على المقعد المجوار لها قائلاً بهدوء :” و أنتِ بقي … أنا عايز أعرف حاجات عنك !”
أبتسمت قائله بخفوت دون أن تنظر إلى عيناه :” أنا اسمى نجلاء ، عندى خمسه و عشرين سنه خريجة آداب قسم أنجليزى ، بشتغل مُدرسه بمدرسه ابتدائى ، كنت مخطوبه و كتبنا الكتاب بس ماحصلش نصيب ”
” ليه بقي ما حصلش نصيب !”
رفعت وجهها لتنظر له و هى عاقده حاجبيها متسائله :” أيه اللى ليه ماحصلش نصيب !”
” لأ ما أقصدش طبعاً ، أقصد يعنى أختلفتوا على أيه ، أو يعنى أيه اللى وقف الجواز غير مفيش نصيب ، الأسباب يعنى !؟”
أجابت بضيق :” أظن دى حاجه تخصنى مفيش داعى إنى أذكرها ، كمان أنا مسألتكش على أسباب طلاقك ”
” لأ على فكره أنتِ غلطانه ، طالما هنرتبط يبقي أسباب أنفصالك دى تخصنى كمان ، و أنا سألتك لو عايزه تعرفى حاجه تانى و لا لأ !”
وقفت قائله بأقتضاب :” بس أنا حابه أحتفظ بالأسباب لنفسي ، عن أذنك يا حضرة الظابط ”
خرجت نجلاء بينما ظل عامر بمكانه و هو لا يفقه شيئاً مما أزعجها إلى هذا الحد ، و ما هى إلا لحظات حتى دخل جلال و جلس بجواره متسائلاً :” هو أيه اللى حصل ياعم ، البنت طالعه برا مضايقه ، شكلك قولتلها كلمه من كلامك الدبش أنا عارفك ”
” أسكت ياعم و أفصل شويه ، أنا كل اللى عملته سألتها عن سبب أنفصالها الأول و هى مارضيتش تقول … بس كده !”
لوى جلال فمه و قال و هو يحك ذقنه :” و الله اللى أعرفه إن الموضوع ده بيضايق نجلاء ، بس السبب أيه الله و أعلم ! ”
ثم وضع ذراعه حول كتف عامر متابعاً بمزاح :” ماتخفش يا باشا هسألك المدام و أعرفلك الموضوع ”
رفع عامر أحد حاجبيه قائلاً في قرارة نفسه :” في حاجه مش مظبوطه ”
ضربه على كتفه قائلاً :” أنت حتى فى بيتى جاى تسرح يا عم !”
” ها … لا ابداً أنا معاك أهو ”
……………………………………
وقفت سمرا تضع الملابس على المانيكان ، بينما أقترب منها علي بدرجه ضايقتها و أمسك الملابس و يدها معاً قائلاً :” لأ لأ.. ده بيتعمل كده ”
سحبت يديها و أبتعدت عدة خطوات قائله بتوتر :” اتفضل حضرتك أعمله بنفسك !”
رفع أحد حاجبيه و مد يده ليمسك يدها و قربها قائلاً :” لأ ما أنتِ لازم تقربي علشان تعرفي و تتعلمى و تبقي تفكى المانيكان و تلبسيه بنفسك بعد كده ”
أنقذ سمرا من هذا الموقف دخول أحدى السيدات فتوجهت ناحيتها سريعاً ، و ظلت تطيل معها الكلام ، بينما أستند علي بظهره على الجدار و نفخ بضيق قائلاً بخفوت :” اتهربي براحتك يا سمرا بس مسيرك توقعى ، بقالك أسبوع بتعملي الجو ده !”
ثم لمعت عيناه بخبث و هو ينظر ناحية المخزن و ظل ينتظر رحيل المرأه .
…………………………………
بـ الحاره ،
ظلت فاطمه بغرفتها طيلة الأيام السابقه و لم تخرج منها ، و ظلت ترتدى ملابس سوداء و تبكى لساعات طوال ، و عندما تسألها أي من بناتها عن السبب تتهرب منهن بالتعب و تطلب المكوث لوحدها
تنهدت بآسي و العبرات تنساب على وجنتيها و هى تحدق بتلك الصوره قائله بمراره :” لو كان زمانك عايشه يا ضنايا كان زمان عندك أتنين و تلاتين سنه .. اااه يا نور عينى اااه ، أتحرمت من حضنك !”
ثم أحتضنت الصوره متابعه :” كنت عارفه إنك شبهي أوى كده ، نفس سمارى و لون عينى و شعرى ، وأنتِ و سمرا كأنكوا فوله و أتقسمت نصين …!”
….
جلس شاهر قبالة صافي قائلاً بهدوء :” هو أنتِ قولتى لأخر بنت إنها لو دفعت فلوس هسيبها ليه !؟”
لوت صافى فمها بتهكم قبل أن تجيب بـ :” الله معرفتش أرد على البنت .. سيبك أنت الخطه بتاعتك دى عاليه أوى ، أنت مخك حلو أوى !”
أبتسم بسخريه معلقاً بـ :” بس ياريت تكونى ماشيه عليها أنتِ و شادى !”
” يا باشا أنا حاطه كاميرا في البروفه زى ما أنت أمرت و شادى بيشوفها لو عجبته بيدينى الأشاره ، و أنا بقدملها عصير فى منوم و بنشيلها على الأوضه الجوه و شادى يكمل المطلوب و يصورها ، و البنت بتفوق تلاقي نفسها على الكنبه هنا و أنا باخد رقمها و أكلمها و أتفق معاها إنها تقابلكوا ، و الباقي عليكوا أنتوا أنا ماليش دخل .. كده أنا في السليم حتى البنت نفسها مابتعرفش إن ليا دخل لأن الأوضه اللى جوه دى محدش يعرف عنها حاجه !”
ألتفت شاهر ناحية شادى قائلاً بهدوء :” بس شادى طلع طوءه حلو أهو و بينقي حاجات نضيفه !”
:” نـــعم جرا أيه يا أستاذ شاهر أنا كل زباينى حاجه نضيفه الله !”
قالتها صافى و هى تشهق
بينما أبتسم شاهر بسخريه معلقاً بـ :” أشك في كده الصراحه !”
أطلقت هى ضحكه خليعه ، بينما ضحك شادى قائلاً :” و الله حاجات جامده بتجيلها أنا أشهد بكده ، دا أنا ببقي ماسك نفسي بالعافيه عنهم و أنا بصورهم ههههه !”
ضحك شاهر قائلاً :” لا يا أستاذ تمسك نفسك أحنا عايزين حاجات زيرو .. فاهمنى طبعاً ههههه !”
” أكيد فاهمك يا صاحبي ههههه !”
أشعلت صافي سيجاره و وضعت ساقاً فوق ساق حتى ظهرت قدميها الممتلئه من الستره التى كانت بالكات تصل إلى ركبتيها و نفثت دخان السيجاره بطريقه مثيره قبل أن تقول :” بقولك أيه يا باشا .. أنا هجيب واحده تساعدنى فى المحل هنا !”
عقد شاهر حاجبيه مستفسراً :” يعنى أيه عايزه تجيبي واحده ! ، أنتِ عايزه تودينا فى داهيه !”
” لا يا باشا ماتخفش ، أنا هشوف أى واحده تكون فقيره تيجي تنضف المحل و كده يعنى ، و ماتخفش ملهاش أى علاقه بشغلنا ”
” طيب ، بس لو شوفت غلطه بسيطه هضيعك فاهمه !”
لوت فمها بضيق و هى تسحب نفساً أخر من السيجاره قائلاً بأقتضاب :” خلاص فهمت هى كيميا !”
….
رحلت السيده بعد أن أشترت بعض الملابس من سمرا ، و ألتفتت هى لتجده يستند بظهره على الجدار فنفخت بضيق قائله فى قرارة نفسها :” ده هيفضل لازقلى كده !”
و تحدث قائله له بأقتضاب :” هو أنت معندكش مشاغل تانى يا أستاذ على ، و أطمن أنا واخده بالى من المحل و عرفت كل حاجه كمان ماتشيلش هم أنت ”
حرك رأسه بالموافقه قائلاً بهدوء :” طيب أنا همشي دلوقت بس عايزك تطلعى البضاعه اللى فى المخزن جوه !”
عقدت حاجبيها قائله :” النهارجه ! .. بس المحل ما شاء الله مليان و متكس و مش محتاج ”
أقترب قائلاً :” زى ما قولتلك البضاعه تطلع النهارد ، و أنا ماشي دلوقت سلام يا جميل !”
و بالفعل توجه ناحية المكتب و تناول متعلقاته الشخصيه و هَم بالرحيل
ظلت عينى سمرا مثبته عليه حتى خرج من المحل و تنفست براحه قائله :” غور كده جاتك داهيه في شكلك !”
و أتجهت نحو المخزن قائله:” أما أشوف اللى ورايا أنا ”
دخلت إلي المخزن لتجد كم هائل من الصناديق الورقيه المغلقه بأحكام ، فلوت فمها بضيق و وضعت كفيها فى منتصف خصرها قائله :” منك لله يا شيخ هفك كل ده لوحدى شكلك ناوى تخلص عليا !”
ثم رفعت ذراعيها و شمرت أكمام البلوزه و توجهت ناحية الكرتونه الأولى و هَمت بفتحها قائله بحماس :” استعنا بالشقي على الله ”
و بالفعل تمكنت من تفريغ محتوايتها و توجهت ناحيتة الأخري و ما هى إلا لحظات حتى وجدت شخصاً ما يحتضنها من الخلف فشهقت و ألتفتت لتجده أمامها و ملامحه لا تحمل خيراً ابداً و حاولت أن تمرر هذا قائله بضيق :” يعنى حضرتك رجعت تانى يا أستاذ على نسيت حاجه و لا أيه !”
لم يجيبها ، فأتجهت ناحية الباب و لكن قبل أن تخرج و جدته يجذبها من ذراعها للداخل مرةً ثانيه ، فنظرت إليه بخوف متسائله :” هو .. هو في أيه ، أيه اللى حصل !
ألتف ليغلق باب المخزن بالمفتاح و نظر إليها و الشرر يتطاير من عينيه قائلاً :” فيه إن بقالك أسبوع مغلبانى معاكِ يا سمرا ”
كاد أن يقفز قلبها من بين ضلوعها فزعاً بعد هذه الجمله و أدركت أنها قد وقعت فى قبضة شيطان سوف يقضي عليها الآن لا مُحال .. لا مفر .. لا وسيله للهروب
أزدردت لعابها بخوف شديد و كانت ركبتيها ترتعشان و يصدر صوت من أصطكاك أسنانها ببعضها البعض و تراجعت عدة خطوات للخلف حتى ألتصقت بالجدار قائله بهلع :” ابوس أيدك يا بيه سيبنى أمشي و مش هتشوف وشي تانى ”
ضحك بسخريه معلقاً بـ :” اسيبك ! …. ضحكتينى و الله ، دا أنا بقالى أسبوع بحلم باللحظه دي !”
و هجم عليها بعنف ، بينما ظلت هى تصرخ محاوله الأفلات منه و لكن ما كان لصراخها أن يصل للخارج أبداً ..!
…………………………………..
بالحاره ،،،،
كان جمال يجلس على أحدى المقاعد الخشبيه بالقهوه و ينفث دخان ( الشيشه ) ، و لكن لمح رباب خارجه من حارتها ، فترك ذراع الشيشه سريعاً و لحق بها ، ليمسكها من ذراعها قائلاً :” استنى يا رباب عايزك في حاجه !”
سحبت هى ذراعها بغضب صائحه :” في أيه يا جدع أنت ، بتمسكنى ليه كده !؟ ”
” اهدى الله يخرب بيتك هتلمى علينا الناس !”
شهقت قائله بسخريه :” نعم يالدلعادى ناس مين اللى تتلم ، أنا لا ماشيه معاك و لا خارجه معاك أنت اللى جيت ورايا و وقفتنى !”
لوى فمه في سخريه قائله :” أيه يامه .. لوك لوك لوك ، بلاعه و أتفتحت !”
وضعت كفها فى وسط خصرها و شهقت قائله :” نعم ، لأ بقولك أيه تقف معووج و تتكلم عدل اه !”
” طيب طيب خلاص .. ماتعرفيش سمرا سابتنى ليه ، يعنى مقالتش قدامك على حاجه أو سبب يعنى !”
” و هتقولى ليه إن شاء الله ، قال يا داخل بين البيضه و قشرتها ما ينوبك إلا ظفارتها !”
رفع حاجبيه قائلاً بسخريه :” ظفارتها ! ، تصدقي إن أنا غلطان إنى واقف أتكلم مع واحده ظفره زيك !”
لوت فمها بتهكم قائله :” طيب لمَ أنا كده بتنادى عليا ليه بقي ، و لا هو رمى بلا و خلاص !”
فرك وجهه بكلتا يديه قائلاً بضيق :” يابت أنتِ أنا بتكلم معاكِ عدل و بسألك عن سمرا ”
” بت لمَ تبتك يا أخويا !”
أبتسم بسهريه قائلاً و هو يحاول أن يسيطر على غضبه :” طيب ياستى .. الحاجه سمرا لقيت شغل جديد و لا لأ !؟”
” اه لقيت بقالها أسبوع فيه ”
” طيب كملى جميلك و قوليلي فين !؟”
لوت فمها في ضيق و عدلت من وضعية حجابها قائله قبل أن ترحل :” معرفش ، و مانعطلكش يا زوء ، سلام !”
رحلت رباب ، بينما ظل جمال واقف بمكانه يلعن تلك الفتاه ذات اللسان البذئ .
…………………………………………….
بشقة جلال ،،،،
جلس جلال مع زوجته ناديه و طفليه التؤام مالك و ملك ذوات الأربع سنوات على طاولة الطعام
رفع وجهه لينظر إلى زوجته التى تجلس على يمينه قائلاً بهدوء :” كنت عايز اسألك عن حاجه كده !”
عقدت ناديه حاجبيها قائله بهدوء :” خير في أيه !؟”
” هى .. هى أختك نجلاء أتطلقت ليه أول مره أنا ما اعرفش لحد دلوقت !؟”
أبتسمت بسخريه قائله و هى تتابع تناول طعامها :” صاحبك عامر هو اللى طلب منك إنك تسألنى صح !”
نفخ بضيق و ترك الطعام من يده ، و ضم قلتا يديه ليضعهم أسفل ذقنه و نظر إليه معلقاً بـ :” لا يا ستى .. أنا اللى عايز أعرف ، مش أنا جوزك و المفروض نعرف كل حاجه عن بعض !”
” جوزى و نعرف كل حاجه عن بعض اه ، لكن دى حاجه تخص أختى ماتخصنيش أنا ، و عامر هو اللى سألك و شكله ألح عليك جامد علشان يعرف ، و أنت جاى دلوقت تستدرجنى فى الكلام علشان تعرف ”
وقف صائحاً و هو يضرب على الطاوله بغضب :” يووووه دى بقيت عيشه تقرف ، و حتى لو بسأل علشانه ما ده حقه و لازم يعرف ”
رفعت وجهها ناحيته قائله بغضب مكتوم :” قولتلك مية مره ماتزعقش بالطريقه دى قدام الولاد ، لأ وكمان و أحنا بناكل .. صاحبك و أختى حرين مع بعض يتفاهموا سوا أحنا مندخلش !”
وزع نظره بينها و بين طفليه و أتجه ناحية غرفته ، فسألته هى :” مش هتقعد تكمل أكلك !”
أشاح بيده قائلاً بغضب قبل أن يدخل الغرفه و يصفع الباب بقوه خلفه :” مش عايز أطفح !”
رفعت ملك وجهها ناحية أمها متسائله :” بابا سحلان ليه يا مامى !؟”
حاولت ناديه رسم الأبتسامه على ثغرها قائله بهدوء :” مافيش يا حبيبة مامى ، هو بس عنده شوية مشاكل في الشغل مضايقاه ”
ترك مالك الملعقه من يده و نزل من على المقعد بحذر و تحرك للسير ، فسألته ناديه قائله :” رايح فين يا مالك أقعد كمل أكلك ”
حرك رأسه بالنفي قائلاً :” لأ أنا هلوح أقعد مع بابى ”
و توجه ناحية الغرفه ، بينما نفخت هى بضيق قائله بخفوت :” روح يا اخويا أقعد مع أبوك خليه ينفعك”
……………………….
وجد جلال ابنه الصغير يقف عند الباب ، فأبتسم له و أشار له أن يأتى ، و بالفعل توجه ناحية الفراش ، فرفعه جلال ليجلسه بجواره و هو نائم
وضع الصغير رأسه على صدر والده و أحتضنه بقوه قائلاً :” أنا بحبك أوي يا بابى ”
قبّل رأس ابنه قائلاً بحنو :” و أنا كمان يا حبيبي بحبك أوى أنت و ملك أختك ”
………………………….
بالحاره ،،،،
أسندت فاطمه رأسها للخلف و أغمضت عيناها بآسي للتذكر ما مرت به و العبرات تنهر على وجنتيها ..
¤¤¤
رفع عبد الهادى كفه علياً ليسقط على وجنة تلك الفتاه البالغه ثمانى عشر عاماً ذات الملامح الفاتنه صارخاً بـ :” بقي أنتِ يا فاطمه تضحكِ على ابنى و تلفي عليه لحد ما توقعيه !”
جلست على ركبتيها قائله ببكاء :” ابداً و الله يا بيه ، حسن هو اللى لف عليا و فهمنى إنه بيحبنى ، و أنا دلوقت حامل في ابنه !”
ثم نظرت إلى ذلك الشاب الذى كان يقف صامتاً تماماً :” ما ترد يا حسن .. ما ترد و قولهم إنك أنت السبب في اللى حصل ، و أنت مش هتسيبنى و لا تتخلى عنى أنا و ابنك !”
لم ينطق بأي كلمه فقط نظر إلى أسفل في خزى ، بينما أمسكها عبد الهادى من ذراعها بقوه و رفعها لتقف قائلاً بغضب :” أنتِ هتولدى اللى في بطنك ده و تنسيه خالص ، و أنسي إنك تشوفيه أصلاً ، فاهمه !”
و ألقاها بعيداً لتسقط على الأرضيه الترابيه ، و حاوطت بطنها بذراعيها قائله ببكاء و هى تهز رأسه بالرفض :” أنا لا يمكن أسيبلكوا ابنى لا يمكن .. سيبونى أمشي و مش هتشوفوا و شي تانى !
ضحك بسخريه قائلاً بغضب :” فكرك هنسيبك تمشي بأبننا و يتربي فى الشارع حتى لو ابن حرام ! ”
ثم نظر إلى حسن و أشار بسببته قائلاً بغضب :” و أنت تعمل حسابك هتتجوز ميرفت بنت عمك بعد شهر ، كفايانا فضايح لحد كده !”
ثم ألتفت ناحية ذلك الرجل ضخم البنيه قائلاً بصرامه و هو يشير ناحية فاطمه :” خدها لاقحها فى أي أوضه و ماتشوفش النور لحد ماتولد !”
” حاضر يا بيه ”
قالها الرحل و هو يتحه ناحيتها و سحبها خلفه لداخل المنزل تحت صراخها و بكائها و توسلاتها ..
¤¤¤
مدت أناملها لتمسح تلك العبرات الساخنه على وجنتيها و تنهدت بآسي قائله بمراره :” حرمونى منك يابنتى قبل ما أتهنى بيكِ “.
………………………………………………………..